مشاهدة المناسبات الرياضية بدون تعليق أشبه ما يكون بالتفرُّج على فيلم صامت. فالكلام الذي يرافق مجريات اللعب ويرصد حركات اللاعبين ليس مجرد كلام، بل هو فن. وهو بالتالي نوع من المعرفة التي يُستكمل بها مشهد المتعة. وعلى هذا الأساس تعددت مدارس التعليق الرياضي، وتنوعت بتنوع المزاجات. فهناك من يفضل مشاهدة المباراة وسماع التعليق من مذيع مكتنز بالمعلومات، مقابل فئة لا يهمها البعد المعرفي بقدر ما تتوق إلى تعليق حماسي يحرك عواطفها.
في السعودية يمكن اعتبار محمد عبدالرحمن رمضان الملقب بعميد المعلقين خير مثال على المذيع العاشق. الذي تتحول إنفلاتاته اللسانية وانفعالاته الشعورية إلى تعليقات ذات وقع في النفسوكل ذلك يعتمد على شخصية المعلق وميوله وخبراته. حيث يمكن مشاهدة المباراة ذاتها على عدة قنوات ومن خلال تعليقات مختلفة وكأننا إزاء مباريات متعددة. ومرد ذلك هو الروح التي يبعثها المذيع في المباراة أو البرود الذي يتعامل به مذيع آخر مع المباراة ذاتها. فهناك المعلق الفنان الذي لا يكتفي باللعب بنبرة صوته وإطلاق الصيحات التهييجة فقط، بل يستشهد بالمعلومات، والنصوص الشعرية، ويتفنن في توزيع الألقاب. فيما يكتفي المعلق المؤدي بنقل الوقائع بشيء من التقليدية والأدائية المملة.
التعليق الرياضي فن لا يعتمد على حلاوة الصوت بل على كاريزما أدائية، ولذلك يصعب بروز أي صاحب صوت فيه، على الرغم من وجود كثرة هائلة من المعلقين. حيث ازدحمت الفضائيات بطابور طويل من المتطفلين على هذا الحقل. الذين يفتعلون البهجة، ويزايدون بالمواقف الوطنية، والحماسة الدينية، ويستخدمون ذخيرة بائتة من المعلومات المؤرشفة، بدون أي قدرة على إقناع المتفرج بصدقية أحاسيسهم. ولذلك يسقط هؤلاء من ذاكرة جمهور الرياضة فيما يخلّد قلة من الذين شكلوا منعطفات جمالية في الملاعب الرياضية.
في العالم العربي، وفي مضمار كرة القدم تحديداً، بصفتها اللعبة الشعبية الأولى، لا ينسى المتفرجون شيخ المعلقين محمد لطيف المعروف باسم (كابتن لطيف) ولازمته اللغوية التي عُرف بها (هوووباه). وبالتأكيد يحفظ الجيل الذي عاصره قاموسه من التعليقات الطريفة بلهجته المصرية المحبّبة. فعندما يراوغ لاعب مجموعة من اللاعبين يصرخ (بيرأّص .. بيرأّص). أما حين تحدث دربكة أمام المرمى وترفض الكرة أن تدخل الشباك فيطلق آهة من القلب (ما تخشي يا شيخة).
وكما كان كابتن لطيف ملازماً لأمجاد كرة القدم في مصر، كذلك جاء خالد الحربان مرافقاً للعصر الذهبي لكرة القدم الكويتية بعفويته وتعليقه المحكي. وكأن المعلق الرياضي لا يولد من فراغ، بل على إيقاع انتصارات. وبالفعل لم يكن مجرد معلق بل كان مظلّة روحية ومعنوية للمنتخب الكويتي. حيث برع في إسباغ الألقاب مثل (المرعب - الفارس الأسمر - المهندس - الصخرة السوداء - المخلّص). وما زالت تعليقاته المستمدة في جانب منها من الغناء البحري الخليجي وصيحات النهامة تتردد أصداؤها في أسماع المتفرجين. خصوصاً حين ينغّم صرخته (يقدر يقوّل .. يقدر يقوّل .. ققو ققو قووووووول).
وفي السعودية يمكن اعتبار محمد عبدالرحمن رمضان الملقب بعميد المعلقين خير مثال على المذيع العاشق. الذي تتحول إنفلاتاته اللسانية وانفعالاته الشعورية إلى تعليقات ذات وقع في النفس. حيث يكثر من معاتبة اللاعبين والحكام بعبارات طريفة. كما ينقل أحاسيس ابن حارات مكة إلى أجواء الملاعب بدعابات أوقعته في مشاكل، حيث وصل الأمر إلى استتابته عندما وصف حركة دابو الشهير بالمراوغات بعبارته ( دابو أخذ الظهير وطلعه .... ونزله .... ). وهكذا كان ينسى موقعه كمعلق فيتلبّس دور المشجع. حيث أصيب بعدة جلطات بسبب حماسته الفائقة.
ولا شك أن الجزائري لخضر بالريش يعتبر علامة فارقة في التعليق الرياضي العربي. فهو أحد الذين اخترقوا حاجز العزلة المغاربية وأدخلوا اللغة الأدبية والصور الشعرية في المنافسات الرياضية. كما تجرأ على اقتحام حقل التعليق على المباريات العالمية. حيث تحول إلى مدرسة في هذا الإطار، بما أضافه من جرعة ثقافية عالية على فن التعليق. ومنذ هذا بدأ المعلقون العرب يستشهدون بالأبيات الشعرية، ومقولات الأدباء، ويسندون تعليقاتهم بلمسات تحليلية ذات بعد فكري. ويتقدمون باتجاه التعليق على الأحداث الرياضية العالمية.
ذاكرة الملاعب اليوم تزخر بمعلقين محبّبين لعشاق كرة القدم. حيث ارتبطت شهرة كل معلق بأحداث رياضية كبرى، وبلازمة كلامية تميزه عن غيره. حيث دخل مؤيد الراوي التعليق بموسوعيته وهدوئه وشاعريته. فيما عُرف أكرم صالح القادم من البي بي سي بلازمته (بيبيع)، كذلك تميز عبدالحفيظ الدراجي الذي يحتل اليوم مكانة مرموقة في التعليق الرياضي بصيحته الجزائرية (أووه لا لا لا لا). وبقدرته على توطين صرخة (قووووووووول) في أسماع المتفرجين لمدة تزيد على الخمس دقائق. وكذلك باصطلاحاته العجيبة (خمسة أمتار وخمسين).
أما عبارة التونسي عصام الشوالي التونسي (ياكوووووورة ياغدارة .. جولاتو .. جولاتو) فقد أصبحت من المقاطع المتداولة على الهواتف المحمولة. كما ارتبط مواطنه رؤوف خليف، البارع في التشويق بكلمة (يوزع) حين يشير إلى توزيع الكرات العرضية. خصوصاً وهو يؤديها بتنغيم سجعي وبنبرة قوية وحماسية. وتبقى عبارة الإماراتي فارس عوض (يا ربااااااه) ماركته المسجلة.
اليوم السعودية
في السعودية يمكن اعتبار محمد عبدالرحمن رمضان الملقب بعميد المعلقين خير مثال على المذيع العاشق. الذي تتحول إنفلاتاته اللسانية وانفعالاته الشعورية إلى تعليقات ذات وقع في النفسوكل ذلك يعتمد على شخصية المعلق وميوله وخبراته. حيث يمكن مشاهدة المباراة ذاتها على عدة قنوات ومن خلال تعليقات مختلفة وكأننا إزاء مباريات متعددة. ومرد ذلك هو الروح التي يبعثها المذيع في المباراة أو البرود الذي يتعامل به مذيع آخر مع المباراة ذاتها. فهناك المعلق الفنان الذي لا يكتفي باللعب بنبرة صوته وإطلاق الصيحات التهييجة فقط، بل يستشهد بالمعلومات، والنصوص الشعرية، ويتفنن في توزيع الألقاب. فيما يكتفي المعلق المؤدي بنقل الوقائع بشيء من التقليدية والأدائية المملة.
التعليق الرياضي فن لا يعتمد على حلاوة الصوت بل على كاريزما أدائية، ولذلك يصعب بروز أي صاحب صوت فيه، على الرغم من وجود كثرة هائلة من المعلقين. حيث ازدحمت الفضائيات بطابور طويل من المتطفلين على هذا الحقل. الذين يفتعلون البهجة، ويزايدون بالمواقف الوطنية، والحماسة الدينية، ويستخدمون ذخيرة بائتة من المعلومات المؤرشفة، بدون أي قدرة على إقناع المتفرج بصدقية أحاسيسهم. ولذلك يسقط هؤلاء من ذاكرة جمهور الرياضة فيما يخلّد قلة من الذين شكلوا منعطفات جمالية في الملاعب الرياضية.
في العالم العربي، وفي مضمار كرة القدم تحديداً، بصفتها اللعبة الشعبية الأولى، لا ينسى المتفرجون شيخ المعلقين محمد لطيف المعروف باسم (كابتن لطيف) ولازمته اللغوية التي عُرف بها (هوووباه). وبالتأكيد يحفظ الجيل الذي عاصره قاموسه من التعليقات الطريفة بلهجته المصرية المحبّبة. فعندما يراوغ لاعب مجموعة من اللاعبين يصرخ (بيرأّص .. بيرأّص). أما حين تحدث دربكة أمام المرمى وترفض الكرة أن تدخل الشباك فيطلق آهة من القلب (ما تخشي يا شيخة).
وكما كان كابتن لطيف ملازماً لأمجاد كرة القدم في مصر، كذلك جاء خالد الحربان مرافقاً للعصر الذهبي لكرة القدم الكويتية بعفويته وتعليقه المحكي. وكأن المعلق الرياضي لا يولد من فراغ، بل على إيقاع انتصارات. وبالفعل لم يكن مجرد معلق بل كان مظلّة روحية ومعنوية للمنتخب الكويتي. حيث برع في إسباغ الألقاب مثل (المرعب - الفارس الأسمر - المهندس - الصخرة السوداء - المخلّص). وما زالت تعليقاته المستمدة في جانب منها من الغناء البحري الخليجي وصيحات النهامة تتردد أصداؤها في أسماع المتفرجين. خصوصاً حين ينغّم صرخته (يقدر يقوّل .. يقدر يقوّل .. ققو ققو قووووووول).
وفي السعودية يمكن اعتبار محمد عبدالرحمن رمضان الملقب بعميد المعلقين خير مثال على المذيع العاشق. الذي تتحول إنفلاتاته اللسانية وانفعالاته الشعورية إلى تعليقات ذات وقع في النفس. حيث يكثر من معاتبة اللاعبين والحكام بعبارات طريفة. كما ينقل أحاسيس ابن حارات مكة إلى أجواء الملاعب بدعابات أوقعته في مشاكل، حيث وصل الأمر إلى استتابته عندما وصف حركة دابو الشهير بالمراوغات بعبارته ( دابو أخذ الظهير وطلعه .... ونزله .... ). وهكذا كان ينسى موقعه كمعلق فيتلبّس دور المشجع. حيث أصيب بعدة جلطات بسبب حماسته الفائقة.
ولا شك أن الجزائري لخضر بالريش يعتبر علامة فارقة في التعليق الرياضي العربي. فهو أحد الذين اخترقوا حاجز العزلة المغاربية وأدخلوا اللغة الأدبية والصور الشعرية في المنافسات الرياضية. كما تجرأ على اقتحام حقل التعليق على المباريات العالمية. حيث تحول إلى مدرسة في هذا الإطار، بما أضافه من جرعة ثقافية عالية على فن التعليق. ومنذ هذا بدأ المعلقون العرب يستشهدون بالأبيات الشعرية، ومقولات الأدباء، ويسندون تعليقاتهم بلمسات تحليلية ذات بعد فكري. ويتقدمون باتجاه التعليق على الأحداث الرياضية العالمية.
ذاكرة الملاعب اليوم تزخر بمعلقين محبّبين لعشاق كرة القدم. حيث ارتبطت شهرة كل معلق بأحداث رياضية كبرى، وبلازمة كلامية تميزه عن غيره. حيث دخل مؤيد الراوي التعليق بموسوعيته وهدوئه وشاعريته. فيما عُرف أكرم صالح القادم من البي بي سي بلازمته (بيبيع)، كذلك تميز عبدالحفيظ الدراجي الذي يحتل اليوم مكانة مرموقة في التعليق الرياضي بصيحته الجزائرية (أووه لا لا لا لا). وبقدرته على توطين صرخة (قووووووووول) في أسماع المتفرجين لمدة تزيد على الخمس دقائق. وكذلك باصطلاحاته العجيبة (خمسة أمتار وخمسين).
أما عبارة التونسي عصام الشوالي التونسي (ياكوووووورة ياغدارة .. جولاتو .. جولاتو) فقد أصبحت من المقاطع المتداولة على الهواتف المحمولة. كما ارتبط مواطنه رؤوف خليف، البارع في التشويق بكلمة (يوزع) حين يشير إلى توزيع الكرات العرضية. خصوصاً وهو يؤديها بتنغيم سجعي وبنبرة قوية وحماسية. وتبقى عبارة الإماراتي فارس عوض (يا ربااااااه) ماركته المسجلة.
اليوم السعودية