صدر عن مؤسسة دار الصادق الثقافية في العراق كتاب (مباحث في التأمل الفلسفي ) للأستاذ الدكتور محمد كريم الساعدي ، وهو الإصدار الثالث عشر له ، ويقع الكتاب في (145) صفحة وعشرة مباحث تقع في خمسة فصول ، ويتناول الكاتب في هذا الكتاب مقدمة عن التأمل الفلسفي في الفلسفة الإغريقية ما قبل السقراطية ، من خلال معنى التأمل الذي يقصده الكاتب بشكله الأولي للصيغة التي جعلت من الفيلسوف ينظر إلى الأشياء والموجودات والنظام العام للكون بنظرة مختلفة عما سبقه من نظرات اسطورية وغيرها التي تخضع إلى معطى طقسي مرتبط بالعبادات الأولى عند البشر . تضمن الفصل الأول التأمل في التحول من الأسطوري إلى الفلسفي في فكر (طاليس) من خلال تناول أفكاره العامة وطبيعة التأمل الفلسفي لديه كون أن دراسة التأمل الأول تدخل في البحث عن طبيعة الإنتقالة الحقيقة على وفق الأطر التاريخية بين ما هو أسطوري ، وبين ما هو تأملي فلسفي ، كون أن التأمل هو الصيغة التي تمت من خلالها الإنتقالة والتغيير في نمط التفكير ، وهي اللحظة الأولى التي تغير فيها البحث عن حقيقة الأشياء والكون ، وهو ما سعى اليه (طاليس) في حقبته الزمنية في بدايات الحضارة الإغريقية، حتى وإن كانت هذه الإنتقالة بصيغتها الأولى والبسيطة ، لكن أهميتها تأتي من كونها غيرّت مسار الفكر والرؤية إلى العالم وأنماط التفكير من حال كان فيه البشرية تركن إلى الأسطورية في أرجاع الأشياء إلى أصلها الأول، وحولها إلى تفكير آخر أكثر تشغيلاً للعقل والفكر في صيغ البحث عن الحقيقة ، وماهية التفسيرات التي تشكّل منها الوجود . وتضمن الفصل الثاني التأمل في اللامحدود عند الفيلسوف اليوناني (أناكسيماندر) على وفق الرؤية في اللامحدود ومفهوم الأبيرون ، وأهم طروحات (أناكسيماندر) الفلسفية في ضوء هذا العنصر ، على أعتبار أن التأمل جاء في كون أن الأشياء لا يمكن أن تأتي من مصدر واحد يكون موجود في مكان ولا موجود في مكان آخر ، وحسب المعطيات التي دعت (أناكسيماندر ) لتبنيها في نظرته التأملية للموجودات ، لهذا السبب بحث الفيلسوف الثاني عن مرجع نشأ منه الكون والأشياء والموجودات معاً . أما الفصل الثالث تناول من خلاله المؤلف التأمل في تحول العنصر الأول في الموجودات من خلال (التكاثف والتخلخل) عند (أناكسمانس) من خلال الملامح العامة لفلسفته وسمة التأمل في صيرورة العنصر الأول لديه أما فيما يخص سمة التأمل لديه أتت من خلال رؤيته للمادة الأولى فإنها هي المتعينة من خلال أثارها ، وكذلك من خلال تحولاتها في الأشياء والموجودات وأشكالها وصورها المتكونة من هذا التحول . أما الفصل الرابع فتناول الكاتب فيه مفهوم التأمل في تحول من الطبيعي إلى التجريدي في فلسفة العدد والإنسجام الفيثاغوري من خلال فكرة التجريد في تأسيس الفكر الديني والروحي لدى (فيثاغورس) ، وكذلك في التأمل في الفكر التفسيري للظواهر والموجودات من خلال فلسفة العدد والقضية الرياضية التأمل الفلسفي الفيثاغوري ، والهندسة وأبعادها الفلسفية التأملية لدى الفيثاغوريين ، والموسيقى وجماليات الانسجام في التأمل الفلسفي ، والفلك والبعد الكوني في التأمل الفلسفي وأخيراً تناول الكاتب في الفصل الخامس التأمل في الصيرورة والتغير الدائم في ضوء تصورات الوجود في فلسفة هرقليطس من خلال أفكار هرقليطس العامة في فهم الإنسان والكون ، والصيرورة وعدم الثبات في فهم الوجود في فلسفته . ويعد هذا الكتاب الجزء الأول في سلسلة سيتناول من خلالها الكاتب فلاسفة إغريق في المرحلة الأولى من التأمل في الفلسفة الإغريقية ما قبل السقراطية .