نهى الرميسي - فقاعة اللبان.. قصة قصيرة

الولد الصغير يلف ويدور، يمشي المشوار بعده مشوار، هنا إبر حياكة، وهناك لبان ومستيكة.

يصعد حافلة من حافلات النقل العام، يشبك قميصه البالي في قطعة صاج متدلية من أجزاء الباب المتهالك، يشد نفسه على عجل، ويظل طرف قميصه عالقاً بالباب، فيتمزق القميص تاركاً جزءاً من كتفه عارياً .

يقفز الولد في حركات رشيقة صاعداً بقية درجات سلم الحافلة غير آبه بما حدث، يمر على الركاب واحداً واحداً، يضع قطع اللبان في حجورهم وهو ينادي،ثم يجمع بضاعته وينصرف إلى حافلة أخرى.

يندس الولد الصغير وسط زحام الطريق، يسير بخطى لاهية، يتخبط في الناس من حوله، يقرع الجوع أحشاءه، فيقف عند عربة رُصًت عليها قدر الفول، وقد التف حولها جمع من البشر.

يلقي لبائع الفول بعملة صغيرة، ويلتهم لقيماته ويمضي، ويلف ويدور، الولد الصغير يمشي المشوار بعد المشوار حتى يجن الليل، فيغلبه النعاس، يفترش رصيف الشارع، يرقد على ظهره ويحملق في النجوم اللامعة، وفي فمه قطعة من لبان، ينفخ فيها، فتحدث فقاعة صغيرة، ينفخ فيها أكثر فتكبر، وتكبرحتى تصير بالوناً هائلاً!!

تنفجر محدثة دوياً شديداً، يتخلخل ضغط الهواء من حولها؛ فتتصدع الجدران ..جدران قلوب الجالسين في الغرف العتيقة، فيفزعون ..يهرولون..ويتواثبون كالجرذان، ثم لايجدون ملجأً إلا الاختباء تحت مكاتبهم العريقة!! فيقهقه الولد الصغير .




التفاعلات: سامح رشاد

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...