أبو الكيا البغدادي - حلاق المنفلوطي وثرثرة فوق الثرثار

كنت شان أقراني أعاني كثيرا في فهم البناء اللغوي النصي والموضوعي للقطع التي تشكل منهج اللغة العربية في الدراسة الابتدائية، إلا أن القابليات المهارية في الحفظ والاستذكار كانت غالبا ما تستر ما لا ندركه.الحلاق الثرثار إحدى القطع الساخرة التي عانيت من فهمها كثيرا والحق أقول إنني لم اصل إلى مغزى ما يريد الكاتب مني أن اصل إليه حتى يومنا هذا، ولا يترتب على هذا القول منقصة للكاتب وربما حتى لي فربما كان الهدف سائبا عن قصد، وربما أحاول أن أفلسف موضوعا لاحتمل الفلسفة.كان الحلاق منهمكا في الحديث عن الحرب العالمية وراح يعمل الخرائط على راس الزبون وهو يتحدث ويتحدث ويحدد المواقع..هنا طوكيو وهنا بورت آرثر وهنا انهزم الحلفاء وهنا ضرب اليابانيون الروس، عندها ضرب بقوة بقبضة يده أم راس الزبون.....لم أكن أدرك آنذاك معنى كلمة الروس وكنت اظنها جمع راس ولم اعرف شيئا عن روسيا ولا كنت اعرف إن سكان روسيا يسمون بالروس، خاصة وان الضربة الموجعة كانت على أم راس الزبون...فما هي أم راس الزبون هذه، ثم إني كنت أظن الزبون لباس عربي وليس شخصا ادميا إلى أن اخبرني من لا أتذكر.
ومرت السنون وكان لقاء مع الثرثار المنخفض والبحيرة والوادي لكن الأمر كان مختلفا فلم يعد هنالك شيء من سخرية كالتي أرادها المنفلوطي ولم تصل إلى إدراكي وعقلي الصغير إلا من خلال التخطيط الذي كان يشغل نصف الصفحة تحت العنوان (الحلاق الثرثار).لا اعرف لماذا سموه ثرثارا.لا فرق بالفتح أو الكسر.
منخفض الثرثار يقع ضمن وبين ثلاث من اصل أربع محافظات قيل عنها في العهد السابق إنها بيضاء.هنا نطرح مجموعة من الاسئلة، لماذا لم يناهض شعبنا في هذه المحافظات حكام ذلك العهد؟ هل كانوا منتفعين انتفاعيين؟ وهل من المعقول أنهم لم يسمعوا بمعاناة سائر الشعب في أربع عشرة محافظة أخرى؟ وهل صدقوا مزاعم السلطة بأنهم خونة وجواسيس ومن حزب الدعوة ولا بد من الإجهاز عليهم وحتى وان بلغ عددهم الملايين؟.ذلك ما لا يقول به عاقل فلا الدعوة بذلك الانتشار ولا عامة الناس منشغلون بالعمل الحزبي السياسي الذي حرمه النظام لغير حزبه ولا الأطفال يعرفون معنى هذا الكلام.إذن ما الذي حصل فبيض محافظات الثرثار وسود سواها.شاءت الظروف أن تكون محافظات الثرثار هي نفسها المثلث السني التي جرت فيها أعظم أحداث ما بعد التاسع من أيلول 2003.أحداث الفلوجة وتلعفر وتفجير القباب والمنائر في سامراء فضلا عن فاجعة سنجار الأخيرة.على مفكري هذه المناطق ومثقفيها أن يجيبوا على هذه الأسئلة، وان يتوخوا الدقة في منهجهم العلمي بعيدا عن ثرثرة الشعارات.
لقد شيد صدام قصورا ومنتجعات على بحيرة الثرثار لم يكن يعرف مكانها احد وربما انتهى بها المطاف إلى أن يشغلها الاميركان المحررون المحتلون وربما سيطرت عليها وزارة الثروة السمكية الإسلامية في دولة العراق الإسلامية الفتية والتي أصيبت بهزة كبيرة اثر مقتل والي الفلوجة.كل هذا يجري وأهلنا في المحافظات المحيطة بالثرثار لا يثرثرون ولو كان شعب الخرسان مكانهم لملا الدنيا ثرثرة وضجيجا وليس هذا فقط بل هم صامتون .اهو الرضا أم الذهول؟فان كان ذهولا فما قولك بأهل الجنوب والشمال الذين سلق آباؤهم كما يقول العراقيون و انتهك أعراض أمهاتهم وأخواتهم ودفن أطفالهم مع دعابلهم في حفر لا تسع أعدادهم على اتساعها.إما إن كان رضا فهذا هو كسر العظم وليجعلوا من المحاصصة التي سئموها في السلطة عهدا غليظا ومباركا على الأرض وليجلسوا عند شطئان الثرثار ثم ليرسموا خارطة العراق ويضربوا بأيديهم أم راس العراق ولكن قبل كل ذلك ليقولوا خيرا أو ليثرثروا.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...