قرأت لمحمد مستجاب قبل أن ألتقيه ، والحقيقة أنني وجدت في قصصه المبكرة لونا أدبيا لم أعهده في غيره ، وكنت مفتونا في بداياتي بإبراهيم أصلان، وعبدالحكيم قاسم وبهاء طاهرو يحيى الطاهر عبدالله ثم انضم إليهم بكل اريحية محمد مستجاب الذي تشعر بصعيديته في كل جملة يكتبها ، وحين قابلته في محافظة المنيا حيث كنت أحضر أول مؤتمر لأدباء مصر في الأقاليم وجدت ابتسامته لا تغادره ، وعندي صورة تجمعني به وبعبدالعال سعد، وجميل عبدالرحمن ، ومحمد النبوي سلامة. ستجذبني شخصيته الحادة وارتداء جلبابه النظيف ومسحة السخرية التي قابل بها الجلسات الافتتاحية حيث يسخر من الجميع: المحافظ ومدير الامن ورئيس الجامعة ؛ لأن خطاباتهم أو كلماتهم مكررة ، أكل الضهر عليها وشرب.
كنت عرفت أن مستجاب قد عمل في السد العالي ثم التحق بعد ذلك بمجمع اللغة العربية ، وهو شخص نزيه وقد تأكدت من ذلك في مؤتمر دمياط الأدبي الأول حيث كان واضحا وصريحا في تعامله مع النصوص التي ألقيت في لجنة القصة التي كان يتولى إدارتها مرة مصطفى الأسمر ومرة أنيس البياع لكنه لم يشتبك مع أحد وقد حضر في المؤتمر الثاني 1986 وحدث أن وقع اشتباك كلامي بين الدكتورة لطيفة الزيات وبين عبدالحكيم قاسم لسبب تنظيمي وقد راقب مستجاب الموقف في صمت.
ما شغلني هو علاقته الوثيقة بقاص مجيد هو حسين البلتاجي الذي كان يعمل فرانا ، ويبدو أن مستجاب علم بالضائقة المادية التي كان يمر بها حسين البلتاجي فأرسل مرتين مبالغ مالية مع شباب كان يقابلهم في الإتيليه أو زهرة البستان. وقد كتب مستجاب عن صديقه ونشر ذلك في جريدة” الشرق الأوسط” وكان البلتاجي فرحا للغاية أن صديقه يتذكره ويتحدث عنه كرفيق رحلة صعبة.
في ” ديروط الشريف” و” قيام وانهيار آل مستجاب” و” الحزن يميل إلى الممازحة” تاريخ حي لشخصيات من قلب الصعيد ، بملامحها ، وتفكيرها ، ولغتها . وهو قادر على أن يكتب قصصا عن أصدقائه كما فعل مع كمال القلش ، وأحمد عبيدة ، وحسين البلتاجي كما قلت سابقا. كتابة فيها جدل واستبصار وعنفوان لم أجده عند غيره.
سأختم كلمتي بموقف حدث في دورة إقليم شرق الدلتا ، وكان المؤتمر منعقد في كفر الشيخ، اشار رئيس المؤتمر السيناريست أسامة انور عكاشة أن يصعد المنصة بعد انتهاء وقائع الافتتاح ، ولأن رجل الشرطة لا يعرفه ، وربما بسبب جلبابه منعه من الصعود فثار مستجاب وقال لرجل الشرطة بعنف : تمنعني أنا. ده أنا أهم من رئيس جمهوريتك.
قالها في درجة وسط بين السخرية والجد ، وأظنه كان يقصدها ، فمن يمكنه أن يمنع مستجاب من الصعود، وهو الذي عاش حياته كلها بعيدا عن السلطة وفي حالة اشتباك مع” الحكومة ” ؟
============================
كنت عرفت أن مستجاب قد عمل في السد العالي ثم التحق بعد ذلك بمجمع اللغة العربية ، وهو شخص نزيه وقد تأكدت من ذلك في مؤتمر دمياط الأدبي الأول حيث كان واضحا وصريحا في تعامله مع النصوص التي ألقيت في لجنة القصة التي كان يتولى إدارتها مرة مصطفى الأسمر ومرة أنيس البياع لكنه لم يشتبك مع أحد وقد حضر في المؤتمر الثاني 1986 وحدث أن وقع اشتباك كلامي بين الدكتورة لطيفة الزيات وبين عبدالحكيم قاسم لسبب تنظيمي وقد راقب مستجاب الموقف في صمت.
ما شغلني هو علاقته الوثيقة بقاص مجيد هو حسين البلتاجي الذي كان يعمل فرانا ، ويبدو أن مستجاب علم بالضائقة المادية التي كان يمر بها حسين البلتاجي فأرسل مرتين مبالغ مالية مع شباب كان يقابلهم في الإتيليه أو زهرة البستان. وقد كتب مستجاب عن صديقه ونشر ذلك في جريدة” الشرق الأوسط” وكان البلتاجي فرحا للغاية أن صديقه يتذكره ويتحدث عنه كرفيق رحلة صعبة.
في ” ديروط الشريف” و” قيام وانهيار آل مستجاب” و” الحزن يميل إلى الممازحة” تاريخ حي لشخصيات من قلب الصعيد ، بملامحها ، وتفكيرها ، ولغتها . وهو قادر على أن يكتب قصصا عن أصدقائه كما فعل مع كمال القلش ، وأحمد عبيدة ، وحسين البلتاجي كما قلت سابقا. كتابة فيها جدل واستبصار وعنفوان لم أجده عند غيره.
سأختم كلمتي بموقف حدث في دورة إقليم شرق الدلتا ، وكان المؤتمر منعقد في كفر الشيخ، اشار رئيس المؤتمر السيناريست أسامة انور عكاشة أن يصعد المنصة بعد انتهاء وقائع الافتتاح ، ولأن رجل الشرطة لا يعرفه ، وربما بسبب جلبابه منعه من الصعود فثار مستجاب وقال لرجل الشرطة بعنف : تمنعني أنا. ده أنا أهم من رئيس جمهوريتك.
قالها في درجة وسط بين السخرية والجد ، وأظنه كان يقصدها ، فمن يمكنه أن يمنع مستجاب من الصعود، وهو الذي عاش حياته كلها بعيدا عن السلطة وفي حالة اشتباك مع” الحكومة ” ؟
============================