(2)
لم يحظ مقال من مقالاتي الجذورية بالاهتمام الذي حظي به مقال ( الشاي والجذور ) إذ تعددت التعقيبات والاستفسارات والإضافات ، بين محب للعربية معجب بها وبين كاره مبغض لدرجة العداء للعربية والقرآن أمثال السفيه جمال بيتر أو بطرس الحاقد ..
فعادل فارس يبعث لنا بمجموعة تساؤلات :
قولنا (بواسطة البخار) أليس الصواب : بوساطة البخار، فالبخار هو الواسطة وبوساطته يحدث المراد في المسألة
ويسأل: قرظ الشعر أليس المراد : قرض الشعر، بالضاد وليس بالظاد
أما الأخيرة فهي استعمال كلمة البراد بمعنى إبريق الشاي . هذه التسمية شائعة فعلا فهل من سبب وجيه لهذا الاستعمال ؟
وحول التساؤل الأول :
أنقل حرفيا ما جاء في كتاب نحو إتقان الكتابة باللغة العربية ، برقم 26 :
بـ / بواسطة / بوساطة
إذا أراد الكاتب إبراز وسيلة إيقاع الفعل، عَدَّاه بـ (باء الاستعانة):
الداخلة على الأداة أو الآلة التي أوقعت الفعل، نحو: كتبت بالقلم؛ سافرت بالسيارة؛ حفرت بالمِعْوَل.
الداخلة على مصدر فعلٍ آخر، نحو: نجحتُ بفضل الله؛ أنجزت العمل بعَون الله؛ حدث الصلحُ بيني وبينهم بتَوَسُّط فلان؛ سقيتُ الأرض بوساطة النواعير.
جاء في (المعجم الوسيط) وفي غيره: «وَسَطَ الشيءَ يَسِطُهُ وَسْطاً وسِطَةً [ووُسُوطاً]: صار في وَسَطه. يقال: وَسَطَ القومَ والمكانَ فهو واسط (وهي واسطة). ووَسَطَ القومَ وفيهم وساطةً [أي وَسَطَ الرجلُ قومَهُ وفي قومِهِ]: توسَّطَ بينهم بالحقّ والعدل.»
فالوساطة مصدر، وكذلك التَوَسُّط. والواسِطَ هو المتوسِّط.
وجاء في (المعجم الوسيط): «واسطة القلادة: الجوهر الذي في وسطها.»
وجاء في (أمالي المرتضى): «ذكر فلانٌ أن أباه كان الواسطة بينهما.»
والواسطة في الأصل صفة. لكنها انقطعت أحياناً في الاستعمال عن موصوفها، فغَلَبَت عليها الاسمية، وأُنزلت مَنْزلة الأسماء بتقدير (أداة واسطة)، واستعملها النحاة بهذا المعنى.
فالأصل في «واسطة القلادة»: «الجوهرة أو الدُّرة الواسطة للقلادة» أي: المتوسّطة.
والتقدير فيما جاء في (الأمالي): «أي كان أبوه الوسيط أو الأداة الواسطة بينهما، وهذا مجاز.»
يقول ابنُ مالك في ألفيَّته:
التابعُ المقصود بالحُكم بلا *** واسطةٍ هو المسمى بَدَلاْ .
ويقول ابن الخشّاب: لأن المتعدي إذا استوفى معموله الذي يتعدى إليه بنفسه، لم يتعدَّ إلى غيره إلا بواسطة.
واستعمل أبو البقاء الكفويّ في (كُلّيّاته) كلمة (بواسطة) كثيراً. وأبو البقاء مَنْ تَعْلم تبسّطاً في العربية واستبحاراً وسَعَةَ اطلاع. من ذلك قوله في الجزء الخامس ص 235: الفعل المنفي لا يتعدى إلى المفعول المقصود وقوع الفعل عليه إلا بواسطة الاستثناء.
وفي ص 244: النصب على الاستثناء إنما هو بسبب التشبيه بالمفعول لا بالأصالة، وبواسطة (إلا)، وأما إعراب البدل فهو بالأصالة وبغير واسطة.
وقال الإمام ابنُ قُدامة (في مختصر منهاج القاصدين، ص 280): أخبرهم الله تعالى بكلامٍ سمعوه بواسطة رسوله.
وقد أورد (المعجم الوسيط) تعريف (الواسطة) كما وضعه مجْمع القاهرة فقال: «الواسطة: ما يُتَوصَّل به إلى الشيء.»
والخلاصة: إذا أمكن الاكتفاء بباء الاستعانة لأداء المعنى بوضوح، فهذا هو الأفضل! وإذا دعت الحاجة إلى إبراز الأداة أو الوسيلة التي حدث وقوع الفعل بها، استُعملت الواسطة أو الوساطة.
والتساؤل الثاني : قرض وقرظ : كلاهما جائزان عند كثيرين من علمائنا كالجوهري وابن منظور وغيرهما ، ومنهم من فرّق بين (قرض) وقال هي للشعر ، وبين ( قرظ) وقال خاصة بالنبات المستعمل لدباغة الجلود .
أما البراد فلا سبب وجيها لاستعماله على المحمل الجذوري الفصيح ، وهو استعمال شعبي محلي خاص في بلاد شنقيط ، وسنورد له تعليلا خاصا ان شاء الله ..
وكتب الينا من لندن بلاد الضباب ، الأخ الدكتور الفاضل ( منصور فاضل الأحمد) :
السلام عليكم أستاذنا الشيخ أبا راشد ورحمة الله وبركاته ،
لم تترك لنا شيئاً في ما كتبت عن الشاي، فقد منيت النفس وقد بدأت أقرأ المقال أنني سأبعث لك بقصيدة النجفي كاملة عن الشاي، وإذا بك تشير إليها في نهاية المقال، فخرجت من المولد بلا حُمُّص!!
لكن على هامش رشوة جديك رحمهما الله تعالى للأولاد بكأس من الشاي حتى يقبلوا على العلم أقول : السكر أيضاً يرتبط بالشاي، وإن كان أقدم منه دخولاً على بيوت حوران ، فقد أدركت عجوزاً عندنا في( جباب )كانت تفتخر وتتباهى بأخيها فتقول: « أخوي مرعي هو اللي خلق السكر بجباب!!» تقصد أنه هو أول من أدخل السكر إلى جباب، وأي فخر أكبر من هذا الفخر؟! وللعلم فـ(جباب) بليدة من أعمال خوران جنوب دمشق ، قرب الصنمين ، وهي بلد الأستاذ الفاضل ، ولا ندري الجباب أم القباب ، فهل هي بلدة الآبار ( جمع جب ) أم بلد القباب ( جمع قبّــة ) !!!
وكتب الينا الأستاذ صالح السحيب من الكويت مذكرا بأبيات قيلت في الشاي وقصة :
انتدبت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية اثنين من أعضاء هيئة التدريس بكلية اللغة العربية…
وهما الشاعران حبيب اللويحق وفواز اللعبون لإحياء أمسية شعرية في أبها ضمن فعاليات التنشيط السياحي لصيف 1422هـ…
وصرفت الجامعة للشاعر حبيب تذكرة (درجة أولىٰ) لكونه دكتوراً…
أما فواز فصرفت له تذكرة سياحية؛ لكونه لم يزل معيداً آنذاك…
فانتهز الشاعر حبيب هذه الطبقية الإدارية، ليهزأ بصديقه القابعِ آخر الطائرة… علىٰ مقعد سياحي ضيق، في حين كان الدكتور حبيب مسترخياً علىٰ مقعده الفاره… مستغرقاً بارتشاف القهوة العربية مع تُميرات السكري الضخمة.!
وفي هذه الأثناء أمسك الشاعر حبيب قلمه، وبحث عن ورقة يكتب عليها شغبه، فلم يجد غير كيس الاستفراغ -أجلكم الله- الورقي المتدلي من جيب المقعد الذي أمامه، فكتب مستعيناً بالله:-
إلىٰ أخي الحبيب الشاعر فواز اللعبون مداعبة جوّية:-
تربّعْ مِـلْءَ مَقعَـدكَ الســياحـي *** دَعِ الأولىٰ لأربـــــــــــابِ الفلاحِ
فجامعـة الإمـام رأتـكَ غِــــــرّاً *** ولستَ تُطيـقُ إدراكَ النجـــــــاحِ
وهذا أنت قَدرُك فـي خُمـــــولٍ *** علىٰ خبزِ الفطيرةِ كم تُلاحـــــــي
أيـــا فوازُ دربُ المجـدِ صعـبٌ *** فلا تسألْ عـن الأمـرِ البَــــــــراحِ
ولا تحزنْ فما في الحزنِ خيـرٌ *** ولا تصخبْ فما جدوَى الصياحِ.؟
أليثُ الغــــابِ فـي فتـكٍ وعـزمٍ ***وإقـدامٍ كخرفـــــــانِ الأضاحــي.؟
وهل خفقـاتُ أَذنـابِ المطايـــــا *** كما هـبّتْ أعاصيـرُ الريــــــاحِ.؟
أَيستوياــــــنِ تدبـيـرٌ وطـيـشٌ.؟***أيستويانِ سَكــرانٌ وصــــــــاحِ.؟
أيـا فـوازُ يـا ولَـدي تلَـبّـــث فما*** لَــــــكَ فـي مُداعبــــــــةِ الطِّمـاحِ
فَقُـــم واجلبْ إليَّ الشايَ صرْفـاً*** وقــــــــدِّم قهوتـي عنـد الصَّبـاحِ
وكن لي مُؤنساً فــــي كـلِّ وقـتٍ*** تنادمُنـي بأطيــــــافِ الـمُـــــزاحِ
فإني عَمُّـــــــكَ المشهـودُ فَضْـلاً***و(نجمُكَ) في الغدُوِّ وفي الـرَّواحِ
صغيـــــري: اِحْمَدِ المولىٰ كثيراً*** علىٰ أن لَمْ تُحـــــطَّ علىٰ الجَناحِ
أخوك: حبيـب بن معلا اللويحق من مقعد الدرجة الأولىٰ
وكانت الإجابة من الشاعر فواز اللعبون بعنوان (بين المقعدين)
تحية إجلال ومحبة إلىٰ الدكتور حبيب المطيري… الهازئ بمقعدي السياحي:-
تَوشّح دَالَهُ ونضَا وِشَاحي ** ومـدّ جناحَـهُ وثنىٰ جنــــــاحي
ودبّج فـيّ قافــــــيـة شرُوداً ** غدت أَصداؤها مـلْء النواحـي
لَحـاهُ الله مـــن رجـل كريم ** يبـــادرنـي بأَنخــــــاب التلاحـي
علَىٰ أَنّ الشعيْراتِ اللواتي ** أَضـــــــاءتْ لمّتي منعت مراحي
ولَكن سوف أَرضخُ مُستجيباً ** إلىٰ داعي اللجــاجةِ والمُــزاحِ
(حَبيْـبٌ) لَم يكـن إلا حبيباً ** فلا يعتـبْ إذا طاشــــت رماحـي
تصاغر أصغرَيَّ، وشجَّ رأسي ** بأَمثال المعـــــاول والمساحي
وتاهَ بمقعـدِ (الأولَىٰ) وأَبْـدىٰ ** شمَاتتهُ بمقعــــــدِيَ (السِّياحي)
وما في تِيْهِـهِ فخـرٌ، ولَكـنْ ** قصــــــوْرُ الـرأيِ داعيـة افتِضاحِ
فلَوْ في مقعدِي وافىٰ قَليلاً ** لَبَغَّضَـــــــهُ إلىٰ (الأولَىٰ) انشِراحي
تطوفُ علَــــيَّ جارية كعَـــابٌ ** يلَـذُّ بكفهـا شَـايُ اصطِبــــاحـي
ذَبُـولُ الطرفِ؛ غـراءُ الثنايا ** كأَن حَبَابَ مَبْسِمِها الأَقَـــــــــاحي
تبادلنـــــــي ابتساماً بابتِسامٍ ** وتغمِزُ في الغدُوِّ وفـــــي الـرَّواحِ
مُحببّـة المَلامِح والسَّجايــــا ** فِدَاهـا مَـنْ لَدَيْـهِ مـن القِبـــــــــاحِ
لمَحـــتُ وُجُوْهَهُـنَّ فَمـتّ رُعْباً **ورُحْـــــــتُ أعِيـدُ أَورادَ الصَّباحِ
ولَو يـــــدري (حبيبٌ) بالخفايا ** لأَعْـوَلَ بالنحيْــــــبِ وبالصِّيـاحِ
فقد وَضَعُوهُ في (الأولَىٰ) أَمامي ** ليستجلي الأَذىٰ قَبْـل انْسراحي
كحاشِـيَـةِ الأَمـيْـر تقـدَّمـتــــــــهُ **تهيّـئُ دربـهُ خـــــــوف اجتـيـاحِ
ففِيمَ يَتِيْـهُ مُتـّـقحـاً (حبـيـبٌ).؟! ** ومـن مـــــنا أَحَـقُ بالاتـّـقـاحِ.؟!
فكـــم وافــــــىٰ بمقـعـده وجـيـهٌ ** صفيقُ الوَجْـــــهِ معدومُ الصَّلاحِ
وخـــادمة –تَعجـــَّـل كافلوهـا- ** تسيــــلُ زُيُوتها كـــــدمِ الأَضاحـي
ورُبّ خـواجـةٍ (ضـاقَـت علَيه) ** فَأَرسلَهـا وعـــقــــــــب بالـرِّيـاحِ
أَيكفـي؟ أَم أَزيـدك كــأس وُدٍ.؟! ** فبــــــي شـوقٌ إلىٰ صـكِّ القِـداحِ
فدىً لَك كأسِيَ الثاني، فقل لي ** «أَتصحُوْ؟ أَم فؤادُك غيرُ صاحِ؟»
فواز بن عبدالعزيز اللعبون.
وكتب لنا في الأمر نفسه د. توفيق من الكويت :
مقالك عن الشاي ،موضوع جميل وعرض أجمل ، جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل :
نصاب الشاي فنجانان لكن *** مع الأحباب ليس له نصابُ
جواب من أخ حبيب على البيت السابق:
تباعدت خطى الأحباب عنا *** فلا شاي يرام وﻻ شراب
فقلت له:
الشاي عندنا "الحوارنة":
أقله ثلاثة، وأوسطه تسع، وأكثره البطن وما وسع ".
مثل حوراني تقليدي ، وهو أمر للمداعبة كما تلاحظون سادتي الكرام .
وكتب لنا الشيخ الأديب جمال مكناس من دبي معلِّقــا ً :
كأنها والكأس في يدها. وفيها *** عقيق في عقيق في عقيق
وأجاب سماحة الشيخ عن سؤال السيد عادل فارس الذي عرضناه في صدر مقالتنا فقال : وسمي سيدي. ابريق الشاي الصغير بالبراد لانهم ياخذون من السماور الماء المغلي. ويضعونه في الابريق الصغير ليبرد قليلا. ويشربون. وبالهنا والشفا إن شاء الله .
لم يحظ مقال من مقالاتي الجذورية بالاهتمام الذي حظي به مقال ( الشاي والجذور ) إذ تعددت التعقيبات والاستفسارات والإضافات ، بين محب للعربية معجب بها وبين كاره مبغض لدرجة العداء للعربية والقرآن أمثال السفيه جمال بيتر أو بطرس الحاقد ..
فعادل فارس يبعث لنا بمجموعة تساؤلات :
قولنا (بواسطة البخار) أليس الصواب : بوساطة البخار، فالبخار هو الواسطة وبوساطته يحدث المراد في المسألة
ويسأل: قرظ الشعر أليس المراد : قرض الشعر، بالضاد وليس بالظاد
أما الأخيرة فهي استعمال كلمة البراد بمعنى إبريق الشاي . هذه التسمية شائعة فعلا فهل من سبب وجيه لهذا الاستعمال ؟
وحول التساؤل الأول :
أنقل حرفيا ما جاء في كتاب نحو إتقان الكتابة باللغة العربية ، برقم 26 :
بـ / بواسطة / بوساطة
إذا أراد الكاتب إبراز وسيلة إيقاع الفعل، عَدَّاه بـ (باء الاستعانة):
الداخلة على الأداة أو الآلة التي أوقعت الفعل، نحو: كتبت بالقلم؛ سافرت بالسيارة؛ حفرت بالمِعْوَل.
الداخلة على مصدر فعلٍ آخر، نحو: نجحتُ بفضل الله؛ أنجزت العمل بعَون الله؛ حدث الصلحُ بيني وبينهم بتَوَسُّط فلان؛ سقيتُ الأرض بوساطة النواعير.
جاء في (المعجم الوسيط) وفي غيره: «وَسَطَ الشيءَ يَسِطُهُ وَسْطاً وسِطَةً [ووُسُوطاً]: صار في وَسَطه. يقال: وَسَطَ القومَ والمكانَ فهو واسط (وهي واسطة). ووَسَطَ القومَ وفيهم وساطةً [أي وَسَطَ الرجلُ قومَهُ وفي قومِهِ]: توسَّطَ بينهم بالحقّ والعدل.»
فالوساطة مصدر، وكذلك التَوَسُّط. والواسِطَ هو المتوسِّط.
وجاء في (المعجم الوسيط): «واسطة القلادة: الجوهر الذي في وسطها.»
وجاء في (أمالي المرتضى): «ذكر فلانٌ أن أباه كان الواسطة بينهما.»
والواسطة في الأصل صفة. لكنها انقطعت أحياناً في الاستعمال عن موصوفها، فغَلَبَت عليها الاسمية، وأُنزلت مَنْزلة الأسماء بتقدير (أداة واسطة)، واستعملها النحاة بهذا المعنى.
فالأصل في «واسطة القلادة»: «الجوهرة أو الدُّرة الواسطة للقلادة» أي: المتوسّطة.
والتقدير فيما جاء في (الأمالي): «أي كان أبوه الوسيط أو الأداة الواسطة بينهما، وهذا مجاز.»
يقول ابنُ مالك في ألفيَّته:
التابعُ المقصود بالحُكم بلا *** واسطةٍ هو المسمى بَدَلاْ .
ويقول ابن الخشّاب: لأن المتعدي إذا استوفى معموله الذي يتعدى إليه بنفسه، لم يتعدَّ إلى غيره إلا بواسطة.
واستعمل أبو البقاء الكفويّ في (كُلّيّاته) كلمة (بواسطة) كثيراً. وأبو البقاء مَنْ تَعْلم تبسّطاً في العربية واستبحاراً وسَعَةَ اطلاع. من ذلك قوله في الجزء الخامس ص 235: الفعل المنفي لا يتعدى إلى المفعول المقصود وقوع الفعل عليه إلا بواسطة الاستثناء.
وفي ص 244: النصب على الاستثناء إنما هو بسبب التشبيه بالمفعول لا بالأصالة، وبواسطة (إلا)، وأما إعراب البدل فهو بالأصالة وبغير واسطة.
وقال الإمام ابنُ قُدامة (في مختصر منهاج القاصدين، ص 280): أخبرهم الله تعالى بكلامٍ سمعوه بواسطة رسوله.
وقد أورد (المعجم الوسيط) تعريف (الواسطة) كما وضعه مجْمع القاهرة فقال: «الواسطة: ما يُتَوصَّل به إلى الشيء.»
والخلاصة: إذا أمكن الاكتفاء بباء الاستعانة لأداء المعنى بوضوح، فهذا هو الأفضل! وإذا دعت الحاجة إلى إبراز الأداة أو الوسيلة التي حدث وقوع الفعل بها، استُعملت الواسطة أو الوساطة.
والتساؤل الثاني : قرض وقرظ : كلاهما جائزان عند كثيرين من علمائنا كالجوهري وابن منظور وغيرهما ، ومنهم من فرّق بين (قرض) وقال هي للشعر ، وبين ( قرظ) وقال خاصة بالنبات المستعمل لدباغة الجلود .
أما البراد فلا سبب وجيها لاستعماله على المحمل الجذوري الفصيح ، وهو استعمال شعبي محلي خاص في بلاد شنقيط ، وسنورد له تعليلا خاصا ان شاء الله ..
وكتب الينا من لندن بلاد الضباب ، الأخ الدكتور الفاضل ( منصور فاضل الأحمد) :
السلام عليكم أستاذنا الشيخ أبا راشد ورحمة الله وبركاته ،
لم تترك لنا شيئاً في ما كتبت عن الشاي، فقد منيت النفس وقد بدأت أقرأ المقال أنني سأبعث لك بقصيدة النجفي كاملة عن الشاي، وإذا بك تشير إليها في نهاية المقال، فخرجت من المولد بلا حُمُّص!!
لكن على هامش رشوة جديك رحمهما الله تعالى للأولاد بكأس من الشاي حتى يقبلوا على العلم أقول : السكر أيضاً يرتبط بالشاي، وإن كان أقدم منه دخولاً على بيوت حوران ، فقد أدركت عجوزاً عندنا في( جباب )كانت تفتخر وتتباهى بأخيها فتقول: « أخوي مرعي هو اللي خلق السكر بجباب!!» تقصد أنه هو أول من أدخل السكر إلى جباب، وأي فخر أكبر من هذا الفخر؟! وللعلم فـ(جباب) بليدة من أعمال خوران جنوب دمشق ، قرب الصنمين ، وهي بلد الأستاذ الفاضل ، ولا ندري الجباب أم القباب ، فهل هي بلدة الآبار ( جمع جب ) أم بلد القباب ( جمع قبّــة ) !!!
وكتب الينا الأستاذ صالح السحيب من الكويت مذكرا بأبيات قيلت في الشاي وقصة :
انتدبت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية اثنين من أعضاء هيئة التدريس بكلية اللغة العربية…
وهما الشاعران حبيب اللويحق وفواز اللعبون لإحياء أمسية شعرية في أبها ضمن فعاليات التنشيط السياحي لصيف 1422هـ…
وصرفت الجامعة للشاعر حبيب تذكرة (درجة أولىٰ) لكونه دكتوراً…
أما فواز فصرفت له تذكرة سياحية؛ لكونه لم يزل معيداً آنذاك…
فانتهز الشاعر حبيب هذه الطبقية الإدارية، ليهزأ بصديقه القابعِ آخر الطائرة… علىٰ مقعد سياحي ضيق، في حين كان الدكتور حبيب مسترخياً علىٰ مقعده الفاره… مستغرقاً بارتشاف القهوة العربية مع تُميرات السكري الضخمة.!
وفي هذه الأثناء أمسك الشاعر حبيب قلمه، وبحث عن ورقة يكتب عليها شغبه، فلم يجد غير كيس الاستفراغ -أجلكم الله- الورقي المتدلي من جيب المقعد الذي أمامه، فكتب مستعيناً بالله:-
إلىٰ أخي الحبيب الشاعر فواز اللعبون مداعبة جوّية:-
تربّعْ مِـلْءَ مَقعَـدكَ الســياحـي *** دَعِ الأولىٰ لأربـــــــــــابِ الفلاحِ
فجامعـة الإمـام رأتـكَ غِــــــرّاً *** ولستَ تُطيـقُ إدراكَ النجـــــــاحِ
وهذا أنت قَدرُك فـي خُمـــــولٍ *** علىٰ خبزِ الفطيرةِ كم تُلاحـــــــي
أيـــا فوازُ دربُ المجـدِ صعـبٌ *** فلا تسألْ عـن الأمـرِ البَــــــــراحِ
ولا تحزنْ فما في الحزنِ خيـرٌ *** ولا تصخبْ فما جدوَى الصياحِ.؟
أليثُ الغــــابِ فـي فتـكٍ وعـزمٍ ***وإقـدامٍ كخرفـــــــانِ الأضاحــي.؟
وهل خفقـاتُ أَذنـابِ المطايـــــا *** كما هـبّتْ أعاصيـرُ الريــــــاحِ.؟
أَيستوياــــــنِ تدبـيـرٌ وطـيـشٌ.؟***أيستويانِ سَكــرانٌ وصــــــــاحِ.؟
أيـا فـوازُ يـا ولَـدي تلَـبّـــث فما*** لَــــــكَ فـي مُداعبــــــــةِ الطِّمـاحِ
فَقُـــم واجلبْ إليَّ الشايَ صرْفـاً*** وقــــــــدِّم قهوتـي عنـد الصَّبـاحِ
وكن لي مُؤنساً فــــي كـلِّ وقـتٍ*** تنادمُنـي بأطيــــــافِ الـمُـــــزاحِ
فإني عَمُّـــــــكَ المشهـودُ فَضْـلاً***و(نجمُكَ) في الغدُوِّ وفي الـرَّواحِ
صغيـــــري: اِحْمَدِ المولىٰ كثيراً*** علىٰ أن لَمْ تُحـــــطَّ علىٰ الجَناحِ
أخوك: حبيـب بن معلا اللويحق من مقعد الدرجة الأولىٰ
وكانت الإجابة من الشاعر فواز اللعبون بعنوان (بين المقعدين)
تحية إجلال ومحبة إلىٰ الدكتور حبيب المطيري… الهازئ بمقعدي السياحي:-
تَوشّح دَالَهُ ونضَا وِشَاحي ** ومـدّ جناحَـهُ وثنىٰ جنــــــاحي
ودبّج فـيّ قافــــــيـة شرُوداً ** غدت أَصداؤها مـلْء النواحـي
لَحـاهُ الله مـــن رجـل كريم ** يبـــادرنـي بأَنخــــــاب التلاحـي
علَىٰ أَنّ الشعيْراتِ اللواتي ** أَضـــــــاءتْ لمّتي منعت مراحي
ولَكن سوف أَرضخُ مُستجيباً ** إلىٰ داعي اللجــاجةِ والمُــزاحِ
(حَبيْـبٌ) لَم يكـن إلا حبيباً ** فلا يعتـبْ إذا طاشــــت رماحـي
تصاغر أصغرَيَّ، وشجَّ رأسي ** بأَمثال المعـــــاول والمساحي
وتاهَ بمقعـدِ (الأولَىٰ) وأَبْـدىٰ ** شمَاتتهُ بمقعــــــدِيَ (السِّياحي)
وما في تِيْهِـهِ فخـرٌ، ولَكـنْ ** قصــــــوْرُ الـرأيِ داعيـة افتِضاحِ
فلَوْ في مقعدِي وافىٰ قَليلاً ** لَبَغَّضَـــــــهُ إلىٰ (الأولَىٰ) انشِراحي
تطوفُ علَــــيَّ جارية كعَـــابٌ ** يلَـذُّ بكفهـا شَـايُ اصطِبــــاحـي
ذَبُـولُ الطرفِ؛ غـراءُ الثنايا ** كأَن حَبَابَ مَبْسِمِها الأَقَـــــــــاحي
تبادلنـــــــي ابتساماً بابتِسامٍ ** وتغمِزُ في الغدُوِّ وفـــــي الـرَّواحِ
مُحببّـة المَلامِح والسَّجايــــا ** فِدَاهـا مَـنْ لَدَيْـهِ مـن القِبـــــــــاحِ
لمَحـــتُ وُجُوْهَهُـنَّ فَمـتّ رُعْباً **ورُحْـــــــتُ أعِيـدُ أَورادَ الصَّباحِ
ولَو يـــــدري (حبيبٌ) بالخفايا ** لأَعْـوَلَ بالنحيْــــــبِ وبالصِّيـاحِ
فقد وَضَعُوهُ في (الأولَىٰ) أَمامي ** ليستجلي الأَذىٰ قَبْـل انْسراحي
كحاشِـيَـةِ الأَمـيْـر تقـدَّمـتــــــــهُ **تهيّـئُ دربـهُ خـــــــوف اجتـيـاحِ
ففِيمَ يَتِيْـهُ مُتـّـقحـاً (حبـيـبٌ).؟! ** ومـن مـــــنا أَحَـقُ بالاتـّـقـاحِ.؟!
فكـــم وافــــــىٰ بمقـعـده وجـيـهٌ ** صفيقُ الوَجْـــــهِ معدومُ الصَّلاحِ
وخـــادمة –تَعجـــَّـل كافلوهـا- ** تسيــــلُ زُيُوتها كـــــدمِ الأَضاحـي
ورُبّ خـواجـةٍ (ضـاقَـت علَيه) ** فَأَرسلَهـا وعـــقــــــــب بالـرِّيـاحِ
أَيكفـي؟ أَم أَزيـدك كــأس وُدٍ.؟! ** فبــــــي شـوقٌ إلىٰ صـكِّ القِـداحِ
فدىً لَك كأسِيَ الثاني، فقل لي ** «أَتصحُوْ؟ أَم فؤادُك غيرُ صاحِ؟»
فواز بن عبدالعزيز اللعبون.
وكتب لنا في الأمر نفسه د. توفيق من الكويت :
مقالك عن الشاي ،موضوع جميل وعرض أجمل ، جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل :
نصاب الشاي فنجانان لكن *** مع الأحباب ليس له نصابُ
جواب من أخ حبيب على البيت السابق:
تباعدت خطى الأحباب عنا *** فلا شاي يرام وﻻ شراب
فقلت له:
الشاي عندنا "الحوارنة":
أقله ثلاثة، وأوسطه تسع، وأكثره البطن وما وسع ".
مثل حوراني تقليدي ، وهو أمر للمداعبة كما تلاحظون سادتي الكرام .
وكتب لنا الشيخ الأديب جمال مكناس من دبي معلِّقــا ً :
كأنها والكأس في يدها. وفيها *** عقيق في عقيق في عقيق
وأجاب سماحة الشيخ عن سؤال السيد عادل فارس الذي عرضناه في صدر مقالتنا فقال : وسمي سيدي. ابريق الشاي الصغير بالبراد لانهم ياخذون من السماور الماء المغلي. ويضعونه في الابريق الصغير ليبرد قليلا. ويشربون. وبالهنا والشفا إن شاء الله .