اهداء:
الى شهداء مجزرة سبايكر..
عبد الكريم العامري
شخوص المسرحية:
1- الاول (شاب في مقتبل العمر- من جنود سبايكر)
2- الثاني (زميل للاول وهو من جنود سبايكر)
3- الرجل
4- المرأة
(المشاهد تتغير تبعاً للوحات)
اللوحة الأولى:
المشهد: خوذة كبيرة مثقوبة تتوسط المسرح، إضاءة خافتة، أجساد تخرج من الخوذة بحركة إيقاعية وكأنها تخرج من رحم.. صوت من الخارج مع خروج الأجساد..
الصوت:
يا ليل، أما زلت تنسل عبر بابي
حاملاً كوابيسك ومراياك..؟
أما زلت تبحث في فراغاتي
عن فرصة سانحة
تغرز في صدري خناجر عتيقة..؟
أما زلت تقلّب أوراقي
بحثاً عن أسماءٍ غادرت ذاكرتي..؟
أما زلت تسقي شجر العمر بسوادك..؟
يا ليل متى تنتهي
متى تفتح شبابيكي لنهار جديد
متى تشرق شمسي التي لم أرها
متى يملأ الغائبون الدار
متى..؟
(الأجساد يقلبون الخوذة ويصعدون فيها وهم يجذفون يمينا وشمالاً وكأنهم في سفينة ببحر متلاطم الامواج..)
الأول: هل وصلنا..؟
الثاني: ما زال المكان بعيداً.. قاوم هذا التيار، لم يبق الا القليل..
الأول: الطوفان قادم..
الثاني: سننجو... اجذف، اجذف.. لم يبق شيئاً..
الأول: حين ينقشع الليل تنقشع معه كل الخفافيش، لا تنظر للخلف..هناك ثمة من ينتظرنا، آباء وأمهات وأطفال ينتظرون..
الثاني: يداي لا تعينانني على التجذيف، لننتظر حتى شروق الشمس..
الأول: نحن من يأتي بالشمس، كن قوياً فهناك من يتلهف لرؤيتنا بعد هذا التيه..
الثاني: تيه ثانية، نعيش بالتيه والوهم.. سنوات ونحن نشكو أمرنا لمن بيده الأمر ان يخرجنا من هذا التيه، سنوات عجاف تتبعها سنوات أشد بؤساً، حتى صارت أبوابنا مترعاً للشؤم..
الأول: لا تيأس يا صاحبي، كي تصل لا بد من ثمن..
الثاني: دفعناه من شبابنا، وأحلامنا، دفعناه من أرواح ملأت سقف السماء، ألا تشبع السماء من أثماننا..؟
أصوات من الخارج:
طويل ليلك ايها الغريب، بطول غربتك وحنينك لنخلة مثقلة بالعذوق..
بارد ليلك ايها الغريب، برودة الموت الذي يترصدك..
(صوت أمواج متلاطمة، تخيم العتمة في المكان..)
اللوحة الثانية:
(امرأة توقد شمعة في جانب المسرح، بينما الرجل يذهب ويجيء في مساحة قصيرة ممسكاً جهاز الموبايل ويبدو القلق عليه واضحاً...)
المرأة: ألم يتصل...؟
الرجل: انقطع الخط.. حاولت كثيراً لكني لم أفلح..
المرأة: هل خرج من سبايكر...
الرجل: لا أظن، الطريق طويلة حتى يصل للمدينة...
المرأة: استحلفك بالله يا أم البنين، بدم شهيد كربلاء، ردي إليّ فلذة كبدي، لم أخرج في هذه الدنيا الا به..
الرجل: لن تخذلنا، لن تخذل الأولاد الملفعين بالحياة، سيأتون مثل الفجر، بيض الوجوه وفي أكفهم رائحة الجنة...
المرأة: (تحمل شمعتها وتدور في المكان):
أعينيني ..
يا سماء الرعد : أعينيني ..!
لم أحصِ انكساراتي بعد
فالعاصفةُ آمنةٌ
رغم أنها آتية لا ريب ..
ما حانَ وقتُ الحصاد
لِمَ السنابل ترتجف ...؟
لِمَ البيوت تغلقُ أبوابها
في وجوه السائلين..؟
الرجل: استحلفك بالله بكاؤك يمزق كبدي، لم أعد أرى إلا وجوهاً اشغلها الحنين للبيوت الآمنة..
المرأة: تباً لبيوت لم تأوِ أقماراً، تباً لزمنٍ غدّار...
دع عنك لومي فقلب الأم بوصلة للأبناء..
الرجل: قلت لك سيأتي، لابد ان يأتي، فالرب يرى ويسمع سيبسط كفيه للأولاد ويأتي بهم الى أحضان أمهاتهم...
المرأة: لم يبق حضن يمنحهم الدفء، لم يبق الا دمع يشوي كالجمر الأحداق.. (تضع الشمعة على الأرض) أيّةُ يدٍ ألقت حصاها عليكِ واصطادت عصافيركِ ومزّقت بردتكِ الخضراء ..؟ أمِنَ الغيمِ مُدَّتْ .. تلكَ اليدُ الصفراء ؟!
(إظلام ، في جانب المسرح يظهر شاب (الأول).. حاملا حقيبته، المرأة خلفه تحمل ماعوناً فيه ماء)
المرأة: هذا ماء وضوئي، ماء ممزوج بدعائي.. احمل منه رذاذا ينجيك من البلوى..
الشاب: لن أتأخر، سأعود ..
المرأة: ستعود، حتماً ستعود، لم يخطأ قلبي مذ عمّدتك مجبولاً بالضوء، ستعود بعد ليالٍ عسر.. ستعود...
(إظلام وبقعتا ضوء على الشاب والمرأة كل على جانب)
الشاب (لوحده): ستعود بعد ليالٍ عسر.. كل صباح، تدندن أمي..
المرأة (لوحدها تكمل): بيوتنا مليئة بصور الغائبين، صور بالأسود والأبيض، بوجوه تصبغها الحيرة والأرق..
لم تعد ساكناً الجول، ولم تعد عليلاُ
مازالت سكينتك تأد أحلام الاولاد،
اولادنا ، أعمارنا تمشي على الارض
(صوت في الخلفية لواحدة من اغاني معركة 1980 -احنا مشينا للحرب)
ألم تقل ، إحنا مشينا للحرب حتى الوطن سالم يظل لجيالنا
حتى الطفولة واللعب ما تحترك يوم ابلهب عدوانه
هذا العراقي من يحب يفنى ولا عايل يمس محبوبته
الم تشبع المحبوبة بعد من أجساد أكلتها النار
ألم تشبعي بعد..؟
(اظلام)
اللوحة الثالثة
(الرجل في جانب المسرح يجلس مهموما)
الرجل: ما أطول هذا الليل،
كأني والجرذان تخرج من مخبأها
باحثة عن عرق فينا
تمتص أرواحنا...
جرذانٌ تخرج من بيوت كنّا نظنّها مأوىً للخير
بيوتٌ من حقد أسود، تصرخ:
دونكم والجنوب المضيء
اطفئوا أنواره
افقأوا أعين صبيته
من ذا يمدُّ يداً ينتشل الاولاد من بحر الشؤم..
ايتها العيون المجبولة بالكره
أما اكتفى اهلوك من اضرام النار بأجسادنا
أما اكتفيتِ من لؤمك..؟
(ينهض وبحزم)
أعرفُ انّ قدر المرء لا مهربَ منه
يتبعه كظلّه
لكني ما زلتُ اعلّقُ كفّيَّ ببرج الله
(يدعو بصوت عالٍ)
يا محيي الموتى ومميت الاحياء
يا من تسمع مالا نسمعه
وتعلم مالا نعلمه
انزل غضبك فوق شياطين الدنيا
انزل غضبك
ان لم تنزله الآن سنُشْبِعُ موتاً !
(اظلام- أصوات أمواج متلاطمة)
اللوحة الرابعة :
(أصوات امواج متلاطمة وريح شديدة.. الاول والثاني وسط السفينة وقد انهكهما التعب)
الاول: المسافة تمتد وتمتد والقوة تذبل وخفافيش الليل تتبعنا..
الثاني: ليتني استطيع اختزال المسافة وامسك بيديّ الذابلتين الجرف الآمن..
الاول: الجرف الآمن..؟ أيُّ جرفٍ آمن وتلك خفافيش الموت تدور..وكل الدروب التي انهكتنا تغصُّ بهم..
الثاني: وما الحل ان لم نصل..؟
الاول: (يفكر) لننزل في الماء ثم نعوم..
الثاني: (مستغربا) وهل نستطيع...؟
بجسدين هزيلين وامواج متلاطمة وعيون تترصدنا..
هل نستطيع..؟
الاول: ألم أقل لك أنك لن تستطع معي صبرا..!
الثاني: عن أيِّ صبرٍ تشير والطرقات لم تعد آمنةً..؟
عن أيِّ صبرٍ تشير والجموعُ لملمت اشتاتها وبانت نيوبها..
مذ بدأَ الليلُ يغطّي النهار ونحنُ نعومُ ببحرٍ لا قرار له..
تمنيني بالخلاص وهو بعيد..
الاول: أنت تراه بعيداً وهو قريب..
الثاني: قريب..؟ تفصلنا عنه ليالٍ اكثر عتمة وتقول قريب..؟
تفصلنا عنه أنهارٌ من قهرٍ ودموعٍ وتقول قريب..؟
أيُّ قربٍ هذا يا صاحبي..
الاول: ان تكون على مرمى الخلاص، تحلمُ بالبيت الآمن
والامهات اللاتي يعلّقنَ أعينهن على الابواب
بانتظار الغائبين
هو ذا القرب..!
ان ترى الولدان وهم يحملون الارواحَ على اكفّهم
ويرسمون خطوطا للسائرين في لجّة التيه
هو ذا القرب..!
الثاني: مجرد احلام تخيطها بخيوط لا تنجد احداً
كأنّكَ لا ترى ما نحن فيه
دع عنك الأحلام
الخفافيش على مرمى حجر
الأمهات اللاتي علّقن أعينهن على الأبواب
سيجف دمعهن
ويذبل فيهن حلم عودة الغائبين..
والولدان الذين حملوا أرواحهم على الأكف
صاروا تراباً
وذابت ارواحهم في ملكوت الله
تلك هي احلامك،
فيما نحن نمضي الى المجهول..
الاول: يا ليأسك..!
كنت اظنّك أقوى من ان يأخذكَ اليأس..
الثاني: صرنا سلعاً للبيع
باعونا بثمنٍ بخسٍ
باعونا لخفافيش الليل وسرّاق الاحلام
باعونا للذل وهم اكثر ذلا..
مكتوبٌ ان نشقى في الدنيا نحن الفقراء
وهناك، ثمة من ندفع عنه ، وندافع عنه
نحن جيل البارود والنار..
الاول: قبل ان أجيء، كنت احمل صندوقاً للاحذيةِ
أدور في الطرقات
او اتخذ زاويةً في الشارع
انظر للناسِ
يمرّون بأحذيةٍ شتّى
أنا، صبّاغُ الاحذيةِ
لا انظر للوجوه
فالوجوه لا تعنيني
باسمةً او غاضبة
مترعة بالخير او مشحونة بالشر
لا تعنيني
ما يعنيني هو الحذاء !
لذا كتبت على صدر الصندوق
قيمة المرء بحذائه..
الثاني: أما أنا، قبل أن اجيء،
كنت أبحث عن عمل،
فكرت كثيرا في الهجرة
الا ان الارض كانت تشدّني اليها
بقيت شهوراً،
اطبع وجهي في الحيطان
لاشيء لدي
سوى اوراق مزّقها الوقت
كانت نهاراتي مترعة بالدوران
اجوب المدن المكتظة بالسائلين
والغافين على أرصفة العوز..
صرتُ واحدا منهم..
ياخذني رصيفٌ لرصيفٍ آخر
وزقاقٌ لزقاقٍ آخر
يمتدُّ بي النهار لليلٍ طويل،
لم يخطرْ ببالي انّ القدرَ يلملمُ أشيائي..
ليضعني هنا،
في زاويةِ الموت !
(اظلام)
اللوحة الخامسة
(الرجل والمرأة)
الرجل: سألتُ ولم يعطني أحدٌ جواب..
لسنا وحدنا، هناك من يبحثُ هو الآخر عنهم..
المرأة: كلُّ يومٍ أسمعُ منكَ هذا، سالت وسألت..
الرجل: ليس لدينا غيرَ السؤال، قضينا أعمارَنا بالسؤال،
وليسَ هناكَ من يدلُّ السائلينَ على جواب..
المرأة: لا جواب ، مَنْ لديهِ الجواب إذن..؟
مَنْ يطفيء النارَ التي أوقدها الحاقدونَ في صدري..
مَنْ يأتيني بجوابٍ يشفي غليلي..
أعتبُ على مَنْ..؟
على حظًّ ضيّعَ مني كلَّ سني العمر..؟
على ماءِ وضوئي وأنا أتبعهُ ، أرشّ الأرض خلفه وأطشّر معه السنوات..
الرجل: سحقاً للسنواتِ التأخذُ منّا أكثر مما تعطي..
لا قدرةَ لي في أن أوقفها...أرجعها..
لا قدرة لي في ردِّ الغرباءِ وإيقاف البلوى..
المرأة: أيّ ندمٍ هذا..؟
تدفعهُ حيث التيهِ وتندم..؟
الرجل: مَنْ قال اني ندمت..؟
لا خيرَ بأولادٍ لا يحمونَ الدار..
المرأة: لا خيرَ بآباءٍ دفعوا الابناءَ بأتونِ الموت..
الرجل: لولاهم لامتدت تلك النار وصرنا هشيماً..
المرأة: يموتون لنحيا...تلك معادلة الضعفاء..
الرجل: لست ضعيفاً ، ستريني كيف سأحمل عمري وأشدّ نطاقي وأنزل فيهم غضبَ الله..
ستريني كيف أصولُ بصولاتِ الامس..
وألقنهم درسَ رجال الضيم..
المرأة: مللنا خطاباتٍ فارغةً..
أريدُ ولدي..
زهرةَ عمري،
اعيدوا لي وجهاً يمنحني الدفء.
أعيدوا لي ربيعاً سقتهُ دموعي..
الرجل: قدرُنا ان نمتطي صهوةَ الحرب..
المرأة: حرب..حرب..حرب.. متى تنتهي اللعينةُ الحرب..؟
الرجل: حين يحاصرُ الغرباءُ دارك،
وتكشّرُ الذئابُ نيوبها،
ما عليك الا شدّ نطاقك،
قبلما ينقضّوا عليك.
لهذا فنحن نحارب، ونبقى نحارب، لا من أجل اشاعة وجه الموت، بل من أجل حياةٍ بلا خوف.
المرأة: وأين هي تلك الحياة البلا خوف..؟
طوابيرٌ تُقاد بوجوهٍ مذهولة
واجسادٍ انهكها التعب
لا أحدَ يوقفهم
لا أحدَ يصرخُ فيهم:
يكفيكم خراباً
يكفيكم ذبحاً..
يكفيكم موتاً.
الرجل: لا أحدَ يسمعكِ في هذا العالمِ المشحونِ بالحقد والبلوى.
حتى أولئك الذين يبتسمون لك يضمرون في صدورهم حقداً..
(يردد مع نفسه):
اذا رأيتَ نيوبَ الليثِ بارزةً
فلا تظننَّ انَّ الليثَ يبتسمُ.
المرأة: هم يضحكون...بينما أولادنا يحترقون
هم يعتاشون على جراحاتنا..
الرجل: ألا يكفيك اللوم..؟
ما راحَ راح..بكاؤكِ لا يعيد لنا غائب..
لا يعيد لنا الراحلين..
مذ خيّمَ الليلُ علينا
وعلا نباحُ الكلابِ
ونحنُ نئِنُّ..
المرأة: أرأيت...؟ أنت لم تنسَ..
تجبرني على النسيان ولم تنسَ..
تجبرني ان اخنقَ أحزاني ولم تنسَ..
أينَ هو عدلك يا صاحب العدل..؟
لِمَ تهبنا الحياة ما دمتَ قد هيّأتَ لنا مرجلَ الموت..؟
الرجل: العدلُ موجود..
في حياتنا عدلٌ..
وفي موتنا عدلٌ..
هو أعلمُ منكِ ومني بنا..!
المرأة: أووووف...يا ضيقَ الصدر..
من يخرج منه الجمر..؟
من يخرج من رأسي عذاباتِ سني القحط..
الرجل: ما كانت بلواك لوحدك..
هناك، في البيوت المفطومة على ظيم..
ثمةَ من هنَّ أكثر حزناً منك..
الأمهات اللاتي نسينَ الفرحَ،
ولم يطرقْ بابهنّ منذُ الحربِ الأولى..
ما زلنَ يقفنَ عندَ الأبوابِ بانتظارِ الغائبين..
(قطع- اظلام)
اللوحة السادسة:
(الاول والثاني في منكن وحدنا..مكانهما وقد انهكهما التعب كثيرا)
الاول: الان فقط، أسلّمُ روحي للريحِ علّها تلقي بها على عتبات البيوت..
تخبرهم أنّ هناكَ مَنْ كانَ وفياً للطرقاتِ
الثاني: لم نكن وحدنا في هذا التيه وتلك البلوى، لم نكن وحدنا..
فعلنا ما بالوسعِ لكنَّ القدرَ كان غليظاً..
الاول: غليظاً ومُرّاً..يا صاحبي،
أراهُ وقد مدَّ يديهِ ،
يهمسُ في أذني..
يرغّبني بحياةٍ لا لؤمَ فيها ولا حقد..
الثاني: لنمضي..لنمضي..
(مع نفسه) اذا كان التراب لا يرتوي الا بقتلي، فيا قدري خذني اليه..
(الاول والثاني يقلبان الزورق ليعود شكل الخوذة المثقوبة)
(اجساد تبدأ بالدخول عبر الثقب، بينما يسمع صوت المرأة في الخارج)
صوت المرأة:
يا وجهَ النهارِ المعجون بالتراب واللهب
تبت يدا ابي لهب..وتب
خُذ يديك وغادرنا أيها الموت
رفقاً بأجسادٍ كانت تحلمُ بالياسمين..
تحلمُ بعيشٍ هانئ..
يا موت، خذ ما أخذت، وارحل..
افتح باباً للفرحِ المرسومِ على الأبواب
وآتي بوجوهٍ لم تغبِ
ما زالت تحملُ أحلامها..
وتنثرها فوق قمم الجبال في الشمال،
فوق رؤوس النخل في الجنوب
يا موت...
عدوك عليل وساكن الجول..
غيّبتهم تكريت، غيّبهم جبل حمرين وساحات الموت..
هم غابوا، لكن صورهم ما زالت تشير الى أحلامهم المؤجلة..
(اظلام- ستار)
البصرة 25 نيسان/ابريل 2015
-----------
* جعبان : النمل الفارسي
الى شهداء مجزرة سبايكر..
عبد الكريم العامري
شخوص المسرحية:
1- الاول (شاب في مقتبل العمر- من جنود سبايكر)
2- الثاني (زميل للاول وهو من جنود سبايكر)
3- الرجل
4- المرأة
(المشاهد تتغير تبعاً للوحات)
اللوحة الأولى:
المشهد: خوذة كبيرة مثقوبة تتوسط المسرح، إضاءة خافتة، أجساد تخرج من الخوذة بحركة إيقاعية وكأنها تخرج من رحم.. صوت من الخارج مع خروج الأجساد..
الصوت:
يا ليل، أما زلت تنسل عبر بابي
حاملاً كوابيسك ومراياك..؟
أما زلت تبحث في فراغاتي
عن فرصة سانحة
تغرز في صدري خناجر عتيقة..؟
أما زلت تقلّب أوراقي
بحثاً عن أسماءٍ غادرت ذاكرتي..؟
أما زلت تسقي شجر العمر بسوادك..؟
يا ليل متى تنتهي
متى تفتح شبابيكي لنهار جديد
متى تشرق شمسي التي لم أرها
متى يملأ الغائبون الدار
متى..؟
(الأجساد يقلبون الخوذة ويصعدون فيها وهم يجذفون يمينا وشمالاً وكأنهم في سفينة ببحر متلاطم الامواج..)
الأول: هل وصلنا..؟
الثاني: ما زال المكان بعيداً.. قاوم هذا التيار، لم يبق الا القليل..
الأول: الطوفان قادم..
الثاني: سننجو... اجذف، اجذف.. لم يبق شيئاً..
الأول: حين ينقشع الليل تنقشع معه كل الخفافيش، لا تنظر للخلف..هناك ثمة من ينتظرنا، آباء وأمهات وأطفال ينتظرون..
الثاني: يداي لا تعينانني على التجذيف، لننتظر حتى شروق الشمس..
الأول: نحن من يأتي بالشمس، كن قوياً فهناك من يتلهف لرؤيتنا بعد هذا التيه..
الثاني: تيه ثانية، نعيش بالتيه والوهم.. سنوات ونحن نشكو أمرنا لمن بيده الأمر ان يخرجنا من هذا التيه، سنوات عجاف تتبعها سنوات أشد بؤساً، حتى صارت أبوابنا مترعاً للشؤم..
الأول: لا تيأس يا صاحبي، كي تصل لا بد من ثمن..
الثاني: دفعناه من شبابنا، وأحلامنا، دفعناه من أرواح ملأت سقف السماء، ألا تشبع السماء من أثماننا..؟
أصوات من الخارج:
طويل ليلك ايها الغريب، بطول غربتك وحنينك لنخلة مثقلة بالعذوق..
بارد ليلك ايها الغريب، برودة الموت الذي يترصدك..
(صوت أمواج متلاطمة، تخيم العتمة في المكان..)
اللوحة الثانية:
(امرأة توقد شمعة في جانب المسرح، بينما الرجل يذهب ويجيء في مساحة قصيرة ممسكاً جهاز الموبايل ويبدو القلق عليه واضحاً...)
المرأة: ألم يتصل...؟
الرجل: انقطع الخط.. حاولت كثيراً لكني لم أفلح..
المرأة: هل خرج من سبايكر...
الرجل: لا أظن، الطريق طويلة حتى يصل للمدينة...
المرأة: استحلفك بالله يا أم البنين، بدم شهيد كربلاء، ردي إليّ فلذة كبدي، لم أخرج في هذه الدنيا الا به..
الرجل: لن تخذلنا، لن تخذل الأولاد الملفعين بالحياة، سيأتون مثل الفجر، بيض الوجوه وفي أكفهم رائحة الجنة...
المرأة: (تحمل شمعتها وتدور في المكان):
أعينيني ..
يا سماء الرعد : أعينيني ..!
لم أحصِ انكساراتي بعد
فالعاصفةُ آمنةٌ
رغم أنها آتية لا ريب ..
ما حانَ وقتُ الحصاد
لِمَ السنابل ترتجف ...؟
لِمَ البيوت تغلقُ أبوابها
في وجوه السائلين..؟
الرجل: استحلفك بالله بكاؤك يمزق كبدي، لم أعد أرى إلا وجوهاً اشغلها الحنين للبيوت الآمنة..
المرأة: تباً لبيوت لم تأوِ أقماراً، تباً لزمنٍ غدّار...
دع عنك لومي فقلب الأم بوصلة للأبناء..
الرجل: قلت لك سيأتي، لابد ان يأتي، فالرب يرى ويسمع سيبسط كفيه للأولاد ويأتي بهم الى أحضان أمهاتهم...
المرأة: لم يبق حضن يمنحهم الدفء، لم يبق الا دمع يشوي كالجمر الأحداق.. (تضع الشمعة على الأرض) أيّةُ يدٍ ألقت حصاها عليكِ واصطادت عصافيركِ ومزّقت بردتكِ الخضراء ..؟ أمِنَ الغيمِ مُدَّتْ .. تلكَ اليدُ الصفراء ؟!
(إظلام ، في جانب المسرح يظهر شاب (الأول).. حاملا حقيبته، المرأة خلفه تحمل ماعوناً فيه ماء)
المرأة: هذا ماء وضوئي، ماء ممزوج بدعائي.. احمل منه رذاذا ينجيك من البلوى..
الشاب: لن أتأخر، سأعود ..
المرأة: ستعود، حتماً ستعود، لم يخطأ قلبي مذ عمّدتك مجبولاً بالضوء، ستعود بعد ليالٍ عسر.. ستعود...
(إظلام وبقعتا ضوء على الشاب والمرأة كل على جانب)
الشاب (لوحده): ستعود بعد ليالٍ عسر.. كل صباح، تدندن أمي..
المرأة (لوحدها تكمل): بيوتنا مليئة بصور الغائبين، صور بالأسود والأبيض، بوجوه تصبغها الحيرة والأرق..
لم تعد ساكناً الجول، ولم تعد عليلاُ
مازالت سكينتك تأد أحلام الاولاد،
اولادنا ، أعمارنا تمشي على الارض
(صوت في الخلفية لواحدة من اغاني معركة 1980 -احنا مشينا للحرب)
ألم تقل ، إحنا مشينا للحرب حتى الوطن سالم يظل لجيالنا
حتى الطفولة واللعب ما تحترك يوم ابلهب عدوانه
هذا العراقي من يحب يفنى ولا عايل يمس محبوبته
الم تشبع المحبوبة بعد من أجساد أكلتها النار
ألم تشبعي بعد..؟
(اظلام)
اللوحة الثالثة
(الرجل في جانب المسرح يجلس مهموما)
الرجل: ما أطول هذا الليل،
كأني والجرذان تخرج من مخبأها
باحثة عن عرق فينا
تمتص أرواحنا...
جرذانٌ تخرج من بيوت كنّا نظنّها مأوىً للخير
بيوتٌ من حقد أسود، تصرخ:
دونكم والجنوب المضيء
اطفئوا أنواره
افقأوا أعين صبيته
من ذا يمدُّ يداً ينتشل الاولاد من بحر الشؤم..
ايتها العيون المجبولة بالكره
أما اكتفى اهلوك من اضرام النار بأجسادنا
أما اكتفيتِ من لؤمك..؟
(ينهض وبحزم)
أعرفُ انّ قدر المرء لا مهربَ منه
يتبعه كظلّه
لكني ما زلتُ اعلّقُ كفّيَّ ببرج الله
(يدعو بصوت عالٍ)
يا محيي الموتى ومميت الاحياء
يا من تسمع مالا نسمعه
وتعلم مالا نعلمه
انزل غضبك فوق شياطين الدنيا
انزل غضبك
ان لم تنزله الآن سنُشْبِعُ موتاً !
(اظلام- أصوات أمواج متلاطمة)
اللوحة الرابعة :
(أصوات امواج متلاطمة وريح شديدة.. الاول والثاني وسط السفينة وقد انهكهما التعب)
الاول: المسافة تمتد وتمتد والقوة تذبل وخفافيش الليل تتبعنا..
الثاني: ليتني استطيع اختزال المسافة وامسك بيديّ الذابلتين الجرف الآمن..
الاول: الجرف الآمن..؟ أيُّ جرفٍ آمن وتلك خفافيش الموت تدور..وكل الدروب التي انهكتنا تغصُّ بهم..
الثاني: وما الحل ان لم نصل..؟
الاول: (يفكر) لننزل في الماء ثم نعوم..
الثاني: (مستغربا) وهل نستطيع...؟
بجسدين هزيلين وامواج متلاطمة وعيون تترصدنا..
هل نستطيع..؟
الاول: ألم أقل لك أنك لن تستطع معي صبرا..!
الثاني: عن أيِّ صبرٍ تشير والطرقات لم تعد آمنةً..؟
عن أيِّ صبرٍ تشير والجموعُ لملمت اشتاتها وبانت نيوبها..
مذ بدأَ الليلُ يغطّي النهار ونحنُ نعومُ ببحرٍ لا قرار له..
تمنيني بالخلاص وهو بعيد..
الاول: أنت تراه بعيداً وهو قريب..
الثاني: قريب..؟ تفصلنا عنه ليالٍ اكثر عتمة وتقول قريب..؟
تفصلنا عنه أنهارٌ من قهرٍ ودموعٍ وتقول قريب..؟
أيُّ قربٍ هذا يا صاحبي..
الاول: ان تكون على مرمى الخلاص، تحلمُ بالبيت الآمن
والامهات اللاتي يعلّقنَ أعينهن على الابواب
بانتظار الغائبين
هو ذا القرب..!
ان ترى الولدان وهم يحملون الارواحَ على اكفّهم
ويرسمون خطوطا للسائرين في لجّة التيه
هو ذا القرب..!
الثاني: مجرد احلام تخيطها بخيوط لا تنجد احداً
كأنّكَ لا ترى ما نحن فيه
دع عنك الأحلام
الخفافيش على مرمى حجر
الأمهات اللاتي علّقن أعينهن على الأبواب
سيجف دمعهن
ويذبل فيهن حلم عودة الغائبين..
والولدان الذين حملوا أرواحهم على الأكف
صاروا تراباً
وذابت ارواحهم في ملكوت الله
تلك هي احلامك،
فيما نحن نمضي الى المجهول..
الاول: يا ليأسك..!
كنت اظنّك أقوى من ان يأخذكَ اليأس..
الثاني: صرنا سلعاً للبيع
باعونا بثمنٍ بخسٍ
باعونا لخفافيش الليل وسرّاق الاحلام
باعونا للذل وهم اكثر ذلا..
مكتوبٌ ان نشقى في الدنيا نحن الفقراء
وهناك، ثمة من ندفع عنه ، وندافع عنه
نحن جيل البارود والنار..
الاول: قبل ان أجيء، كنت احمل صندوقاً للاحذيةِ
أدور في الطرقات
او اتخذ زاويةً في الشارع
انظر للناسِ
يمرّون بأحذيةٍ شتّى
أنا، صبّاغُ الاحذيةِ
لا انظر للوجوه
فالوجوه لا تعنيني
باسمةً او غاضبة
مترعة بالخير او مشحونة بالشر
لا تعنيني
ما يعنيني هو الحذاء !
لذا كتبت على صدر الصندوق
قيمة المرء بحذائه..
الثاني: أما أنا، قبل أن اجيء،
كنت أبحث عن عمل،
فكرت كثيرا في الهجرة
الا ان الارض كانت تشدّني اليها
بقيت شهوراً،
اطبع وجهي في الحيطان
لاشيء لدي
سوى اوراق مزّقها الوقت
كانت نهاراتي مترعة بالدوران
اجوب المدن المكتظة بالسائلين
والغافين على أرصفة العوز..
صرتُ واحدا منهم..
ياخذني رصيفٌ لرصيفٍ آخر
وزقاقٌ لزقاقٍ آخر
يمتدُّ بي النهار لليلٍ طويل،
لم يخطرْ ببالي انّ القدرَ يلملمُ أشيائي..
ليضعني هنا،
في زاويةِ الموت !
(اظلام)
اللوحة الخامسة
(الرجل والمرأة)
الرجل: سألتُ ولم يعطني أحدٌ جواب..
لسنا وحدنا، هناك من يبحثُ هو الآخر عنهم..
المرأة: كلُّ يومٍ أسمعُ منكَ هذا، سالت وسألت..
الرجل: ليس لدينا غيرَ السؤال، قضينا أعمارَنا بالسؤال،
وليسَ هناكَ من يدلُّ السائلينَ على جواب..
المرأة: لا جواب ، مَنْ لديهِ الجواب إذن..؟
مَنْ يطفيء النارَ التي أوقدها الحاقدونَ في صدري..
مَنْ يأتيني بجوابٍ يشفي غليلي..
أعتبُ على مَنْ..؟
على حظًّ ضيّعَ مني كلَّ سني العمر..؟
على ماءِ وضوئي وأنا أتبعهُ ، أرشّ الأرض خلفه وأطشّر معه السنوات..
الرجل: سحقاً للسنواتِ التأخذُ منّا أكثر مما تعطي..
لا قدرةَ لي في أن أوقفها...أرجعها..
لا قدرة لي في ردِّ الغرباءِ وإيقاف البلوى..
المرأة: أيّ ندمٍ هذا..؟
تدفعهُ حيث التيهِ وتندم..؟
الرجل: مَنْ قال اني ندمت..؟
لا خيرَ بأولادٍ لا يحمونَ الدار..
المرأة: لا خيرَ بآباءٍ دفعوا الابناءَ بأتونِ الموت..
الرجل: لولاهم لامتدت تلك النار وصرنا هشيماً..
المرأة: يموتون لنحيا...تلك معادلة الضعفاء..
الرجل: لست ضعيفاً ، ستريني كيف سأحمل عمري وأشدّ نطاقي وأنزل فيهم غضبَ الله..
ستريني كيف أصولُ بصولاتِ الامس..
وألقنهم درسَ رجال الضيم..
المرأة: مللنا خطاباتٍ فارغةً..
أريدُ ولدي..
زهرةَ عمري،
اعيدوا لي وجهاً يمنحني الدفء.
أعيدوا لي ربيعاً سقتهُ دموعي..
الرجل: قدرُنا ان نمتطي صهوةَ الحرب..
المرأة: حرب..حرب..حرب.. متى تنتهي اللعينةُ الحرب..؟
الرجل: حين يحاصرُ الغرباءُ دارك،
وتكشّرُ الذئابُ نيوبها،
ما عليك الا شدّ نطاقك،
قبلما ينقضّوا عليك.
لهذا فنحن نحارب، ونبقى نحارب، لا من أجل اشاعة وجه الموت، بل من أجل حياةٍ بلا خوف.
المرأة: وأين هي تلك الحياة البلا خوف..؟
طوابيرٌ تُقاد بوجوهٍ مذهولة
واجسادٍ انهكها التعب
لا أحدَ يوقفهم
لا أحدَ يصرخُ فيهم:
يكفيكم خراباً
يكفيكم ذبحاً..
يكفيكم موتاً.
الرجل: لا أحدَ يسمعكِ في هذا العالمِ المشحونِ بالحقد والبلوى.
حتى أولئك الذين يبتسمون لك يضمرون في صدورهم حقداً..
(يردد مع نفسه):
اذا رأيتَ نيوبَ الليثِ بارزةً
فلا تظننَّ انَّ الليثَ يبتسمُ.
المرأة: هم يضحكون...بينما أولادنا يحترقون
هم يعتاشون على جراحاتنا..
الرجل: ألا يكفيك اللوم..؟
ما راحَ راح..بكاؤكِ لا يعيد لنا غائب..
لا يعيد لنا الراحلين..
مذ خيّمَ الليلُ علينا
وعلا نباحُ الكلابِ
ونحنُ نئِنُّ..
المرأة: أرأيت...؟ أنت لم تنسَ..
تجبرني على النسيان ولم تنسَ..
تجبرني ان اخنقَ أحزاني ولم تنسَ..
أينَ هو عدلك يا صاحب العدل..؟
لِمَ تهبنا الحياة ما دمتَ قد هيّأتَ لنا مرجلَ الموت..؟
الرجل: العدلُ موجود..
في حياتنا عدلٌ..
وفي موتنا عدلٌ..
هو أعلمُ منكِ ومني بنا..!
المرأة: أووووف...يا ضيقَ الصدر..
من يخرج منه الجمر..؟
من يخرج من رأسي عذاباتِ سني القحط..
الرجل: ما كانت بلواك لوحدك..
هناك، في البيوت المفطومة على ظيم..
ثمةَ من هنَّ أكثر حزناً منك..
الأمهات اللاتي نسينَ الفرحَ،
ولم يطرقْ بابهنّ منذُ الحربِ الأولى..
ما زلنَ يقفنَ عندَ الأبوابِ بانتظارِ الغائبين..
(قطع- اظلام)
اللوحة السادسة:
(الاول والثاني في منكن وحدنا..مكانهما وقد انهكهما التعب كثيرا)
الاول: الان فقط، أسلّمُ روحي للريحِ علّها تلقي بها على عتبات البيوت..
تخبرهم أنّ هناكَ مَنْ كانَ وفياً للطرقاتِ
الثاني: لم نكن وحدنا في هذا التيه وتلك البلوى، لم نكن وحدنا..
فعلنا ما بالوسعِ لكنَّ القدرَ كان غليظاً..
الاول: غليظاً ومُرّاً..يا صاحبي،
أراهُ وقد مدَّ يديهِ ،
يهمسُ في أذني..
يرغّبني بحياةٍ لا لؤمَ فيها ولا حقد..
الثاني: لنمضي..لنمضي..
(مع نفسه) اذا كان التراب لا يرتوي الا بقتلي، فيا قدري خذني اليه..
(الاول والثاني يقلبان الزورق ليعود شكل الخوذة المثقوبة)
(اجساد تبدأ بالدخول عبر الثقب، بينما يسمع صوت المرأة في الخارج)
صوت المرأة:
يا وجهَ النهارِ المعجون بالتراب واللهب
تبت يدا ابي لهب..وتب
خُذ يديك وغادرنا أيها الموت
رفقاً بأجسادٍ كانت تحلمُ بالياسمين..
تحلمُ بعيشٍ هانئ..
يا موت، خذ ما أخذت، وارحل..
افتح باباً للفرحِ المرسومِ على الأبواب
وآتي بوجوهٍ لم تغبِ
ما زالت تحملُ أحلامها..
وتنثرها فوق قمم الجبال في الشمال،
فوق رؤوس النخل في الجنوب
يا موت...
عدوك عليل وساكن الجول..
غيّبتهم تكريت، غيّبهم جبل حمرين وساحات الموت..
هم غابوا، لكن صورهم ما زالت تشير الى أحلامهم المؤجلة..
(اظلام- ستار)
البصرة 25 نيسان/ابريل 2015
-----------
* جعبان : النمل الفارسي