أن تحب..
يعني أن تنتمي.. أن تخلص.. أن تتفهم.. أن تكون صادقاً.. راسخاً.. ثابتاً.. قانعاً.. مكتفياً بما تحب ومن تحب وقادراً على بذل الحب في زمنٍ تتبرأ فيه الثواني من بعضها ولا ديمومة فيه لشيء..
لم يخبرني بذلك أحد.. حتى والداي.. فكرت كثيراً.. كتبت كثيراً.. حذفت كثيراً.. وأحرقت العديد من نصوصي وقناعاتي.. رأيت حروفي تستحيل سواداً.. أتبع الورقة بأختها دون دمعةٍ تودعها.. فقد كانت كذبة.. وما للكذبة من مصيرٍ سوى الموت.. التلاشي.. لتعيش الحقيقة.. حتى وإن كانت تمشي على ساقٍ واحدة.. تسمع بأذنٍ واحدة.. وترى بعينٍ واحدة في زمن العمى الإرادي..
(كلنا واحد) كانت العبارة التي آمنت بها بعنف، بذلت لأجلها ذاتي حتى نفاني لأجلها الناس فقررت النزوح نحو منفاي شبه الإختياري.. بعد أن أدركت أننا (مش واحد) وأن بيننا الكثير من الحواجز والأسفار والكلمات والأعذار والأسلاك الشائكة التي تفصل النفوس قبل الأجساد، لم أعرف من أين أتتني كل تلك المقدرة على الإنغماس في حب الإنسان.. وهو من خذل مشاعري وجرح برائتها وفطريتها.. قالها كلٌ على طريقته.. من أنت؟ .. حتى لم يعد في قلبي متسعٌ للمزيد من الخيبات..
علقت (أرواحي) التي عشت بها أكثر من حياة داخل خزانةٍ محكمة الإغلاق، تأكدت أن جواز سفري لا زال (بكراً) وأن ذلك الشخص الذي أعرفه جيداً وعشته تماماً كان على الأرجح قادماً من بين سطور روايةٍ لم يؤذن لها بالنشر، أصابه مقص الرقيب في خاصرته بعد أن وجد صدره فارغاً لا قلب فيه، كانت المدن حلمي والشخصيات لعبتي والكلمات زادي، لطالما أحببتها رغم شحها وخطورتها، كانت بالنسبة لي كل شيء، لكنني ما لبثت أن خلعت نظارتي بعد أن رأيت الخديعة بين أحضانها مجدداً.. وسألتها بإستغرابٍ ممزوجٍ باليأس.. حتى أنتِ؟
عدت أدراجي وعدت بقلبي إلى حيث ينبغي أن يكون، لم أجادل كثيراً.. تركت حكاياتي ورائي وتركت سلسلةً من المشاعر الممتدة على مد البصر كصحراءٍ من الملح المتشقق، بحثت عن مكانٍ شاغرٍ لأنهار فيه فلم أجد.. فاستأجرت مساحةً صغيرة تكفيني للبكاء ساعتين.. اضطررت لشراء مكانٍ للحزن بعدما قامرت بروحي على طاولة فرحٍ لم يأتي ووطنٍ لم أعانقه سوى في مخيلتي.. تركت خلفي سذاجة عاشقٍ ظن أن الحب لا حدود له وأن الأرض حضنٌ يتسع للجميع.. حيث لا تحجب الأشجار ظلها عن أحد.. حيث لا تنام الأفئدة في الجيوب، حيث يمكنها أن تحلق بعيداً نحو الطرف الآخر من المدينة.. حيث اعتدت أن أقف في منتصفها لأعيش بلا أجنحة خائفاً من هجرةٍ جديدة.. إلى مجهولٍ لا أعرفه يشبه الطرف الآخر من العالم.. حيث لا تصل صرخات الأطفال وأنين الموجوعين وآهات المرضى، حيث لا ماء ولا خبز ولا وقت للحزن أو الدموع التي يدخرها أصحابها لعطشٍ لا ينتهي وسط مشهديةٍ أبعد من أن تدركها العقول.. تشبه الوصايا المكتوبة على الجدران.. تشبه تجرع مرارة النسيان.. تشبه موت الحياة فينا بعد تخلٍ وخذلان.. لا زال يتراقص على ضوء ٍ خافت.. في الطرف الآخر من العالم والطرف الآخر من المدينة..
خالد جهاد..
يعني أن تنتمي.. أن تخلص.. أن تتفهم.. أن تكون صادقاً.. راسخاً.. ثابتاً.. قانعاً.. مكتفياً بما تحب ومن تحب وقادراً على بذل الحب في زمنٍ تتبرأ فيه الثواني من بعضها ولا ديمومة فيه لشيء..
لم يخبرني بذلك أحد.. حتى والداي.. فكرت كثيراً.. كتبت كثيراً.. حذفت كثيراً.. وأحرقت العديد من نصوصي وقناعاتي.. رأيت حروفي تستحيل سواداً.. أتبع الورقة بأختها دون دمعةٍ تودعها.. فقد كانت كذبة.. وما للكذبة من مصيرٍ سوى الموت.. التلاشي.. لتعيش الحقيقة.. حتى وإن كانت تمشي على ساقٍ واحدة.. تسمع بأذنٍ واحدة.. وترى بعينٍ واحدة في زمن العمى الإرادي..
(كلنا واحد) كانت العبارة التي آمنت بها بعنف، بذلت لأجلها ذاتي حتى نفاني لأجلها الناس فقررت النزوح نحو منفاي شبه الإختياري.. بعد أن أدركت أننا (مش واحد) وأن بيننا الكثير من الحواجز والأسفار والكلمات والأعذار والأسلاك الشائكة التي تفصل النفوس قبل الأجساد، لم أعرف من أين أتتني كل تلك المقدرة على الإنغماس في حب الإنسان.. وهو من خذل مشاعري وجرح برائتها وفطريتها.. قالها كلٌ على طريقته.. من أنت؟ .. حتى لم يعد في قلبي متسعٌ للمزيد من الخيبات..
علقت (أرواحي) التي عشت بها أكثر من حياة داخل خزانةٍ محكمة الإغلاق، تأكدت أن جواز سفري لا زال (بكراً) وأن ذلك الشخص الذي أعرفه جيداً وعشته تماماً كان على الأرجح قادماً من بين سطور روايةٍ لم يؤذن لها بالنشر، أصابه مقص الرقيب في خاصرته بعد أن وجد صدره فارغاً لا قلب فيه، كانت المدن حلمي والشخصيات لعبتي والكلمات زادي، لطالما أحببتها رغم شحها وخطورتها، كانت بالنسبة لي كل شيء، لكنني ما لبثت أن خلعت نظارتي بعد أن رأيت الخديعة بين أحضانها مجدداً.. وسألتها بإستغرابٍ ممزوجٍ باليأس.. حتى أنتِ؟
عدت أدراجي وعدت بقلبي إلى حيث ينبغي أن يكون، لم أجادل كثيراً.. تركت حكاياتي ورائي وتركت سلسلةً من المشاعر الممتدة على مد البصر كصحراءٍ من الملح المتشقق، بحثت عن مكانٍ شاغرٍ لأنهار فيه فلم أجد.. فاستأجرت مساحةً صغيرة تكفيني للبكاء ساعتين.. اضطررت لشراء مكانٍ للحزن بعدما قامرت بروحي على طاولة فرحٍ لم يأتي ووطنٍ لم أعانقه سوى في مخيلتي.. تركت خلفي سذاجة عاشقٍ ظن أن الحب لا حدود له وأن الأرض حضنٌ يتسع للجميع.. حيث لا تحجب الأشجار ظلها عن أحد.. حيث لا تنام الأفئدة في الجيوب، حيث يمكنها أن تحلق بعيداً نحو الطرف الآخر من المدينة.. حيث اعتدت أن أقف في منتصفها لأعيش بلا أجنحة خائفاً من هجرةٍ جديدة.. إلى مجهولٍ لا أعرفه يشبه الطرف الآخر من العالم.. حيث لا تصل صرخات الأطفال وأنين الموجوعين وآهات المرضى، حيث لا ماء ولا خبز ولا وقت للحزن أو الدموع التي يدخرها أصحابها لعطشٍ لا ينتهي وسط مشهديةٍ أبعد من أن تدركها العقول.. تشبه الوصايا المكتوبة على الجدران.. تشبه تجرع مرارة النسيان.. تشبه موت الحياة فينا بعد تخلٍ وخذلان.. لا زال يتراقص على ضوء ٍ خافت.. في الطرف الآخر من العالم والطرف الآخر من المدينة..
خالد جهاد..