إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ ٱلْسَّاعَةِ ٱلْهَرْجَ.
قِيلَ: وَمَا ٱلْهَرْجُ؟ قَالَ: ٱلْكَذِبُ وَٱلْقَتْلُ [أَيْضًا].
قَالُوا: أَكْثَرَ مِمَّا نَقْتُلُ ٱلْآنَ؟
قَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ بِقَتْلِكُمْ [أَعْدَاءً]، وَلٰكِنَّهُ قَتْلُ بَعْضِكُمْ بَعْضًا!
ٱلْرَّسُولُ مُحَمَّدٌ
(8)
قُلْتُ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ مِنْ قَبْلُ، وخَاصَّةً في مُتُونِ الأقسَامِ الأولى مِنْ هٰذا المقالِ (وفيمَا سَبَقَهُ كذٰلِكَ مِنْ مقالاتٍ لا تَلْتَقِي وإيَّاهُ ضَرُورَةً في جُلِّ أفكارِ الموضوعِ النفسيِّ وَ/أَوِ السِّيَاسِيِّ المَعْنِيِّ حتَّى)، قُلْتُ إِنَّ ذٰلِكَ الغَبَاءَ القَهْرِيَّ التَّكْرَارِيَّ إنَّما هُوَ دَاءٌ نفسيٌّ عُضَالٌ يَسْتَحْوِذُ اسْتِحْوَاذًا فِطْرَانِيًّا وخِبْرَانِيًّا (بالمعنى المُكْتَسَبِيِّ) على ذِهْنِيَّاتِ أولٰئك الطُّغَاةِ الفاشيِّينَ العُتَاةِ المُصْطَنَعِينَ كَافَّتِهِمْ وأمثالِهِمْ، أينمَا ثُقِفُوا في أَصْقَاعِ هٰذا العَالَمِ العربيِّ المَطْمُومِ هَمًّا فائضًا والمَرْدُومِ غَمًّا أَشَدَّ فَيْضًا (وذاك من جَرَّاءِ مَا كَانُوا، ومَا زَالُوا، يرتكبُونهُ من جَرائرِ سِلْمٍ ومن جرائمِ حَرْبٍ، ومِمَّا بَيْنَهُمَا كذاك، في حَقِّ شُعُوبِ هٰذا العَالَمِ العربيِّ بأمْرٍ وتَكْلِيفٍ ذَاتِيَّيْنِ أو حتى آخَرِيَّيْنِ، منذُ أَنْ أُثْقِلَ كَاهِلُهُ بـ«حُكْمِهِمْ» و«مُلْكِهِمْ» عَضُوضَيْنِ قبلَ عَشَرَاتٍ من السِّنِينِ العِجَافِ حَقًّا): ولا يُسْتَثْنَى، بطَبِيعَةِ الحَالِ، أَيٌّ من أولٰئك الطُّغَاةِ الفاشيِّينَ النُّظَرَاءِ في أَصْقَاعِ مَا يُمَاثِلُهُ من بقايَا ذاك العَالَمِ اللَّاعربيِّ المُسَمَّى تَسْمِيَةً تَسْيِيسِيَّةً تَمَاثُلِيَّةً بـ«العَالَمِ الثَّالِثِ». صَحِيحٌ هُنَا كُلَّ الصَّحَاحِ أنَّ هٰؤلاءِ الطُّغَاةَ الفاشيِّينَ العُتَاةَ المُصْطَنَعِينَ يلتقونَ ويتلاقُونَ كُلِّيًّا بكَافَّتِهِمْ بِنَحْوٍ أو بِآخَرَ، نظرًا، في مَدَى كُلٍّ من الفاشيَّةِ والطُّغْيَانِ والعُتُوِّ والاصْطِنَاعِ بِالقُوَّةِ، مثلمَا يدلُّ نَعْتُهُمْ بهٰذِهِ النُّعُوتِ دلالةً جَلِيَّةً بكلِّ مَا تحتويهِ في سَيْرُورَةِ ذٰلِكَ المَنْظِمِ الذي يُسَمَّى لِسَانِيًّا بـ«المَنْضُودِ الكَلِمِيِّ» Verbal Collocation من مَعَانٍ جِدِّ ظاهريَّةٍ تصريحيَّةٍ أو حتَّى فَحَاوٍ جِدِّ باطنيَّةٍ تضمينيَّةٍ. إِلَّا أَنَّهُمْ يفترقُونَ أيَّمَا افتراقٍ، مُمَارَسَةً، في «جَدَا» كلٍّ من هٰذِهِ الفاشيَّةِ وهٰذا الطُّغْيَانِ وهٰذا العُتُوِّ وهٰذا الاصْطِنَاعِ بِالفِعْلِ – وذٰلِكَ افتراقٌ كلُّهُ رَهْنٌ باختلافِ ذاتِ الكَيْفِ الذي يَسْعَى بِهِ كُلٌّ من هٰؤلاءِ الطُّغَاةِ الفاشيِّينَ العُتَاةِ المُصْطَنَعِينَ ذَوَاتِهِمْ إلى اسْتِتْبَابِ تَسَلُّطِهِ العسكريِّ الفرديِّ المُطْلَقِ اسْتِتْبَابًا «توريثيًّا» قائمًا، جيلاً بعدَ جيلٍ، في القَابِلِ على صِلَاتِ الدَّمِ البيولوجيِّ، أو هٰكذا يتبدَّى (كمَا هي الحَالُ في سوريا، ومَا شَابَهَ)، أو حتى في المُقَابِلِ على صِلَاتِ الدَّمِ الإيديولوجيِّ، أو هٰكذا يتجلَّى كذٰلكَ (كمَا هي الحَالُ في مصرَ، ومَا أشبَهَ أيضًا)، ولَاهِثًا من ثمَّ إلى إرْضَاءِ سيِّدِهِ الأجنبيِّ (أو فَلِّ أسيادِهِ الأجَانِبِ) في آخِرِ المَطَافِ، من أوربا وَ/أوْ من أمريكا وَ/أوْ حتى من آسيا، بغيةَ الحفاظِ المُسْتَدِيمِ إلى أَجَلٍ، أو حتى أَبَدٍ، غيرِ مُسَمًّى على هٰكذا كَيْفٍ بمثابةٍ أو بأُخرى – وذٰلِكَ اختلافٌ بالكَيْفِ (أي كَيْفُ الاسْتِتْبَابِ «التوريثيِّ» القائمِ) كلُّهُ ذاتًا، بدورِهِ هو الآخَرُ، إنَّمَا هو رَهْنٌ كذٰلِكَ بارْتِسَامِ عَيْنِ النَّهْجِ الذي يَسُوسُ بهِ ذاك السيِّدُ الأجنبيُّ (أو أيٌّ من فَلِّ أولٰئك الأسيادِ الأجَانبِ) نوعَ سياستِهِ الخارجيةِ في أيٍّ من البلدانِ العربيَّةِ المعنيَّةِ من هٰذا الشرقِ الأوسطِ «الكبيرِ» المُكَابَرِ بينَ أواسِطِ مَا سُمِّيَ من قبلُ بـ«الأرضِ مَا بَعْدَ الخَرَابِ» The Post-Waste Land، لكي يُذْكَرَ هٰهُنَا مَرَّةً أُخْرَى ذٰلكَ المَجَازُ الإلْيُوتِيُّ (نسبةً إلى الشاعرِ الأمريكيِّ-البريطانيِّ توماس سْتيرْنْز إليوت)، وذاك توخِّيًا لِلَفْظِ «الخَرَابِ»، لا لِلَفْظِ «اليَبَابِ»، حَسْبَمَا يَتَنَطَّعُ بِهِ رَهْطٌ من المُتَرْجِمِينَ المَهَاذِيرِ تَنَطُّعًا أَجْدَبَ عَاقِرًا. فَهَا هو طاغيةُ سوريا الفاشيُّ العَتِيُّ المُصْطَنَعُ بشار الأسد، من جَانبٍ أوَّلَ، يتشدَّقُ أَيَّمَا تَشَدُّقٍ بالإِيعَازِ الرُّوسيِّ جَهْرًا (وبالإِيعَازِ الإيرانيِّ سِرًّا) بالنَّأْيِ بنفسِهِ عن فَرْضِ أيٍّ من تِيكَ القيودِ وتِيكَ الشُّروطِ على مَا تبقَّى مِمَّا يُسَمَّى بـ«المعارضةِ السُّوريةِ» اِسْمًا (وثمَّةَ، لِلْتَّذْكِيرِ في هٰذِهِ القرينةِ، الكثيرُ مِمَّنْ يُصِرُّونَ على إزالةِ النقطةِ مِنْ عَلى حَرْفِ الضَّادِ بالذاتِ!)، وعَلى الأخصِّ هُنَا فيمَا يَخُصُّ تشكيلَ «لجنةِ إصلاحاتٍ دستوريةٍ» من شَأنِهَا أنْ تُحدِّدَ، افتراضًا لَيْسَ إِلَّا، تَسْيَارَ الحُكْمِ المستقبليِّ في سُوريا وكذاك تنظيمَ الانتخاباتِ الرئاسيةِ والتشريعيةِ، ومَا إلى ذٰلِكَ حتى، وذٰلِكَ بعد مَسَاخِرِ «الانتصَارِ الذَّخِيرِ» الذي أَحْرَزَهُ الطَّاغيةُ الفاشيُّ العَتِيُّ المُصْطَنَعُ المَقصُودُ إِحْرَازًا في إِثْرِ قَصْفٍ مُكَثَّفٍ من كلِّ أنوَاعِ الغارَاتِ الجَوِّيَّةِ الرُّوسِيَّةِ (أو «الرُّوسُورِيَّةِ»، بالأحرى) في قَلْبِ الشمالِ الغربيِّ من سُوريا، منذُ بدايَاتِ الشُّهُورِ الثمَانيةِ الخَوالِي بأدنى تقديرٍ، على الرَّغمِ من إدَانةٍ صَريحَةٍ لوَيْلَاتِ هٰذا القَصْفِ المُكَثَّفِ (ومَا كَانَ منهُ آنِفًا كذاك إبَّانَئِذٍ) حتى من لَدُنْ رجلٍ دينيٍّ عراقيٍّ «حَمِيمٍ» بحُكْمِ الانتمَاءِ الطَّائفيِّ، كمثلِ مقتدى الصَّدر، وعلى الرَّغمِ من دعوتِهِ «المُثْلَى» إلى تنحِّي هٰذا الطَّاغيةِ الفاشيِّ العَتِيِّ المُصْطَنَعِ المَقصُودِ بالعَيْنِ، وإلى الاِنْسِحَابِ العَاجِلِ من أرضِ سُوريا بِسَائِرِ قوَّاتِ مَا يُسَمَّى بـ«الحَشْدِ الشَّعبيِّ»، وإلى «تركِ زِمَامِ الأمورِ [من ثّمَّةَ] كُلِّهَا لِشَعبِهَا الأبِيِّ – هٰذا الشَّعْبِ الذي قَدْ فَاجَأَ الآنَامَ كُلَّهَا مُؤَخَّرًا بِانْفِجَارِ حَرَاكِهِ العَرِيمِ احْتِجَاجًا في كُلٍّ من جبلِ العربِ وشريطِ السَّاحلِ وحلبِ الشَّهْبَاءِ ورُبُوعِ الفُرَاتِ عَلى أَدْنَى تَخْمِينٍ». وهَا هو طاغيةُ مِصْرَ الفاشيُّ العَتِيُّ المُصْطَنَعُ عبد الفتاح السيسي، من جَانبٍ آخَرَ، يتمنطقُ بالإيحَاءِ الأمريكيِّ جَلاءً (وبالإيحَاءِ الإسرائيليِّ خَفَاءً) بالأخْذِ على نفسِهِ إِذَّاك تجديدَ قانُونِ القِصَاصِ الطَّارئيِّ ذَاتًا (أي قانُونُ حَالاتِ الطوارئِ وحَالاتِ الاتِّهَامِ الميدانيِّ المُبَادِئِ بشكلٍ أو أكثرَ من أشكالِ «الإرهابِ» من أجلِ كَتْمِ أصْوَاتِ أيَّةٍ من تلك «المُعَارَضَاتِ المِصْريَّةِ» الجَسُورَةِ، في ذاك الأَوَانِ وفي هٰذا الآنِ، ومن أجلِ كَبْحِ هٰذِهِ الأَصْوَاتِ كَبْحًا كُلِّيًّا كالمُعْتَادِ، كذٰلِكَ بالمَثَابَةِ ذَاتِهَا)، وذٰلِكَ أيضًا بعدَ مَهَازِلِ «الانتصَارِ الكبيرِ» الذي حقَّقهُ الطاغيةُ الفاشيُّ العَتِيُّ المُصْطَنَعُ المَعْنِيُّ تحقيقًا بذاكَ في أعقابِ عَصْفٍ مُؤَثَّفٍ من كلِّ أَصْنَافِ الاِسْتِفْتَاءِ والتَّصْوِيتِ العَسْفِيَّيْنِ المزيَّفَيْنِ على تَعْدِيلِ، لَا بَلْ على إِعَادَةِ تَفْصِيلِ، الدُّسْتُورِ المِصْرِيِّ على المَقَاسِ المطلوبِ كَيْمَا يظلَّ هٰذا الطاغيةُ الفاشيُّ العَتِيُّ المُصْطَنَعُ المَعْنِيُّ في الحُكْمِ «المرغُوبِ»، كَيْمَا يظلَّ حاكمًا بأمْرِ ذَاتِهِ بالذاتِ (لا بأمْرِ ذاتِ اللهِ) في المَدِّ، من أربعٍ إلى سِتٍّ بالأَقَلِّ من سَنَواتِ المُجُونِ، وفي العَدِّ حتى إشْعَارٍ مَاثِلٍ آخَرَ سَنَةَ «ألفَيْنِ وثلاثينَ» سَنَةَ السِّنِينِ، وما بعدهَا كذٰلِكَ من ذٰلِكَ الحِينِ المُحَانِ إلى يومِ يُبْعَثُونَ، على الرَّغمِ من إدانةٍ أشدَّ صَرَاحَةً لآفَاتِ هٰذا العَصْفِ المُؤَثَّفِ (ومَا كَانَ منهُ فَائتًا أَيَّامَئِذٍ أيضًا) من طرفِ أَيٍّ من لِجَانِ «حقوقِ الإنسانِ» على مستوَى العَالَمِ العربيِّ، مستوًى داخليًّا، ومن طرفِ أَيٍّ من تلك النَّظائرِ أو تلك الشَّقَائقِ على مستوَى الاتِّحَادِ الأُورُبِّيِّ، مستوًى خارجيًّا، كذٰلِكَ.
وهٰكذا، فَفِي حَيِّزِ الإمْكَانِ أَنْ يُدْرَكَ الآنَ إلى حَدٍّ مَا فَحْوَاءُ المَرَامِ مِمَّا سُوجِلَ في اخْتِتَامِ القسمِ السَّادسِ وافْتِتَاحِ القسمِ السَّابعِ من هٰذا المقالِ، إِذْ كانَ في ظَنِّ الفيلسُوفِ المعنيِّ مُفْرَدًا، أو جَمْعًا، أَنَّ نشأةَ مَا سَعَيْتُ إلى اِشْتِقَاقِهِ اصْطِلَاحًا عربيًّا مُقَارِبًا أو بالكادِ بـ«المَآلِيَّاتُ» Hermeneutics، قدِ اقترنتْ بَادِئَ ذِي بَدْءٍ بالخِطَابِ الدِّينِيِّ، أيًّا كَانَ، مَعَ أَنَّ هٰذا الاِشْتِقَاقَ الاِصْطِلاحِيَّ بالعَيْنِ لَمُقْتَرِنٌ رَسْمِيًّا قبلَ كُلِّ شيءٍ بالخِطَابِ الأُسْطُورِيِّ، أيًّا كَان أيضًا، ومُشْتَقٌّ اِسْمِيًّا كذاك من أُسْطُورَةِ الإِلٰهِ الإغريقيِّ «هيرميز» Hermes، حَالًّا إِذَّاك بِمُهَمَّتِهِ الأولى كـ«رَسُولٍ خَاصٍّ لِلآلِهَةِ» الإغريقِ بينَ البَاقِينَ من أَهْلِ السَّمَاءِ وبينَ الفَانِينَ من أَهْلِ الأَرْضِ، ودَالًّا بذاكَ عَلى ذاتِ الاِشْتِقَاقِ الاِصْطِلَاحِيِّ المَعْنِيِّ لكي يَعْنِيَ، أَوَّلَ مَا يَعْنِيهِ هٰهُنَا، أَنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ حَيٍّ أو حتى جَامِدٍ في هٰذا الكَوْنِ بِلَا استثناءٍ «رَسِيلًا» كَامِنًا لَهُ تَبَدِّيَاتُهُ المَادِّيَّةُ والجِسْمِيَّةُ ولَهُ كذاكَ تَجَلِّيَاتُهُ الرُّوحِيَّةُ والنَّفْسِيَّةُ (وسَوَاءً كَانَ هٰذا أو ذاكَ الطاغيةُ الفاشيُّ العَتِيُّ المُصْطَنَعُ المُعَيَّنُ مَأْخُوذًا بالإِدْرَاكِ عَيْنًا كَشَيءٍ حَيٍّ أَمْ حتى كَشَيءٍ جَامِدٍ أَمْ حتى كَشَيءٍ مَا بَيْنَ بَيْنَ)، «رَسِيلًا» كَامِنًا قابلًا للاِسْتِكْنَاهِ القَصِيِّ بالتَّأْثِيلِ، وقابلًا مِنْ ثَمَّ للاِسْتِشْفَافِ الوَصِيِّ بِالتَّمْثِيلِ، حَسْبَمَا يَقَتَضِيهِ السِّيَاقُ المُحَدَّدُ أو يَبْتَنِيهِ المَسَاقُ المُمَهَّدُ – ناهيكُمَا، أيَّتُهَا القارئةُ النَّبِيهَةُ وأيُّهَا القارئُ النَّبِيهُ، بطَبِيعَةِ الحَالِ، عمَّا يقومُ بِهِ بينَ الحِينِ والحِينِ على مَدَى نِصْفِ عَقْدٍ من الزَّمَانِ بالأَدْنَى تقديرًا، ومنذُ بدايَاتِ الشُّهُورِ الثمَانيةِ الخَوالِي ذاتِهَا كَمَا ذُكِرَ آنفًا، عمَّا يقومُ بِهِ طاغيةُ ليبيا الفاشيُّ العَتِيُّ الأكثرُ اصْطِنَاعًا بدورِهِ هو الآخَرُ (أو، بالقمينِ، «طاغيةُ شرقيِّ ليبيا» وحَسْبُ)، ذٰلِكَ الـ«خليفة بلقاسم حفتر» مَدْعُوًّا بالذاتِ هٰكذا، ذٰلِكَ الطَّاغيةُ المُرَمَّمُ تَرْمِيمًا آخَرِيًّا بعدَ المَوَاتِ الوَكِيدِ أو شِبْهِ الوَكِيدِ، فيمَا يَتَبَدَّى، والمَوْسُومُ والمَوْصُومُ هُزْءًا وهُزُوءًا ومَهْزَأةً بـ«أميرِ الحَرْبِ»، لَا بَلْ حَرِيًّا بـ«سَيِّد الحَرْبِ» Warlord، حتَّى تكتملَ مَهْزَأةُ المَهَازِئِ هٰهُنا بالذواتِ – ناهيكُمَا عمَّا كَانَ هٰذا الطاغيةُ الفاشيُّ العَتِيُّ الأكثرُ في الاصْطِنَاعِ الأجنبيِّ، ولا ريبَ في هٰذا بَتًّا، يقومُ بهِ في البَدْءِ تحديدًا من اقترافِ كلِّ أشْتاتِ الشُّرورِ والآثامِ والفظائعِ والشَّنَائعِ بحقِّ البريئاتِ والأبرياءِ (وهُنَّ وهُمْ بعَشَرَاتِ الآلافِ) من غربيِّ هٰذِهِ الـ«ليبيا» البلدِ التَّلِيدِ، وبالإلْهَامِ الفرنسيِّ والإيطاليِّ والأمريكيِّ، إلى آخرهِ، على رَافَّةِ الملأِ «الأعلى»، بذٰلِكَ (وبالإلْحَامِ السُّعُوديِّ والإمَارَاتيِّ والمصريِّ، إلى آخرهِ، على حَافَّةِ الملأ «الأدنى»، كذٰلِكَ)، وخُصُوصًا كُلَّ الخُصُوصِ هُنا أنَّ عَيْنَ هٰذا الطاغيةِ الفاشيِّ العَتِيِّ الأكثرِ في الاصْطِنَاعِ الأجنبيِّ لمْ يتخلَّصْ بعدُ مِمَّا اسْتَعْصَى من تلك الاضطراباتِ النفسيَّةِ والاختلالاتِ العقليةِ بعدَ أن تَخَوْزَقَ أيَّمَا تَخَوْزُقٍ بشَتَّى أطوالِ وشَتَّى أعْرَاضِ الخَوَازِيقِ الإفريقيةِ أو حتى اللاإفريقيةِ أيَّامَ أسْرِهِ المَدِيدِ في جمهوريةِ تشادَ في حدِّ ذاتِهَاِ [حتَّى أَنَّ هناكَ تقريرًا قَرِيرًا مفصَّلاً قامَ بنشرِهِ الموقعُ الإخباريُّ الإنكليزيُّ العَتِيدُ Middle East Eye (في اليومِ السَّابِعَ عَشَرَ من شَهْرِ آبَ عَامَ 2020)، تقريرًا قَرِيرًا مُفَصَّلاً أعدَّهُ الكاتبُ الصِّحَافيُّ إيان كوبين عن علاقةِ «طاغيةِ شرقيِّ ليبيا» هٰذا معَ شركةِ العلاقاتِ العامَّةِ المشكوكِ في أمرِهَا Consulum (وخاصَّةً في ارتباطِها الخَاصِّ بالسُّعوديةِ وهونغ كونغ، وغيرِهِمَا)، من جهةٍ أُولى، ومعَ دبلوماسيٍّ بريطانيٍّ سَابقٍ «لامُسَمًّى» كانَ قدْ خطَّطَ عن سَبيلِ هٰذِهِ الشركةِ دُونَ سِوَاهَا، سَعْيَا وَرَاءَ تحسينِ صورةِ هٰذا الطَّاغيةِ الفاشيِّ العَتِيِّ الأكثرِ في الاصْطِنَاعِ الأجنبيِّ بالذاتِ بعدَ اتِّهَامِهِ بارتكابِ أشكالٍ شَتَّى من جَرَائمِ الحَرْبِ، وسَعْيَا وَرَاءَ تهييئِهِ بالتَّالي كـ«رئيسٍ ذي مِصْدَاقيَّةٍ» لليبيا بأكملِهَا، من جهةٍ أُخرى]. كُلُّ ذاكَ الإلْهَامِ الدُّوَلِيِّ السَّيْدُودِيِّ وكُلُّ ذٰلِكَ الإلْحَامِ «المَحَلِّيِّ» العُبُودِيِّ، في واقعِ الأمرِ، إنَّمَا مبتغاهُمَا الأسَاسِيُّ بِالحَقِّ لَمُبْتَغًى ثُنَائيٌّ مُزْدَوَجٌ مُتَكَامِلٌ تكامُلاً يتجلَّى في ذاتِ التَّكَالُبِ الأجنبيِّ العُصَابِيِّ الهُجَاسِيِّ، تكالُبِ «المُسْتَذْئِبِينَ» أوِ «المَذْؤُوبِينَ» Lycanthropes، على الاِغترَافِ المُغْدَقِ من جُلِّ الاحتياطِيِّ الليبيِّ من النفطِ والغازِ الطبيعيَّيْنِ الشهيرَيْنِ بجودتِهِمَا العَالميَّةِ فعليًّا، في الحَيِّزِ الأوَّلِ، ويتبدِّى كذٰلِكَ في ذاتِ التَّناوُشِ «العَرَبِيِّ» و«العُرْبَانِيِّ» و«المُسْتَعْرِبِيِّ» الذُّهَانِيِّ الهُرَاعِيِّ، تَنَاوشِ «المُتَوَحِّشِينَ» أوِ «الوَحْشِيِّينَ» Ruffian Savages، على الاسْتِبْقَاءِ المُطْبِقِ والمَرْعِيِّ لتفعيلِ الثَّوَرَانِ المُضَادِّ بأيَّتِمَا وسيلةٍ، أو حتَّى بأيَّتِمَا رذيلةٍ، كانتْ إِبَّانَئِذٍ، في الحَيِّزِ الثَّاني. وقدْ كانتْ ذُرْوَةُ هٰذا الاسْتِبْقَاءِ المُطْبِقِ والمَرْعِيِّ ارْتِعَابًا وارْتِيَاعًا سَرِيرِيَّيْنِ يعتريانِ كِيَانَ كلٍّ من رَهْطِ أولئك الطُّغَاةِ الفاشيِّينَ العُتَاةِ المُصْطَنَعِينَ المَعْنِيِّينَ، محمد بن سلمان ومحمد بن زايد وعبد الفتاح السيسي، وقدْ كانتْ تزامنتْ، بهيئةٍ أو بأُخرى، معَ اندلاعِ الثَّوَرَانِ الشَّعْبِيِّ السُّودَانيِّ بالذاتِ (منذُ اليومِ التَّاسِعَ عَشَرَ من شهرِ كانونَ الأولِ من العَامِ 2018)، ومعَ نُشُوبِ الثَّوَرَانِ الشَّعْبِيِّ الجزائريِّ بالعَيْنِ كذاكَ (منذُ اليومِ الثاني والعشرينَ من شهرِ شباطَ من العامِ التالي 2019). فتلك، من طرفٍ أوَّلَ، جماهيرُ الشَّعْبِ السُّودَانيِّ الصَّعْتَرِيِّ الخِنْذِيذِ مَا بَرِحَتْ تهتِفُ بالهُتَافِ الوَلِيدِ لحظةَ الانفجارِ الأوَّلِيِّ، بعدمَا حطَّمتْ سَائرَ جُدْرَانِ الخَوْفِ والرُّعْبِ المُزْمِنَيْنِ قُدَّامَ التغوُّلِ الطغيانيِّ العسكريِّ والأمنيِّ، مَا بَرِحَتْ تهتِفُ (حتى قبلَ الاجتياحِ «الكورُونيِّ») كمَا هَتفَتْ شُعُوبُ ذاتِ «الربيعِ العربيِّ»، تهتِفُ، هٰكذا: «الشعب يريد إسقاط النظام!». وتلك إِذَّاكَ، من طرفٍ آخَرَ، جماهيرُ الشَّعْبِ الجزائريِّ الفِرْنَاسِيِّ الصِّنديدِ مَا انفكَّتْ تهتِفُ بالهُتَافِ الوَلِيدِ ذاتِهِ، وقدْ قَوَّضتْ سَائرَ جُدْرَانِ الخَوْفِ والرُّعْبِ المُزْمِنَيْنِ ذاتِهَا (وأكثرَ منهَا بكثيرٍ حتَّى)، مَا انفكَّتْ تهتِفُ (قبلَ ذاكَ الاجتياحِ «الكورُونيِّ» ذاتِهِ) باختلافٍ معجميٍّ جِدِّ طفيفٍ عن النَّظِيرٍ السُّودانيِّ الآنِفِ الذِّكْرِ، لٰكِنَّهُ اختلافٌ معجميٌّ لَهُ مدلولُهُ الدَّالُّ، في هٰذا السياقِ بالذاتِ، تهتِفُ، هٰكذا: «الشعب يريد رحيل النظام!». فمنْ غَبَنِ «التحليلِ السياسيِّ»، مرَّةً أُخرى في هٰذِهِ القرينةِ، أنْ يُعْمَدَ هُنَا إلى النظرِ التمييزيِّ، أو حتَّى التفضيليِّ، إلى «إنجازاتِ» الثورةِ الشعبيةِ السُّودَانيَّةِ، حتى ذٰلِكَ الحينِ منهَا، دونَ النظرِ حتَّى إلى مَا يقابلُ هٰذِهِ الـ«إنجازاتِ» فيمَا يتعلَّقُ بالثورةِ الشعبيةِ الجزائريَّةِ تحديدًا (أو حتى أيَّةِ ثورةٍ شعبيةٍ عربيَّةٍ أُخرى، بِقَدْرِ مَا يتعلَّقُ الأمرُ بهَا كذٰلِكَ)، كمَا فعلَ الباحثُ الجامعيُّ «المَاركسيُّ» جلبير الأشقر أيضًا بكلِّ جِدِّيَّةٍ قَوْلِيَّةٍ في تقرِيرِهِ التَّعَاطُفِيِّ مُفْتَعَلًا بالقَوْلِ افْتِعَالًا وحَسْبُ، في هٰكذا قرينةٍ (اُنْظُرَا تقرِيرَهُ الصَّحَفِيَّ المَعْنِيَّ: «التضامنُ مع الثورةِ السودانيةِ ملحٌّ!»، القدس العربي، 23 نيسان 2019).
لَا خِلَافَ بَتًّا، هٰهُنَا، على أنَّ ثَمَّ تشابُهًا نسبيًّا بينَ هٰذينِ النظامَيْنِ الاستبدَاديَّيْنِ الجَائرَيْنِ السُّودَانيِّ والجزائريِّ بالأخصِّ من حيثُ الوُصُولُ الانقلابيُّ العَسْكَرِيُّ وَ/أَوِ السِّيَاسِيُّ إلى عُرُوشِ السُّلْطَةِ رَغْمًا رَغِيمًا عن إِرَادَةِ الشَّعْبِ المَعْنِيِّ (إِذْ كانَ وُصُولُ النظامِ الأوَّلِ قدْ حَدَثَ بالعُنُوِّ الشَّدِيدِ قبلَ أكثرَ من ثلاثينَ عَامًا، وكانَ وُصُولُ النظامِ الثاني قدْ حَصَلَ بالعُنُوِّ الأشَدِّ حتى قبلَ أكثرَ من خمسةٍ وخمسينَ عَامًا). ولَا خِلَافَ كذاكَ على أنَّ ثَمَّ تشابُهًا مُطْلَقًا، والمَآلُ النقيضُ، بين هٰذَيْنِ النظامَيْنِ الاستبدَاديَّيْنِ الجَائرَيْنِ ذاتًا من حيثُ ذاك الاِلْتِصَاقُ الشَّغَفِيُّ الهَوَسِيُّ، اِلْتِصَاقُ الطاغيتَيْنِ الفاشيَّيْنِ العَتِيَّيْنِ المُصْطَنَعَيْنِ المَعْنِيَّيْنِ بهٰذِهِ العُرُوشِ اِلْتِصَاقًا في هٰكذا مَآلٍ، تَمَامًا كَمَا يَلْتَصِقُ القُرَادُ المَاصُّ بأَرْدَافِ الخُيُولِ والحَمِيرِ والبِغَالِ ومَا شَابَهَ – وهٰذا الالتصَاقُ القُرَادِيُّ الأبديُّ أو حتى شِبْهُ الأبديِّ، ولا شكَّ فيهِ بَتَاتًا، إِنْ هُوَ إلَّا ذٰلِكَ النَّعْتُ الرَّئِيسُ المَسِيسُ الخَسِيسُ الذي يلتقي فيهِ فَلُّ أولئكَ الطُّغَاةِ الفاشيِّينَ العُتَاةِ المُصْطَنَعِينَ في هٰذا العَالَمِ العربيِّ الكئيبِ اغْتِمَامًا، من مُحِيطِهِ إلى خَلِيجِهِ، قاطبةً وبلا استثناءٍ. غيرَ أنَّ الإِتْبَاعَ القَوْلِيَّ «التَّفْضِيلِيَّ»، لَا بَلِ «التَّمْيِيزِيَّ» عَيْنًا، بأنَّ الثورةَ الشعبيةَ في السُّودَانِ إِنَّمَا تشكِّلُ إِذَّاكَ «الحالةَ الأكثرَ تقدُّمًا وخطورةً»، وإِنَّمَا تشكِّلُ في ذاتِ الإِتْبَاعِ القَوْلِيِّ كذاكَ «الحالةَ الأكثرَ صَلابةً وجذريَّةً» حتى، وذٰلِكَ لِمُجَرَّدِ أنَّ هٰذِهِ الثورةَ الشعبيةَ تَبْدُو في نَظَرِ القائِلِ المَعْنِيِّ «مُفَضَّلَةً» أو حتى «مُمَيَّزَةً» بِوُجُودِ قِيَادَةٍ ثوريَّةٍ مُنْضَوِيَةٍ تحتَ رَايَةِ ذٰلِكَ الائتلافِ المَدَنِيِّ الذي تَسَمَّى إِبَّانَئِذٍ تِلْقَاءً بـ«تحالف قوى الحرية والتغيير»، إِنَّمَا هُوَ إِتْبَاعٌ قَوْلِيٌّ فيهِ إِجْحَافٌ وتَسْفِيهٌ شَائِرَانِ لٰكِنْ لَامباشِرَانِ، في وَاقَعِ الحَالِ، بِحَقِّ الثورةِ الشعبيةِ الجزائريَّةِ، خاصَّةً (وكذاكَ بِحُقُوقِ الثورَاتِ الشعبيةِ العربيَّةِ الأُخرى، عَامَّةً). فإذا كانتْ حُجَّةُ الباحثِ الجَامعيِّ «المَاركسيِّ» المَعْنِيِّ أنَّ الثورةَ الشعبيةَ الجزائريَّةَ بالذاتِ لمْ تَزَلْ وَقْتَهَا في طورِ التظاهُرِ الأسبوعيِّ «السَّلبِيِّ» نَظَرًا لافتقارِهَا، فيمَا يتبدَّى، إلى أيِّ شَكْلٍ ناجِزٍ من أَشْكَالِ القِيَادَةِ الثوريةِ الاعتصَامِيَّةِ، على تَمَامِ النقيضِ من الحَالِ في الثورةِ الشعبيةِ السُّودَانِيَّةِ بالعَيْنِ، تِيكَ الثورةِ «المُفَضَّلَةِ» أو حتى «المُمَيَّزَةِ» في إبَّانِ مَعْمَعَانِهَا وحَمَّائِهَا بالنَّعْتِ المَرُومِ (إِذْ لمْ يَقُلِ الباحثُ الجامعيُّ «المَاركسيُّ» المَعْنِيُّ ذٰلِكَ النَّعْتَ الأخيرَ مَا بينَ المُزْدَوَجَيْنِ قَوْلًا تَصْرِيحِيًّا في المَظْهَرِ، بَلْ قَالَهُ على العَكْسِ قَوْلًا تَضْمِينِيًّا في الجَوْهَرِ)، فإن هٰذِهِ الثورةَ الشعبيةَ الجزائريَّةَ ذَاتَهَا قَدْ أَطَاحَتْ أيَّمَا إِطَاحَةٍ بعَرْشِ هٰكذا طاغيةٍ فاشيٍّ عَتِيٍّ مُصْطَنَعٍ (أي عبد العزيز بوتفليقة) خِلَالَ مِيدَاءٍ زَمَنِيٍّ أَقْصَرَ بكثيرٍ، والحَالُ هٰذِهِ، من المِيدَاءِ الزَّمَنِيِّ الذي أَطَاحَتْ خِلَالَهُ الثورةُ الشعبيةُ السُّودَانِيَّةُ عَيْنُهَا بعَرْشِ ذٰلِكَ الطاغيةِ الفاشيِّ العَتِيِّ المُصْطَنَعٍ النظيرِ (أي عمر حسن البشير) – ففي حينِ أنَّ الطاغيةَ الفاشيَّ الأوَّلَ، بوتفليقة ذاكَ الذي قَدْ أفرزَهُ نظامٌ اِسْتِبْدَادِيٌّ جَائِرٌ عمرُهُ إِذَّاكَ خمسةٌ وخمسونَ عامًا أو يزيدُ، كَانَ قَدْ أُطِيحَ بِهِ في اليومِ الثاني من شهرِ نيسانَ من العَامِ 2019 في ثورةٍ شعبيةٍ أَبِيَّةِ بدأتْ في اليومِ الثاني والعشرينَ من شهرِ شباطَ من ذاتِ العَامِ 2019 (أي أنَّ الإطاحَةَ قَدْ تَمَّتْ في غُضُونِ أَقَلَّ من سِتَّةِ أَسَابِيعَ)، فإنَّ الطاغيةَ الفاشيَّ الثاني، البشيرَ ذاكَ الذي أنتجَهُ نظامٌ اِسْتِبْدَادِيٌّ جَائِرٌ مُشَابِهٌ نسبيًّا عمرُهُ كذاكَ ثلاثونَ عامًا أو يزيدُ، كَانَ قَدْ أُطِيحَ بِهِ في اليومِ الحَادِيَ عشرَ من شهرِ نيسانَ من ذاتِ العَامِ 2019 في ثورةٍ شعبيةٍ بَهِيَّةٍ ومن ثَمَّ حَميَّةٍ بدأتْ في اليومِ التَّاسِعَ عشرَ من شهرِ كانونَ الأوَّلِ من العَامِ السابقِ لَهُ 2018 (أي أنَّ الإطاحَةَ قَدْ تَمَّتْ على مَدَى مَا يَقْرُبُ من أربعةٍ من الشُّهُورِ). وإذا كانتْ كذٰلِكَ حُجَّةُ الباحثِ الجَامعيِّ «المَاركسيِّ» المَعْنِيِّ أنَّ القِيَادَةَ العَسْكَرِيَّةَ السُّودَانِيَّةَ قَدْ صِيرَ إلى رَدْعِهَا النَّجِيعِ نِسْبِيَّا، بَدْأَةَ ذِي بَدَاءٍ، عن اللُّجُوءِ الإِجْبَارِيِّ والجَبْريِّ إلى استخدامِ قُوَّةِ الحَدِيدِ والنَّارِ ضدَّ الثائراتِ والثائرينَ بِسَبَبٍ من مُرَاهَنَةِ القيادةِ المدنيةِ السُّودَانِيةِ للحَرَاكِ الثوريِّ على مَدَى جَيَشَانِ ذٰلِكَ «التعاطُفِ الملحُوظِ» الذي أَبْدَاهُ إبْدَاءً في المُسْتَهَلِّ من ذاك الحَرَاكِ الثوريِّ عناصرُ قادةٌ «شُمٌّ أُبَاةٌ» من هٰذِهِ القِيَادَةِ العَسْكَرِيَّةِ بالذاتِ، فَيَبْدُو بُدُوًّا جَلِيًّا أَنَّ هٰكذا بَاحثًا جَامعيًّا «مَاركسيًّا» قَدْ خفيَ عليهِ عَامِلانِ أَسَاسِيَّانِ على أَقَلِّ تَقْدِيرٍ كَانَا قَدْ أدَّيَا، بنَحْوٍ أو بآخَرَ، إلى الحَسْمِ النِّهَائِيِّ (أو، على الأقلِّ، شِبْهِ النِّهَائِيِّ) في شَأْنِ هٰكذا «رَدْعٍ نَجِيعٍ نِسْبِيَّا، لٰكِنْ رَدْعٌ إِنْسَانِيٌّ نِسْبِيَّا كذاكَ» بعدَ اسْتِمْرَارِ تلكَ الحَرْبِ الأهليةِ الحَمِيَّةِ في السُّودانِ زمانًا طويلاً، عَامِلانِ أَسَاسِيَّانِ لَا بَلْ جِدُّ أَسَاسِيَّيْنِ، أَلا وهُمَا، بِاخْتِصَارٍ شَدِيدٍ هٰهُنَا: عَامِلُ «التَّدَهْوُرِ الاِقْتِصَادِيِّ»، في المَقَامِ الأَوَّلِ، وهو العَامِلُ الملحُوظُ جدًّا في أَحْوَالِ البلادِ ومَا تَقْتَضِيهِ آثَارُ أو تَبِعَاتُ هٰذا التَّدَهْوُرِ مِنِ انتشارِ نَوْعِ الفَسَادِ الكَرِيهِ حتى بينَ أُولٰئك الذينَ يُعْرَفُونَ عِرْفَانًا بِـ«رجَالِ الإنقاذِ» وأَمْثَالِهِمْ وأَشْبَاهِهِمْ؛ وعَامِلُ «الصِّرَاعِ الاِجْتِمَاعِيِّ»، في المَقَامِ الثاني، وهو العَامِلُ الملحُوظُ جدًّا كذاكَ في «داخلِ» المُؤَسَّسَةِ العَسْكَرِيَّةِ ذَاتِهَا ومَا تبتنيهِ أَسْرَارُ أو حتى تَرِكَاتُ هٰذا الصِّرَاعِ من امْتِدَادٍ «خارجيٍّ» مُتَعَاوِرٍ بينَ عَنَاصِرَ قادةٍ وغيرِ قادةٍ يقفونَ إلى جانبِ الثورةِ الشَّعْبِيَّةِ وبينَ عَنَاصِرَ قادةٍ وغيرِ قادةٍ آخرينَ يقفونَ على الضِّدِّ من هٰذِهِ الثورةِ الشَّعْبِيَّةِ ذَاتِهَا – ومنْ هٰذا الخُصُوصِ، قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ هُنَا، كَانَ على الباحثِ الجَامعيِّ «المَاركسيِّ» المَعْنِيِّ بِإِزَاءِ شَيْءٍ من التَّفَكُّرِ أَوِ التَّأَمُّلِ في كُلٍّ من فَحْوَائَيِ هٰذَيْنِ العَامِلَيْنِ الأَسَاسِيَّيْنِ، وعلى الأخصِّ أَنَّهُ يُقَدِّمُ نَفْسَهُ بالمِرَارِ وبالتَّكْرَارِ كباحثٍ جَامعيٍّ مُتَّجِهٍ اِتِّجَاهًا يَسَارِيًّا اشتراكيًّا (أو حتى أُمَمِيًّا)، كانَ عليهِ في أَدْنَى تَخْمِينٍ، إِذَنْ، أنْ ينظرَ في تأثِيرِ جَانبٍ أَوَّلَ مِمَّا يَحْتَوِيهِ قانونُ يَرَاعِ الاِقْتِصَادِ، وأنْ ينظرَ كذاكَ في تأثِيرِ جَانبٍ آخَرَ مِمَّا يَنْتَوِيهِ قانونُ صِرَاعِ الأَضْدَادِ. هٰذا على الرَّغْمِ مِنْ أنَّ ثَمَّةَ فَارِقًا مَبْدَئِيًّا بَيْنَ الاِهْتِمَامِ التَّفْصِيلِيِّ بِمَا يَتَحَكَّمُ تَحَكُّمًا نَفْعِيًّا جَمْعِيًّا في سَيْرُورَةِ النَّشَاطِ الاِقْتِصَادِيِّ العَامِّ سَعْيًا حَثِيثًا وَرَاءَ تَحْقِيقِ شَيْءٍ مِنَ «الإِدَارَةِ الحَكِيمَةِ» وبَيْنَ الاِهْتِمَامِ التَّوْصِيلِيِّ بِمَا يَتَهَكَّمُ تَهَكُّمًا شَفْعِيًّا دَفْعِيًّا في صَيْرُورَةِ الاتِّحَادِ القَصِيدِيِّ الخَاصِّ مِنَ الشَّيْءِ ومِنْ نَقِيضِهِ رَوْمًا سَديدًا لِتَنْسِيقِ فَيْءٍ مِنَ «الإِشَارَةِ القَوِيمَة».
مَا سَبَقَ النَّظَرُ المَاثِلُ فيهِ من أَشْكَالِ تَطَوُّرٍ أو حتى تَعَقُّدٍ نفسيٍّ سياسيٍّ مَاضٍ أو سَالفٍ عندَ هٰكذا حَدٍّ، في كِفَّةٍ أُولَى، وَمَا كَانَ، ولَمَّا يَزَلْ، يَلْحَقُ النَّظَرُ المُمَاثِلُ فيهِ من أَشْتَاتِ تَطَوُّرٍ أو حتى تَعَقُّدٍ نفسيٍّ سياسيٍّ سَارٍ أو حَاضِرٍ بأَدْنَى تَقْدِيرٍ عندَ هٰكذا حَدِّ كذاكَ، في كِفَّةٍ أُخْرَى. هُنَاكَ فيمَا هُوَ هَائِمٌ بَيْنَ الكِفَّتَيْنِ، بِذَاتِ التَّبَدِّي، مَا يُنْذِرُ إِنْذَارًا سَخِيمًا بِـ«إِنْغَاصَاتِ الشَّرِّ» التي ليسَ لَهَا إلَّا أَنْ تُكَدِّرَ عَيْشَ الأَنَامِ من هٰذِهِ الشُّعُوبِ العربيَّةِ اللَّهِيفَةِ أَنَّى تَوَاجَدَتْ، من ظَواهِرِ الإِخْفَاءِ القَسْرِيِّ المُخِيفِ في مِصْرِ الطاغيةِ الفاشيِّ العَتِيِّ عبد الفتاح السيسي حيثُ تَفَشِّي العَدِيدِ من الأَمْرَاضِ النفسيَّةِ العُضَالِ بينَ ذَوِي المُختَفِيَاتِ والمُختَفِينَ بالذَّوَاتِ يَزْدَادُ آنًا بَعْدَ آنٍ، إلى جَرَائِرِ الاِنْبِطَاحِ الحَصْرِيِّ السَّفِيفِ في ليبيا الطاغيةِ الفاشيِّ العَتِيِّ خليفة بلقاسم حفتر حيثُ يَخْضَعُ النَّاسُ بَعْدَ مَرَاحِلِ سَفْكِ الدِّمَاءِ للمَديدِ من الاِخْتِبَارَاتِ «الپاڤلوڤيَّةِ» الذُّكُورِيَّةِ عَمْدًا بِسَبَبٍ كذاكَ مِنِ اسْتِخْذَاءِ «المَسْؤُولِينَ» المَعْنِيِّينَ لِأَزلَامِ الكِيَانِ الصُّهْيُونِيِّ انْخِرَاطًا ذَلِيلًا في «التَّطْبِيعِ» قُنْبُلَةِ الزَّمَانِ، إلى جَرَائِمِ الاِقْتِتَالِ العَسْكَرِيِّ العَنِيفِ في سُودَانِ الطاغيةِ الفاشيِّ العَتِيِّ عبد الفتاح البرهان أو حتى سُودَانِ الطاغيةِ الفاشيِّ العَتِيِّ الآخَرِ محمد حمدان دقلو حيثُ كُلٌّ مِنْهُمَا قَدْ شَارَكَ في الحُكْمِ العَسْكَرِيِّ وفي الاِنْقِلَابِ على الحُكْمِ المَدَنِيِّ وحيثُ كُلٌّ مِنْهُمَا قَدْ دَالَسَ الآخَرَ بالسِّلَاحِ الثَّقِيلِ والأُنَاسُ كَافَّتُهُمْ لَا يَحْظَوْنَ حتى بِمَوْطِئٍ يَتِيمٍ مِنْ بَرِّ الأَمَانِ، وهٰكذا دَوَالَيْكُمَا، وهَلُمَّ جَرًّا. ولٰكِنْ، هُنَاكَ، على الخِلَافِ، فيمَا هُوَ سَاهِمٌ بَيْنَ الكِفَّتَيْنِ، بِعَيْنِ التَّجَلِّي، مَا يُبَشِّرُ تَبْشِيرًا رَخِيمًا بِـ«إِرْهَاصَاتِ الخَيْرِ» التي ليسَ لَهَا سِوَى أَنْ تَزْرَعَ الآمَالَ في النُّفُوسِ من هٰذِهِ الشُّعُوبِ العربيَّةِ اللَّهِيفَةِ ذَاتِهَا، والتي ليسَ لَهَا مِنْ ثَمَّ سِوَى أَنْ تَحُثَّهَا على الثَّوَرَانِ العَرِيمِ في وَجْهِ أَيٍّ من أُولٰئكِ الطُّغَاةِ الفاشيِّينَ العُتَاةِ المُصْطَنَعِينَ مِنْ جَدِيدٍ، مِثْلَمَا يَحْصُلُ الآنَ في بِلَادِ الشَّآمِ وهي زَاحِفَةٌ رَغْمَ أُنُوفِهِمْ دَأَبًا في الطَّرِيقِ نَحْوَ تَحْقِيقِ المَنْشُودِ الحَقِيقِ من العَدَالَةِ والحُرِّيَّةِ – ولِهٰذَا الكَلَامِ، فِيمَا بَعْدُ، بَقِيَّةٌ!
[انتهى القسم الثامن من هٰذا المقال ويليه القسم التاسع]
*** *** ***
لندن (إنكلترا)،
29 آب 2023
/ تحديثًا عن الحوار المتمدن
غياث المرزوق - ذٰلِكَ ٱلْغَبَاْءُ ٱلْقَهْرِيُّ ٱلْتَّكْرَاْرِيُّ: طُغَاْةُ ٱلْتَّقَدُّمِ أَمْ بُغَاْةُ ٱلْتَّهَدُّمِ؟ (8) (ahewar.org)
قِيلَ: وَمَا ٱلْهَرْجُ؟ قَالَ: ٱلْكَذِبُ وَٱلْقَتْلُ [أَيْضًا].
قَالُوا: أَكْثَرَ مِمَّا نَقْتُلُ ٱلْآنَ؟
قَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ بِقَتْلِكُمْ [أَعْدَاءً]، وَلٰكِنَّهُ قَتْلُ بَعْضِكُمْ بَعْضًا!
ٱلْرَّسُولُ مُحَمَّدٌ
(8)
قُلْتُ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ مِنْ قَبْلُ، وخَاصَّةً في مُتُونِ الأقسَامِ الأولى مِنْ هٰذا المقالِ (وفيمَا سَبَقَهُ كذٰلِكَ مِنْ مقالاتٍ لا تَلْتَقِي وإيَّاهُ ضَرُورَةً في جُلِّ أفكارِ الموضوعِ النفسيِّ وَ/أَوِ السِّيَاسِيِّ المَعْنِيِّ حتَّى)، قُلْتُ إِنَّ ذٰلِكَ الغَبَاءَ القَهْرِيَّ التَّكْرَارِيَّ إنَّما هُوَ دَاءٌ نفسيٌّ عُضَالٌ يَسْتَحْوِذُ اسْتِحْوَاذًا فِطْرَانِيًّا وخِبْرَانِيًّا (بالمعنى المُكْتَسَبِيِّ) على ذِهْنِيَّاتِ أولٰئك الطُّغَاةِ الفاشيِّينَ العُتَاةِ المُصْطَنَعِينَ كَافَّتِهِمْ وأمثالِهِمْ، أينمَا ثُقِفُوا في أَصْقَاعِ هٰذا العَالَمِ العربيِّ المَطْمُومِ هَمًّا فائضًا والمَرْدُومِ غَمًّا أَشَدَّ فَيْضًا (وذاك من جَرَّاءِ مَا كَانُوا، ومَا زَالُوا، يرتكبُونهُ من جَرائرِ سِلْمٍ ومن جرائمِ حَرْبٍ، ومِمَّا بَيْنَهُمَا كذاك، في حَقِّ شُعُوبِ هٰذا العَالَمِ العربيِّ بأمْرٍ وتَكْلِيفٍ ذَاتِيَّيْنِ أو حتى آخَرِيَّيْنِ، منذُ أَنْ أُثْقِلَ كَاهِلُهُ بـ«حُكْمِهِمْ» و«مُلْكِهِمْ» عَضُوضَيْنِ قبلَ عَشَرَاتٍ من السِّنِينِ العِجَافِ حَقًّا): ولا يُسْتَثْنَى، بطَبِيعَةِ الحَالِ، أَيٌّ من أولٰئك الطُّغَاةِ الفاشيِّينَ النُّظَرَاءِ في أَصْقَاعِ مَا يُمَاثِلُهُ من بقايَا ذاك العَالَمِ اللَّاعربيِّ المُسَمَّى تَسْمِيَةً تَسْيِيسِيَّةً تَمَاثُلِيَّةً بـ«العَالَمِ الثَّالِثِ». صَحِيحٌ هُنَا كُلَّ الصَّحَاحِ أنَّ هٰؤلاءِ الطُّغَاةَ الفاشيِّينَ العُتَاةَ المُصْطَنَعِينَ يلتقونَ ويتلاقُونَ كُلِّيًّا بكَافَّتِهِمْ بِنَحْوٍ أو بِآخَرَ، نظرًا، في مَدَى كُلٍّ من الفاشيَّةِ والطُّغْيَانِ والعُتُوِّ والاصْطِنَاعِ بِالقُوَّةِ، مثلمَا يدلُّ نَعْتُهُمْ بهٰذِهِ النُّعُوتِ دلالةً جَلِيَّةً بكلِّ مَا تحتويهِ في سَيْرُورَةِ ذٰلِكَ المَنْظِمِ الذي يُسَمَّى لِسَانِيًّا بـ«المَنْضُودِ الكَلِمِيِّ» Verbal Collocation من مَعَانٍ جِدِّ ظاهريَّةٍ تصريحيَّةٍ أو حتَّى فَحَاوٍ جِدِّ باطنيَّةٍ تضمينيَّةٍ. إِلَّا أَنَّهُمْ يفترقُونَ أيَّمَا افتراقٍ، مُمَارَسَةً، في «جَدَا» كلٍّ من هٰذِهِ الفاشيَّةِ وهٰذا الطُّغْيَانِ وهٰذا العُتُوِّ وهٰذا الاصْطِنَاعِ بِالفِعْلِ – وذٰلِكَ افتراقٌ كلُّهُ رَهْنٌ باختلافِ ذاتِ الكَيْفِ الذي يَسْعَى بِهِ كُلٌّ من هٰؤلاءِ الطُّغَاةِ الفاشيِّينَ العُتَاةِ المُصْطَنَعِينَ ذَوَاتِهِمْ إلى اسْتِتْبَابِ تَسَلُّطِهِ العسكريِّ الفرديِّ المُطْلَقِ اسْتِتْبَابًا «توريثيًّا» قائمًا، جيلاً بعدَ جيلٍ، في القَابِلِ على صِلَاتِ الدَّمِ البيولوجيِّ، أو هٰكذا يتبدَّى (كمَا هي الحَالُ في سوريا، ومَا شَابَهَ)، أو حتى في المُقَابِلِ على صِلَاتِ الدَّمِ الإيديولوجيِّ، أو هٰكذا يتجلَّى كذٰلكَ (كمَا هي الحَالُ في مصرَ، ومَا أشبَهَ أيضًا)، ولَاهِثًا من ثمَّ إلى إرْضَاءِ سيِّدِهِ الأجنبيِّ (أو فَلِّ أسيادِهِ الأجَانِبِ) في آخِرِ المَطَافِ، من أوربا وَ/أوْ من أمريكا وَ/أوْ حتى من آسيا، بغيةَ الحفاظِ المُسْتَدِيمِ إلى أَجَلٍ، أو حتى أَبَدٍ، غيرِ مُسَمًّى على هٰكذا كَيْفٍ بمثابةٍ أو بأُخرى – وذٰلِكَ اختلافٌ بالكَيْفِ (أي كَيْفُ الاسْتِتْبَابِ «التوريثيِّ» القائمِ) كلُّهُ ذاتًا، بدورِهِ هو الآخَرُ، إنَّمَا هو رَهْنٌ كذٰلِكَ بارْتِسَامِ عَيْنِ النَّهْجِ الذي يَسُوسُ بهِ ذاك السيِّدُ الأجنبيُّ (أو أيٌّ من فَلِّ أولٰئك الأسيادِ الأجَانبِ) نوعَ سياستِهِ الخارجيةِ في أيٍّ من البلدانِ العربيَّةِ المعنيَّةِ من هٰذا الشرقِ الأوسطِ «الكبيرِ» المُكَابَرِ بينَ أواسِطِ مَا سُمِّيَ من قبلُ بـ«الأرضِ مَا بَعْدَ الخَرَابِ» The Post-Waste Land، لكي يُذْكَرَ هٰهُنَا مَرَّةً أُخْرَى ذٰلكَ المَجَازُ الإلْيُوتِيُّ (نسبةً إلى الشاعرِ الأمريكيِّ-البريطانيِّ توماس سْتيرْنْز إليوت)، وذاك توخِّيًا لِلَفْظِ «الخَرَابِ»، لا لِلَفْظِ «اليَبَابِ»، حَسْبَمَا يَتَنَطَّعُ بِهِ رَهْطٌ من المُتَرْجِمِينَ المَهَاذِيرِ تَنَطُّعًا أَجْدَبَ عَاقِرًا. فَهَا هو طاغيةُ سوريا الفاشيُّ العَتِيُّ المُصْطَنَعُ بشار الأسد، من جَانبٍ أوَّلَ، يتشدَّقُ أَيَّمَا تَشَدُّقٍ بالإِيعَازِ الرُّوسيِّ جَهْرًا (وبالإِيعَازِ الإيرانيِّ سِرًّا) بالنَّأْيِ بنفسِهِ عن فَرْضِ أيٍّ من تِيكَ القيودِ وتِيكَ الشُّروطِ على مَا تبقَّى مِمَّا يُسَمَّى بـ«المعارضةِ السُّوريةِ» اِسْمًا (وثمَّةَ، لِلْتَّذْكِيرِ في هٰذِهِ القرينةِ، الكثيرُ مِمَّنْ يُصِرُّونَ على إزالةِ النقطةِ مِنْ عَلى حَرْفِ الضَّادِ بالذاتِ!)، وعَلى الأخصِّ هُنَا فيمَا يَخُصُّ تشكيلَ «لجنةِ إصلاحاتٍ دستوريةٍ» من شَأنِهَا أنْ تُحدِّدَ، افتراضًا لَيْسَ إِلَّا، تَسْيَارَ الحُكْمِ المستقبليِّ في سُوريا وكذاك تنظيمَ الانتخاباتِ الرئاسيةِ والتشريعيةِ، ومَا إلى ذٰلِكَ حتى، وذٰلِكَ بعد مَسَاخِرِ «الانتصَارِ الذَّخِيرِ» الذي أَحْرَزَهُ الطَّاغيةُ الفاشيُّ العَتِيُّ المُصْطَنَعُ المَقصُودُ إِحْرَازًا في إِثْرِ قَصْفٍ مُكَثَّفٍ من كلِّ أنوَاعِ الغارَاتِ الجَوِّيَّةِ الرُّوسِيَّةِ (أو «الرُّوسُورِيَّةِ»، بالأحرى) في قَلْبِ الشمالِ الغربيِّ من سُوريا، منذُ بدايَاتِ الشُّهُورِ الثمَانيةِ الخَوالِي بأدنى تقديرٍ، على الرَّغمِ من إدَانةٍ صَريحَةٍ لوَيْلَاتِ هٰذا القَصْفِ المُكَثَّفِ (ومَا كَانَ منهُ آنِفًا كذاك إبَّانَئِذٍ) حتى من لَدُنْ رجلٍ دينيٍّ عراقيٍّ «حَمِيمٍ» بحُكْمِ الانتمَاءِ الطَّائفيِّ، كمثلِ مقتدى الصَّدر، وعلى الرَّغمِ من دعوتِهِ «المُثْلَى» إلى تنحِّي هٰذا الطَّاغيةِ الفاشيِّ العَتِيِّ المُصْطَنَعِ المَقصُودِ بالعَيْنِ، وإلى الاِنْسِحَابِ العَاجِلِ من أرضِ سُوريا بِسَائِرِ قوَّاتِ مَا يُسَمَّى بـ«الحَشْدِ الشَّعبيِّ»، وإلى «تركِ زِمَامِ الأمورِ [من ثّمَّةَ] كُلِّهَا لِشَعبِهَا الأبِيِّ – هٰذا الشَّعْبِ الذي قَدْ فَاجَأَ الآنَامَ كُلَّهَا مُؤَخَّرًا بِانْفِجَارِ حَرَاكِهِ العَرِيمِ احْتِجَاجًا في كُلٍّ من جبلِ العربِ وشريطِ السَّاحلِ وحلبِ الشَّهْبَاءِ ورُبُوعِ الفُرَاتِ عَلى أَدْنَى تَخْمِينٍ». وهَا هو طاغيةُ مِصْرَ الفاشيُّ العَتِيُّ المُصْطَنَعُ عبد الفتاح السيسي، من جَانبٍ آخَرَ، يتمنطقُ بالإيحَاءِ الأمريكيِّ جَلاءً (وبالإيحَاءِ الإسرائيليِّ خَفَاءً) بالأخْذِ على نفسِهِ إِذَّاك تجديدَ قانُونِ القِصَاصِ الطَّارئيِّ ذَاتًا (أي قانُونُ حَالاتِ الطوارئِ وحَالاتِ الاتِّهَامِ الميدانيِّ المُبَادِئِ بشكلٍ أو أكثرَ من أشكالِ «الإرهابِ» من أجلِ كَتْمِ أصْوَاتِ أيَّةٍ من تلك «المُعَارَضَاتِ المِصْريَّةِ» الجَسُورَةِ، في ذاك الأَوَانِ وفي هٰذا الآنِ، ومن أجلِ كَبْحِ هٰذِهِ الأَصْوَاتِ كَبْحًا كُلِّيًّا كالمُعْتَادِ، كذٰلِكَ بالمَثَابَةِ ذَاتِهَا)، وذٰلِكَ أيضًا بعدَ مَهَازِلِ «الانتصَارِ الكبيرِ» الذي حقَّقهُ الطاغيةُ الفاشيُّ العَتِيُّ المُصْطَنَعُ المَعْنِيُّ تحقيقًا بذاكَ في أعقابِ عَصْفٍ مُؤَثَّفٍ من كلِّ أَصْنَافِ الاِسْتِفْتَاءِ والتَّصْوِيتِ العَسْفِيَّيْنِ المزيَّفَيْنِ على تَعْدِيلِ، لَا بَلْ على إِعَادَةِ تَفْصِيلِ، الدُّسْتُورِ المِصْرِيِّ على المَقَاسِ المطلوبِ كَيْمَا يظلَّ هٰذا الطاغيةُ الفاشيُّ العَتِيُّ المُصْطَنَعُ المَعْنِيُّ في الحُكْمِ «المرغُوبِ»، كَيْمَا يظلَّ حاكمًا بأمْرِ ذَاتِهِ بالذاتِ (لا بأمْرِ ذاتِ اللهِ) في المَدِّ، من أربعٍ إلى سِتٍّ بالأَقَلِّ من سَنَواتِ المُجُونِ، وفي العَدِّ حتى إشْعَارٍ مَاثِلٍ آخَرَ سَنَةَ «ألفَيْنِ وثلاثينَ» سَنَةَ السِّنِينِ، وما بعدهَا كذٰلِكَ من ذٰلِكَ الحِينِ المُحَانِ إلى يومِ يُبْعَثُونَ، على الرَّغمِ من إدانةٍ أشدَّ صَرَاحَةً لآفَاتِ هٰذا العَصْفِ المُؤَثَّفِ (ومَا كَانَ منهُ فَائتًا أَيَّامَئِذٍ أيضًا) من طرفِ أَيٍّ من لِجَانِ «حقوقِ الإنسانِ» على مستوَى العَالَمِ العربيِّ، مستوًى داخليًّا، ومن طرفِ أَيٍّ من تلك النَّظائرِ أو تلك الشَّقَائقِ على مستوَى الاتِّحَادِ الأُورُبِّيِّ، مستوًى خارجيًّا، كذٰلِكَ.
وهٰكذا، فَفِي حَيِّزِ الإمْكَانِ أَنْ يُدْرَكَ الآنَ إلى حَدٍّ مَا فَحْوَاءُ المَرَامِ مِمَّا سُوجِلَ في اخْتِتَامِ القسمِ السَّادسِ وافْتِتَاحِ القسمِ السَّابعِ من هٰذا المقالِ، إِذْ كانَ في ظَنِّ الفيلسُوفِ المعنيِّ مُفْرَدًا، أو جَمْعًا، أَنَّ نشأةَ مَا سَعَيْتُ إلى اِشْتِقَاقِهِ اصْطِلَاحًا عربيًّا مُقَارِبًا أو بالكادِ بـ«المَآلِيَّاتُ» Hermeneutics، قدِ اقترنتْ بَادِئَ ذِي بَدْءٍ بالخِطَابِ الدِّينِيِّ، أيًّا كَانَ، مَعَ أَنَّ هٰذا الاِشْتِقَاقَ الاِصْطِلاحِيَّ بالعَيْنِ لَمُقْتَرِنٌ رَسْمِيًّا قبلَ كُلِّ شيءٍ بالخِطَابِ الأُسْطُورِيِّ، أيًّا كَان أيضًا، ومُشْتَقٌّ اِسْمِيًّا كذاك من أُسْطُورَةِ الإِلٰهِ الإغريقيِّ «هيرميز» Hermes، حَالًّا إِذَّاك بِمُهَمَّتِهِ الأولى كـ«رَسُولٍ خَاصٍّ لِلآلِهَةِ» الإغريقِ بينَ البَاقِينَ من أَهْلِ السَّمَاءِ وبينَ الفَانِينَ من أَهْلِ الأَرْضِ، ودَالًّا بذاكَ عَلى ذاتِ الاِشْتِقَاقِ الاِصْطِلَاحِيِّ المَعْنِيِّ لكي يَعْنِيَ، أَوَّلَ مَا يَعْنِيهِ هٰهُنَا، أَنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ حَيٍّ أو حتى جَامِدٍ في هٰذا الكَوْنِ بِلَا استثناءٍ «رَسِيلًا» كَامِنًا لَهُ تَبَدِّيَاتُهُ المَادِّيَّةُ والجِسْمِيَّةُ ولَهُ كذاكَ تَجَلِّيَاتُهُ الرُّوحِيَّةُ والنَّفْسِيَّةُ (وسَوَاءً كَانَ هٰذا أو ذاكَ الطاغيةُ الفاشيُّ العَتِيُّ المُصْطَنَعُ المُعَيَّنُ مَأْخُوذًا بالإِدْرَاكِ عَيْنًا كَشَيءٍ حَيٍّ أَمْ حتى كَشَيءٍ جَامِدٍ أَمْ حتى كَشَيءٍ مَا بَيْنَ بَيْنَ)، «رَسِيلًا» كَامِنًا قابلًا للاِسْتِكْنَاهِ القَصِيِّ بالتَّأْثِيلِ، وقابلًا مِنْ ثَمَّ للاِسْتِشْفَافِ الوَصِيِّ بِالتَّمْثِيلِ، حَسْبَمَا يَقَتَضِيهِ السِّيَاقُ المُحَدَّدُ أو يَبْتَنِيهِ المَسَاقُ المُمَهَّدُ – ناهيكُمَا، أيَّتُهَا القارئةُ النَّبِيهَةُ وأيُّهَا القارئُ النَّبِيهُ، بطَبِيعَةِ الحَالِ، عمَّا يقومُ بِهِ بينَ الحِينِ والحِينِ على مَدَى نِصْفِ عَقْدٍ من الزَّمَانِ بالأَدْنَى تقديرًا، ومنذُ بدايَاتِ الشُّهُورِ الثمَانيةِ الخَوالِي ذاتِهَا كَمَا ذُكِرَ آنفًا، عمَّا يقومُ بِهِ طاغيةُ ليبيا الفاشيُّ العَتِيُّ الأكثرُ اصْطِنَاعًا بدورِهِ هو الآخَرُ (أو، بالقمينِ، «طاغيةُ شرقيِّ ليبيا» وحَسْبُ)، ذٰلِكَ الـ«خليفة بلقاسم حفتر» مَدْعُوًّا بالذاتِ هٰكذا، ذٰلِكَ الطَّاغيةُ المُرَمَّمُ تَرْمِيمًا آخَرِيًّا بعدَ المَوَاتِ الوَكِيدِ أو شِبْهِ الوَكِيدِ، فيمَا يَتَبَدَّى، والمَوْسُومُ والمَوْصُومُ هُزْءًا وهُزُوءًا ومَهْزَأةً بـ«أميرِ الحَرْبِ»، لَا بَلْ حَرِيًّا بـ«سَيِّد الحَرْبِ» Warlord، حتَّى تكتملَ مَهْزَأةُ المَهَازِئِ هٰهُنا بالذواتِ – ناهيكُمَا عمَّا كَانَ هٰذا الطاغيةُ الفاشيُّ العَتِيُّ الأكثرُ في الاصْطِنَاعِ الأجنبيِّ، ولا ريبَ في هٰذا بَتًّا، يقومُ بهِ في البَدْءِ تحديدًا من اقترافِ كلِّ أشْتاتِ الشُّرورِ والآثامِ والفظائعِ والشَّنَائعِ بحقِّ البريئاتِ والأبرياءِ (وهُنَّ وهُمْ بعَشَرَاتِ الآلافِ) من غربيِّ هٰذِهِ الـ«ليبيا» البلدِ التَّلِيدِ، وبالإلْهَامِ الفرنسيِّ والإيطاليِّ والأمريكيِّ، إلى آخرهِ، على رَافَّةِ الملأِ «الأعلى»، بذٰلِكَ (وبالإلْحَامِ السُّعُوديِّ والإمَارَاتيِّ والمصريِّ، إلى آخرهِ، على حَافَّةِ الملأ «الأدنى»، كذٰلِكَ)، وخُصُوصًا كُلَّ الخُصُوصِ هُنا أنَّ عَيْنَ هٰذا الطاغيةِ الفاشيِّ العَتِيِّ الأكثرِ في الاصْطِنَاعِ الأجنبيِّ لمْ يتخلَّصْ بعدُ مِمَّا اسْتَعْصَى من تلك الاضطراباتِ النفسيَّةِ والاختلالاتِ العقليةِ بعدَ أن تَخَوْزَقَ أيَّمَا تَخَوْزُقٍ بشَتَّى أطوالِ وشَتَّى أعْرَاضِ الخَوَازِيقِ الإفريقيةِ أو حتى اللاإفريقيةِ أيَّامَ أسْرِهِ المَدِيدِ في جمهوريةِ تشادَ في حدِّ ذاتِهَاِ [حتَّى أَنَّ هناكَ تقريرًا قَرِيرًا مفصَّلاً قامَ بنشرِهِ الموقعُ الإخباريُّ الإنكليزيُّ العَتِيدُ Middle East Eye (في اليومِ السَّابِعَ عَشَرَ من شَهْرِ آبَ عَامَ 2020)، تقريرًا قَرِيرًا مُفَصَّلاً أعدَّهُ الكاتبُ الصِّحَافيُّ إيان كوبين عن علاقةِ «طاغيةِ شرقيِّ ليبيا» هٰذا معَ شركةِ العلاقاتِ العامَّةِ المشكوكِ في أمرِهَا Consulum (وخاصَّةً في ارتباطِها الخَاصِّ بالسُّعوديةِ وهونغ كونغ، وغيرِهِمَا)، من جهةٍ أُولى، ومعَ دبلوماسيٍّ بريطانيٍّ سَابقٍ «لامُسَمًّى» كانَ قدْ خطَّطَ عن سَبيلِ هٰذِهِ الشركةِ دُونَ سِوَاهَا، سَعْيَا وَرَاءَ تحسينِ صورةِ هٰذا الطَّاغيةِ الفاشيِّ العَتِيِّ الأكثرِ في الاصْطِنَاعِ الأجنبيِّ بالذاتِ بعدَ اتِّهَامِهِ بارتكابِ أشكالٍ شَتَّى من جَرَائمِ الحَرْبِ، وسَعْيَا وَرَاءَ تهييئِهِ بالتَّالي كـ«رئيسٍ ذي مِصْدَاقيَّةٍ» لليبيا بأكملِهَا، من جهةٍ أُخرى]. كُلُّ ذاكَ الإلْهَامِ الدُّوَلِيِّ السَّيْدُودِيِّ وكُلُّ ذٰلِكَ الإلْحَامِ «المَحَلِّيِّ» العُبُودِيِّ، في واقعِ الأمرِ، إنَّمَا مبتغاهُمَا الأسَاسِيُّ بِالحَقِّ لَمُبْتَغًى ثُنَائيٌّ مُزْدَوَجٌ مُتَكَامِلٌ تكامُلاً يتجلَّى في ذاتِ التَّكَالُبِ الأجنبيِّ العُصَابِيِّ الهُجَاسِيِّ، تكالُبِ «المُسْتَذْئِبِينَ» أوِ «المَذْؤُوبِينَ» Lycanthropes، على الاِغترَافِ المُغْدَقِ من جُلِّ الاحتياطِيِّ الليبيِّ من النفطِ والغازِ الطبيعيَّيْنِ الشهيرَيْنِ بجودتِهِمَا العَالميَّةِ فعليًّا، في الحَيِّزِ الأوَّلِ، ويتبدِّى كذٰلِكَ في ذاتِ التَّناوُشِ «العَرَبِيِّ» و«العُرْبَانِيِّ» و«المُسْتَعْرِبِيِّ» الذُّهَانِيِّ الهُرَاعِيِّ، تَنَاوشِ «المُتَوَحِّشِينَ» أوِ «الوَحْشِيِّينَ» Ruffian Savages، على الاسْتِبْقَاءِ المُطْبِقِ والمَرْعِيِّ لتفعيلِ الثَّوَرَانِ المُضَادِّ بأيَّتِمَا وسيلةٍ، أو حتَّى بأيَّتِمَا رذيلةٍ، كانتْ إِبَّانَئِذٍ، في الحَيِّزِ الثَّاني. وقدْ كانتْ ذُرْوَةُ هٰذا الاسْتِبْقَاءِ المُطْبِقِ والمَرْعِيِّ ارْتِعَابًا وارْتِيَاعًا سَرِيرِيَّيْنِ يعتريانِ كِيَانَ كلٍّ من رَهْطِ أولئك الطُّغَاةِ الفاشيِّينَ العُتَاةِ المُصْطَنَعِينَ المَعْنِيِّينَ، محمد بن سلمان ومحمد بن زايد وعبد الفتاح السيسي، وقدْ كانتْ تزامنتْ، بهيئةٍ أو بأُخرى، معَ اندلاعِ الثَّوَرَانِ الشَّعْبِيِّ السُّودَانيِّ بالذاتِ (منذُ اليومِ التَّاسِعَ عَشَرَ من شهرِ كانونَ الأولِ من العَامِ 2018)، ومعَ نُشُوبِ الثَّوَرَانِ الشَّعْبِيِّ الجزائريِّ بالعَيْنِ كذاكَ (منذُ اليومِ الثاني والعشرينَ من شهرِ شباطَ من العامِ التالي 2019). فتلك، من طرفٍ أوَّلَ، جماهيرُ الشَّعْبِ السُّودَانيِّ الصَّعْتَرِيِّ الخِنْذِيذِ مَا بَرِحَتْ تهتِفُ بالهُتَافِ الوَلِيدِ لحظةَ الانفجارِ الأوَّلِيِّ، بعدمَا حطَّمتْ سَائرَ جُدْرَانِ الخَوْفِ والرُّعْبِ المُزْمِنَيْنِ قُدَّامَ التغوُّلِ الطغيانيِّ العسكريِّ والأمنيِّ، مَا بَرِحَتْ تهتِفُ (حتى قبلَ الاجتياحِ «الكورُونيِّ») كمَا هَتفَتْ شُعُوبُ ذاتِ «الربيعِ العربيِّ»، تهتِفُ، هٰكذا: «الشعب يريد إسقاط النظام!». وتلك إِذَّاكَ، من طرفٍ آخَرَ، جماهيرُ الشَّعْبِ الجزائريِّ الفِرْنَاسِيِّ الصِّنديدِ مَا انفكَّتْ تهتِفُ بالهُتَافِ الوَلِيدِ ذاتِهِ، وقدْ قَوَّضتْ سَائرَ جُدْرَانِ الخَوْفِ والرُّعْبِ المُزْمِنَيْنِ ذاتِهَا (وأكثرَ منهَا بكثيرٍ حتَّى)، مَا انفكَّتْ تهتِفُ (قبلَ ذاكَ الاجتياحِ «الكورُونيِّ» ذاتِهِ) باختلافٍ معجميٍّ جِدِّ طفيفٍ عن النَّظِيرٍ السُّودانيِّ الآنِفِ الذِّكْرِ، لٰكِنَّهُ اختلافٌ معجميٌّ لَهُ مدلولُهُ الدَّالُّ، في هٰذا السياقِ بالذاتِ، تهتِفُ، هٰكذا: «الشعب يريد رحيل النظام!». فمنْ غَبَنِ «التحليلِ السياسيِّ»، مرَّةً أُخرى في هٰذِهِ القرينةِ، أنْ يُعْمَدَ هُنَا إلى النظرِ التمييزيِّ، أو حتَّى التفضيليِّ، إلى «إنجازاتِ» الثورةِ الشعبيةِ السُّودَانيَّةِ، حتى ذٰلِكَ الحينِ منهَا، دونَ النظرِ حتَّى إلى مَا يقابلُ هٰذِهِ الـ«إنجازاتِ» فيمَا يتعلَّقُ بالثورةِ الشعبيةِ الجزائريَّةِ تحديدًا (أو حتى أيَّةِ ثورةٍ شعبيةٍ عربيَّةٍ أُخرى، بِقَدْرِ مَا يتعلَّقُ الأمرُ بهَا كذٰلِكَ)، كمَا فعلَ الباحثُ الجامعيُّ «المَاركسيُّ» جلبير الأشقر أيضًا بكلِّ جِدِّيَّةٍ قَوْلِيَّةٍ في تقرِيرِهِ التَّعَاطُفِيِّ مُفْتَعَلًا بالقَوْلِ افْتِعَالًا وحَسْبُ، في هٰكذا قرينةٍ (اُنْظُرَا تقرِيرَهُ الصَّحَفِيَّ المَعْنِيَّ: «التضامنُ مع الثورةِ السودانيةِ ملحٌّ!»، القدس العربي، 23 نيسان 2019).
لَا خِلَافَ بَتًّا، هٰهُنَا، على أنَّ ثَمَّ تشابُهًا نسبيًّا بينَ هٰذينِ النظامَيْنِ الاستبدَاديَّيْنِ الجَائرَيْنِ السُّودَانيِّ والجزائريِّ بالأخصِّ من حيثُ الوُصُولُ الانقلابيُّ العَسْكَرِيُّ وَ/أَوِ السِّيَاسِيُّ إلى عُرُوشِ السُّلْطَةِ رَغْمًا رَغِيمًا عن إِرَادَةِ الشَّعْبِ المَعْنِيِّ (إِذْ كانَ وُصُولُ النظامِ الأوَّلِ قدْ حَدَثَ بالعُنُوِّ الشَّدِيدِ قبلَ أكثرَ من ثلاثينَ عَامًا، وكانَ وُصُولُ النظامِ الثاني قدْ حَصَلَ بالعُنُوِّ الأشَدِّ حتى قبلَ أكثرَ من خمسةٍ وخمسينَ عَامًا). ولَا خِلَافَ كذاكَ على أنَّ ثَمَّ تشابُهًا مُطْلَقًا، والمَآلُ النقيضُ، بين هٰذَيْنِ النظامَيْنِ الاستبدَاديَّيْنِ الجَائرَيْنِ ذاتًا من حيثُ ذاك الاِلْتِصَاقُ الشَّغَفِيُّ الهَوَسِيُّ، اِلْتِصَاقُ الطاغيتَيْنِ الفاشيَّيْنِ العَتِيَّيْنِ المُصْطَنَعَيْنِ المَعْنِيَّيْنِ بهٰذِهِ العُرُوشِ اِلْتِصَاقًا في هٰكذا مَآلٍ، تَمَامًا كَمَا يَلْتَصِقُ القُرَادُ المَاصُّ بأَرْدَافِ الخُيُولِ والحَمِيرِ والبِغَالِ ومَا شَابَهَ – وهٰذا الالتصَاقُ القُرَادِيُّ الأبديُّ أو حتى شِبْهُ الأبديِّ، ولا شكَّ فيهِ بَتَاتًا، إِنْ هُوَ إلَّا ذٰلِكَ النَّعْتُ الرَّئِيسُ المَسِيسُ الخَسِيسُ الذي يلتقي فيهِ فَلُّ أولئكَ الطُّغَاةِ الفاشيِّينَ العُتَاةِ المُصْطَنَعِينَ في هٰذا العَالَمِ العربيِّ الكئيبِ اغْتِمَامًا، من مُحِيطِهِ إلى خَلِيجِهِ، قاطبةً وبلا استثناءٍ. غيرَ أنَّ الإِتْبَاعَ القَوْلِيَّ «التَّفْضِيلِيَّ»، لَا بَلِ «التَّمْيِيزِيَّ» عَيْنًا، بأنَّ الثورةَ الشعبيةَ في السُّودَانِ إِنَّمَا تشكِّلُ إِذَّاكَ «الحالةَ الأكثرَ تقدُّمًا وخطورةً»، وإِنَّمَا تشكِّلُ في ذاتِ الإِتْبَاعِ القَوْلِيِّ كذاكَ «الحالةَ الأكثرَ صَلابةً وجذريَّةً» حتى، وذٰلِكَ لِمُجَرَّدِ أنَّ هٰذِهِ الثورةَ الشعبيةَ تَبْدُو في نَظَرِ القائِلِ المَعْنِيِّ «مُفَضَّلَةً» أو حتى «مُمَيَّزَةً» بِوُجُودِ قِيَادَةٍ ثوريَّةٍ مُنْضَوِيَةٍ تحتَ رَايَةِ ذٰلِكَ الائتلافِ المَدَنِيِّ الذي تَسَمَّى إِبَّانَئِذٍ تِلْقَاءً بـ«تحالف قوى الحرية والتغيير»، إِنَّمَا هُوَ إِتْبَاعٌ قَوْلِيٌّ فيهِ إِجْحَافٌ وتَسْفِيهٌ شَائِرَانِ لٰكِنْ لَامباشِرَانِ، في وَاقَعِ الحَالِ، بِحَقِّ الثورةِ الشعبيةِ الجزائريَّةِ، خاصَّةً (وكذاكَ بِحُقُوقِ الثورَاتِ الشعبيةِ العربيَّةِ الأُخرى، عَامَّةً). فإذا كانتْ حُجَّةُ الباحثِ الجَامعيِّ «المَاركسيِّ» المَعْنِيِّ أنَّ الثورةَ الشعبيةَ الجزائريَّةَ بالذاتِ لمْ تَزَلْ وَقْتَهَا في طورِ التظاهُرِ الأسبوعيِّ «السَّلبِيِّ» نَظَرًا لافتقارِهَا، فيمَا يتبدَّى، إلى أيِّ شَكْلٍ ناجِزٍ من أَشْكَالِ القِيَادَةِ الثوريةِ الاعتصَامِيَّةِ، على تَمَامِ النقيضِ من الحَالِ في الثورةِ الشعبيةِ السُّودَانِيَّةِ بالعَيْنِ، تِيكَ الثورةِ «المُفَضَّلَةِ» أو حتى «المُمَيَّزَةِ» في إبَّانِ مَعْمَعَانِهَا وحَمَّائِهَا بالنَّعْتِ المَرُومِ (إِذْ لمْ يَقُلِ الباحثُ الجامعيُّ «المَاركسيُّ» المَعْنِيُّ ذٰلِكَ النَّعْتَ الأخيرَ مَا بينَ المُزْدَوَجَيْنِ قَوْلًا تَصْرِيحِيًّا في المَظْهَرِ، بَلْ قَالَهُ على العَكْسِ قَوْلًا تَضْمِينِيًّا في الجَوْهَرِ)، فإن هٰذِهِ الثورةَ الشعبيةَ الجزائريَّةَ ذَاتَهَا قَدْ أَطَاحَتْ أيَّمَا إِطَاحَةٍ بعَرْشِ هٰكذا طاغيةٍ فاشيٍّ عَتِيٍّ مُصْطَنَعٍ (أي عبد العزيز بوتفليقة) خِلَالَ مِيدَاءٍ زَمَنِيٍّ أَقْصَرَ بكثيرٍ، والحَالُ هٰذِهِ، من المِيدَاءِ الزَّمَنِيِّ الذي أَطَاحَتْ خِلَالَهُ الثورةُ الشعبيةُ السُّودَانِيَّةُ عَيْنُهَا بعَرْشِ ذٰلِكَ الطاغيةِ الفاشيِّ العَتِيِّ المُصْطَنَعٍ النظيرِ (أي عمر حسن البشير) – ففي حينِ أنَّ الطاغيةَ الفاشيَّ الأوَّلَ، بوتفليقة ذاكَ الذي قَدْ أفرزَهُ نظامٌ اِسْتِبْدَادِيٌّ جَائِرٌ عمرُهُ إِذَّاكَ خمسةٌ وخمسونَ عامًا أو يزيدُ، كَانَ قَدْ أُطِيحَ بِهِ في اليومِ الثاني من شهرِ نيسانَ من العَامِ 2019 في ثورةٍ شعبيةٍ أَبِيَّةِ بدأتْ في اليومِ الثاني والعشرينَ من شهرِ شباطَ من ذاتِ العَامِ 2019 (أي أنَّ الإطاحَةَ قَدْ تَمَّتْ في غُضُونِ أَقَلَّ من سِتَّةِ أَسَابِيعَ)، فإنَّ الطاغيةَ الفاشيَّ الثاني، البشيرَ ذاكَ الذي أنتجَهُ نظامٌ اِسْتِبْدَادِيٌّ جَائِرٌ مُشَابِهٌ نسبيًّا عمرُهُ كذاكَ ثلاثونَ عامًا أو يزيدُ، كَانَ قَدْ أُطِيحَ بِهِ في اليومِ الحَادِيَ عشرَ من شهرِ نيسانَ من ذاتِ العَامِ 2019 في ثورةٍ شعبيةٍ بَهِيَّةٍ ومن ثَمَّ حَميَّةٍ بدأتْ في اليومِ التَّاسِعَ عشرَ من شهرِ كانونَ الأوَّلِ من العَامِ السابقِ لَهُ 2018 (أي أنَّ الإطاحَةَ قَدْ تَمَّتْ على مَدَى مَا يَقْرُبُ من أربعةٍ من الشُّهُورِ). وإذا كانتْ كذٰلِكَ حُجَّةُ الباحثِ الجَامعيِّ «المَاركسيِّ» المَعْنِيِّ أنَّ القِيَادَةَ العَسْكَرِيَّةَ السُّودَانِيَّةَ قَدْ صِيرَ إلى رَدْعِهَا النَّجِيعِ نِسْبِيَّا، بَدْأَةَ ذِي بَدَاءٍ، عن اللُّجُوءِ الإِجْبَارِيِّ والجَبْريِّ إلى استخدامِ قُوَّةِ الحَدِيدِ والنَّارِ ضدَّ الثائراتِ والثائرينَ بِسَبَبٍ من مُرَاهَنَةِ القيادةِ المدنيةِ السُّودَانِيةِ للحَرَاكِ الثوريِّ على مَدَى جَيَشَانِ ذٰلِكَ «التعاطُفِ الملحُوظِ» الذي أَبْدَاهُ إبْدَاءً في المُسْتَهَلِّ من ذاك الحَرَاكِ الثوريِّ عناصرُ قادةٌ «شُمٌّ أُبَاةٌ» من هٰذِهِ القِيَادَةِ العَسْكَرِيَّةِ بالذاتِ، فَيَبْدُو بُدُوًّا جَلِيًّا أَنَّ هٰكذا بَاحثًا جَامعيًّا «مَاركسيًّا» قَدْ خفيَ عليهِ عَامِلانِ أَسَاسِيَّانِ على أَقَلِّ تَقْدِيرٍ كَانَا قَدْ أدَّيَا، بنَحْوٍ أو بآخَرَ، إلى الحَسْمِ النِّهَائِيِّ (أو، على الأقلِّ، شِبْهِ النِّهَائِيِّ) في شَأْنِ هٰكذا «رَدْعٍ نَجِيعٍ نِسْبِيَّا، لٰكِنْ رَدْعٌ إِنْسَانِيٌّ نِسْبِيَّا كذاكَ» بعدَ اسْتِمْرَارِ تلكَ الحَرْبِ الأهليةِ الحَمِيَّةِ في السُّودانِ زمانًا طويلاً، عَامِلانِ أَسَاسِيَّانِ لَا بَلْ جِدُّ أَسَاسِيَّيْنِ، أَلا وهُمَا، بِاخْتِصَارٍ شَدِيدٍ هٰهُنَا: عَامِلُ «التَّدَهْوُرِ الاِقْتِصَادِيِّ»، في المَقَامِ الأَوَّلِ، وهو العَامِلُ الملحُوظُ جدًّا في أَحْوَالِ البلادِ ومَا تَقْتَضِيهِ آثَارُ أو تَبِعَاتُ هٰذا التَّدَهْوُرِ مِنِ انتشارِ نَوْعِ الفَسَادِ الكَرِيهِ حتى بينَ أُولٰئك الذينَ يُعْرَفُونَ عِرْفَانًا بِـ«رجَالِ الإنقاذِ» وأَمْثَالِهِمْ وأَشْبَاهِهِمْ؛ وعَامِلُ «الصِّرَاعِ الاِجْتِمَاعِيِّ»، في المَقَامِ الثاني، وهو العَامِلُ الملحُوظُ جدًّا كذاكَ في «داخلِ» المُؤَسَّسَةِ العَسْكَرِيَّةِ ذَاتِهَا ومَا تبتنيهِ أَسْرَارُ أو حتى تَرِكَاتُ هٰذا الصِّرَاعِ من امْتِدَادٍ «خارجيٍّ» مُتَعَاوِرٍ بينَ عَنَاصِرَ قادةٍ وغيرِ قادةٍ يقفونَ إلى جانبِ الثورةِ الشَّعْبِيَّةِ وبينَ عَنَاصِرَ قادةٍ وغيرِ قادةٍ آخرينَ يقفونَ على الضِّدِّ من هٰذِهِ الثورةِ الشَّعْبِيَّةِ ذَاتِهَا – ومنْ هٰذا الخُصُوصِ، قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ هُنَا، كَانَ على الباحثِ الجَامعيِّ «المَاركسيِّ» المَعْنِيِّ بِإِزَاءِ شَيْءٍ من التَّفَكُّرِ أَوِ التَّأَمُّلِ في كُلٍّ من فَحْوَائَيِ هٰذَيْنِ العَامِلَيْنِ الأَسَاسِيَّيْنِ، وعلى الأخصِّ أَنَّهُ يُقَدِّمُ نَفْسَهُ بالمِرَارِ وبالتَّكْرَارِ كباحثٍ جَامعيٍّ مُتَّجِهٍ اِتِّجَاهًا يَسَارِيًّا اشتراكيًّا (أو حتى أُمَمِيًّا)، كانَ عليهِ في أَدْنَى تَخْمِينٍ، إِذَنْ، أنْ ينظرَ في تأثِيرِ جَانبٍ أَوَّلَ مِمَّا يَحْتَوِيهِ قانونُ يَرَاعِ الاِقْتِصَادِ، وأنْ ينظرَ كذاكَ في تأثِيرِ جَانبٍ آخَرَ مِمَّا يَنْتَوِيهِ قانونُ صِرَاعِ الأَضْدَادِ. هٰذا على الرَّغْمِ مِنْ أنَّ ثَمَّةَ فَارِقًا مَبْدَئِيًّا بَيْنَ الاِهْتِمَامِ التَّفْصِيلِيِّ بِمَا يَتَحَكَّمُ تَحَكُّمًا نَفْعِيًّا جَمْعِيًّا في سَيْرُورَةِ النَّشَاطِ الاِقْتِصَادِيِّ العَامِّ سَعْيًا حَثِيثًا وَرَاءَ تَحْقِيقِ شَيْءٍ مِنَ «الإِدَارَةِ الحَكِيمَةِ» وبَيْنَ الاِهْتِمَامِ التَّوْصِيلِيِّ بِمَا يَتَهَكَّمُ تَهَكُّمًا شَفْعِيًّا دَفْعِيًّا في صَيْرُورَةِ الاتِّحَادِ القَصِيدِيِّ الخَاصِّ مِنَ الشَّيْءِ ومِنْ نَقِيضِهِ رَوْمًا سَديدًا لِتَنْسِيقِ فَيْءٍ مِنَ «الإِشَارَةِ القَوِيمَة».
مَا سَبَقَ النَّظَرُ المَاثِلُ فيهِ من أَشْكَالِ تَطَوُّرٍ أو حتى تَعَقُّدٍ نفسيٍّ سياسيٍّ مَاضٍ أو سَالفٍ عندَ هٰكذا حَدٍّ، في كِفَّةٍ أُولَى، وَمَا كَانَ، ولَمَّا يَزَلْ، يَلْحَقُ النَّظَرُ المُمَاثِلُ فيهِ من أَشْتَاتِ تَطَوُّرٍ أو حتى تَعَقُّدٍ نفسيٍّ سياسيٍّ سَارٍ أو حَاضِرٍ بأَدْنَى تَقْدِيرٍ عندَ هٰكذا حَدِّ كذاكَ، في كِفَّةٍ أُخْرَى. هُنَاكَ فيمَا هُوَ هَائِمٌ بَيْنَ الكِفَّتَيْنِ، بِذَاتِ التَّبَدِّي، مَا يُنْذِرُ إِنْذَارًا سَخِيمًا بِـ«إِنْغَاصَاتِ الشَّرِّ» التي ليسَ لَهَا إلَّا أَنْ تُكَدِّرَ عَيْشَ الأَنَامِ من هٰذِهِ الشُّعُوبِ العربيَّةِ اللَّهِيفَةِ أَنَّى تَوَاجَدَتْ، من ظَواهِرِ الإِخْفَاءِ القَسْرِيِّ المُخِيفِ في مِصْرِ الطاغيةِ الفاشيِّ العَتِيِّ عبد الفتاح السيسي حيثُ تَفَشِّي العَدِيدِ من الأَمْرَاضِ النفسيَّةِ العُضَالِ بينَ ذَوِي المُختَفِيَاتِ والمُختَفِينَ بالذَّوَاتِ يَزْدَادُ آنًا بَعْدَ آنٍ، إلى جَرَائِرِ الاِنْبِطَاحِ الحَصْرِيِّ السَّفِيفِ في ليبيا الطاغيةِ الفاشيِّ العَتِيِّ خليفة بلقاسم حفتر حيثُ يَخْضَعُ النَّاسُ بَعْدَ مَرَاحِلِ سَفْكِ الدِّمَاءِ للمَديدِ من الاِخْتِبَارَاتِ «الپاڤلوڤيَّةِ» الذُّكُورِيَّةِ عَمْدًا بِسَبَبٍ كذاكَ مِنِ اسْتِخْذَاءِ «المَسْؤُولِينَ» المَعْنِيِّينَ لِأَزلَامِ الكِيَانِ الصُّهْيُونِيِّ انْخِرَاطًا ذَلِيلًا في «التَّطْبِيعِ» قُنْبُلَةِ الزَّمَانِ، إلى جَرَائِمِ الاِقْتِتَالِ العَسْكَرِيِّ العَنِيفِ في سُودَانِ الطاغيةِ الفاشيِّ العَتِيِّ عبد الفتاح البرهان أو حتى سُودَانِ الطاغيةِ الفاشيِّ العَتِيِّ الآخَرِ محمد حمدان دقلو حيثُ كُلٌّ مِنْهُمَا قَدْ شَارَكَ في الحُكْمِ العَسْكَرِيِّ وفي الاِنْقِلَابِ على الحُكْمِ المَدَنِيِّ وحيثُ كُلٌّ مِنْهُمَا قَدْ دَالَسَ الآخَرَ بالسِّلَاحِ الثَّقِيلِ والأُنَاسُ كَافَّتُهُمْ لَا يَحْظَوْنَ حتى بِمَوْطِئٍ يَتِيمٍ مِنْ بَرِّ الأَمَانِ، وهٰكذا دَوَالَيْكُمَا، وهَلُمَّ جَرًّا. ولٰكِنْ، هُنَاكَ، على الخِلَافِ، فيمَا هُوَ سَاهِمٌ بَيْنَ الكِفَّتَيْنِ، بِعَيْنِ التَّجَلِّي، مَا يُبَشِّرُ تَبْشِيرًا رَخِيمًا بِـ«إِرْهَاصَاتِ الخَيْرِ» التي ليسَ لَهَا سِوَى أَنْ تَزْرَعَ الآمَالَ في النُّفُوسِ من هٰذِهِ الشُّعُوبِ العربيَّةِ اللَّهِيفَةِ ذَاتِهَا، والتي ليسَ لَهَا مِنْ ثَمَّ سِوَى أَنْ تَحُثَّهَا على الثَّوَرَانِ العَرِيمِ في وَجْهِ أَيٍّ من أُولٰئكِ الطُّغَاةِ الفاشيِّينَ العُتَاةِ المُصْطَنَعِينَ مِنْ جَدِيدٍ، مِثْلَمَا يَحْصُلُ الآنَ في بِلَادِ الشَّآمِ وهي زَاحِفَةٌ رَغْمَ أُنُوفِهِمْ دَأَبًا في الطَّرِيقِ نَحْوَ تَحْقِيقِ المَنْشُودِ الحَقِيقِ من العَدَالَةِ والحُرِّيَّةِ – ولِهٰذَا الكَلَامِ، فِيمَا بَعْدُ، بَقِيَّةٌ!
[انتهى القسم الثامن من هٰذا المقال ويليه القسم التاسع]
*** *** ***
لندن (إنكلترا)،
29 آب 2023
/ تحديثًا عن الحوار المتمدن
غياث المرزوق - ذٰلِكَ ٱلْغَبَاْءُ ٱلْقَهْرِيُّ ٱلْتَّكْرَاْرِيُّ: طُغَاْةُ ٱلْتَّقَدُّمِ أَمْ بُغَاْةُ ٱلْتَّهَدُّمِ؟ (8)
غياث المرزوق - ذٰلِكَ ٱلْغَبَاْءُ ٱلْقَهْرِيُّ ٱلْتَّكْرَاْرِيُّ: طُغَاْةُ ٱلْتَّقَدُّمِ أَمْ بُغَاْةُ ٱلْتَّهَدُّمِ؟ (8)
www.ahewar.org