أحمد البياتي - وجه آخر

لأول مرّة يشعر أنه مغتبط ، وهذا أمر جعله يقف في حيرة من نفسه ، لقد أصبح يضحك كثيراً ، وكانت الوجوه تحدّق به باستغراب وتغرق معه في ضحك غير مبرر .. ترى هل هو الآن في وضع لايحسد عليه ؟. فجأة توقف عن الفرح والضحك وتذكرها وسأل نفسه :

_ترى متى يستقر ويهدأ بالقرب منها وهي التي لاتكترث به ؟.

كان يشعر بانه أقرب بمجنون ليلي ، يحب بدون هوادة، يذرف الدموع على قبر حبه ، كانت توهمه بالحب ، وظل لسنوات سابحاً في بحر أزرق ، قارب من الورد وسماء من الفرح والبهجة .. ولكنه عندما ارتطم قاربه بصخور سود أفاق ، كان عليه ان يقوم بعمل متميز ، عمل يدّر عليه ربحاً وفيراً ، لكنه لم يكن يمتلك القدرة الخارقة لكسر كل الإنجازات الوهمية التي صنعها في أعماق نفسه ، تلك الأعماق السحيقة ، كان عنده نوع من الغرور الذي يعمي البصيرة .. نعم .. كانت هناك ثمة آمال كثيرة كثيرة إعتقدَ انها سوف تتحقق ، لكن ، عليه ان يطرح نفسه في سوق التنازل والقنوط ، عليه ان يجدد صفحات حياته ، ان يُقَلب تلك الصفحات المعتمة ، يمزقها ويبدأ مع الصفحات البيض ، شعوره ان الزمن قد أخذ منه الكثير ، حاولَ ان يتجاوز عقباته ، سنين الخيبة ، ولكنه عجز عن ذلك ، صار من العسير ان ينسى كل ماحدث له ، لعلّه يدرك ان على المرء ان يمتلك من الذكاء ليجتاز العقبات ، ان يقتل شخصاً في داخله ، شخصاً كان يلاحقه مثل شبح ، صراعه في ذلك الجزء الآخر ، يؤرقه ويجعله في دوامة السؤال المميت ، كيف لا وهذا الآخر يعرفني جيداً؟. عليَّ التخلص منه ، وهذا أمرٌ في غاية الصعوبة ، أمرٌ يتطلب المغامرة .. إذاً ماذا يفعل بالوجه الآخر ؟.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...