تعود علاقتي بالزيزفونة إلى عام 2012، عندما تعرفت إلى الصديق شريف سمحان صدفة، وأنا أبحث عن مواقع وصحف ومجلات للنشر، فبعثت أول مقالة لي لتنشر في مجلة الزيزفونة الكبيرة، وكانت بعنوان "المدرسة صديقة الطفل"، في العدد (52) تشرين الأول/ 2012م، وبعد ذلك استمر التعامل مع المجلتين الصغيرة والكبيرة لعدة سنوات، فنشرت في هاتين المجلتين العديد من المقالات التربوية وعروض الكتب الجديدة الصادرة عن المجلة، وخاصة ما كان يصدر عن المجلة للكاتب المقدسي محمود شقير، كما خصَصْتُ المجلة بمجموعة من أناشيد الأطفال التي كتبتها حصريّا للمجلة ولقرائها.
وتتوثق الصلات الأدبية والشخصية بيني وبين الأستاذ شريف سمحان، فأشارك عن مديرية جنوب نابلس في الندوة التي عقدت في مدرسة بنات عقاب مفضي الثانوية التي تم فيها استضافة الكاتب محمود شقير لمناقشة مجموعة من طلبة مدارس المديرية قصة شقير "أنا وفطوم والريح والغيوم"، ثم المشاركة بيوم المكتبة المدرسية جنبا إلى جنب مع أ. شريف سمحان.
وأتابع النشر في المجلتين مقالات أو أناشيد وقصائد وتقارير صحفية حول النشاطات التي تعقدها جمعية الزيزفونة، وشجعني على ذلك المستوى الفني للمجلتين الذي رأيته يضاهي المجلات المعروفة عربيا، ومن بينها على سبيل المثال "مجلة العربي الصغير" الكويتية، وتسد ثغرة في باب النشر في هذا المجال محليا.
ويستمر التعاون بيني وبين الجمعية، فيعرض علي الأستاذ شريف سمحان إصدار كتاب شعر للأطفال، فوجئت بالطلب، وأخذت أعمل بجد فجهزت النصوص وبعثتها، وكانت أحد عشر نصا، فتمت الموافقة على عشرة نصوص منها، وتم نشرها في كتاب صدر عن الجمعية عام 2013 تحت عنوان "قصائد وأناشيد- للفتيات والفتيان"، ولاقت المجموعة رواجا كبيرا في المدارس حتى أن الطبعة الأولى منها قد نفدت أو كادت، وقد صاحب ذلك عقد لقاءات مع طلبة المدارس، فكان هناك لقاءات في مدارس في بيت لحم ونابلس وجنوب نابلس ورام الله، وبعضها قد اعتذرت عنه، لظروف عملي الخاصة مشرفا تربويا.
إن هذه اللقاءات التي كانت تعقدها الجمعية لكتابها ساهمت مساهمة فعالة في الترويج للكاتب والكتاب والتعريف به لأهم قطاع مجتمعي، إذ يضم هذا القطاع مديري مدارس ومعلمين وطلبة، ناهيك عن موظفين في المديريات ووزارة التربية والتعليم الفلسطينية، فتكون الزيزفونة بذلك قد ساهمت وبشكل عملي في تقديم النماذج الأدبية والمواهب الشابة والإبداعات الجديدة لترفد المكتبة الفلسطينية بالعديد من المؤلفات في باب "أدب الأطفال"، وتقدم للمجتمع المدرسي كتّابا وكتبا ذات أبعاد أدبية لها قيمتها المعرفية والفنية.
إن هذا الأمر يقودني للحديث عن تجربة الزيزفونة في تنمية ثقافة النهج المقاوم في الأدب الفلسطيني، ورسخت ما أحبّ أن أسميه "أدب الأطفال المقاوم"، فقد كان خط المقاومة هو المسيطر على كل منشورات الزيزفونة، سواء في منشورات المجلات أم الإصدارات التابعة لها، وكانت أسرة المجلة حريصة على أن يتضمن كل عدد مادة أو اثنتين عن فلسطين المحتلة عام 1948، فتحدثت عن كثير من المدن الفلسطينية الداخلية والقرى المدمرة والتاريخ العريق لكل تلك القرى المدمرة، وربطت ذلك بأعلام فلسطينية، بعضها لم يكن معروفا ومشهورا لدى المثقف الفلسطيني أو المجتمع المدرسي، وهي بهذا الجهد ترسخ في الذاكرة الجمعية الفلسطينية تاريخيّة هذه الأرض وحيويتها وانتماءها العربي والثقافي، وتماهيها ثقافة وتاريخا وعراقة مع قضية الشعب الفلسطيني الأولى في الحرية والانعتاق من المحتل، وتعرّف الأجيال على مأساة لن تموت، أسماها التاريخ الحديث بالنكبة.
إن الزيزفونة بهذا العمل قد شجعتني شخصيا على أن أكتب أكثر في موضوع "أدب الأطفال المقاوم"، وأحرص على أن أكتب العديد من الأناشيد التي تناولت هذا المنحى بالإضافة إلى قضايا وموضوعات تربوية وتعليمية، وقد وافق خط سيرها هوى في نفسي، فاندمجت مع المجلة وخط سيرها، وانضممت عام (2014)م إلى أسرة المجلة، فأصبحت مسؤولا عن التدقيق اللغوي فيها، مما أتاح لي فرصة مراجعة جميع المواد المعدة للنشر في مجلتيها؛ الصغيرة والكبيرة، وإبداء ملاحظتي عليها، وربما تعديل بعضها، بالتشاور مع الأستاذ شريف، لتخرج المجلة بحلة زاهية تصلح أن تكون دليلا على ثقافة طفل واع يسير نحو المستقبل بخطى واثقة، مسلحا بالعقل والفكر والأدب ومنتميا لفلسطين وطنا وقضية وتاريخا وحضارة. في هذه الفترة من العمل في المجلة استحدثنا بعض الزوايا واتصلنا بكتاب عرب، ونشرنا نعرّف بإنجازتهم في مجال أدب الأطفال، وكنا نبغي أيضا التعريف بأدب الأطفال العالمي، ولكن لم يتم الأمر لأنني لم أستمر في العمل في المجلة.
ولم يقتصر الأمر على تلك النشاطات الأدبية؛ فقد قمت كذلك بالتدريب في بعض نشاطات الجمعية، فشاركت في التدريب في مديرتي قباطية وبيت لحم ضمن مشروع تحفيز القراءة لدى طلبة المدارس الذي شمل كذلك مديرية جنوب نابلس ومديرية رام الله، كما شاركت في إعداد المادة التدريبية الخاصة بهذه الدورة التي عقدت لأمناء المكتبات في تلك المديريات.
وفي هذه الأثناء تشاورت والصديق شريف سمحان على عقد مؤتمر خاص بأدب الأطفال، فاتفقنا على ذلك، وأخذ بمراسلة الكتاب والإعلان عن المؤتمر ومحاوره، وتم بالفعل عقد المؤتمر الأول للجمعية تحت عنوان "نحو أدب فلسطيني وطني"، في قاعة غرفة التجارة والصناعة في مدينة رام الله يومي السبت والأحد 21 و22 آذار 2015، وشارك فيه كتاب وتربويون وطلبة مدارس، وتم فيه تكريم الأديب محمود شقير، بصفته كاتب أدب أطفال مبدعا، أخلص للزيزفونة وظل وفيا لمجلتيها يكتب مجانا، في الوقت الذي كان كتاب آخرون يساومون على المقابل المادي التي سيتقاضونه إن نشرت لهم الجمعية مقالة، ثم عقدت الجمعية مؤتمرها الثاني في جامعة النجاح الوطنية، هذا المؤتمر الذي غبت عنه ولم أحضر جلساته ولم أشارك فيه، وإن لم ينقطع التشاور بيننا في اختيار محور المؤتمر والأوراق البحثية التي سيقدمها الكتاب.
لقد منحتني الزيزفونة فرصة أن أندمج في البنية الثقافية المحلية، حتى غدوت معروفا بأنني "كاتب أطفال"، وعرفتني على الوسط الثقافي بشكل دائم ومستمر، بالإضافة إلى أن الجمعية وافقت على نشر ديوان "أميرة الوجد" ليكون صادرا عنها، ولكن على نفقتي الخاصة، فتكون بذلك قد ساهمت في تعريفي بشكل أكبر على الحياة الثقافية الفلسطينية، ومن بعد أيضا تم نشر كتابين آخرين صادرين عن الجمعية، وعلى نفقتي الخاصة أيضا، ديوان "مزاج غزة العاصف" وكتاب "في ذكرى محمود درويش".
كان لتوقيع هذا الكتاب في متحف محمود درويش سببا لقطيعة مؤقتة بيني وبين الأستاذ شريف، وقد استهلكت القضية منا كثيرا من "اللتّ والعجن"، فشريف سمحان كان له موقفه المعارض من المشاركة في أنشطة المتحف أو حضورها، وله أسبابه في ذلك، فتمسك بقناعته؛ أنه لا يحق لي إطلاق الكتاب في المتحف ما دام أنه صادر عن الزيزفونة ويحمل اسمها، كما تمسكت بقناعتي؛ بأن الكتاب كتابي ويحق لي توقيعه في أي مكان أريده، ولا يحق لدار النشر مهما كانت أن توجّه الكاتب في أنشطته، وينتهي دور الجهة التي تصدر الكتاب بعد أن يصبح كتابا منشورا بين يدي القراء، فافترقنا لبعض الوقت، وتوقف عملي في المجلتين، وامتنعت عن حضور اجتماعات الهيئة الإدارية. كانت فترة شديدة القسوة بلا شك، فيها الكثير من الخلاف والاختلاف الذي آلمنا ونحن ما نحن عليه من صداقة وأخوة كبيرة، فشريف سمحان رجل صدق ومواقف صلبة وذو قلب طيب، لكنه متشدد حيال مواقفه الذي لا يقبل التنازل عنها، وأنا لم أكن أقل منه تعصبا وتشددا.
توقفت المجلتان للأسف عن الصدور مخلفة فراغا لن يسدّ في الحياة الثقافية الفلسطينية، ولم تجدا من يدعمهما إلا على استحياء، وصارت الجمعية تعانيان من الضائقة المالية والديون، ولم تقم أية مؤسسة فلسطينية حكومية أو خاصة بدعم المجلتين وأنشطة الجمعية الأخرى إلا نادرا وبمبالغ زهيدة لا تصلح حتى لأجور مواصلات المشاركين في أنشطتها، لذلك كان العمل في الجمعية تطوعا دون مقابل. كنا حريصين على أن نستمر في هذه الرسالة، لكن على ما يبدو أن كثيرين كانوا يتمنون عكس ذلك، فنجحوا، وتوقفنا بعد أن ساهمت الجمعية في خلق جيل من الكتاب المبدعين وكشفت عن إبداعات الطلاب في مجالات شتى.
وتتوثق الصلات الأدبية والشخصية بيني وبين الأستاذ شريف سمحان، فأشارك عن مديرية جنوب نابلس في الندوة التي عقدت في مدرسة بنات عقاب مفضي الثانوية التي تم فيها استضافة الكاتب محمود شقير لمناقشة مجموعة من طلبة مدارس المديرية قصة شقير "أنا وفطوم والريح والغيوم"، ثم المشاركة بيوم المكتبة المدرسية جنبا إلى جنب مع أ. شريف سمحان.
وأتابع النشر في المجلتين مقالات أو أناشيد وقصائد وتقارير صحفية حول النشاطات التي تعقدها جمعية الزيزفونة، وشجعني على ذلك المستوى الفني للمجلتين الذي رأيته يضاهي المجلات المعروفة عربيا، ومن بينها على سبيل المثال "مجلة العربي الصغير" الكويتية، وتسد ثغرة في باب النشر في هذا المجال محليا.
ويستمر التعاون بيني وبين الجمعية، فيعرض علي الأستاذ شريف سمحان إصدار كتاب شعر للأطفال، فوجئت بالطلب، وأخذت أعمل بجد فجهزت النصوص وبعثتها، وكانت أحد عشر نصا، فتمت الموافقة على عشرة نصوص منها، وتم نشرها في كتاب صدر عن الجمعية عام 2013 تحت عنوان "قصائد وأناشيد- للفتيات والفتيان"، ولاقت المجموعة رواجا كبيرا في المدارس حتى أن الطبعة الأولى منها قد نفدت أو كادت، وقد صاحب ذلك عقد لقاءات مع طلبة المدارس، فكان هناك لقاءات في مدارس في بيت لحم ونابلس وجنوب نابلس ورام الله، وبعضها قد اعتذرت عنه، لظروف عملي الخاصة مشرفا تربويا.
إن هذه اللقاءات التي كانت تعقدها الجمعية لكتابها ساهمت مساهمة فعالة في الترويج للكاتب والكتاب والتعريف به لأهم قطاع مجتمعي، إذ يضم هذا القطاع مديري مدارس ومعلمين وطلبة، ناهيك عن موظفين في المديريات ووزارة التربية والتعليم الفلسطينية، فتكون الزيزفونة بذلك قد ساهمت وبشكل عملي في تقديم النماذج الأدبية والمواهب الشابة والإبداعات الجديدة لترفد المكتبة الفلسطينية بالعديد من المؤلفات في باب "أدب الأطفال"، وتقدم للمجتمع المدرسي كتّابا وكتبا ذات أبعاد أدبية لها قيمتها المعرفية والفنية.
إن هذا الأمر يقودني للحديث عن تجربة الزيزفونة في تنمية ثقافة النهج المقاوم في الأدب الفلسطيني، ورسخت ما أحبّ أن أسميه "أدب الأطفال المقاوم"، فقد كان خط المقاومة هو المسيطر على كل منشورات الزيزفونة، سواء في منشورات المجلات أم الإصدارات التابعة لها، وكانت أسرة المجلة حريصة على أن يتضمن كل عدد مادة أو اثنتين عن فلسطين المحتلة عام 1948، فتحدثت عن كثير من المدن الفلسطينية الداخلية والقرى المدمرة والتاريخ العريق لكل تلك القرى المدمرة، وربطت ذلك بأعلام فلسطينية، بعضها لم يكن معروفا ومشهورا لدى المثقف الفلسطيني أو المجتمع المدرسي، وهي بهذا الجهد ترسخ في الذاكرة الجمعية الفلسطينية تاريخيّة هذه الأرض وحيويتها وانتماءها العربي والثقافي، وتماهيها ثقافة وتاريخا وعراقة مع قضية الشعب الفلسطيني الأولى في الحرية والانعتاق من المحتل، وتعرّف الأجيال على مأساة لن تموت، أسماها التاريخ الحديث بالنكبة.
إن الزيزفونة بهذا العمل قد شجعتني شخصيا على أن أكتب أكثر في موضوع "أدب الأطفال المقاوم"، وأحرص على أن أكتب العديد من الأناشيد التي تناولت هذا المنحى بالإضافة إلى قضايا وموضوعات تربوية وتعليمية، وقد وافق خط سيرها هوى في نفسي، فاندمجت مع المجلة وخط سيرها، وانضممت عام (2014)م إلى أسرة المجلة، فأصبحت مسؤولا عن التدقيق اللغوي فيها، مما أتاح لي فرصة مراجعة جميع المواد المعدة للنشر في مجلتيها؛ الصغيرة والكبيرة، وإبداء ملاحظتي عليها، وربما تعديل بعضها، بالتشاور مع الأستاذ شريف، لتخرج المجلة بحلة زاهية تصلح أن تكون دليلا على ثقافة طفل واع يسير نحو المستقبل بخطى واثقة، مسلحا بالعقل والفكر والأدب ومنتميا لفلسطين وطنا وقضية وتاريخا وحضارة. في هذه الفترة من العمل في المجلة استحدثنا بعض الزوايا واتصلنا بكتاب عرب، ونشرنا نعرّف بإنجازتهم في مجال أدب الأطفال، وكنا نبغي أيضا التعريف بأدب الأطفال العالمي، ولكن لم يتم الأمر لأنني لم أستمر في العمل في المجلة.
ولم يقتصر الأمر على تلك النشاطات الأدبية؛ فقد قمت كذلك بالتدريب في بعض نشاطات الجمعية، فشاركت في التدريب في مديرتي قباطية وبيت لحم ضمن مشروع تحفيز القراءة لدى طلبة المدارس الذي شمل كذلك مديرية جنوب نابلس ومديرية رام الله، كما شاركت في إعداد المادة التدريبية الخاصة بهذه الدورة التي عقدت لأمناء المكتبات في تلك المديريات.
وفي هذه الأثناء تشاورت والصديق شريف سمحان على عقد مؤتمر خاص بأدب الأطفال، فاتفقنا على ذلك، وأخذ بمراسلة الكتاب والإعلان عن المؤتمر ومحاوره، وتم بالفعل عقد المؤتمر الأول للجمعية تحت عنوان "نحو أدب فلسطيني وطني"، في قاعة غرفة التجارة والصناعة في مدينة رام الله يومي السبت والأحد 21 و22 آذار 2015، وشارك فيه كتاب وتربويون وطلبة مدارس، وتم فيه تكريم الأديب محمود شقير، بصفته كاتب أدب أطفال مبدعا، أخلص للزيزفونة وظل وفيا لمجلتيها يكتب مجانا، في الوقت الذي كان كتاب آخرون يساومون على المقابل المادي التي سيتقاضونه إن نشرت لهم الجمعية مقالة، ثم عقدت الجمعية مؤتمرها الثاني في جامعة النجاح الوطنية، هذا المؤتمر الذي غبت عنه ولم أحضر جلساته ولم أشارك فيه، وإن لم ينقطع التشاور بيننا في اختيار محور المؤتمر والأوراق البحثية التي سيقدمها الكتاب.
لقد منحتني الزيزفونة فرصة أن أندمج في البنية الثقافية المحلية، حتى غدوت معروفا بأنني "كاتب أطفال"، وعرفتني على الوسط الثقافي بشكل دائم ومستمر، بالإضافة إلى أن الجمعية وافقت على نشر ديوان "أميرة الوجد" ليكون صادرا عنها، ولكن على نفقتي الخاصة، فتكون بذلك قد ساهمت في تعريفي بشكل أكبر على الحياة الثقافية الفلسطينية، ومن بعد أيضا تم نشر كتابين آخرين صادرين عن الجمعية، وعلى نفقتي الخاصة أيضا، ديوان "مزاج غزة العاصف" وكتاب "في ذكرى محمود درويش".
كان لتوقيع هذا الكتاب في متحف محمود درويش سببا لقطيعة مؤقتة بيني وبين الأستاذ شريف، وقد استهلكت القضية منا كثيرا من "اللتّ والعجن"، فشريف سمحان كان له موقفه المعارض من المشاركة في أنشطة المتحف أو حضورها، وله أسبابه في ذلك، فتمسك بقناعته؛ أنه لا يحق لي إطلاق الكتاب في المتحف ما دام أنه صادر عن الزيزفونة ويحمل اسمها، كما تمسكت بقناعتي؛ بأن الكتاب كتابي ويحق لي توقيعه في أي مكان أريده، ولا يحق لدار النشر مهما كانت أن توجّه الكاتب في أنشطته، وينتهي دور الجهة التي تصدر الكتاب بعد أن يصبح كتابا منشورا بين يدي القراء، فافترقنا لبعض الوقت، وتوقف عملي في المجلتين، وامتنعت عن حضور اجتماعات الهيئة الإدارية. كانت فترة شديدة القسوة بلا شك، فيها الكثير من الخلاف والاختلاف الذي آلمنا ونحن ما نحن عليه من صداقة وأخوة كبيرة، فشريف سمحان رجل صدق ومواقف صلبة وذو قلب طيب، لكنه متشدد حيال مواقفه الذي لا يقبل التنازل عنها، وأنا لم أكن أقل منه تعصبا وتشددا.
توقفت المجلتان للأسف عن الصدور مخلفة فراغا لن يسدّ في الحياة الثقافية الفلسطينية، ولم تجدا من يدعمهما إلا على استحياء، وصارت الجمعية تعانيان من الضائقة المالية والديون، ولم تقم أية مؤسسة فلسطينية حكومية أو خاصة بدعم المجلتين وأنشطة الجمعية الأخرى إلا نادرا وبمبالغ زهيدة لا تصلح حتى لأجور مواصلات المشاركين في أنشطتها، لذلك كان العمل في الجمعية تطوعا دون مقابل. كنا حريصين على أن نستمر في هذه الرسالة، لكن على ما يبدو أن كثيرين كانوا يتمنون عكس ذلك، فنجحوا، وتوقفنا بعد أن ساهمت الجمعية في خلق جيل من الكتاب المبدعين وكشفت عن إبداعات الطلاب في مجالات شتى.