أخبروه حين حدثهم أنه مات بعد الجنازة , ضحك في قرارة نفسه كان أشبه بمن يبكي بكاء مرا هو يعي تماما أنه مات قبل أن يزف في هذا الموكب الجنائزي بشهور وأن روحه غابت حين سار بإرادة يشك أنها إرادته ,وهم بجانبه ود لو يلفت منهم ليغيب في مجهولة هذا الذي يحتويه.
– وجد نفسه أمام باب القبر, أحس أن كليته تود لو تنفصل عنه , يعتصره الألم بصورة غريبة عنه .. المباضع تمارس عليه فعل التشريح صعودا ونزولا , غارق في بركة دم , وتظل صرخته حبيسة حلقه.
– يفتح باب القبر , أفعى ابتسمت من عمق ألمه السحيق يصير كالمهرج على خشبة المسرح ..يصطنع البسمة، الكلمة، كلمة وأي كلمة ؟!.. برهة تراءى له جده وسط العشيرة يحمل في يمناه روحا .. يخطب في العشيرة ..يشرع لها ؟ نساء تنقد مهن امرأة وعلى رأسها تحمل قصعة .. تردد كلمات الوليمة وهن يرددن ورائها .. خيل , بارود. رجل مميز يتوسط الحلقة. نور المصباح يعيده إلى قبره يتأوه آه لوكان بإمكاني جدي أن أسرق الكلام من بين شفتيك لأذنت للبحر أن يغتاله .
– هرب من عمامة جده .. من عصا أبيه, ومن القبر , خارج قبره صعقته الموجة , غطى الملح .. وجهه .. جسده , ماعاد للقهوة طعم أهي شيح؟ حنظل ؟ علقم ؟ شيء يشبه القهوة والسلام , طعمها رغم ذلك كله ما عبر عن مرارة اللحظة , ولا أجاب عن همهمات السؤال شبيهة هي به ,وشبيه هو بمن غرزوا في جسده جذعا من شجرة السدر ثم استلوه بغتة, قال صاحبه وهو ينظر إليه .
دع المقادير تجري في أعنتها * ولاتبيتن إلا خالي البال
حدق به طويلا ثم قال :” ذاك الخطأ بعينه “. تراءى له أبو العلاء المعري وهو ينشد :
” وشبيه صوت النعي إذ قيس بصوت البشير في كل ناد “
– دعوة أخرى للتمرغ في القبر, للارتماء بين أحضان حية لا تشبه الحيات ما … ليس عالمه الذي أسس وليست هي من عاشت بين أصغريه ؟ ولأن الجلاد مازال له بالمرصاد تصنع كل شيء البسمة الضحكة .. الكلمة ولفة الذراع , يحضره ليل امرؤ ألقيس حين تلتف الأفعى عليه .
– ميزان العدل لن تتساوي كفتاه لو قالوا : أن ثمة من يذوب في دجى الليل أكثر منه ؟! في ليلة كليلته هذه يتحرق شوقا لرؤية نور الفجر, قالت : الأفعى وهي تداعب شعره أتحبني ؟ ولأن الإجابة غدت أصعب بكثير من حل معادلة رياضية , فكر أن ينفجر أن يقول لها : أنك لاتحركي ذرة الذرة من أحاسيسي , صورة الكلام أفرغت صمتا راح يستنطق فيه صورة أمة تلك النخلة التي تسلقها العقد السادس كم أنفقت من سعفاتها الخضراء لئلا تصفر ويسقط منها ومنه الأمل , نجمة أتعبتها المسارات وهي تطوف كل ليلة …؟! لم يجد بدا من أن يقول لها : وهل هذا سؤال ؟ وبقدر الفرحــة التي غمرت عينيها اعتراه ألم تجاوز ضفاف الضفاف ألغاها .
– ما ارتمى الظلام قتيلا في جفنيها , هو يدعو في سره الهم خذني أو خذها , تضعف قدرة المقاومة , تستسلم أخيرا للنوم , نامت كالبلهاء يفتح عينيه الواسعتين لا يرى من أرجائها إلا لؤلؤة . همس الفقيد في فكره (“لؤلؤة قذفها المد إلى الشاطئ ثم جرفها السيل إلى الأعماق , زنبقة ما انبثقت من أكمام الحياة حتى انسحقت تحت أقدام الموت “) .
– كل الألوان احتواها السواد .. الغرفة وكأنها ليست ثوب الحداد لأجله , عصفور صدره طلق النغم وتزوج الموال ..؟! .
ها وجهها تهاوى ضياءه , اللولـؤة غاب نوره , الأساطيــر تحضره .. تعود تحول الذهب إلى تراب , أثران تكون أوراق الورد كفنــه , لحظـة استحالت الأماني والآمال والأحلام إلى عدم لم يسبقه مثيل , غدت شوكا يعبد المسافة .. استحالت لتشكل مجتمعة ناقوسا ؟!
* نقلا عن موقع هوامش
– أقبل الفجر بروحه الحزينة , لملم أشلائه المتناثرة مد خياله نحو الباب فتحة .. خرج .. دخل فضاء عالمه ثم أغلق الباب خلفــه .
– وجد نفسه أمام باب القبر, أحس أن كليته تود لو تنفصل عنه , يعتصره الألم بصورة غريبة عنه .. المباضع تمارس عليه فعل التشريح صعودا ونزولا , غارق في بركة دم , وتظل صرخته حبيسة حلقه.
– يفتح باب القبر , أفعى ابتسمت من عمق ألمه السحيق يصير كالمهرج على خشبة المسرح ..يصطنع البسمة، الكلمة، كلمة وأي كلمة ؟!.. برهة تراءى له جده وسط العشيرة يحمل في يمناه روحا .. يخطب في العشيرة ..يشرع لها ؟ نساء تنقد مهن امرأة وعلى رأسها تحمل قصعة .. تردد كلمات الوليمة وهن يرددن ورائها .. خيل , بارود. رجل مميز يتوسط الحلقة. نور المصباح يعيده إلى قبره يتأوه آه لوكان بإمكاني جدي أن أسرق الكلام من بين شفتيك لأذنت للبحر أن يغتاله .
– هرب من عمامة جده .. من عصا أبيه, ومن القبر , خارج قبره صعقته الموجة , غطى الملح .. وجهه .. جسده , ماعاد للقهوة طعم أهي شيح؟ حنظل ؟ علقم ؟ شيء يشبه القهوة والسلام , طعمها رغم ذلك كله ما عبر عن مرارة اللحظة , ولا أجاب عن همهمات السؤال شبيهة هي به ,وشبيه هو بمن غرزوا في جسده جذعا من شجرة السدر ثم استلوه بغتة, قال صاحبه وهو ينظر إليه .
دع المقادير تجري في أعنتها * ولاتبيتن إلا خالي البال
حدق به طويلا ثم قال :” ذاك الخطأ بعينه “. تراءى له أبو العلاء المعري وهو ينشد :
” وشبيه صوت النعي إذ قيس بصوت البشير في كل ناد “
– دعوة أخرى للتمرغ في القبر, للارتماء بين أحضان حية لا تشبه الحيات ما … ليس عالمه الذي أسس وليست هي من عاشت بين أصغريه ؟ ولأن الجلاد مازال له بالمرصاد تصنع كل شيء البسمة الضحكة .. الكلمة ولفة الذراع , يحضره ليل امرؤ ألقيس حين تلتف الأفعى عليه .
– ميزان العدل لن تتساوي كفتاه لو قالوا : أن ثمة من يذوب في دجى الليل أكثر منه ؟! في ليلة كليلته هذه يتحرق شوقا لرؤية نور الفجر, قالت : الأفعى وهي تداعب شعره أتحبني ؟ ولأن الإجابة غدت أصعب بكثير من حل معادلة رياضية , فكر أن ينفجر أن يقول لها : أنك لاتحركي ذرة الذرة من أحاسيسي , صورة الكلام أفرغت صمتا راح يستنطق فيه صورة أمة تلك النخلة التي تسلقها العقد السادس كم أنفقت من سعفاتها الخضراء لئلا تصفر ويسقط منها ومنه الأمل , نجمة أتعبتها المسارات وهي تطوف كل ليلة …؟! لم يجد بدا من أن يقول لها : وهل هذا سؤال ؟ وبقدر الفرحــة التي غمرت عينيها اعتراه ألم تجاوز ضفاف الضفاف ألغاها .
– ما ارتمى الظلام قتيلا في جفنيها , هو يدعو في سره الهم خذني أو خذها , تضعف قدرة المقاومة , تستسلم أخيرا للنوم , نامت كالبلهاء يفتح عينيه الواسعتين لا يرى من أرجائها إلا لؤلؤة . همس الفقيد في فكره (“لؤلؤة قذفها المد إلى الشاطئ ثم جرفها السيل إلى الأعماق , زنبقة ما انبثقت من أكمام الحياة حتى انسحقت تحت أقدام الموت “) .
– كل الألوان احتواها السواد .. الغرفة وكأنها ليست ثوب الحداد لأجله , عصفور صدره طلق النغم وتزوج الموال ..؟! .
ها وجهها تهاوى ضياءه , اللولـؤة غاب نوره , الأساطيــر تحضره .. تعود تحول الذهب إلى تراب , أثران تكون أوراق الورد كفنــه , لحظـة استحالت الأماني والآمال والأحلام إلى عدم لم يسبقه مثيل , غدت شوكا يعبد المسافة .. استحالت لتشكل مجتمعة ناقوسا ؟!
* نقلا عن موقع هوامش
– أقبل الفجر بروحه الحزينة , لملم أشلائه المتناثرة مد خياله نحو الباب فتحة .. خرج .. دخل فضاء عالمه ثم أغلق الباب خلفــه .