يروي الناقد المصري، رجاء النقاش، أنه في أواخر الأربعينيات، ظهرت في صفحات مجلة "الرسالة"، وعدد من الصحف اليومية مثل "الأهرام" و"البلاغ"، شاعرة جديدة كانتْ توقّع قصائدها باسم مستعار، يتكوّن من ثلاثةِ حروفٍ هي "ن ط ع"... وفي يونيو 1950 نعتْ الصحف فتاة اسمها ناهد طه عبد البر، وإذا بهذه الفتاة التي توفيت في مقتبل حياتها هي نفسها الشاعرة "ن ط ع"، و"يبدو أنّه كان من الضروري أنْ تموتَ هذه الفتاة، حتّى يصبح من الجائز لها أن تعلن عن اسمها الصريح"...
والحال أن ما وراء الاسم المستعار للشاعرة أكثر من حكاية، وما وراء موتها أكثر من مأساة، فحتّى الآن تتضاربُ المعلومات القليلة والشحيحة حول موتها، بين من يضعها في خانة الشاعرات المنتحرات، ومن يقول إنّها أصيبتْ بمرض نادر اسمه "التهاب الأوردة المتنقل" (نوع من سرطان الدم)، يصيب شخصاً في المليون... والحق أن ابتعاد بعض الأقلام عن التطرق إلى "انتحار" ناهد، أو الموت الإرادي، والتركيز على "الموت الطبيعي"، هو جزء من التابوهات والتقاليد الصارمة في مجتمعاتنا وثقافتنا. فغلاة سعيد عقل، مثلاً، لا يذكرون أن زوجته انتحرت، يريدون حذفها من تاريخه. وخير معبّر عن واقع حالات الانتحار في الشرق، ما كتبته بلقيس شرارة عن انتحار شقيقتها حياة، فتقول بعد شيوع خبر شقيقتها "توالت الأسئلة، تتكرر، والأجوبة تعاد. صدمتهم الصراحة التي فوجئوا بها في الإجابة عن أسئلتهم الكثيرة المتشابهة في مضمونها ومحتواها، فالمتعارف في مثل هذه الحالة، أن أتجنب كلمة انتحار، وأقول إنها حادثة تسمم من طعام أو ما شابه ذلك. أو حادث اصطدام سيارة. كانت ظاهرة غريبة على مجتمع مغلق لا ينطق بالحقيقة، إذ أن الانتحار غير وارد في مجتمعنا. خالفتُ العرف في الصراحة التي لا تواجهها شعوبنا في الشرق الأوسط في مثل هذه الحالات، كما خالفتُ العرف في أسلوب الكتابة عند فقدان عزيز من العائلة".
وليست القضية في نهاية الشاعرة ناهد، فحسب، بلْ في حياتها كلها. فهي عاشت مأساة حقيقة، وكانت نموذجاً لما عاشته كثيرات من بنات جيلها في المجتمع العربي، حيث تعرضّن للعزل و"سجن التقاليد القاسية الصارمة" والموروثة. كانت ناهد فتاة مصرية موهوبة وعاشقة للشعر والقراءة، لكنها وجدت سدوداً كثيرة في طريقها، وهي كانت منصاعة لهذه التقاليد، فرغم صرامة والدها تجاه طموحاتها، كانت تحبّه، وانتهى بها الأمر الى الموت المفاجئ في الثلاثين من عمرها. ما كابدته الشاعرة في بدايتها، يشبه ما كابدته مجموعة من الفنانات والراقصات والكاتبات والسينمائيات في العالم العربي، من الراقصة سامية جمال في بدايتها، إلى الكاتبة المنتحرة عنايات الزيات، وحتى الأرتيست بديعة مصابني التي تعرضت للاغتصاب في طفولتها. لكن في المشهد أيضاً مَن ينتصر على سجن التقاليد القاسية والآفات الاجتماعية الضاغطة، بعد مقاومة وعناد. وثمة مَن يبقى مستسلماً و"منكمشاً" وراء الاسم المستعار، وهذا ما حصل مع ناهد التي ولدت في 20 يناير 1920، وكان أبوها طه عبد البر، أستاذاً للغة والدين في كلية "دار العلوم". وكانت له مؤلفات مختلفة في اللغة وتفسير القرآن، ومن البارزين في ميدانه، وقد فرض أسلوبه في الحياة على أسرته، وكان من التقليد ألا تدخل الأنثى إلى معهدٍ يقدّم تعليماً مشتركاً مع الذكور بأي صورة من الصور، ولذلك فقد كان مسموحاً لناهد أو غيرها أن تكمل تعليمها الثانوي، ثم تبقى في بيتها لا تخرج منه. وهي أتمّت تعليمها الثانوي العام 1935 أو بعده بقليل، في مدرسة "الأميرة فوقيه" للبنات، وكان المفروض أن تدخل الجامعة في ذلك الوقت، وقد سُمح بدخول المرأة إليها بفضل كفاح الأديب طه حسين الذي دفع ثمن قراره بالسماح للفتيات بدخول الجامعة. وكان المُنتظَر أن تستفيد ناهد من هذا القرار، لكن أسرتها رفضت. والغريب أن أسرة ناهد كانت على صلة طيبة بطه حسين نفسه، وكان يساعدها في أواخر حياتها على نشر إنتاجها الشعري في الصحف والمجلات، وظلّ يرعاها حتى رحلتْ، وقد اتفقت معه على أن يكتب لها مقدمة ديوانها...
ويرجّح رجاء النقاش، أن يكون طه حسين أراد التأثير في أسرة ناهد من أجل السماح لها بدخول الجامعة، لكنه فشل بسبب صرامة التقاليد. وهذا الأمر سبب ألماً رهيباً لناهد، وعبّرت عن محنتها في رسالة إلى الناقد المصري، أنور المعداوي، بتوقيع "شاعرة حائرة"، وقد نشر المعداوي الرسالة في مجلة "الرسالة" التي يكتب فيها، وأشار الى الاسم الصريح لصاحبة الرسالة في كتابه الأول "نماذج فنية من الأدب والنقد". وفي هذه الرسالة تقول ناهد: "إذا كان انتاج الأستاذ (توفيق) الحكيم قد تأثر- في رأيك- بسبب انطوائه على نفسه وابتعاده عن الحياة وإغلاقه تلك النافذة المفتوحة والتي كان يطل منها على ميدان الحياة الفسيح المرتمي أمام عينيه، إذا كان هذا قد حدث مع الأستاذ الحكيم، فكيف آمل أن أكون شاعرة ناجحة؟ أنا ربيبة الانطواء المرير والعزلة الطويلة، أنا التي لم أر العالم ولم أعرف المجتمع، إلا عن طريق الصحف والكتب والخيال". وتضيف: "حين أتممت تعليمي الثانوي فوجئت بوحشٍ ضارٍ اعترض طريقي إلى الجامعة وقال بصوته الرهيب: إلى أين أيتها الحالمة؟ قلت: إلى الجامعة. قال حذار، وإلا أشقيت أسرتك، ألا تعلمين أن سلطاني عليهم عظيم، وأنني سأقلق مضاجعكم جميعاً إذا لم تتبعوني".
ويقال إن ناهد كانتْ على علاقة عاطفية بأنور المعداوي، وهو يقول إنها نشأت في "جو التقاليد الصارمة والمُثُل المفروضة والقيم الموروثة، لم تستطع أن تواجه الحياة والناس بشيء من الشجاعة يتيح لفنها أن يتنفس كما يريد... كانت تخشى لقاء الحياة وتشفق على نفسها من ألسنة الناس، لأن المجتمع المصري في رأيها لم يبلغ من النضج الخلقي ما يجعلها تثق فيه وتطمئن إليه! من هنا عاشت في عزلة، عزلة مريرة قاسية فرضتها عليها ظروف التربية وطبيعة النشأة، عزلة طبعت آثارها النفسية القاتمة في أول كلمة بعثت بها إلي". ويضيف المعداوي: "إن هذه الشاعرة الراحلة قد بلغت من الانطواء على النفس ذلك الحد الذي لم تطق معه أن يعرف اسمها أحد أو يرى وجهها إنسان، اللهم إلا هؤلاء الذين كانت تثق فيهم وتلجأ إليهم في سبيل شيء من العون أو أشياء من العزاء... ولقد كان كاتب هذه السطور يعلم من أسرار حياتها ما لم يتح للآخرين أن يطلعوا عليه، لأنه كان موضع ثقتها في كثير من الأمور".
وكانت ناهد قبل الوفاة تعرضت لإغماءة طويلة، ثمّ استيقظت لحظة من هذه الاغماء لتطلب ممن حولها، أن يدفنوها الى جانب والدها الذي تحبّه رغم ما أصابها على يديه من حرمان. وقالت في كلمتها الأخيرة: "أيضاً أرجو أن تنشروا ديواني". وينقل رجاء النقاش الذي كتب عنها في مجلة "الدوحة"، بعد ثلاثة عقود على وفاتها، أنّّه حصل على الديوان الذي لمْ يُطبعْ، من أهلها، ويكشف أن عنوانه "من وحي الألم"، وقد كتبت ناهد تحت العنوان إهداء "إلى ضحايا التقليد". وشِعرها، الذي كان في حاجة الى صقل، مفعم بالصدق ويشكل وثيقة اجتماعية عن فتاة ممنوعة من دخول الجامعة، وكتابتها ناتجة عن نفس حزينة مليئة بالأسى، يلغب عليها طابع الرثاء والموت. لها قصائد في التعبير عن قسوة التقاليد، تصور فيها حالها بوصفها نموذجًا للمرأة في عصر لم تكن المرأة تمتلك قرارها. وهي القائلة:
أرى حكمةَ اللّه فـي شـرعِهِ
تردُّ الفساد وتَهدي الضلالْ
ففيمَ الـتلاعبُ بـالدّين ربّي
وباسم الشريعة يـطغى الرجال؟
ثم تقول:
إلهـي أفـي الغرب هـذا الوفـاءْ؟ = أتحظى النسـاء بهـذا الحنانْ؟!
وفـي الشّرق يظلمهـنّ الرّجالُ = ويـقسـو عـلـيهنَّ صرف الزمان
باختصار، ناهد وجوه من وجوه عذابات نساء المجتمعات التقليدية، في زمن كان يغرق بالتابوهات والمفاهيم الكارثية...
والحال أن ما وراء الاسم المستعار للشاعرة أكثر من حكاية، وما وراء موتها أكثر من مأساة، فحتّى الآن تتضاربُ المعلومات القليلة والشحيحة حول موتها، بين من يضعها في خانة الشاعرات المنتحرات، ومن يقول إنّها أصيبتْ بمرض نادر اسمه "التهاب الأوردة المتنقل" (نوع من سرطان الدم)، يصيب شخصاً في المليون... والحق أن ابتعاد بعض الأقلام عن التطرق إلى "انتحار" ناهد، أو الموت الإرادي، والتركيز على "الموت الطبيعي"، هو جزء من التابوهات والتقاليد الصارمة في مجتمعاتنا وثقافتنا. فغلاة سعيد عقل، مثلاً، لا يذكرون أن زوجته انتحرت، يريدون حذفها من تاريخه. وخير معبّر عن واقع حالات الانتحار في الشرق، ما كتبته بلقيس شرارة عن انتحار شقيقتها حياة، فتقول بعد شيوع خبر شقيقتها "توالت الأسئلة، تتكرر، والأجوبة تعاد. صدمتهم الصراحة التي فوجئوا بها في الإجابة عن أسئلتهم الكثيرة المتشابهة في مضمونها ومحتواها، فالمتعارف في مثل هذه الحالة، أن أتجنب كلمة انتحار، وأقول إنها حادثة تسمم من طعام أو ما شابه ذلك. أو حادث اصطدام سيارة. كانت ظاهرة غريبة على مجتمع مغلق لا ينطق بالحقيقة، إذ أن الانتحار غير وارد في مجتمعنا. خالفتُ العرف في الصراحة التي لا تواجهها شعوبنا في الشرق الأوسط في مثل هذه الحالات، كما خالفتُ العرف في أسلوب الكتابة عند فقدان عزيز من العائلة".
وليست القضية في نهاية الشاعرة ناهد، فحسب، بلْ في حياتها كلها. فهي عاشت مأساة حقيقة، وكانت نموذجاً لما عاشته كثيرات من بنات جيلها في المجتمع العربي، حيث تعرضّن للعزل و"سجن التقاليد القاسية الصارمة" والموروثة. كانت ناهد فتاة مصرية موهوبة وعاشقة للشعر والقراءة، لكنها وجدت سدوداً كثيرة في طريقها، وهي كانت منصاعة لهذه التقاليد، فرغم صرامة والدها تجاه طموحاتها، كانت تحبّه، وانتهى بها الأمر الى الموت المفاجئ في الثلاثين من عمرها. ما كابدته الشاعرة في بدايتها، يشبه ما كابدته مجموعة من الفنانات والراقصات والكاتبات والسينمائيات في العالم العربي، من الراقصة سامية جمال في بدايتها، إلى الكاتبة المنتحرة عنايات الزيات، وحتى الأرتيست بديعة مصابني التي تعرضت للاغتصاب في طفولتها. لكن في المشهد أيضاً مَن ينتصر على سجن التقاليد القاسية والآفات الاجتماعية الضاغطة، بعد مقاومة وعناد. وثمة مَن يبقى مستسلماً و"منكمشاً" وراء الاسم المستعار، وهذا ما حصل مع ناهد التي ولدت في 20 يناير 1920، وكان أبوها طه عبد البر، أستاذاً للغة والدين في كلية "دار العلوم". وكانت له مؤلفات مختلفة في اللغة وتفسير القرآن، ومن البارزين في ميدانه، وقد فرض أسلوبه في الحياة على أسرته، وكان من التقليد ألا تدخل الأنثى إلى معهدٍ يقدّم تعليماً مشتركاً مع الذكور بأي صورة من الصور، ولذلك فقد كان مسموحاً لناهد أو غيرها أن تكمل تعليمها الثانوي، ثم تبقى في بيتها لا تخرج منه. وهي أتمّت تعليمها الثانوي العام 1935 أو بعده بقليل، في مدرسة "الأميرة فوقيه" للبنات، وكان المفروض أن تدخل الجامعة في ذلك الوقت، وقد سُمح بدخول المرأة إليها بفضل كفاح الأديب طه حسين الذي دفع ثمن قراره بالسماح للفتيات بدخول الجامعة. وكان المُنتظَر أن تستفيد ناهد من هذا القرار، لكن أسرتها رفضت. والغريب أن أسرة ناهد كانت على صلة طيبة بطه حسين نفسه، وكان يساعدها في أواخر حياتها على نشر إنتاجها الشعري في الصحف والمجلات، وظلّ يرعاها حتى رحلتْ، وقد اتفقت معه على أن يكتب لها مقدمة ديوانها...
ويرجّح رجاء النقاش، أن يكون طه حسين أراد التأثير في أسرة ناهد من أجل السماح لها بدخول الجامعة، لكنه فشل بسبب صرامة التقاليد. وهذا الأمر سبب ألماً رهيباً لناهد، وعبّرت عن محنتها في رسالة إلى الناقد المصري، أنور المعداوي، بتوقيع "شاعرة حائرة"، وقد نشر المعداوي الرسالة في مجلة "الرسالة" التي يكتب فيها، وأشار الى الاسم الصريح لصاحبة الرسالة في كتابه الأول "نماذج فنية من الأدب والنقد". وفي هذه الرسالة تقول ناهد: "إذا كان انتاج الأستاذ (توفيق) الحكيم قد تأثر- في رأيك- بسبب انطوائه على نفسه وابتعاده عن الحياة وإغلاقه تلك النافذة المفتوحة والتي كان يطل منها على ميدان الحياة الفسيح المرتمي أمام عينيه، إذا كان هذا قد حدث مع الأستاذ الحكيم، فكيف آمل أن أكون شاعرة ناجحة؟ أنا ربيبة الانطواء المرير والعزلة الطويلة، أنا التي لم أر العالم ولم أعرف المجتمع، إلا عن طريق الصحف والكتب والخيال". وتضيف: "حين أتممت تعليمي الثانوي فوجئت بوحشٍ ضارٍ اعترض طريقي إلى الجامعة وقال بصوته الرهيب: إلى أين أيتها الحالمة؟ قلت: إلى الجامعة. قال حذار، وإلا أشقيت أسرتك، ألا تعلمين أن سلطاني عليهم عظيم، وأنني سأقلق مضاجعكم جميعاً إذا لم تتبعوني".
ويقال إن ناهد كانتْ على علاقة عاطفية بأنور المعداوي، وهو يقول إنها نشأت في "جو التقاليد الصارمة والمُثُل المفروضة والقيم الموروثة، لم تستطع أن تواجه الحياة والناس بشيء من الشجاعة يتيح لفنها أن يتنفس كما يريد... كانت تخشى لقاء الحياة وتشفق على نفسها من ألسنة الناس، لأن المجتمع المصري في رأيها لم يبلغ من النضج الخلقي ما يجعلها تثق فيه وتطمئن إليه! من هنا عاشت في عزلة، عزلة مريرة قاسية فرضتها عليها ظروف التربية وطبيعة النشأة، عزلة طبعت آثارها النفسية القاتمة في أول كلمة بعثت بها إلي". ويضيف المعداوي: "إن هذه الشاعرة الراحلة قد بلغت من الانطواء على النفس ذلك الحد الذي لم تطق معه أن يعرف اسمها أحد أو يرى وجهها إنسان، اللهم إلا هؤلاء الذين كانت تثق فيهم وتلجأ إليهم في سبيل شيء من العون أو أشياء من العزاء... ولقد كان كاتب هذه السطور يعلم من أسرار حياتها ما لم يتح للآخرين أن يطلعوا عليه، لأنه كان موضع ثقتها في كثير من الأمور".
وكانت ناهد قبل الوفاة تعرضت لإغماءة طويلة، ثمّ استيقظت لحظة من هذه الاغماء لتطلب ممن حولها، أن يدفنوها الى جانب والدها الذي تحبّه رغم ما أصابها على يديه من حرمان. وقالت في كلمتها الأخيرة: "أيضاً أرجو أن تنشروا ديواني". وينقل رجاء النقاش الذي كتب عنها في مجلة "الدوحة"، بعد ثلاثة عقود على وفاتها، أنّّه حصل على الديوان الذي لمْ يُطبعْ، من أهلها، ويكشف أن عنوانه "من وحي الألم"، وقد كتبت ناهد تحت العنوان إهداء "إلى ضحايا التقليد". وشِعرها، الذي كان في حاجة الى صقل، مفعم بالصدق ويشكل وثيقة اجتماعية عن فتاة ممنوعة من دخول الجامعة، وكتابتها ناتجة عن نفس حزينة مليئة بالأسى، يلغب عليها طابع الرثاء والموت. لها قصائد في التعبير عن قسوة التقاليد، تصور فيها حالها بوصفها نموذجًا للمرأة في عصر لم تكن المرأة تمتلك قرارها. وهي القائلة:
أرى حكمةَ اللّه فـي شـرعِهِ
تردُّ الفساد وتَهدي الضلالْ
ففيمَ الـتلاعبُ بـالدّين ربّي
وباسم الشريعة يـطغى الرجال؟
ثم تقول:
إلهـي أفـي الغرب هـذا الوفـاءْ؟ = أتحظى النسـاء بهـذا الحنانْ؟!
وفـي الشّرق يظلمهـنّ الرّجالُ = ويـقسـو عـلـيهنَّ صرف الزمان
باختصار، ناهد وجوه من وجوه عذابات نساء المجتمعات التقليدية، في زمن كان يغرق بالتابوهات والمفاهيم الكارثية...