نساء يبعن الكسرة لجلب قوتهن بدلا من التسوّل و الصّنعة انتقلت إلى الشباب أيضا
"بائعة الخبز" هي صورة لنساء يقاومن الفقر ، تحولت إلى قصص و روايات ، تفنن فيها كُتَّابٌ و روائيون حركوا اقلامهم بطريقة واقعية مؤثرة، رسموا فيها معاناة شريحة واسعة من النساء و هن يواجهن الفقر و البؤس في بحثهن عن سبيل للعيش المحترم و بكبرياء لدرجة أن هذه القصص و الروايات ترجمت إلى أفلام سينمائية و هي تلقى إقبالا على مشاهدتها و مناقشتها من طرف النقاد، و الحقيقة أنه أيام الثورة ، كانت هناك نساء يتطوعن لتحضير الكسرة و يحولنها للمجاهدين المرابطين في الجبال و اليوم أعطيت لها صبغة تجارية لمواجهة الفقر و الحاجة بحيث لم تتوقف هذه المهنة عند النساء و الفتيات فقط بل أصبح الشباب يمارسها هروبا من شبح البطالة
تشهد صناعة الرغيف أو الخبز و بيعه في الأسواق بولاية قسنطينة انتشارا واسعا خاصة في الأسواق الكبرى ، حيث نشاهد جماعات من النساء يصنعن الرغيف أو كما يسمى بالعامية " الكسرة" galette بالأجرة لدى المراكز التجارية أو المخبزات لضمان قوت أولادهن اليومي بدلا من التسول و مدّ يدهن للناس أو الحصول عليه بطريقة غير شريفة كاللجوء الى السرقة مثلا أو أمور أخرى و كما يقال: " دينار حلال أفضل من عشرة آلاف حرام" ، و قد ساهم خروج المرأة للعمل في انتشار هذه الظاهرة ، حيث لم تعد بعض النساء القدرة أحيانا على تحضير الكسرة في بيتها، لضيق الوقت خاصة إن كانت مربية أطفال أو مريضة مزمنة "بائعة الخبز" هي صورة لنساء يقاومن الفقر ، تحولت إلى قصص و روايات ، تفنن فيها كُتَّابٌ و روائيون حركوا اقلامهم بطريقة واقعية مؤثرة، رسموا فيها معاناة شريحة واسعة من النساء و هن يواجهن الفقر و البؤس في بحثهن عن سبيل للعيش المحترم و بكبرياء لدرجة أن هذه القصص و الروايات ترجمت إلى أفلام سينمائية و هي تلقى إقبالا على مشاهدتها و مناقشتها من طرف النقاد، و الحقيقة أنه أيام الثورة ، كانت هناك نساء يتطوعن لتحضير الكسرة و يحولنها للمجاهدين المرابطين في الجبال و اليوم أعطيت لها صبغة تجارية لمواجهة الفقر و الحاجة بحيث لم تتوقف هذه المهنة عند النساء و الفتيات فقط بل أصبح الشباب يمارسها هروبا من شبح البطالة
كانت هذه المهنة وسيلة للعيش لدى بعض النساء خاصة اللاتي ليس لهن من يعيلهن (الزوج)، والحقيقة أن بيع الكسرة ظاهرة قديمة تجددت لمواكبة الظروف الإقتصادية، حيث كانت تمارسها قلة من النساء في سنوات السبعينيات و كانت المرأة تصنع الكسرة و توزعها على "الطباخين" مقابل أجرة يومية، إذ تجدها تحضر العشرات من أنواع الكسرة قد تصل في اليوم الواحد 50 خبزة فما فوق ، هذه الطريقة للعيش اكتسبتها نساء من نساء مجاهدات كن يتطوعن لتحضير الرغيف للمجاهدين المرابطين في الجبال، إلى أن أعطيت لها صبغة تجارية أو مهنية .
في مرحلة السبعينيات كان البعض يحتقر هكذا مهنة رغم أنها حلال، ثم فجأة تقلصت و لم نعد نسمع عن بيّاعة الكسرة (هكذا كانوا يلقبونها ) لتتجدد في السنوات الأخيرة، في ظل الأزمة الإقتصادية التي يشهدها العالم، و ارتفاع أسعار المواد الغذائية أصبح المواطن الجزائري يشتكي من ضعف القدرة الشرائية، و نجده يبحث عن أي شيئ يعمله مقابل الحصول على قوت أولاده، فعادت هذه المهنة و بقوة، بحيث نشهدها في المراكز التجارية و في المخبزات العمومية، نساء يقمن بصنع الكسرة و ينوعن فيها حسب رغبات الزبائن (كسرة الخميرة كما يسمونها اهل الشرق أو المطلوع عند العاصميين، و كسرة الرّخسيس و هذه تصنع بالزيت و الخميرة، و كسرة ما و ملح ، الكسرة المسّوس، و كسرة الشعير و الكسرة "لمبسّة" و غيرها ) وعلى سبيل المثال، الزائر للمركز التجاري الرتاج مول بمدينة علي منجلي نجد داخل المخبزة نساء و فتيات عاملات يتفنّن في صنع مختلف أنواع الكسرة، و بكميات كبيرة جدا، يعملن بلا توقف من الصباح الى المساء رغم ارتفاع درجة الحرارة خاصة في الصيف، لتلبية طلبات الزبائن من النساء و الرجال.
ولم تتوقف هذه المهنة على النساء فقط، بل أخذها بعض الشباب العاطلين عن العمل، و هم منتشرون بقوة، بعضهم يعمل على الهواء، بوضع طابونات فوق طاولات، و هو ما نقف عليه بمدخل السوق المغطى بحي 1600 مسكن ببلدية الخروب، و آخرون تحصلوا على محلات تجارية مثلما نراه في حي 400 مسكن بمدينة علي منجلي، شباب يصنع الكسرة و يبيعها بعد أن يقومون بتغليفها و حفظها من الغبار، و لهم زبائن، و هم اليوم منتشرون في كل مكان، بحيث لم يعد الشباب الجزائري يخجل من أي وظيفة يمارسها طالما هو يعمل بالحلال و بعيد عن الحرام، يعمل كل شيئ من أجل تحمل مسؤوليته أو إعانة أسرته، و أصبحت هذه الفئة تلقب بأهل "الصنعة"، هي مهنة نبيلة يحفظ بها الإنسان ماء وجهه و يحافظ بها على كبريائه سواء كان رجلا أو امرأة بدلا من أن يمد يده للتسول او للسرقة ، فهؤلاء آمنوا بأن كرامة الإنسان فوق كل شيئ، إلا أن هناك فئة من الشباب بحاجة إلى دعم من قبل السلطات المحلية التي من الواجب أن تقف إلى جانبهم و تمسك بيدهم و تخرجهم من حالة البؤس.
علجية عيش كاتبة صحافية الجزائر