العزيز الطاهر
قرأت باستمتاع وبكثير من الاهتمام مؤلّفك المعنون "القاموس المحبّ للمغرب. Dictionnaire amoureux du Maroc"، الغني بالمعلومات والمسلّي الذي يقدّم "هذا المغرب الذي نحبّه كثيرا والذي يعيد لنا الحياة" كما كتبت، بصدق، في إهداء النسخة التي اعتنيت بمنحي إيّاها.
تردّدت في كتابة هذه الرسالة، وتردّدت أكثر في نشرها على الموقع الأثير لديّ (Quid.ma). تردّدت في كتابتها لأنّ هذا المغرب "المغرب الخصوصي، العميق والجواني الذي تحمله في داخلك..." منذ الميلاد هو ما أحترم قوّة وصدق ميزته، تردّدت لأنّي قليل النّشر مسكونا بعبء احتياط صعب الإرضاء.
لماذا تجاوز، ولمرّة، هذا المقتضى؟ لأنّني كما أنت حيث كنّا صديقي دراسة في كليّة الآداب بالرباط، تابعنا بإمعان دروس رولان بارط، وتعلّمنا أنّ كتابا منشورا لا يظلّ في ملكية من كتبه، وإنّما يصير في ملكية من يقرؤه، ومن "يعيد كتابته" من خلال "قراءته" بصورة ما. لأنّ "الكتابة تمكث في الأرض" (Sripta Manent )، بينما "الكلام يتطاير في الهواء" (Sripta Volent) كما يقول المثل اللاتيني. لاسيما وقد أسررت إليّ، بصداقة، إمكانية نشر طبعة ثانية من القاموس، هذه الثقة تسمح لي الاعتقاد بأنّك ستستقبل بطيبة، برحابة صدر وبكرم الملاحظات المتواضعة والتعقيبات على بعض المداخل التي يمكن في الطبعة الثانية أن تُستكمل وتُغتنى بل أن تُعدّل أوتُحذف. وأخيرا لأنّ بعضها يمكن أن يمضّ ويوجع كلّ من يحبّون المغرب كما أنت ويأخدون على عاتقهم، بشغف، الدّفاع عنه وتقديم صورة له للقرّاء المطّلعين، وبالأخص لمن ليس لهم اطّلاع.
مدخل: B
برقع
هذه اللفظة في قاموس مفتون بالمغرب تصعق. هي غريبة عن لهجتنا الدّارجة، كما هو غريب اللّباس الذي تسمّيه. طبعا، ثمّة قلّة قليلة من أفراد الشعب ترتديه، مضلّلة بفعل وهم هداية ميئوس منها، ما يشوّش قليلا على المشهد إن على الشاطئ أو في المدينة.
هي غريبة حتى أنّه في الفقرة المكرّسة لها تبرز الكلمة الاعتيادية في اللّباس التقليدي "الجلاّبة" (الصورة التوضيحية لا تمثّل أبدا البرقع، وإنّما حقّا الجلاّبة واللّثام) كما لو أنّ هذا الظّهور المباغت هو انتقام الأصيل من الغريب. المدخل المخصّص في الصفحة 204 للفظة "جلاّبة" كان يعفينا من مدخل برقع.
لفظة "حايك" في مقدورها هي أيضا أن تجد لها مكانا في هذا القاموس. الحايك، بالتأكيد،أقلّ حضورا في حياتنا اليومية المدينية، لكنّه ما زال يُشاهد في بيئتنا القروية. أمّا فيما يخصّ المتفرّقات الإخبارية التي تستحضرها، فإنّها ظرفية وليست بنيوية. إذا كان البرقع يستمرّ في استهواء بعض الضّالات، فإنّ الجلاّبة التي يحملها الرّجال كما النّساء، تفتن عالم الموضة الوطنية والعالمية، ولا شكّ، سيكون لها، في قاموس للأزياء، مدخل مبهر. كما يسمح بالتكهّن بذلك الإيضاح المخصّص لهذا المدخل.
مدخل: C
أغنية Chanson
صيغة الجمع أكثر ملاءمة. كانت "دار الإذاعة" تبثّ بالإضافة إلى البرامج السياسية والثقافية لاسيما الآتية من القاهرة، كما تذكّر بحقّ، الأغاني الشعبية للحاجة الحمداوية، لحسين السلاوي، بدايات عبد الوهاب الدكالي وعبد الهادي بلخياط. كانت تذيع أيضا الموسيقى الأندلسية والملحون. لتقديم وصف عن عالمنا الموسيقي، كان مدخل الملحون سيكون ربّما أكثر مناسبة. هكذا كان الإنصاف سيطال فنّا شعريا ــ موسيقيا شعبيا، شكلا فنيّا هو بمثابة عنصر مقوّم من عناصر هويّتنا الثقافية.
قامت اليونيسكو مؤخرا بإدراجه ضمن اللائحة الممثّلة للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية، معترفة "أنّه يتعرّض لمختلف مظاهر الحياة (...) شعره يُتغنّى به بالعربية وأحيانا بالعبرية، تصاحبه موسيقى تُعزف بآلات تقليدية، وبصورة خاصة من خلال العود، الكمان، الرّباب و"التعاريج" الصّغيرة. من بين الموضوعات الشعبية نجد الحبّ، مباهج الحياة، محاسن النّاس، الأدعية والابتهالات الدينية، المسرّة والفرح، فنّ تذوّق الطّعام، الأسفار الخيالية، الأحداث السياسية والقضايا الاجتماعية (...) تنقل الأشعار أيضا رسائل أخلاقية، وتحثّ على خطاب بنّاء. بمزاوجته بين الغناء والمسرح، بين الاستعارة والرّمز، ضمن لغة في المتناول، وفي جوّ احتفالي، فإنّ الملحون يضمّ إليه كلّ المغاربة (...)" إنّه، في المغرب، أحد التعبيرات المسرحية والموسيقية. من كلام الملحون وُلد مسرح الطيب الصدّيقي. ومن مسرح هذا الفنّان الهائل خرج إلى الوجود ناس الغيوان، جيل جيلالة، لمشاهب، مرحلة من الابتهاج الفنّي.
مدخل: D
صحراء
ليست صحراء المغرب موصوفة في هذا المدخل إلاّ بصورة جزئية. تتحدّث عنها مطوّلا وبحرارة في مدخل Sahara
ج.م.غ. لوكليزيو، الحامل لجائزة نوبل، إن لم يكن الأكثر عشقا للمغرب أكثر من الكتّاب والفنّانين الذين تستشهد بهم، هو الذي كرّس رواية مؤثّرة تحمل وبحق عنوان "صحراء". مطلوب قراءتها وإعادة قراءتها، والإيعاز بمطالعتها لكلّ من يحبّون المغرب وصحراءه. لا أعتقد أنّني أغالي إذا ألححت أنّ هذه القراءة ستستثيربقوّة عند كلّ واحد منّا حيويّة الرّافد "الصحراوي ــ الحسّاني" لهويّتنا. حضور المغرب في عمل هذا الكاتب ذي "الهوية المترحّلة" (عنوان مؤلّفه الأخير) مثير للمشاعر. يستحقّ أن يكون حاضرا في قاموس عن المغرب أكثر قليلا ممّن هذا الحضور عندهم شحيح ، أوتقريبا غائب.كتابان آخران من كتاباته تستلهمان المغرب: "الربيع وفصول أخرى"، و"سمكة من ذهب". البطلات هنّ ثلاث نسوة مغربيات يتمتّعن بإرادة تستوجب الإعجاب إلى درجة تساءلت معها إذا لم يكن لوكليزيو قد اقترض فنّه من حكايات وخرافات زوجته المغربية."صحراء" هو محكي ملحمة، مسير قوافل وقبائل، شجاعتهم، كبرياؤهم، صاعدين نحو الشمال، هاربين من القسوة الكولونيالية. عالم من الانفعالات والروحانيات ضمن تناوب بين استدعاء ماض مضيء وحاضر استعماري مثير للإزدراء بشكل مؤلم. ألا يكون لوكليزيو كاتبا فرنسيا ذا إلهام مغربي؟ ذكره ضمن مدخل أو تخصيصه بمدخل في "قاموس محبّ للمغرب" كان سيكون وجيها.
مدخل: E
إبرهارت، إزابيل Eberhart, Isabelle
هل كانت هذه المغامرة المثيرة للجدل، ربّما كانت جاسوسة بقدر ما، تستحقّ أن ترد في قاموسك؟ علاقتها الغرامية مع ليوطي هي محض حكاية من خيال وإن كان قال فيها يوما: "كانت ما يجذبني أكثر إلى الحياة". لا أعتقد أنّها في رحلاتها اجتازت المغرب من شماله إلى جنوبه. هذا الأمر، بالأحرى، صحيح بالنسبة للجزائر. ففي الجزائر التقت ليوطي وقد عيّن في جنوب هذا البلد في نونبر 1903، ولم يصبح بعد جنرالا. وفي هذه الناحية، أعاد البحث عن رفاتها. أكانت الكاتبة المغاربية الأولى باللغة الفرنسية؟ أودّ فعلا أن أصدّق ذلك. أكان لزاما أن يكرّس لها مدخل؟ كانت "مغامراتها" من باب أولى "مغامرات جزائرية".
مدخل: M
مكوار زينب، المرنيسي فاطمة، مرسي زغلول
شاءت الصدفة أن يلتقي القارئ في هذا المدخل بثلاثة كتّاب:
مرسي زغلول، أستاذنا المأسوف عليه
المرنيسي فاطمة، صديقتنا المأسوف عليها
مكوار زينب التي لا أعرفها.
فرضت المقارنة نفسها عليّ لسبب بسيط. لماذا استفادت مكوار من نصّ ذي 3913 حرفا إذا قارناها مع المرنيسي 2756 حرفا ومع مرسي 876 حرفا؟
الجميع يعرف فاطمة المرنيسي. زغلول مرسي كوّن أجيالا. زينب مكوار، بحسب الصورة الشخصية التي تقدّمها عنها، هي كاتبة شابّة ومؤلّفة لرواية أولى ممتعة، ينتظرها، ربّما، مستقبل كبير. لكنّ قلّة من النّاس تعرفها أو تقرأ لها في المغرب، بالتأكيد أقلّ من ياسمينة الشامي التي استثار محكيها "Cérémonie " الكاتبات الطموحات عند مرورها في برنامج "أبوستروف".
الثناء الذي تغمر به فاطمة المرنيسي مثير للعواطف. غير أنّ العمل الذي تذكره لم يكن بالكتاب النّاجح، وإنّما، هو بالأحرى، كتاب "Rêves de femmes "، السيرة الداتية التي تستحضر قدر النّساء المغربيات، ولاسيما بحثها "Harem pluriel " الذي تعرّض للمنع مؤخّرا في معرض القاهرة للكتاب. حماقة الحظر طالت إصداراتها عندنا، لكن المنع في تلك الحقبة أدرك سريعا أنّ فاطمة المرنيسي ليست للحظر.
أمّا مرسي زغلول، أستاذنا في الدراسات التمهيدية للإجازة وأيضا في الإجازة، تقول عنه "كان شاعرا نادرا". هذا التثمين الصّائب كان يكفي لأنّ البورتريه المقدّم عنه، في هذا القاموس، غير دقيق، ولكنّه على وجه الخصوص، ناقص. لقد كان أيضا "مدرّسا نادرا" صارما، حازما، كثير المطالب "أستاذ في اللغة الفرنسية"، لم يكن يحتمل الكتابة العائمة الغائمة، المزاجية النزوية، المرتبكة المشوّشة. كان يؤثر الكلمة المحبوكة، الفريدة، متعذّرة الاستبدال. كان "معدّ شعراء"، ومن بين تلامذته عبد اللطيف اللعبي ومحمد الواكيرة (الذي فقده المشهد الشعري المغربي مؤخّرا...)، دريس بلامين.كان "موقظ وعي" لا يُضاهى. لقد علّمنا، من دون شك، كيف نقرأ مونطيني، لكنّه قبل أيّ مؤرّخ للعلوم السياسية ، أوعز إلينا بقراءة "La Crise de la conscience européenne " لــ Paul Hazard المنشور عام 1935 لإدراك التقلّبات التي كنّا نعيشها سنوات الستينيات من القرن الماضي. كان أخيرا "روائيا نادرا" ضليعا، متمايزا وبارعا. تؤكّد أنّ عمله الشعري "D’un soleil réticent " المنشور، عند غراسي (1969)،هو كتابه الوحيد المكتوب والصادر بالفرنسية. لقد نشر أعمالا أخرى "Gué du temps "، "La Pente "، "Crépuscules "، أنطولوجيا حول التسامح، دراسة "Penseurs sur l’éducation"، ورواية فاصلة وحاسمة في الأدب المغاربي المكتوب باللغة الفرنسية "Ishmael ou l’exil". رواية كان من اللاّزم أن يُحتفى بها كما كان يأمل (بحسب بوح أفضى به إليّ قبل إصدارها). لكنّ ذلك لم يتحقّق. رواية تمّ تجاهلها، ودام هذا التجاهل ويدوم حتى الآن.
كان ذلك، على ما أعتقد، مأساة حياته. لا يمكن تلخيص رواية "Ishmael ou l’exil "، نقرؤها بأناة واستمتاع. إنّها حكاية (حكايته) ولع أستاذ بطالبته التي شاءت الصدفة أن تكون يهودية مغربية. (كنت المراقب القلق لهذا الشّغف المكتسح). إنّه حبّ ممنوع، مدان. في هذا المحكي مقطوعات لا تنسى كما هذا المزاد العلني في فندق شهير في الدار البيضاء، كما السّهرة الصّاخبة عند أحد ملوك المال بالمدينة نفسها، أوهذا التنقّل عبر مدينة مراكش من قبل الشخصية الرئيسية، وكان طفلا حينئذ، مزهوّا، فرحا بمسيد حيّه حيث أتمم حفظ القرآن. رواية "شاملة" تعيد بعث سنوات الستينيات من القرن المنصرم، تصف بحنين لاذع خمود وفتور مجتمع، طوباوياته، إحباطاته مع مسعى يائس للتّصالح مع الذات عبر استبطان مؤلم، مثير للشّفقة. إنّما للبذرة تحوّلاتها وانعطافاتها المستغلقة. ظلّ العمل غير مقدّر حقّ قدره بسبب ربّما فوران لغوي مرهق للقارئ، نشوة مذهلة للكلمات لن تباغت من يعرفون مرسي زغلول. أنكون نحن، في هذه الرواية، إزاء شاعر لم يعرف التخلّص من البراعة الشعرية للتمكّن من البناء الروائي؟ قد يكون. لكنّ الإنجاز الإبداعيّ ماثل ها هنا لم يبصره لا النقّاد المتسرّعون، ولا لجن التّحكيم الواقعة تحت التّأثير.
مدخل: R
الرباط
من المحزن ملاحظة أنّ 80 كلمة بالكاد كفت لاستحضار ووصف الرباط، عاصمة المغرب. في حين اقتضى الأمر أن يكون لأصيلة 103 كلمة، 507 للصويرة، 157 للعرائش، 90 لورزازات، 101 لتاغازوت. أمّا المدن الكبرى التي سيُغرى القارئ بمقارنتها بالرباط، فسيجد أنّ لأكادير 285 كلمة، 1840 للدار البيضاء، 861 لفاس، 1414 لمراكش، 3258 لطنجة. يتبيّن من خلال هذه الإحصائيات أنّ الرباط، كما كتبتُ ذلك في زاوية صحفية لي كرّستها لشغفي بمدينتي، تظلّ محبوبة بصورة قليلة، أوهي لا تزال محبوبة بصورة سيّئة، مع أنّها من أجمل الحواضر، عاصمة مشعّة لمملكة بألف سرّ وألف حلّة. إنّها المأثرة المعمارية الأكثر جمالا منذ إنشائها حتى اليوم، الأكثر جاذبية للعيش فيها، لأنّها الأكثر خضرة بالحدائق الغنّاء التي تدعو ساكنيها لمزاولة رياضة المشي، للتجوال الحاثّ على التأمّل، للنّزهات الغرامية،، وهي كذلك الأكثر نشاطا فكريا، متمرّدة لا شكّ، كما تصير إلى ذلك العواصم جميعها. كلّ تاريخ المملكة يخترقها، مكتوب ومكتوم فيها. لكن قلّة هم من يعرفون قراءته، فكّ رموزه ليتعلّموا أن يعشقوها. بخلاف ما يجزم به النص، فقد تغيّرت الرباط كثيرا في ذاتها حتى أصبح جمالها، في النهاية، يغوي، لا تشبه إلاّ نفسها وتبقى غريبة عن المدن الأخرى. أُهدي لها قاموس بأتّمه، له كعنوان Rabat, un parcours amoureux ( Guillaume Badoual, Rita Aouad)"، كتاب جميل نُشر عند " Bouillon de culture "، يزيح السّتار عن أسرارها، ويميط اللّثام عن غوامضها، ويحكي مباهجها.
تراني، العزيز الطاهر، نالني الكدر أن أعاين مبادرة بهذا الجمال تقتضي بعض التعديلات التي أقترحها عليك . ثمّة مداخل أخرى كان في الإمكان أن تُنتخب كإفريقيا في حرف A إذ كانت تستحقّ مكانها هناك، أوالمتوسّط في حرف M، أوالطيب الصديقي، موليير المغرب، في حرف T... حتى يكون القصد المنشود أكثر تحقّقا: جعل المغرب محبوبا.
إنّي مقتنع أنّك ستستقبل وستقبل ما كتبته بأريحية.لأنّك تعلم كم أنّنا اليوم متورّطون في هذا العالم المغمور بالصّور، المنغمس في "معركة العلامات" (بحسب تعبير جاك بيرك)، في تمثيلات كلّ كلمة، كلّ مكتوب، كلّ صورة يمكن أن تفتن وتسحر، أوعلى العكس أن تشوّش وتغيظ.
جواب الطاهر بنجلون
شكرا جزيلا لك عزيزي عبد الجليل. قراءتك جدّ الدّقيقة، المميّزة للغاية أبهجتني؛ أنا أوافقك الرأي على ما تقترحه. سأقوم بهذه الإضافات، وببعض التّصويبات في طبعة قادمة. بالنسبة للرباط، أنت على حقّ، لكنّها تغيّرت بشكل كبير حتى أنّي ما عدت أعثر فيها على المدينة التي احتضنت شبابنا. شكرا على ما أفدتني به بخصوص مرسي زغلول، رجل أنيق، كان له عليّ تأثير بالغ. يستحقّ مدخلا مطوّلا. تغيب أيضا أكاديمية المملكة المغربية التي لم أكن أعرف عنها الشيء الكثير زمن كتابة هذا الكتاب. بالطبع، يغيب الطيب الصديقي وآخرون مثل محمد الواكيرة الذي أحزنني كثيرا رحيله. قراءتك، بالنسبة إليّ استثنائية. شكرا لك مرّة أخرى، ولن أغفل أن آخذ بعين الاعتبار، وبدقّة، ملاحظاتك الصّائبة والثّمينة.
إلى لقاء قريب صديقي.
Quid.ma, 20 février 2024
قرأت باستمتاع وبكثير من الاهتمام مؤلّفك المعنون "القاموس المحبّ للمغرب. Dictionnaire amoureux du Maroc"، الغني بالمعلومات والمسلّي الذي يقدّم "هذا المغرب الذي نحبّه كثيرا والذي يعيد لنا الحياة" كما كتبت، بصدق، في إهداء النسخة التي اعتنيت بمنحي إيّاها.
تردّدت في كتابة هذه الرسالة، وتردّدت أكثر في نشرها على الموقع الأثير لديّ (Quid.ma). تردّدت في كتابتها لأنّ هذا المغرب "المغرب الخصوصي، العميق والجواني الذي تحمله في داخلك..." منذ الميلاد هو ما أحترم قوّة وصدق ميزته، تردّدت لأنّي قليل النّشر مسكونا بعبء احتياط صعب الإرضاء.
لماذا تجاوز، ولمرّة، هذا المقتضى؟ لأنّني كما أنت حيث كنّا صديقي دراسة في كليّة الآداب بالرباط، تابعنا بإمعان دروس رولان بارط، وتعلّمنا أنّ كتابا منشورا لا يظلّ في ملكية من كتبه، وإنّما يصير في ملكية من يقرؤه، ومن "يعيد كتابته" من خلال "قراءته" بصورة ما. لأنّ "الكتابة تمكث في الأرض" (Sripta Manent )، بينما "الكلام يتطاير في الهواء" (Sripta Volent) كما يقول المثل اللاتيني. لاسيما وقد أسررت إليّ، بصداقة، إمكانية نشر طبعة ثانية من القاموس، هذه الثقة تسمح لي الاعتقاد بأنّك ستستقبل بطيبة، برحابة صدر وبكرم الملاحظات المتواضعة والتعقيبات على بعض المداخل التي يمكن في الطبعة الثانية أن تُستكمل وتُغتنى بل أن تُعدّل أوتُحذف. وأخيرا لأنّ بعضها يمكن أن يمضّ ويوجع كلّ من يحبّون المغرب كما أنت ويأخدون على عاتقهم، بشغف، الدّفاع عنه وتقديم صورة له للقرّاء المطّلعين، وبالأخص لمن ليس لهم اطّلاع.
مدخل: B
برقع
هذه اللفظة في قاموس مفتون بالمغرب تصعق. هي غريبة عن لهجتنا الدّارجة، كما هو غريب اللّباس الذي تسمّيه. طبعا، ثمّة قلّة قليلة من أفراد الشعب ترتديه، مضلّلة بفعل وهم هداية ميئوس منها، ما يشوّش قليلا على المشهد إن على الشاطئ أو في المدينة.
هي غريبة حتى أنّه في الفقرة المكرّسة لها تبرز الكلمة الاعتيادية في اللّباس التقليدي "الجلاّبة" (الصورة التوضيحية لا تمثّل أبدا البرقع، وإنّما حقّا الجلاّبة واللّثام) كما لو أنّ هذا الظّهور المباغت هو انتقام الأصيل من الغريب. المدخل المخصّص في الصفحة 204 للفظة "جلاّبة" كان يعفينا من مدخل برقع.
لفظة "حايك" في مقدورها هي أيضا أن تجد لها مكانا في هذا القاموس. الحايك، بالتأكيد،أقلّ حضورا في حياتنا اليومية المدينية، لكنّه ما زال يُشاهد في بيئتنا القروية. أمّا فيما يخصّ المتفرّقات الإخبارية التي تستحضرها، فإنّها ظرفية وليست بنيوية. إذا كان البرقع يستمرّ في استهواء بعض الضّالات، فإنّ الجلاّبة التي يحملها الرّجال كما النّساء، تفتن عالم الموضة الوطنية والعالمية، ولا شكّ، سيكون لها، في قاموس للأزياء، مدخل مبهر. كما يسمح بالتكهّن بذلك الإيضاح المخصّص لهذا المدخل.
مدخل: C
أغنية Chanson
صيغة الجمع أكثر ملاءمة. كانت "دار الإذاعة" تبثّ بالإضافة إلى البرامج السياسية والثقافية لاسيما الآتية من القاهرة، كما تذكّر بحقّ، الأغاني الشعبية للحاجة الحمداوية، لحسين السلاوي، بدايات عبد الوهاب الدكالي وعبد الهادي بلخياط. كانت تذيع أيضا الموسيقى الأندلسية والملحون. لتقديم وصف عن عالمنا الموسيقي، كان مدخل الملحون سيكون ربّما أكثر مناسبة. هكذا كان الإنصاف سيطال فنّا شعريا ــ موسيقيا شعبيا، شكلا فنيّا هو بمثابة عنصر مقوّم من عناصر هويّتنا الثقافية.
قامت اليونيسكو مؤخرا بإدراجه ضمن اللائحة الممثّلة للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية، معترفة "أنّه يتعرّض لمختلف مظاهر الحياة (...) شعره يُتغنّى به بالعربية وأحيانا بالعبرية، تصاحبه موسيقى تُعزف بآلات تقليدية، وبصورة خاصة من خلال العود، الكمان، الرّباب و"التعاريج" الصّغيرة. من بين الموضوعات الشعبية نجد الحبّ، مباهج الحياة، محاسن النّاس، الأدعية والابتهالات الدينية، المسرّة والفرح، فنّ تذوّق الطّعام، الأسفار الخيالية، الأحداث السياسية والقضايا الاجتماعية (...) تنقل الأشعار أيضا رسائل أخلاقية، وتحثّ على خطاب بنّاء. بمزاوجته بين الغناء والمسرح، بين الاستعارة والرّمز، ضمن لغة في المتناول، وفي جوّ احتفالي، فإنّ الملحون يضمّ إليه كلّ المغاربة (...)" إنّه، في المغرب، أحد التعبيرات المسرحية والموسيقية. من كلام الملحون وُلد مسرح الطيب الصدّيقي. ومن مسرح هذا الفنّان الهائل خرج إلى الوجود ناس الغيوان، جيل جيلالة، لمشاهب، مرحلة من الابتهاج الفنّي.
مدخل: D
صحراء
ليست صحراء المغرب موصوفة في هذا المدخل إلاّ بصورة جزئية. تتحدّث عنها مطوّلا وبحرارة في مدخل Sahara
ج.م.غ. لوكليزيو، الحامل لجائزة نوبل، إن لم يكن الأكثر عشقا للمغرب أكثر من الكتّاب والفنّانين الذين تستشهد بهم، هو الذي كرّس رواية مؤثّرة تحمل وبحق عنوان "صحراء". مطلوب قراءتها وإعادة قراءتها، والإيعاز بمطالعتها لكلّ من يحبّون المغرب وصحراءه. لا أعتقد أنّني أغالي إذا ألححت أنّ هذه القراءة ستستثيربقوّة عند كلّ واحد منّا حيويّة الرّافد "الصحراوي ــ الحسّاني" لهويّتنا. حضور المغرب في عمل هذا الكاتب ذي "الهوية المترحّلة" (عنوان مؤلّفه الأخير) مثير للمشاعر. يستحقّ أن يكون حاضرا في قاموس عن المغرب أكثر قليلا ممّن هذا الحضور عندهم شحيح ، أوتقريبا غائب.كتابان آخران من كتاباته تستلهمان المغرب: "الربيع وفصول أخرى"، و"سمكة من ذهب". البطلات هنّ ثلاث نسوة مغربيات يتمتّعن بإرادة تستوجب الإعجاب إلى درجة تساءلت معها إذا لم يكن لوكليزيو قد اقترض فنّه من حكايات وخرافات زوجته المغربية."صحراء" هو محكي ملحمة، مسير قوافل وقبائل، شجاعتهم، كبرياؤهم، صاعدين نحو الشمال، هاربين من القسوة الكولونيالية. عالم من الانفعالات والروحانيات ضمن تناوب بين استدعاء ماض مضيء وحاضر استعماري مثير للإزدراء بشكل مؤلم. ألا يكون لوكليزيو كاتبا فرنسيا ذا إلهام مغربي؟ ذكره ضمن مدخل أو تخصيصه بمدخل في "قاموس محبّ للمغرب" كان سيكون وجيها.
مدخل: E
إبرهارت، إزابيل Eberhart, Isabelle
هل كانت هذه المغامرة المثيرة للجدل، ربّما كانت جاسوسة بقدر ما، تستحقّ أن ترد في قاموسك؟ علاقتها الغرامية مع ليوطي هي محض حكاية من خيال وإن كان قال فيها يوما: "كانت ما يجذبني أكثر إلى الحياة". لا أعتقد أنّها في رحلاتها اجتازت المغرب من شماله إلى جنوبه. هذا الأمر، بالأحرى، صحيح بالنسبة للجزائر. ففي الجزائر التقت ليوطي وقد عيّن في جنوب هذا البلد في نونبر 1903، ولم يصبح بعد جنرالا. وفي هذه الناحية، أعاد البحث عن رفاتها. أكانت الكاتبة المغاربية الأولى باللغة الفرنسية؟ أودّ فعلا أن أصدّق ذلك. أكان لزاما أن يكرّس لها مدخل؟ كانت "مغامراتها" من باب أولى "مغامرات جزائرية".
مدخل: M
مكوار زينب، المرنيسي فاطمة، مرسي زغلول
شاءت الصدفة أن يلتقي القارئ في هذا المدخل بثلاثة كتّاب:
مرسي زغلول، أستاذنا المأسوف عليه
المرنيسي فاطمة، صديقتنا المأسوف عليها
مكوار زينب التي لا أعرفها.
فرضت المقارنة نفسها عليّ لسبب بسيط. لماذا استفادت مكوار من نصّ ذي 3913 حرفا إذا قارناها مع المرنيسي 2756 حرفا ومع مرسي 876 حرفا؟
الجميع يعرف فاطمة المرنيسي. زغلول مرسي كوّن أجيالا. زينب مكوار، بحسب الصورة الشخصية التي تقدّمها عنها، هي كاتبة شابّة ومؤلّفة لرواية أولى ممتعة، ينتظرها، ربّما، مستقبل كبير. لكنّ قلّة من النّاس تعرفها أو تقرأ لها في المغرب، بالتأكيد أقلّ من ياسمينة الشامي التي استثار محكيها "Cérémonie " الكاتبات الطموحات عند مرورها في برنامج "أبوستروف".
الثناء الذي تغمر به فاطمة المرنيسي مثير للعواطف. غير أنّ العمل الذي تذكره لم يكن بالكتاب النّاجح، وإنّما، هو بالأحرى، كتاب "Rêves de femmes "، السيرة الداتية التي تستحضر قدر النّساء المغربيات، ولاسيما بحثها "Harem pluriel " الذي تعرّض للمنع مؤخّرا في معرض القاهرة للكتاب. حماقة الحظر طالت إصداراتها عندنا، لكن المنع في تلك الحقبة أدرك سريعا أنّ فاطمة المرنيسي ليست للحظر.
أمّا مرسي زغلول، أستاذنا في الدراسات التمهيدية للإجازة وأيضا في الإجازة، تقول عنه "كان شاعرا نادرا". هذا التثمين الصّائب كان يكفي لأنّ البورتريه المقدّم عنه، في هذا القاموس، غير دقيق، ولكنّه على وجه الخصوص، ناقص. لقد كان أيضا "مدرّسا نادرا" صارما، حازما، كثير المطالب "أستاذ في اللغة الفرنسية"، لم يكن يحتمل الكتابة العائمة الغائمة، المزاجية النزوية، المرتبكة المشوّشة. كان يؤثر الكلمة المحبوكة، الفريدة، متعذّرة الاستبدال. كان "معدّ شعراء"، ومن بين تلامذته عبد اللطيف اللعبي ومحمد الواكيرة (الذي فقده المشهد الشعري المغربي مؤخّرا...)، دريس بلامين.كان "موقظ وعي" لا يُضاهى. لقد علّمنا، من دون شك، كيف نقرأ مونطيني، لكنّه قبل أيّ مؤرّخ للعلوم السياسية ، أوعز إلينا بقراءة "La Crise de la conscience européenne " لــ Paul Hazard المنشور عام 1935 لإدراك التقلّبات التي كنّا نعيشها سنوات الستينيات من القرن الماضي. كان أخيرا "روائيا نادرا" ضليعا، متمايزا وبارعا. تؤكّد أنّ عمله الشعري "D’un soleil réticent " المنشور، عند غراسي (1969)،هو كتابه الوحيد المكتوب والصادر بالفرنسية. لقد نشر أعمالا أخرى "Gué du temps "، "La Pente "، "Crépuscules "، أنطولوجيا حول التسامح، دراسة "Penseurs sur l’éducation"، ورواية فاصلة وحاسمة في الأدب المغاربي المكتوب باللغة الفرنسية "Ishmael ou l’exil". رواية كان من اللاّزم أن يُحتفى بها كما كان يأمل (بحسب بوح أفضى به إليّ قبل إصدارها). لكنّ ذلك لم يتحقّق. رواية تمّ تجاهلها، ودام هذا التجاهل ويدوم حتى الآن.
كان ذلك، على ما أعتقد، مأساة حياته. لا يمكن تلخيص رواية "Ishmael ou l’exil "، نقرؤها بأناة واستمتاع. إنّها حكاية (حكايته) ولع أستاذ بطالبته التي شاءت الصدفة أن تكون يهودية مغربية. (كنت المراقب القلق لهذا الشّغف المكتسح). إنّه حبّ ممنوع، مدان. في هذا المحكي مقطوعات لا تنسى كما هذا المزاد العلني في فندق شهير في الدار البيضاء، كما السّهرة الصّاخبة عند أحد ملوك المال بالمدينة نفسها، أوهذا التنقّل عبر مدينة مراكش من قبل الشخصية الرئيسية، وكان طفلا حينئذ، مزهوّا، فرحا بمسيد حيّه حيث أتمم حفظ القرآن. رواية "شاملة" تعيد بعث سنوات الستينيات من القرن المنصرم، تصف بحنين لاذع خمود وفتور مجتمع، طوباوياته، إحباطاته مع مسعى يائس للتّصالح مع الذات عبر استبطان مؤلم، مثير للشّفقة. إنّما للبذرة تحوّلاتها وانعطافاتها المستغلقة. ظلّ العمل غير مقدّر حقّ قدره بسبب ربّما فوران لغوي مرهق للقارئ، نشوة مذهلة للكلمات لن تباغت من يعرفون مرسي زغلول. أنكون نحن، في هذه الرواية، إزاء شاعر لم يعرف التخلّص من البراعة الشعرية للتمكّن من البناء الروائي؟ قد يكون. لكنّ الإنجاز الإبداعيّ ماثل ها هنا لم يبصره لا النقّاد المتسرّعون، ولا لجن التّحكيم الواقعة تحت التّأثير.
مدخل: R
الرباط
من المحزن ملاحظة أنّ 80 كلمة بالكاد كفت لاستحضار ووصف الرباط، عاصمة المغرب. في حين اقتضى الأمر أن يكون لأصيلة 103 كلمة، 507 للصويرة، 157 للعرائش، 90 لورزازات، 101 لتاغازوت. أمّا المدن الكبرى التي سيُغرى القارئ بمقارنتها بالرباط، فسيجد أنّ لأكادير 285 كلمة، 1840 للدار البيضاء، 861 لفاس، 1414 لمراكش، 3258 لطنجة. يتبيّن من خلال هذه الإحصائيات أنّ الرباط، كما كتبتُ ذلك في زاوية صحفية لي كرّستها لشغفي بمدينتي، تظلّ محبوبة بصورة قليلة، أوهي لا تزال محبوبة بصورة سيّئة، مع أنّها من أجمل الحواضر، عاصمة مشعّة لمملكة بألف سرّ وألف حلّة. إنّها المأثرة المعمارية الأكثر جمالا منذ إنشائها حتى اليوم، الأكثر جاذبية للعيش فيها، لأنّها الأكثر خضرة بالحدائق الغنّاء التي تدعو ساكنيها لمزاولة رياضة المشي، للتجوال الحاثّ على التأمّل، للنّزهات الغرامية،، وهي كذلك الأكثر نشاطا فكريا، متمرّدة لا شكّ، كما تصير إلى ذلك العواصم جميعها. كلّ تاريخ المملكة يخترقها، مكتوب ومكتوم فيها. لكن قلّة هم من يعرفون قراءته، فكّ رموزه ليتعلّموا أن يعشقوها. بخلاف ما يجزم به النص، فقد تغيّرت الرباط كثيرا في ذاتها حتى أصبح جمالها، في النهاية، يغوي، لا تشبه إلاّ نفسها وتبقى غريبة عن المدن الأخرى. أُهدي لها قاموس بأتّمه، له كعنوان Rabat, un parcours amoureux ( Guillaume Badoual, Rita Aouad)"، كتاب جميل نُشر عند " Bouillon de culture "، يزيح السّتار عن أسرارها، ويميط اللّثام عن غوامضها، ويحكي مباهجها.
تراني، العزيز الطاهر، نالني الكدر أن أعاين مبادرة بهذا الجمال تقتضي بعض التعديلات التي أقترحها عليك . ثمّة مداخل أخرى كان في الإمكان أن تُنتخب كإفريقيا في حرف A إذ كانت تستحقّ مكانها هناك، أوالمتوسّط في حرف M، أوالطيب الصديقي، موليير المغرب، في حرف T... حتى يكون القصد المنشود أكثر تحقّقا: جعل المغرب محبوبا.
إنّي مقتنع أنّك ستستقبل وستقبل ما كتبته بأريحية.لأنّك تعلم كم أنّنا اليوم متورّطون في هذا العالم المغمور بالصّور، المنغمس في "معركة العلامات" (بحسب تعبير جاك بيرك)، في تمثيلات كلّ كلمة، كلّ مكتوب، كلّ صورة يمكن أن تفتن وتسحر، أوعلى العكس أن تشوّش وتغيظ.
جواب الطاهر بنجلون
شكرا جزيلا لك عزيزي عبد الجليل. قراءتك جدّ الدّقيقة، المميّزة للغاية أبهجتني؛ أنا أوافقك الرأي على ما تقترحه. سأقوم بهذه الإضافات، وببعض التّصويبات في طبعة قادمة. بالنسبة للرباط، أنت على حقّ، لكنّها تغيّرت بشكل كبير حتى أنّي ما عدت أعثر فيها على المدينة التي احتضنت شبابنا. شكرا على ما أفدتني به بخصوص مرسي زغلول، رجل أنيق، كان له عليّ تأثير بالغ. يستحقّ مدخلا مطوّلا. تغيب أيضا أكاديمية المملكة المغربية التي لم أكن أعرف عنها الشيء الكثير زمن كتابة هذا الكتاب. بالطبع، يغيب الطيب الصديقي وآخرون مثل محمد الواكيرة الذي أحزنني كثيرا رحيله. قراءتك، بالنسبة إليّ استثنائية. شكرا لك مرّة أخرى، ولن أغفل أن آخذ بعين الاعتبار، وبدقّة، ملاحظاتك الصّائبة والثّمينة.
إلى لقاء قريب صديقي.
Quid.ma, 20 février 2024