في حوار تلفزيوني .. سألها الصحفي الأشقر عن قيمة قلمها اللامع المرصع بالفصوص الماسية، الذي تقلبه بين يديها ..
لوت شفتاها لا مبالية..
ثم وضعته أمامه على الطاولة وقالت ..
- لا شيء ..هذا القلم لا يساوي شيئا .
إن كنت تسألني عن الثمن ، فهذه الفصوص مزيفة ، وإن كنت تسألني عن الحبر ..فقد جف.
طالعها باستخفاف ، وقال لها ..
- أنتم مولعون بالمظاهر ، أنا مسرور لقولك الحقيقة .
نظرت إليه بحنق ، وقارنت بين قلم الحبر المتواضع الذي يحمله، ويحك به مؤخرة رأسه، وهو يشتم " تشارلز" ، وبين قلمها اللامع الملقى على الطاولة .
منذ أن حلت ضيفة على أصحاب التاج البريطاني ، وهي تصارع البكاء، واستمرارية البقاء.
يستضيفونها بصورة دائمة، لتحكي لهم رحلتها مع قلمها الذي أوصلها إلى المنفى .
نظرات أمها اللائمة ، لا تكف عن ملاحقة مخيلتها، ترفع لها صورة والدها وصورة العلم ،كلما حادثتها على تطبيق المكالمات المرئية.
حذرتها مرارا من اقتحام الشباك ، نصحتها أن ترسم بقلمها العصافير ، وأن تكتب قصص الحب الملتهبة .
وأخبرتها أن القلم يشتعل أحيانا كالفتيل ، ولا تخمد نيرانه إلا بعد أن تحترق اليد ، فلا يعالجها سوى البتر.
لكنها لم تستمع ..
ملأت محبرتها ، بحبر أسود ثقيل ، لم تتحمل وزنه صحف بلادها ،فانقلب القلم عليها حينما حاولت أن تثقب به بيوت العناكب.
صفق الناس لها إعجابا خلف الكواليس ، ثم أغلقوا الأبواب خشية أن يلطخ حبر قلمها أقواتهم، و مصائرهم .
وقع أبوها في الشباك رهينة ، وطارت هي على أجنحة الطيور المهاجرة إلى الشمال .
والغريب أنها وجدت أنواعا كثيرة من الأحبار الثقيلة في بلاد الثلوج ، معروضة بأرخص الأثمان ،ولم يردها أحدهم عن اقتنائها .
العناكب الشقراء ، لها شهية مغايرة ، يروق لها طعم الحبر المسكوب فوق خرائط الأوطان المرسومة.
رأتهم بعينها ، وهم يلعقون حبرا بطعم التوت ، سكب على خريطة أرضها.
من يومها قررت الامتناع عن شراء الحبر ،واحتفظت بقلم ذو فصوص وهمية، تخرجه أمام الأعين عند كل لقاء، لتقاوم إحساس الندم.
سألها الصحفي مجددا ، بعد أن تنبهت لابتسامته السخيفة ..
- مالذي تنوين كتابته ردا على اعتقال والدك ؟
تناولت قلمها من فوق الطاولة ..ونظرت عميقا في عينيه الزرقاوتين وقالت..
- لن أكتب شيئا .. سوف أرسم ..هل تحب الرسم ؟
-ربما أرسم عصفورا مخمور ا ، ينتف ريشه و يراقص عنكبوتا أعرج .
ما رأيك في هذا ؟
لكنني سأحتاج إلى بعض من الألوان ..
ترى ما نوع الألوان التي تبيعونها هنا يا عزيزي؟! .
--------------------------
* الكاتبة: د. ندى مأمون إبراهيم . 2023 .
لوت شفتاها لا مبالية..
ثم وضعته أمامه على الطاولة وقالت ..
- لا شيء ..هذا القلم لا يساوي شيئا .
إن كنت تسألني عن الثمن ، فهذه الفصوص مزيفة ، وإن كنت تسألني عن الحبر ..فقد جف.
طالعها باستخفاف ، وقال لها ..
- أنتم مولعون بالمظاهر ، أنا مسرور لقولك الحقيقة .
نظرت إليه بحنق ، وقارنت بين قلم الحبر المتواضع الذي يحمله، ويحك به مؤخرة رأسه، وهو يشتم " تشارلز" ، وبين قلمها اللامع الملقى على الطاولة .
منذ أن حلت ضيفة على أصحاب التاج البريطاني ، وهي تصارع البكاء، واستمرارية البقاء.
يستضيفونها بصورة دائمة، لتحكي لهم رحلتها مع قلمها الذي أوصلها إلى المنفى .
نظرات أمها اللائمة ، لا تكف عن ملاحقة مخيلتها، ترفع لها صورة والدها وصورة العلم ،كلما حادثتها على تطبيق المكالمات المرئية.
حذرتها مرارا من اقتحام الشباك ، نصحتها أن ترسم بقلمها العصافير ، وأن تكتب قصص الحب الملتهبة .
وأخبرتها أن القلم يشتعل أحيانا كالفتيل ، ولا تخمد نيرانه إلا بعد أن تحترق اليد ، فلا يعالجها سوى البتر.
لكنها لم تستمع ..
ملأت محبرتها ، بحبر أسود ثقيل ، لم تتحمل وزنه صحف بلادها ،فانقلب القلم عليها حينما حاولت أن تثقب به بيوت العناكب.
صفق الناس لها إعجابا خلف الكواليس ، ثم أغلقوا الأبواب خشية أن يلطخ حبر قلمها أقواتهم، و مصائرهم .
وقع أبوها في الشباك رهينة ، وطارت هي على أجنحة الطيور المهاجرة إلى الشمال .
والغريب أنها وجدت أنواعا كثيرة من الأحبار الثقيلة في بلاد الثلوج ، معروضة بأرخص الأثمان ،ولم يردها أحدهم عن اقتنائها .
العناكب الشقراء ، لها شهية مغايرة ، يروق لها طعم الحبر المسكوب فوق خرائط الأوطان المرسومة.
رأتهم بعينها ، وهم يلعقون حبرا بطعم التوت ، سكب على خريطة أرضها.
من يومها قررت الامتناع عن شراء الحبر ،واحتفظت بقلم ذو فصوص وهمية، تخرجه أمام الأعين عند كل لقاء، لتقاوم إحساس الندم.
سألها الصحفي مجددا ، بعد أن تنبهت لابتسامته السخيفة ..
- مالذي تنوين كتابته ردا على اعتقال والدك ؟
تناولت قلمها من فوق الطاولة ..ونظرت عميقا في عينيه الزرقاوتين وقالت..
- لن أكتب شيئا .. سوف أرسم ..هل تحب الرسم ؟
-ربما أرسم عصفورا مخمور ا ، ينتف ريشه و يراقص عنكبوتا أعرج .
ما رأيك في هذا ؟
لكنني سأحتاج إلى بعض من الألوان ..
ترى ما نوع الألوان التي تبيعونها هنا يا عزيزي؟! .
--------------------------
* الكاتبة: د. ندى مأمون إبراهيم . 2023 .