كلفتني إدارتي في العمل بمهام تتطلب شهراً من الزمن او يزيد، خيرت بين السفر بالطائرة او القطار فاخترت الأخير، وعند الساعة الخامسة من مساء السبت اوصلني سائق المؤسسة بعربة القسم.
كانت محطة القطار تبدو كئيبة... البنايات قديمة متصدعة والألوان شاحبة، والمقاعد ذات الكتل الخشبية المتهالكة تؤكد ان ثمة تحورات مناخية وجفاف قد اصاب المنطقة.
جلست قبالة بائع الليمون ، حيث تتداخل أصوات "الباعة الجائلين" وابواق السيارات... كان الوقت يمضي ببطء، والقطار قد تأخر بعض الشيء، عشت زمانا أراقب ابخرة المصانع، بدأت أرقب الذين يشعلون أعواد الثقاب، وأتأمل دخان سجائرهم ، و أتألم وﺃَﺷْﺠَﺐَ الذين لم يوقعوا بعد علي اتفاقية "كيوتو" من أجل خفض الأنبعاثات السامة، من أجل سلامة كوكب الأرض .. أصابتني لحظة شرود، كنت أفكر في إنهيار النموذج وأنعي صورة المحطة القديمة، التي حدثتني عنها زميلتي سعاد بإسراف، مر من أمامي رجل متقدم العمر رث الثياب و"حافي" القدمين كان يعبر مسرعاً، وضع فوق حقيبتي السوداء "كتلة" من النقود، وإنصرف على عجل يشق زحمة الوجوه حاولت أن "الحق" به، لكن منعني بائع الليمون فهذا ﻣُﺘﺴﻮِّﻝ المدينة الظريف، يعود ليختفي يجمع المال بعناء ليوزعه عند المساء. بعد بضع ثوان بدأ القطار يرسل بوقه إيذاناً بالحضور، فبدأت جموع المسافرين تجهز نفسها لتتسابق نحو المقاعد، جلست وحيداً قبالة النافذة وضعت حقيبتي على المقعد الفارغ وإلتزمت الصمت ، شرع الليل يزحف رويداً رويدا، وبدأت الفوانيس تطل ، والاضاءات الناعسة ترسم شبح "البويتات" القريبة المتباعدة، لتختفي او تنام عند النوافذ، توقف القطار عند مركز إحداثيات النقطة "س" ، تلك المحطة شبه الخالية . هنا صعدت امرأة كانت تقف عند عقدها الثالث، وضعت حقيبتي علي جانب ... لتطرح ملايين التساؤلات .. كانت تبدو متماسكة كقطعة من الفولاذ، أو قطعة من الذهب في موسم التعدين العشوائي ، تدثر نفسها بأحكام .... ﺗﻮﻏَّﻞَ القطار فى الصحراء وﺗﻮﻏَّﻞَ الإرهاق في أجسام المسافرين وكل الجموع المتعبة، نام اللصوص الحالمون وسائق القطار ورجال الامن. لكني مازلت جاهداً أحاول وضع متاريس وأسلاك شائكة تقي من تسلل بعض المهاجرين، فبعض الدول ترسم حدودها باسلاك، والبعض الاخر من أجسام عائمة، وأخرى تدرك حدودها بخطوط الطول ودوائر العرض فالدولة الضعيفة تفشل في حماية نفسها وفقاً لاحداثيات الازاحة، والدول الواسعة قد تواجه مشكلات في حماية نفسها، هكذا يمضي القطار تجاه الليل وشخصي يراقب الصوت القادم من صمت الجموع يراقب وعورة التضاريس، وانثناءات الظروف ريثما يتوقف...
كانت محطة القطار تبدو كئيبة... البنايات قديمة متصدعة والألوان شاحبة، والمقاعد ذات الكتل الخشبية المتهالكة تؤكد ان ثمة تحورات مناخية وجفاف قد اصاب المنطقة.
جلست قبالة بائع الليمون ، حيث تتداخل أصوات "الباعة الجائلين" وابواق السيارات... كان الوقت يمضي ببطء، والقطار قد تأخر بعض الشيء، عشت زمانا أراقب ابخرة المصانع، بدأت أرقب الذين يشعلون أعواد الثقاب، وأتأمل دخان سجائرهم ، و أتألم وﺃَﺷْﺠَﺐَ الذين لم يوقعوا بعد علي اتفاقية "كيوتو" من أجل خفض الأنبعاثات السامة، من أجل سلامة كوكب الأرض .. أصابتني لحظة شرود، كنت أفكر في إنهيار النموذج وأنعي صورة المحطة القديمة، التي حدثتني عنها زميلتي سعاد بإسراف، مر من أمامي رجل متقدم العمر رث الثياب و"حافي" القدمين كان يعبر مسرعاً، وضع فوق حقيبتي السوداء "كتلة" من النقود، وإنصرف على عجل يشق زحمة الوجوه حاولت أن "الحق" به، لكن منعني بائع الليمون فهذا ﻣُﺘﺴﻮِّﻝ المدينة الظريف، يعود ليختفي يجمع المال بعناء ليوزعه عند المساء. بعد بضع ثوان بدأ القطار يرسل بوقه إيذاناً بالحضور، فبدأت جموع المسافرين تجهز نفسها لتتسابق نحو المقاعد، جلست وحيداً قبالة النافذة وضعت حقيبتي على المقعد الفارغ وإلتزمت الصمت ، شرع الليل يزحف رويداً رويدا، وبدأت الفوانيس تطل ، والاضاءات الناعسة ترسم شبح "البويتات" القريبة المتباعدة، لتختفي او تنام عند النوافذ، توقف القطار عند مركز إحداثيات النقطة "س" ، تلك المحطة شبه الخالية . هنا صعدت امرأة كانت تقف عند عقدها الثالث، وضعت حقيبتي علي جانب ... لتطرح ملايين التساؤلات .. كانت تبدو متماسكة كقطعة من الفولاذ، أو قطعة من الذهب في موسم التعدين العشوائي ، تدثر نفسها بأحكام .... ﺗﻮﻏَّﻞَ القطار فى الصحراء وﺗﻮﻏَّﻞَ الإرهاق في أجسام المسافرين وكل الجموع المتعبة، نام اللصوص الحالمون وسائق القطار ورجال الامن. لكني مازلت جاهداً أحاول وضع متاريس وأسلاك شائكة تقي من تسلل بعض المهاجرين، فبعض الدول ترسم حدودها باسلاك، والبعض الاخر من أجسام عائمة، وأخرى تدرك حدودها بخطوط الطول ودوائر العرض فالدولة الضعيفة تفشل في حماية نفسها وفقاً لاحداثيات الازاحة، والدول الواسعة قد تواجه مشكلات في حماية نفسها، هكذا يمضي القطار تجاه الليل وشخصي يراقب الصوت القادم من صمت الجموع يراقب وعورة التضاريس، وانثناءات الظروف ريثما يتوقف...