رسائل الأدباء رسالتان بين نجيب محفوظ وقاسم عبدالأمير عجام

في 3/11/1988

من محافظة بابل - ناحية المشروع / ادارة مشروع المسيّب


.........
تحية حارة واصدق التمنيات بموفور الصحة لعمر مديد من الابداع .ها انا اعود لتوي من امسية احتفالية اقامها اتحاد الادباء والكتاب في محافظة بابل تعبيراً عن سرور ادباء ومثقفي المحافظة بنهوض لجنة جائزة نوبل من كبوتها لتعيد اليكم حقاً كان لكم منذ زمن باختياركم للجائزة عام 1988 . وها انا استعيد مجدداً جو السرور والفخر الذي كان يلف الحضور جميعاً فاعود الى سروري الخاص لأرى ان كان يرقى فعلاً الى ما وضعنا فيه اختياركم للجائزة الكبيرة من تقدير للمعاني التي تمثلونها عطاء وابداعاً وسلوكاً .. واعود الى نفسي مرة اخرى متسائلاً عمّا اذا كنت قد وفقت – وقد كنت محاضر الختام في الأمسية – في ان اضع امام الحضور تلك المعاني التي ادركتها في عطائكم الثر ومثابرتكم النبيلة ... وحين اسعدني الحظ بمعايشتها قريباً منكم في مجلسكم الاسبوعي "بمقهى ريش" شتاء 1972 ازداد ادراكي لها عمقاً فكانت مادتي في مساهمتي بتلك الامسية . وحين استعيد استجابة الزملاء الادباء الحضور والحاحهم في دعوتي لنشر مساهمتي لما رأوه فيها من "جديد" اعاود التساؤل عما اذا كانت تلك المساهمة تستطيع فعلآً ان تكون تحية لك في عيد أدبنا العربي الذي صنعه فوزكم بجائزة نوبل أو فوزها بكم بتعبير أدق .

لانني على فرحي الشديد الذي غمرني وانا اتلقى ذلك النبأ من اذاعة لندن صباح الجمعة 14/10/88 ، وهو الفرح الذي اغناني عن فطور ذلك اليوم واذاقني سروراً افتقده منذ سنوات ... لم اجد بي جرأة تكفي للكتابة اليكم بالتهنئة ربما لانني شعرت انني أنا أهل للتهنئة بجائزتكم لما نالني من احتفاء بما تمثلونه فناً ونبلاً ونزاهة . وهكذا بقيت استحضر لحظات الخير التي سعدت بها في مجلسكم واستقطر صفاء المعاني التي كانت ولم تزل خيطاً معقوداً بأدبكم في مصداقية باهرة ما أحوجنا اليها كقيمة ثقافية لحياة ثقافية واجتماعية نحلم بها . وهكذا لم اجد ما أساهم به في تلك الأمسية الا ذلك الخيط المتين بين مجلسكم انساناً معلماً وبين صرحكم الفني الجميل الذي ابدعتموه طوال عمر من الخصوبة والصبر الجميل والكلمة المختصة ... متتبعاً بعض حصيلتي التي منحني اياها قربي منكم .. متتبعاً اياها في اعمالكم ومواقفكم لنستحضر منها ( محاضراً ومستمعين ) تلك القيمة الثقافية التي تمثلون . وأياً كان حظي من التوفيق في اسهامتي تلك فانها تبقى وحدها مسرة لي وشرفاً كبيرين اضافة لسرورنا القيم بكم انساناً وابداعاً ، ولا يعدل ذلك الا قبولكم اياها حين تنشر ، بناء على رغبة زملائي .

هي تحيتي المتواضعة يا سيدي النبيل ، وهي بعض وفائي لما منحتنا اياه اضمها لتحية زوجتي التي كان لها حظ اللقاء بكم معي ... وتحية ( طفلنا ) الذي كان معنا في ذلك اللقاء وهو اليوم شاب يلاحق معي ما تنشره الصحافة عن جائزتكم بسرور كبير.

لعلكم سيدي تتذكرون ذلك المهندس الزراعي "المايكروبايوجيست" العراقي الذي جاء مصر متدرباً في الميكروبايولوجيا الزراعية (شتاء وربيع عام 1972) واطلعكم على مسودة مقالة عن "خمارة القط الاسود" التي نشرت فيما بعد في مجلة "الاقلام" العراقية بعددها التاسع العام 1973 لأفوز بعد نشرها برسالة منكم ... ذلك هو انا .اضفت لخبرتي التي نهلت في مصر قسماً منها جديداً بحصولي على شهادة الماجستير في المايكروبايولوجيا الزراعية من جامعة بغداد عام 1977 دون أن افارق الادب بل لقد انغمست فيه حتى ليصبح من سروري أن اكون في الصورة التي لوح بها الكثير من ابطال أعمالكم صورة العلم والفن متعانقين .. وعذراً للاطالة فشفيعي ان الفرح فياض وبحر محبتكم يمده بالمزيد.

اكرر تحياتي وقبلي على جبينكم المهيب وعمراً مديداً استاذنا العزيز .. عمراً مديداً ، خصباً وانت في القلب منا.


********



تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...