لا ابالغ لو قلت ان البريكان شاعر لم ينل حظه من النقد وذلك بسبب قصور طريقة تفكيرنا وادواتنا النقدية..لذا اجد من الضروري عدم قراءته كشاعر منفرد يمثل حقبة فنية عاش البريكان كل تعقيدها وهواجسها،بل علينا ان نجد تفسيرا لنزعته الفنية الغريبة عن اتجاهات التفكير والكتابة لدينا.لذا سيكون شيئا بلا قيمة ان نكتب عنه باسلوب تبجيلي يعترف بغرابته كانسان وشاعر،وانه سار وحيدا في دنيا الفن مزودا بطاقة عظيمة من نكران الذات الاجتماعية..نعم البريكان اكثر الشعراء كرها للظهور والبهرجة وحضور الامسيات.كان وحيدا وكتب شعرا صعبا للغاية اراد ان يؤسس من خلاله لرؤيا مغايرة عن التجارب التي كان الشعراء الاخرون يسعون وراء الكتابة عنها.ويبدو ان هذه مشكلة جديدة واجهها البريكان بكل طاقته الشعرية،ومن هنا يجوز القول ان البريكان كان يريد ان يصف جوهر الحياة لا ما يظهر منها.وهو يعتقد ان القصيدة تغوص في عالم مختلف عن عالم المادة الذي نراه.لان هناك افاقا اخرى لا بد ان يصلها الشاعر ليتوقف عندها ويتاملها.
لن اقدر في هذه المقالة الا الحديث عن قصيدة صغيرة هادئة رصينة قد تبدو قصيدة ساذجة غير فخمة ولا يكتبها الا شاعر مبتديء.ربما يعتقد البعض ان هذه القصيدة هي حقا علامة برجوازية على شاعر يهرب من الحياة وينسحب كلص لئيم.عنوان هذه القصيدة هو:احتفاء بالاشياء الزائلة.البريكان في هذا النص القصير يجازف لانه يتحدث عن اشياء زائلة غير خالدة في حين ان الوطن يغرق بمشاكل كثيرة جدا.هذا النص بكل بساطته الظاهرية ينافس اكبر القصائد التي كتبت وهي تناقش موضوعات خارجية.نعم ساتمسك بمصطلح الموضوع الخارجي الذي يتناوله الشاعر واضعا اياه في قصيدة.انا اتحدث هنا عن تركيب لقطعتي غيار وهما:الموضوع واللغة.هاتان القطعتان تخضعان لعملية قص وبتر وتلميع وصبغ حتى يصل الشاعر في النهاية الى نصه الشعري الفخم الطويل.ما تقوله لنا قصيدة البريكان هو غير ذلك ولا علاقة لها به.ساظلم الشاعر لو قلت انه يهمس فنظرية الهمس لا تنطبق على هذه القصيدة ولا غيرها.ساقول ان البريكان غامر بفنه حين حاول ان يمشي في طريق ليس مالوفا،ومن الجائز القول ان ذلك الشاعر البصري سعى لترويض اللغة وتركيبها بطاقة خالقة اسميها:طاقة الكون.لو قلت ان قصائد البريكان في مراحله المتاخرة هي مرايا تعكس تجلي طاقة الكون فيها لما اخطأت في قولي هذا.وتعني طاقة الكون لا المعرفة العقلية المباشرة ولكنها تعني الشعور القوي بوجود الانسان محاطا بهذا الكون المليء برموز لا تتوقف عن اعطاء الشاعر القدرة على جعل كل الموضوعات الخارجية تفقد صورها الظاهرية.على سبيل المثال،لو ان قضية سياسية شغلت المجتمع ككل واثارت هذه القضية ردود افعال كثيرة ومختلفة فان هذه القضية ستكون في عين الشاعر المتواصل مع طاقة الكون هي غيرها في عين اصدقائه واهل بلده.القضية السياسية لها رمز او جذر يتصل لا بهذا المكان فحسب ولكن جذر القضية يتصل بالكون الممتد دون حواجز.واذا امن الشاعر – اي شاعر- انه يعيش في مكان محدد ومفصول عن ابعاد العالم والكون فهذه مشكلة اخلاقية وفنية.ان كثيرا من القصائد التي نقراها اليوم نحن هي قصائد ديكورية لاهثة ارادت ان تواجه المواقف المختلفة برد فعل لغوي محدد.يلجا الشاعر في هذه الحالة الى عملية تركيب مصطنعة تهدف الى جعل الشاعر عضوا فاعلا في المجتمع.لم ينخدع البريكان بهذا السلوك الفني الظاهري.وكان عليه ان يصبر على سخافات تدور في العالم من حوله لانه اكتفى باندماجه بطاقة الكون الخالقة.
لن اقدر في هذه المقالة الا الحديث عن قصيدة صغيرة هادئة رصينة قد تبدو قصيدة ساذجة غير فخمة ولا يكتبها الا شاعر مبتديء.ربما يعتقد البعض ان هذه القصيدة هي حقا علامة برجوازية على شاعر يهرب من الحياة وينسحب كلص لئيم.عنوان هذه القصيدة هو:احتفاء بالاشياء الزائلة.البريكان في هذا النص القصير يجازف لانه يتحدث عن اشياء زائلة غير خالدة في حين ان الوطن يغرق بمشاكل كثيرة جدا.هذا النص بكل بساطته الظاهرية ينافس اكبر القصائد التي كتبت وهي تناقش موضوعات خارجية.نعم ساتمسك بمصطلح الموضوع الخارجي الذي يتناوله الشاعر واضعا اياه في قصيدة.انا اتحدث هنا عن تركيب لقطعتي غيار وهما:الموضوع واللغة.هاتان القطعتان تخضعان لعملية قص وبتر وتلميع وصبغ حتى يصل الشاعر في النهاية الى نصه الشعري الفخم الطويل.ما تقوله لنا قصيدة البريكان هو غير ذلك ولا علاقة لها به.ساظلم الشاعر لو قلت انه يهمس فنظرية الهمس لا تنطبق على هذه القصيدة ولا غيرها.ساقول ان البريكان غامر بفنه حين حاول ان يمشي في طريق ليس مالوفا،ومن الجائز القول ان ذلك الشاعر البصري سعى لترويض اللغة وتركيبها بطاقة خالقة اسميها:طاقة الكون.لو قلت ان قصائد البريكان في مراحله المتاخرة هي مرايا تعكس تجلي طاقة الكون فيها لما اخطأت في قولي هذا.وتعني طاقة الكون لا المعرفة العقلية المباشرة ولكنها تعني الشعور القوي بوجود الانسان محاطا بهذا الكون المليء برموز لا تتوقف عن اعطاء الشاعر القدرة على جعل كل الموضوعات الخارجية تفقد صورها الظاهرية.على سبيل المثال،لو ان قضية سياسية شغلت المجتمع ككل واثارت هذه القضية ردود افعال كثيرة ومختلفة فان هذه القضية ستكون في عين الشاعر المتواصل مع طاقة الكون هي غيرها في عين اصدقائه واهل بلده.القضية السياسية لها رمز او جذر يتصل لا بهذا المكان فحسب ولكن جذر القضية يتصل بالكون الممتد دون حواجز.واذا امن الشاعر – اي شاعر- انه يعيش في مكان محدد ومفصول عن ابعاد العالم والكون فهذه مشكلة اخلاقية وفنية.ان كثيرا من القصائد التي نقراها اليوم نحن هي قصائد ديكورية لاهثة ارادت ان تواجه المواقف المختلفة برد فعل لغوي محدد.يلجا الشاعر في هذه الحالة الى عملية تركيب مصطنعة تهدف الى جعل الشاعر عضوا فاعلا في المجتمع.لم ينخدع البريكان بهذا السلوك الفني الظاهري.وكان عليه ان يصبر على سخافات تدور في العالم من حوله لانه اكتفى باندماجه بطاقة الكون الخالقة.