-3-
إننا نهدف من هذه المنشورات الموجزة إلى الإشارة إلى أهم المشاريع الفكرية التي أعدها المفكرون العرب، وأرسوا من خلالها توجهات منهجية لدراسة التراث العربي والإسلامي، وعبر ذلك أشاروا إلى مدى تأثير التراث بمختلف مداركه ومرجعياته في الراهن العربي والاسلامي، كما حاولوا تقديم بدائل كفيلة بتوفير شروط النهضة حسبهم، وفي قراءتنا هذه المشاريع المنجزة من المفكرين العرب المعاصرين، نسعى إلى الخروج بتصور نحدد من خلاله أسباب وملابسات وخلفيات عدم رواج هذه المشاريع على تنوعها، وحصارها في حدود التنظيمات السياسية التي انتمى إليها هؤلاء المفكرون، أو بقائها رهينة أدراج المكتبات وفي أحسن الأحوال اعتمادها مراجع في دراسات أكاديمية تنكفئ على ذاتها هي الأخرى، في حين أننا وجدنا فتاوى وقراءات واجتهادات محدودة علما ومنهجا وإدراكا، كان لها بالغ الأثر في واقع المجتمعات العربية ماضيا وحاضرا، وغايتنا من هذا أيضا التعريف بأهداف هذه المشاريع التي جعلت من موضوع التراث ميدانا لدراستها وتحليلها، لأنها ترى أن معركة التحرر العربية تقتضي الحسم في قضية التراث، وعليه سخروا وقتهم وجهدهم لتحليل التراث العربي والإسلامي، وكان لهم فيه اجتهادات وآراء، بينما المشروع البديل الذي نتطلع إليه، يجعل من دراسات المعاصرين للتراث ومخرجاتها موضوعا للتشريح والتحليل والتصنيف المنهجي، واستخلاص النتائج، وتقديم بدائل وحلول لمشكلات الراهن، دون إدعاء الكمال في ذلك، ويتطلع المشروع البديل إلى خلخلة الساكن، بما يطرح من إشكاليات، ويهدف إلى تحقيق بعض المأمول،
وفي هذا المنظور تتنزل قراءة مشروع المفكر حسين مروة الذي تعد منجزاته أحد المشاريع الفكرية المهمة، التي سعت إلى قراءة التراث العربي الإسلامي قراءة وفق منهج المادية التاريخية، والجدلية المادية (الديالكتيك) التي تعتبر أن المنجز الإنساني من علامات ورموز وإشارات والمنجز الثقافي بكل تجلياته وتمظهراته، والتراث المادي وغير المادي، ما هو إلا إنعكاس للممارسة الاجتماعية وتفاعلاتها، كما تعتبر هذا المنجز بنية فوقية، وهي في علاقة جدلية مع البنية التحتية، وارتباط كل ذلك بالشرط التاريخي وسياقه، والنظر إلى المادة باعتبارها سابقة على الوعي، ووفق هذه الرؤية الفلسفية يبني حسين مروة مشروعه الفكري في رؤية العالم وقراءة التراث، وفهم مسارات الحضارة والتاريخ في حركيته ماضيا وراهنا، وجميع مؤلفاته قائمة على هذه المنظومة الفكرية ومرجعياتها المنهجية وآلياتها إدراكا وفهما، ووفق هذا المنهج أنجز حسين مروة مشروع الفكري المضمن في أهم كتبه ومنها:
1-قضايا أدبية (1956)
2-الثورة العراقية (1958)
3-دراسات نقدية في ضوء المنهج الواقعي (1965)
4-النزعات المادية في الفلسفة العربية والإسلاميّة (جزءان) (1978) - عدة طبعات
5-دراسات في الإسلام (مع آخرين) (1980)
6-تراثنا كيف نعرفه (1985)
7-ولدت شيخاً وأموت طفلاً (سيرة ذاتية) (1990)
8-دراسات في الفكر والأدب (1993)
وأما الكتب والمقالات والدراسات التي كتبت عنه فهي كثير نذكر منها:
1-التراث العربي والعقل المادي: قراءة في فكر حسين مروّة. د. موسى برهومة. دار التنوير، 2017.
2-شهادات في فكره ونضاله. تأليف عدد من الأدباء والكتاب.
3-سلسلة مقالات في مجلة الطريق
ومجلةالنهج، ومجلة الوقت
4-حسـين مروّة الموقف والمفكر. مهدي عامل.
ويعتبر كتابه النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية أهم منجز في مشروع حسين مروة الفكري، صدر الكتاب في أربعة مجلدات، وقد تناول العديد من القضايا في الفكر العربي الإسلامي منها قضية العهد الجاهلي والأنماط الاجتماعية والاقتصادية، والقيم السائدة، ومسألة اللغة والشعر، والأديان السائدة آنذاك، ومسألة الوثنية، وقضية الوجود والماهية، ومسألة الخلافة، وحركة الفتح، وعملية التفاعل الاجتماعي والثقافي، والتشريع، والعلاقة بين الفكر العلمي والفكر الفلسفي، وتناول صدر الإسلام بتحليل معمق وفق المنتج المعتمد، كما درس أسباب نشأة الفرق الإسلامية من معتزلة وأشعرية خوارج وسوى ذلك، وتصدى إلى دراسة المنطق وعلم الكلام، والتصوف وإخوان الصفا، وتوسع في دراسة مؤلفات الشيخ محيي الدين ابن عربي والسهروردي، وتطور العلوم عند العرب، وحلل نضج المنجز الفلسفي عند أعلامه من أمثال الكندي والفارابي، وابن سينا... وقد وظف حسين مروة أسس المنهج المادي التاريخي بتمكن وكفاءة؛ فقد تتبع الظواهر الفكرية والفلسفية وحللها؛ وكشف علة نشوئها؛ والعوامل التاريخية التي أسهمت في إيجادها محددا فاعليتها وأبعادها البنيوية والوظيفية وخلفياتها الاجتماعية التاريخية.. لقد أودى هذا المشروع بحياة المفكر حسين مروة رحمه الله، وهذا من الأدلة التي تؤكد مدى توجس اللاعقل والجهل والتعصب من أي رأي مختلف، ومع ذلك فقد بقي مشروع حسين مروة أنجز أو لم ينجز، لكن الغادر به، لا ذكر له...
إن أخطر ما يكرس التخلف هو الخوف من الجدل الفكري، والهرب من الحجاج المنطقي في مناقشة الفكر الخالص، وإن كان مخالفا لما نؤمن به أو نعتقده.. ألم يقل الجاحظ في كتابه البيان والتبيين: (حوار الرجال تلقيح العقول)..
هذه المنشورات مختصرة ننشرها هنا بتصرف ، وهي أفكار أولية لمشروع كتاب أردناه حول: (الراهن والمشروع البديل)، كانت تراودنا فكرة كتابته من فترة الثمانينات والتسعينات، وقد نشرنا بعضا من هذا المشروع في مجلات وجرائد تحتاج إلى إعادة نظر...
/نورالدين السد - الجزائر...
إننا نهدف من هذه المنشورات الموجزة إلى الإشارة إلى أهم المشاريع الفكرية التي أعدها المفكرون العرب، وأرسوا من خلالها توجهات منهجية لدراسة التراث العربي والإسلامي، وعبر ذلك أشاروا إلى مدى تأثير التراث بمختلف مداركه ومرجعياته في الراهن العربي والاسلامي، كما حاولوا تقديم بدائل كفيلة بتوفير شروط النهضة حسبهم، وفي قراءتنا هذه المشاريع المنجزة من المفكرين العرب المعاصرين، نسعى إلى الخروج بتصور نحدد من خلاله أسباب وملابسات وخلفيات عدم رواج هذه المشاريع على تنوعها، وحصارها في حدود التنظيمات السياسية التي انتمى إليها هؤلاء المفكرون، أو بقائها رهينة أدراج المكتبات وفي أحسن الأحوال اعتمادها مراجع في دراسات أكاديمية تنكفئ على ذاتها هي الأخرى، في حين أننا وجدنا فتاوى وقراءات واجتهادات محدودة علما ومنهجا وإدراكا، كان لها بالغ الأثر في واقع المجتمعات العربية ماضيا وحاضرا، وغايتنا من هذا أيضا التعريف بأهداف هذه المشاريع التي جعلت من موضوع التراث ميدانا لدراستها وتحليلها، لأنها ترى أن معركة التحرر العربية تقتضي الحسم في قضية التراث، وعليه سخروا وقتهم وجهدهم لتحليل التراث العربي والإسلامي، وكان لهم فيه اجتهادات وآراء، بينما المشروع البديل الذي نتطلع إليه، يجعل من دراسات المعاصرين للتراث ومخرجاتها موضوعا للتشريح والتحليل والتصنيف المنهجي، واستخلاص النتائج، وتقديم بدائل وحلول لمشكلات الراهن، دون إدعاء الكمال في ذلك، ويتطلع المشروع البديل إلى خلخلة الساكن، بما يطرح من إشكاليات، ويهدف إلى تحقيق بعض المأمول،
وفي هذا المنظور تتنزل قراءة مشروع المفكر حسين مروة الذي تعد منجزاته أحد المشاريع الفكرية المهمة، التي سعت إلى قراءة التراث العربي الإسلامي قراءة وفق منهج المادية التاريخية، والجدلية المادية (الديالكتيك) التي تعتبر أن المنجز الإنساني من علامات ورموز وإشارات والمنجز الثقافي بكل تجلياته وتمظهراته، والتراث المادي وغير المادي، ما هو إلا إنعكاس للممارسة الاجتماعية وتفاعلاتها، كما تعتبر هذا المنجز بنية فوقية، وهي في علاقة جدلية مع البنية التحتية، وارتباط كل ذلك بالشرط التاريخي وسياقه، والنظر إلى المادة باعتبارها سابقة على الوعي، ووفق هذه الرؤية الفلسفية يبني حسين مروة مشروعه الفكري في رؤية العالم وقراءة التراث، وفهم مسارات الحضارة والتاريخ في حركيته ماضيا وراهنا، وجميع مؤلفاته قائمة على هذه المنظومة الفكرية ومرجعياتها المنهجية وآلياتها إدراكا وفهما، ووفق هذا المنهج أنجز حسين مروة مشروع الفكري المضمن في أهم كتبه ومنها:
1-قضايا أدبية (1956)
2-الثورة العراقية (1958)
3-دراسات نقدية في ضوء المنهج الواقعي (1965)
4-النزعات المادية في الفلسفة العربية والإسلاميّة (جزءان) (1978) - عدة طبعات
5-دراسات في الإسلام (مع آخرين) (1980)
6-تراثنا كيف نعرفه (1985)
7-ولدت شيخاً وأموت طفلاً (سيرة ذاتية) (1990)
8-دراسات في الفكر والأدب (1993)
وأما الكتب والمقالات والدراسات التي كتبت عنه فهي كثير نذكر منها:
1-التراث العربي والعقل المادي: قراءة في فكر حسين مروّة. د. موسى برهومة. دار التنوير، 2017.
2-شهادات في فكره ونضاله. تأليف عدد من الأدباء والكتاب.
3-سلسلة مقالات في مجلة الطريق
ومجلةالنهج، ومجلة الوقت
4-حسـين مروّة الموقف والمفكر. مهدي عامل.
ويعتبر كتابه النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية أهم منجز في مشروع حسين مروة الفكري، صدر الكتاب في أربعة مجلدات، وقد تناول العديد من القضايا في الفكر العربي الإسلامي منها قضية العهد الجاهلي والأنماط الاجتماعية والاقتصادية، والقيم السائدة، ومسألة اللغة والشعر، والأديان السائدة آنذاك، ومسألة الوثنية، وقضية الوجود والماهية، ومسألة الخلافة، وحركة الفتح، وعملية التفاعل الاجتماعي والثقافي، والتشريع، والعلاقة بين الفكر العلمي والفكر الفلسفي، وتناول صدر الإسلام بتحليل معمق وفق المنتج المعتمد، كما درس أسباب نشأة الفرق الإسلامية من معتزلة وأشعرية خوارج وسوى ذلك، وتصدى إلى دراسة المنطق وعلم الكلام، والتصوف وإخوان الصفا، وتوسع في دراسة مؤلفات الشيخ محيي الدين ابن عربي والسهروردي، وتطور العلوم عند العرب، وحلل نضج المنجز الفلسفي عند أعلامه من أمثال الكندي والفارابي، وابن سينا... وقد وظف حسين مروة أسس المنهج المادي التاريخي بتمكن وكفاءة؛ فقد تتبع الظواهر الفكرية والفلسفية وحللها؛ وكشف علة نشوئها؛ والعوامل التاريخية التي أسهمت في إيجادها محددا فاعليتها وأبعادها البنيوية والوظيفية وخلفياتها الاجتماعية التاريخية.. لقد أودى هذا المشروع بحياة المفكر حسين مروة رحمه الله، وهذا من الأدلة التي تؤكد مدى توجس اللاعقل والجهل والتعصب من أي رأي مختلف، ومع ذلك فقد بقي مشروع حسين مروة أنجز أو لم ينجز، لكن الغادر به، لا ذكر له...
إن أخطر ما يكرس التخلف هو الخوف من الجدل الفكري، والهرب من الحجاج المنطقي في مناقشة الفكر الخالص، وإن كان مخالفا لما نؤمن به أو نعتقده.. ألم يقل الجاحظ في كتابه البيان والتبيين: (حوار الرجال تلقيح العقول)..
هذه المنشورات مختصرة ننشرها هنا بتصرف ، وهي أفكار أولية لمشروع كتاب أردناه حول: (الراهن والمشروع البديل)، كانت تراودنا فكرة كتابته من فترة الثمانينات والتسعينات، وقد نشرنا بعضا من هذا المشروع في مجلات وجرائد تحتاج إلى إعادة نظر...
/نورالدين السد - الجزائر...