عبدالله فراجي - خَرِبَ الْوُجُودُ وَأَقْفَرَتْ عَرَصَاتُهُ

يَا غُرْبَةَ الْأَوْجَاعِ، يَا أَوْهَامَنَا،
يَا فُرْقةَ الزَّمَنِ الْعَصِيِّ،
وَيَا انْكِسَارَ وُجُودِنَا،
كُلُّ الْمَدَائِنِ وَالْحَوَاضِرِ وَالْقُرَى
تَسْتَشْرِفُ الْآمَالَ فِي صَلَوَاتِهَا وَصَفَائِهَا
كُلُّ الْحِكَايَاتِ الْحَزِينَةِ فِي فُؤَادِي هَوْلُهَا
وَأَنَا أُرَتِّلُ فِي تَسَابِيحِ الْمَسَاءِ تَهَجُّدِي.
************
آهٍ رَأَيْتُ وَمَا رَأَيْتُ الْوَقْتَ يَنْشُرُ هَوْلَهُ
وَكَأَنَّ سِرَّ الْكَوْنِ أَنْهَكَهُ الرَّدَى
آهٍ عَلَى بَلَدٍ يَدُكُّ قَرَارَهُ الْمَوْتُ الرَّهِيبُ،
وَيَنْتَشِي مِنْ صَوْتِهِ وَعَوِيلِهِ.
************
آهٍ وَآهٍ،
فِي الْحَوْزِ أَسْئِلَتِي
وَأَحْوَالِي وَتَرْحَالِي
وَمَوْتُ النَّاسِ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالرُّؤْيَا
وَبَيْنَ الرِّيِح وَالصَّدَمَاتِ فِي زَمَنٍ مَضَى
فِي لَيْلِهِمْ خَرِبَ الْوُجُودُ وَأَقْفَرَتْ عَرَصَاتُهُ
وَتَنَاثَرَتْ في أَرْضِهِمْ أَزْهَارُهُمْ
فَوْقَ التِّلَالِ،
وَفِي السُّهُولِ،
وَفِي الرُّبَى،
فِي حُلْمِهِمْ كَانَ الْمَسَاءُ بِلَا غَدٍ
وَتَبَدَّدَتْ رُؤْيَاهُ فِي زَمَنٍ عَصِيٍّ مُفْلِسٍ.
***********
لَكِنَّنَا في سَيْرِنَا كُنَّا وَمَا زِلْنَا،
عَلَى دَرْبِ الرَّجَاءِ الْمُلْتَوِي
نَتَرَقَّبُ الْمَطَرَ الَّذِي جَفَّتْ سَحَابَتُهُ،
وَفَيضًا مِنْ حِكَايَاتِ الْمَكَانِ
كَأَنَّهَا قَفْرٌ بِلَا مَاءٍ، وَلَا شَجَرٍ،
نُسَافِرُ فِي وُعُورَةِ صَخْرِه،
وَعُبُورُنَا مُرٌّ وَبَابُ الْعِشْقِ مُنْغَلِقٌ
وَكُلُّ الصَّحْبِ قَدْ رَحَلُوا
وَقُرْصُ الشَّمْسِ أَشْرَقَ وَاخْتَفَى.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...