ثقافة شعبية د. محمد العدوي - الوجدان الجمعي بين التاريخ والجغرافيا.. ج [2] (17..30)

ج [2]


17 / السامر السيناوي

يحتل الشعر والغناء منزلة كبيرة في التراث الشعبي للقبائل العربية في سيناء والنقب ولديهم ثلاث آلات موسيقية أساسية هي الربابة المعروفة والشبابة وهي تشبه الناي والمقرونة وهي تشبه الزمارة ، وكل شعر في سيناء يغنى والشعر عندهم نوعان : الفردي ويشمل (القصيد والمواليا وحداء الإبل) والثاني الغناء الجماعي مع الرقص البدوي ويشمل (الدحية والسامر والمشرقية) وكلها مكونة من أبيات شعرية قصيرة تشبه الزجل ..
أما القصيد فينشد على الربابة في مناسبات المديح للشيوخ الكبار والضيوف وأما المواليا فهو الغناء على ظهور الإبل على مدى الصوت وأما حداء الإبل فهو الغناء للإبل وهي تسير أو تشرب ولكل قبيلة ألحان ومقاطيع في الحداء تختص بها ، ومن أمثلة المواليا قولهم : " يا كم بنية نوبة .. قيلت أنا وياها .. والجذلة عشب ثريا .. قبل العرب ترعاها .. ولد يا راعي الشقرا .. ومن إيدها حفيانة .. يمك على عربنا .. يا مداوي الوجعانه"..



أما الدحية فهي صورة مبسطة من السامر حيث يجتمع البدو ويقف المغنون صفا واحدا وبينهم شاعر يدعى البداع وأمامهم فتاة ترقص بالسيف تدعى الحاشية ، ويبدأ الغناء بالتبادل بين الشاعر والمغنين الذين يرددون عبارات خاصة تسمى الردة (الرد على البداع) مع التصفيق وهز الرأس والجسد مع اللحن ثم يتحركون نحو الفتاة التي ترقص بالسيف مسافة ليجلس الجميع القرفصاء ويواصلون الغناء ثم يرجعون إلى مكانهم بنفس الترتيب ..
وقد يكون هناك أكثر من شاعر يتناوبون على الغناء وقد تكون هناك أكثر من فتاة تمسك كل منهم في يد الأخرى فإذا رقص اثنتان حملت السيف الواقفة على اليمين وإذا كانوا ثلاثة حملت السيف الواقفة في المنتصف ، ومن أشعار الدحية قولهم : " وإن جاني الخير عطشان .. ع المي ماني معييته .. وإن جاني الخير جيعان .. من غداي ما غديته .. وإن جاني الخير بردان .. بطرف القنعة ما غطيته .. وإن طلب مني الحبة .. والله ماني معطيته " ..
أما السامر فهو تكرار لما يحدث في الدحية بشكل أكبر وهو نوعان أولهم الرزعة وفيه يقف الرجال فريقين في صف منحن على شكل هلال مقطوع من الوسط ويقف مع كل فريق شاعر بداع وفتاة ترقص بالسيف ويتنافس الفريقان في الغناء والترديد ، والنوع الثاني هو الخوجار وفيه تشارك النساء حيث يقفن على هيئة صف واحد بين صفي الرجال وفيه شاعرتان تغني كل منهما لفريق من فريقي الرجال لكن لا يتحركن من المكان ..
وأما المشرقية فهي نفس الرزعة لكن ينشدون فيها أبياتا أطول بألحان مختلفة لتناسب ذلك ، ومن أشعار السامر : " يا طالعين البراري في سموم ورياح .. لا القلب ساكن هنا ولا شوقكم مرتاح .. يا طالعين الجبل والصيد في الوادي .. ومنقرشات الحنك بنات الأجواد " ، ومن أشعار المشرقية : " يا رويع يا البكرة ها النايفة .. خاطري عشرتك ومن أهيلي خايفة .. اطلع تنزه ليالي العز ما دامت .. يا أكحل العين ما أحلى دقة وشامك " ..

***

18 / الحجالة والصحراء الغربية

تضم الصحراء الغربية في مصر كلا من الساحل الشمالي والواحات وكذلك أطراف الدلتا في البحيرة وتخوم الصعيد في الفيوم ، وقد سكنتها العشائر البدوية منذ زمن طويل وصار لها تراثها الشعبي المميز لها سواء في الملابس أو الغناء أو الرقص أو اللهجة المحكية ، وهي تتشابه في عمومها مع مثيلاتها في الصحراء الليبية وساحلها وواحاتها المتناثرة ، ومن التراث الشعبي لهذه القبائل رقصة الحجالة التي تقام لها طقوس احتفالية خاصة ..
وقد اشتقت كلمة حجالة من الحجول وهو الخلخال الثقيل واشتق من لغة العرب حيث كان الحجال هو خباء المرأة من ملبس أو غطاء وأحيانا يعطي معنى السور المحيط بمضارب القبيلة ولذا كان يقال (ربات الحجال) ومنها اشتقت مشية الحجل أي على ساق واحدة تشبها بمن ترتدي ثقلا في ساقها ، ولا يطلق البدو على الحجالة اسم الراقصة لكنها (حجالة تحجل) وذلك حفظا لحيائها ومراعاة للتقاليد والأعراف البدوية ..
والمؤديات لرقصة الحجالة هن نساء من البدو يقمن بتغميم وجههن و الرقص على المجاريد والشتاوي وهي الأشعار والأغاني التي تقال في رقصة الحجاله ، ، وتبدأ الرقصة على أنغام الشتيوة وهي جملة واحدة متكونة من أربعة إلى ستة كلمات يتغنى بها الشاعر بالجزء الأول منها ومعه بعض الأفراد ثم تردد بقيه المجموعة جزءها الثاني والأخير بمصاحبة التصفيق الشديد بطريقه معينة مع إطلاق بعض الصيحات والتمايل أحيانا لإثارة الحمية ..



يلي ذلك أغنية العلم وهي عبارة عن شطرات قصيرة قد تكون من ثلاثة إلى أربع يغنيها الشاعر على ثلاث مرات وتفصل بين كل واحدة منها شتيوة جديدة وهي تؤدى بلحن مختلف حيث تكف المجموعة عن التصفيق والحركة كما تتوقف الحجاله عن الرقص ، بعد ذلك يبدأ في إلقاء المجرودة وهي العمود الرئيسي في الغناء وهي نوع من القصائد العربية تشبه الزجل ومعروفة عند العرب منذ القدم وقد تصل أبياتها إلى مائة بيت ..
والمجرودة تحكي بالشعر قصصا وموضوعات كثيرة يتغنى بها فتصف معركة حربية أو حسناء بدوية أو تشيد بإحدى البطولات أو الحياة الاجتماعية أو تدور كلماتها حول الغزل الرقيق ، ويبدأ الشاعر بترديد أبياتها بمفرده بلهجته البدوية بينما تأخذ المجموعة في التصفيق تصفيقا رتيبا على نغمة الإلقاء ويرددون معه نهاية كل مقطع من أبياتها ثم يشتد التصفيق شيئا فشيئا والرجال يتمايلون ويصيحون متحمسين ..
أثناء ذلك تتوقف الحجاله عن الرقص وتنصت للشاعر أثناء إلقائه ولا تصدر أية حركة سوى هزة خفيفة من وسطها وهي ممسكة في يدها بالعصا التي ترقص بها والتي أحيانا ما تومئ بها إلى أعلى بالتحية عندما تصادف بعض الأبيات الشعرية استحسانا في نفسها ثم يستمر الشاعر في غناء المجرودة ، وفي آخر الرقصة في الفجر يختم ذلك بكلمة هيا دام وهذا يعني دامت الأفراح ودام رقصة الحجاله ودامت دياركم سالمة ..

***

19 / أفراح النوبة ..

كل شيء في النوبة مزركش .. البيوت والملابس والحلي وزينة النساء وحتى الأغاني .. كل شيء فيها يوحي بالفرح والسرور ولذلك تميزت احتفالات الزواج فيها بهذا الطابع ، ومن أهم الرقصات الجماعية هي رقصة الأراجيد (وأصلها الأراقيد) والتي تشبه حركة موجات النيل وسعف النخيل عندما يتمايل الرجال على إيقاع الطار في حركة تشبه ما يفعله المتصوفة في حلقات الذكر وينشدون باللغة النوبية ذات اللكنة الجميلة والمحببة للنفس ..
وفي إنشادهم تختلط العربية بالنوبية حيث تسمعهم ينشدون : " مقامي عالي زي السد .. في الشدة بمد اليد .. نوبيا أهم شيء بلدي .. أتباهى ببياض توبي .. أنا نوبي " ، وقد يؤدي الرجال رقصات الأراجيد وحدهم أو في حضور النساء خاصة في مناسبات الأفراح المختلفة والتي تبدأ بيوم الحنة (اليوم الأول) وتنتهي بيوم السبوع (اليوم السابع) وبينهما الزفاف والصبحية وبينهما أيام كثيرة كلها احتفالات وولائم لأصدقاء العريس والعروس ..



والآلة الموسيقة الأساسية هي الدف التي يطلقون عليها اسم الطار ومعها آلة الطنبورة أو الكيسر (تحريف قيثارة) وهي آلة وترية نوبية تشبه السمسمية وتشتهر بالإيقاع الخماسي ، والإيقاعات الأساسية في الموسيقي النوبية التقليدية تشمل كلا من : (الكومباش) و(الكيتشاد) ، و(الله ليه لي) والذي يسمى أحيانا بـاسم (الإيقاع الكنزي) ، وأولن أرجيد أي رقصة الكف بالإضافة إلى إيقاعات أخرى مثل (السكي) و(هل) و(فيزي) ..
وهناك رقصة خاصة بالنساء عند وصولهم بيت العروسة وهم متشابكي الأيدي على هيئة نصف دائرة وتعرف باسم (الشيلة) ، وهناك رقصة (فري) حيث يتحلق الشباب والفتيات في نصفي دائرة متقابلين للاحتفال بالعروسين ، وهناك رقصة (بلاجة) وهي تؤدى على أنغام أغنية نوبية تراثية تحمل نفس الاسم وهي عبارة عن أشعار متبادلة بين العروسين ، وهناك رقصات الكف الجماعية مثل رقصة هولي هولي ورقصة التربالة الكرو ..
في رقصة هولي هولي يصطف الشباب والرجال على شكل مربع يؤدون خطوات موحدة مع التصفيق بالكفين وبينهم المنشدون الذين يؤدون الأغاني ويضربون على الدُف ويقف خمسة من ضاربي الدفوف لأداء الأغاني يتوسطهما حامل الجريدي ، وفي رقصة التربالة الكرو يبدأ والد العريس برفع سيفه وهزه في الهواء ويردد كلمات تشيد بالحسب والنسب وتزغرد النساء خلف الحلقة ويصدر الرجال همهمات تعبيرًا عن الفرحة والفخر ..
وتنقسم اللغة النوبية إلى لهجة نبين (في حلفا والسكوت والمحس في السودان وفاديجا في جنوب النوبة بمصر) واللهجة الميدوبية (في كردفان ودارفور وجبل ميدوب بغرب السودان) ولهجة الأشكرين (أهل دنقلة في السودان وقبائل الكنوز في شمال النوبة بمصر) ، والكنوز هم تحالف قبلي تكون قديما من عشائر نوبية مع فروع من قبيلة ربيعة العربية وكانت لهم دولة حكمت النوبة واستمرت خمسة قرون وكان حاكمها يسمى كنز الدولة ..

***

20 / سيوة .. واحة السلام

في شهر أكتوبر من كل عام يحتفل سكان واحة سيوة جميعا بمناسبة خاصة بهم تسمى عيد السلام وله أسماء عدة منها عيد الحصاد وعيد المصالحة وعيد السياحة (إسياحت باللغة الأمازيغية) ، ويرجع سبب ذلك إلى طبيعة التكوين السكاني للواحة منذ الزمن القديم حيث كانت مقسمة بين القبائل الأمازيغية التي تسكن الجزء الشرقي في جبل الدكرور والقبائل العربية التي تسكن الجزء الغربي في منطقة السهول..
ظلت النزاعات والخلافات قائمة بينهما حتى تم الصلح أخيرا في عام 1825 م. على يد الشيخ محمد حسن المدني الظافر مؤسس الطريقة المدنية الشاذلية في سيوة ولذا يسمى عيد المصالحة رافعا شعار " كلنا سواسية في حب الله وترديد الذكر" ، والسياحة هنا صوفية لمدة ثلاثة أيام يتركون فيها بيوتهم ويتجمعون لتجديد العهد والميثاق على الوئام والعيش المشترك ونبذ الخلافات وذلك في الليالي القمرية التي تعقب حصاد التمر والزيتون..
مراسم الاحتفالات تتلخص في إعداد الطعام في العراء ونحر الذبائح وتجهيز الساحات وأماكن الإقامة بين الحطب والنار ، وفي خلفية المشهد مؤثرات صوتية تردد الأذكار والتواشيح الدينية باللغتين العربية والأمازيغية ، بينما يتجمع كبار السن في حلقات للذكر ومدح الرسول لإضفاء لمسات من السلام الداخلي على النفوس في هذا اليوم ، وتحضر الفتيات الجزء النهاري فقط من الاحتفالات ثم يعودون إلى الواحة في المساء ..



والثقافة الشعبية في واحة سيوة خليط من التراث العربي والأمازيغي بحكم التكوين السكاني حيث يعد أهم عيد في الواحة هو احتفال (الناير) ويعني رأس السنة الأمازيغية (13 يناير من كل عام) حيث تحرص النساء على ارتداء الأزياء التقليدية للأمازيغ المميزة لفروع العشائر المنحدرة من قبيلة زناتة البربرية القديمة والموجودة في واحة سيوة في مصر وواحة الجغبوب في ليبيا والناطقين بلهجة (تاسيويت) الأمازيغية..
والفنون الشعبية السيوية مختلطة بالتراث الصوفي بسبب تأثرها بالسنوسيين وغيرهم حيث تتشابه الرقصات الشعبية مع حركات المتصوفين عند الذكر ، ومن هذه الرقصات الزقالة التي يؤديها الرجال إما فرديا أو جماعيا أو النوعين معا حيث يجتمعون في دوائر كبيرة مزدحمة وينتظمون في دائرة متصلة كاملة ثم يبدأون في الدوران بصفة مستمرة بدون توقف ويوجد رجل بوسط نصف الدائرة يؤدي رقصة البورمية الفردية..
ويتم ذلك مع آلات موسيقية خاصة بهم منها الطبلة السيوية المعروفة باسم طوبيل والدف (الطار) والستاوية والخمساوية وهي من آلات النفخ وكذلك الشبابة البدوية المعروفة التي تشبه الناي لكنهم يطلقون عليها في لغتهم اسم (تيجعبت / تشيبت) ، وهذه الألحان ذات السلم الخماسي تتشابه مع مثيلاتها في دول شمال أفريقيا وتضم في أغانيها الملالاه الاحتفالي وهو موال فردي أو جماعي يتخلله (القول) وهي حكم شعبية دارجة ..

***

21 / الهوسيت .. رقصة الحرب

الرقص بآلات الحرب والصيد وتقليد حركات الحيوان خاصة الجمل هي السمة المميزة لرقصة الهوسيت في حلايب وشلاتين وأم رماد وجنوب محافظة البحر الأحمر ، وهي من سمات ثقافة قبائل البجا الناطقة بلغة البداويت وأهمها قبيلة البشارية التي تشكل أغلبية السكان في المنطقة لكنها تأثرت بالعشائر العربية المجاورة مثل العبابدة والرشايدة حيث اختفى الرمح التقليدي من الرقصة وحل محله السيف العربي..
وتوجد أنوع مختلفة من الرقصات الشعبية عند قبائل البشارية وهي الواندوب والهوسيت والبيبوب وأوكل وكلها تؤدى عن طريق تحريك جميع أجزاء الجسم حيث تعتمد في حركاتها على القفز والوثب والحجل ، وكل رقصة منها لها إيقاعها المميز ومناسبتها الخاصة التي خصصت من أجلها حيث الأداء التمثيلي القائم على التقمص ومحاكاة الطبيعة وهي سمة عامة لكل الرقصات في قارة أفريقيا ..
وكلمة هوسيت في لغة البجا تعني الاستعداد ويقصد بها التأهب للحرب أو الصيد أو المبارزة وسط دق الأقدام على الأرض وضرب الكفوف من الحاضرين ويجب أن يبدأ أكبر القوم سنا أو أعلاهم مقاما حيث ينزل إلى الوسط مع بدء العزف ممسكا بالسيف والدرقة (الدرع الخاص بالبجا) ويجاوبه الجمهور بهمهمات مشجعة ثم تبدأ الرقصة على هيئة شخصين يتبارزان ثم يحل محلهم اثنان آخران وهكذا..
والزي الخاص بها يتكون من سروال يسمى البوجا أو السربادوب وقميص يسمى العراقي وجلباب فوقه صديري يعرف باسم السواكني (نسبة لمدينة سواكن السودانية) ، ويستعمل فيها السيف (مأدد) والخنجر (شوتال) والعصا (أكوالي) والسوط (قرنتي) والدرع وهو دائري كبير ومنه ثلاثة أنواع وهي (كربياي) المصنوع من جلد الفيل و(داشكاب) من جلد التمساح و(تاسنتياي) من جلد فرس البحر..



ويستعمل في العزف آلة وترية خاصة بهم تسمى باسنكوب مع إيقاع الطبول القوية وتصاحبها أحيانا بعض الأغاني التي تمجد القبيلة وبطولاتها ، وتقام الرقصة في الكثير من الاحتفالات والمناسبات الاجتماعية العامة والخاصة وفي جلسات الونسة وفي أوقات الفراغ عند ممارستهم لمهنة الرعي في الصحراء وأيضاً لتحية الضيوف أو التعبير عن الفرح والسعادة وهي كذلك وسيلة للتسلية والترويح عن النفس..
وقبيلة البشارية جزء من شعب البجا الذي يسكن ساحل البحر الأحمر منذ القدم ويمتد موطنهم إلى داخل الحدود السودانية يجاورهم جنوبا قبيلة الأمرار حتى بورسودان ثم قبيلة الهدندوه من سواكن إلى سنار وقبيلة بني عامر من طوكر إلى داخل أريتريا ثم الحلنقة والحدارب ، ويجاورهم شعب العفر (الدناكل) في أريتريا وجيبوتي وأثيوبيا وشعب الجبرتة في أريتريا وهم جميعا حلقة وصل تاريخية بين الأفارقة والعرب ..

المرجع : مجلة الثقافة الشعبية العدد 52

***

22 / التحطيب .. البطولة والفروسية

التحطيب فن قديم وهو يجمع بين كونه لعبة ورقصة في نفس الوقت لكن تجلى حضوره في صعيد مصر تحديدا بسبب الموروث الثقافي حيث كانت المبارزة الفردية هي المشهد الأكثر شعبية في كل من السيرة الهلالية وسيرة سيف بن ذي يزن وأبو الفوارس عنترة والزير سالم وهي السير الشعبية التي انتشرت في ربوع الصعيد من شماله إلى جنوبه ويرى بعض المحطبين من حاملي الموروث بالفطرة أن التحطيب هو استخراج من حرب الهلالية..
وغالبية القصص الشعبية والسير والملاحم التي تتغنى بمشاعر الحب والحنين والبطولة والشهامة والتأثر تقع حوادثها في هذه المنطقة ومن ثم فإن أشهر الفنانين الشعبيين من الشعراء وكتاب السيرة والقصص وفناني الموال والمداحين قد ولدوا في الصعيد ، والجلباب وغطاء الرأس الصعيدي المألوف والكوفية اللامعة هي الزي السائد للاعبي التحطيب وهو الذي يعطيها طابعها المميز ويضفي عليها صورتها الذهنية في الوجدان..
ويحتل التحطيب مكانته في الموروث الصوفي الشعبي حيث كانت أهم حلقات التحطيب تتم في الموالد الكبيرة مثل مولد سيدي عبد الرحيم القناوي وسيدي أبو الحجاج الاقصري حيث يعلن عن رفع العصاية من بعد صلاة العصر حتى صلاة المغرب ولمدة أسبوع ويجتمع المحطبون من كل المحافظات حيث يدعو لاعبو المحافظة التي يقام فيها المولد لاعبي المحافظات الأخرى ويتنافس الجميع في مهرجان فني ورياضي له طابع شعبي وديني..



والعصا هي العنصر الأساسي في رقصة التحطيب ، وكانوا قديماً يستخدمون الشوم الغليظ وتسمى العصا الغشيمة أو شوم محلب أي شومة شديدة مكسورة من الشجرة بالقوة وهذا غير مستخدم الآن لأنه يؤذي ويستخدمون بدلاً منها عصا من الخيزران ، وداخل المحافظة الواحدة يحدث اختلاف في مقدار عنف اللعبة تبعاً لقربها من الجبل أو بعدها عنه ، فكلما بعدنا عن نهر النيل باتجاه الجبل اتسم التحطيب بالعنف نظراً لقسوة الجبل وصعوبة العيش ..
ويتحول التحطيب إلى لعبة رياضية إذا كان التجمع بغرض التحدي أو بين الأقارب والأصدقاء أو للتسلية حيث يصير لها قواعد منظمة يراقبها الجمهور المتحمس ، أما في الاحتفالات والأعراس فإن الطابع الاستعراضي يكون هو الغالب تعبيرا عن السعادة والبهجة بالمولد أو العرس وهنا يتحول التحطيب إلى رقصة شعبية على أنغام الموسيقى لأن السياق الاجتماعي الذي تقدم فيه لا يفرض أن يتم الأداء من خلال القوانين الملزمة للعبة..
ويتم استعراض التحطيب على وقع آلات موسيقية منها الناي والأرغول والمزمار البلدي (الآبا) والمزمار الصعيدي (الشلبية) والطبل البلدي (العلبة) ذي الوجهين والنقرزان ذي الوعاء النحاسي والطبلة الصغيرة (البازة) التي يستعملها المسحراتي ، أما الربابة فهي نوعان ذات الوترين وهي الشائعة وذات الوتر الواحد وهي خاصة بالشعراء الذين ينشدون الملاحم الشعبية لتكون خلفية درامية وفنية وحماسية لأبطال التحطيب ..

المرجع : مجلة الثقافة الشعبية العدد التاسع

***

23 / فن الواو .. رباعيات الصعيد

"ولا بد من يوم معلوم .. تترد فيه المظالم .. أبيض على كل مظلوم .. أسود على كل ظالم " .. هذه الأبيات الشعرية المعروفة والتي جاءت في تتر مسلسل ذئاب الجبل هي في حقيقة الأمر أشهر رباعيات فن الواو المتوطن في محافظة قنا تحديدا حيث تقطن قبائل هوارة ، وتنسب الأبيات إلى شاعر شعبي متصوف يدعى ابن عروس وهو أحمد بن محمد بن عبد الله المزاتي من أبناء قرية مزاتة مركز قوص وسمي على اسم فتاته (عروس الهودج)..
وفن الواو هو رباعيات أو مُربعات شعرية من بحر المُجتث الذي يتكون من التفعيلة (مستفعلن فاعلن) في كل شطر ويتكون كل مُربّع من أربع شطرات متبادلة القافية أي أن للبيت الأول والثالث قافية موحدة والثاني والرابع قافية موحدة، وسُمي بـاسم فن الواو لأن من يُلقيه قد اعتاد أن يبدأه بـعبارة : "وقال الشاعر"، وفي رواية أخرى أنه كان شكلا من المباراة الشعرية التي يشترك فيها شاعران والثاني يبدأ مُربعه بـعبارة: "وأزيدك"..



والغرض الشعرى لفن الواو كان الشكوى من الزمان وغِدر الخلّان وينطوى على حِكَم وغزليات وأفرزته جلسات أهل الصعيد الطويلة نهارا أو ليلا وبالأخص ليالى السّـمَـر القمرية فى الساحات والمنادِر وفى الأجران أو المساطيح (أرض فضاء تحت الشمس تُجفف فيها الذرة والبلح) ، ويطلق على شاعر الواو اسم المواوي أو القوال أو الراوي حيث يلقيها في أمسيات شعرية خاصة أو في المناسبات الاجتماعية في أجواء احتفالية ..
وفن الواو في جذوره مستمد من أشعار السيرة الهلالية التي كانت بعض أبياتها تأتي على هيئة رباعيات وهو أيضا مصدر شعر الرباعيات الذي اشتهر في العصور الحديثة وتطور على يد بيرم التونسي وصلاح جاهين وعلي النابي ، وقد نشأ هذا الفن في العصر المملوكي مع انتقال قبائل هوارة المغربية المتعربة من البحيرة إلى الصعيد بأمر السلطان برقوق وتوليهم إمارة الإقليم وعمارته وزراعة القصب فيه طوال خمسة قرون كاملة ..
واشتهر من أشعارها في الغزل قول أحدهم مخاطبا قلة الشرب : " خايف أقوله يقول لا .. والقلب مرعوب وخايف .. ابقي قوليله يا قلة .. حين توردي عالشفايف " ، ومن أهم شعراء فن الواو في الزمن المعاصر الشاعر عبد الستار سليم الباحث في هذا الفن وله أبيات منها : " بخت الخسيس اتعدل لما الزمن غلاه .. ورخص ابن الأصول وفي قدرته غلاه .. فردت قلعي عشان أرحل خانتني الريح .. ودرست جرني طلع تبني بلا غلاه " ..

***


24 / السمسمية .. صوت المقاومة الشعبية

من أشهر أغاني السمسمية : " غني يا سمسمية .. لرصاص البندقية .. ولكل إيد قوية .. حاضنة زنودها المدافع .. غني للمدافع .. وللي وراها بيدافع .. ووصي عبد الشافع .. يضرب في الطلقة مية " ، وهي أغنية شعبية تحمل الطابع الوطني والنضالي المميز لمنطقة قناة السويس التي شهدت حروب مصر الحديثة كلها وانتصاراتها وكان أبناؤها في الصفوف الأولى للمعارك وطليعة الأبطال للمقاومة الشعبية..
ولعبت فرق السمسمية دورا وطنيا كبيرا في رفع الروح المعنوية للجنود والمواطنين بعد هزيمة 67 حيث قام الكابتن غزالى بتأسيس فرقة ولاد الأرض فى السويس والشاعر حافظ الصادق بتأسيس فرقة الصامدين فى الإسماعيلية والشاعر كامل عيد بتأسيس فرقة شباب النصر ببورسعيد ، وكانت فرق السمسمية تغنى للجنود فى الخنادق وتشد من أزرهم وتغنى للمُهَجَّرين فى معسكرات التهجير ..
والسمسمية آلة خماسية الأوتار انتقلت من النوبة أثناء حفر قناة السويس وهي تطوير لآلة الطنبورة النوبية المعروفة ، وانتشرت في حوض البحر الأحمر حيث نشأت أنواع مختلفة من العزف مثل السمسمية العقباوية نسبة لمدينة العقبة الأردنية والسمسمية الينبعاوية نسبة لمدينة ينبع السعودية والسمسمية الحضرمية نسبة إلى حضرموت باليمن وكل منها لها أغانيها وألحانها المعبرة عن البحر وسكان السواحل..



وارتبطت موسيقى السمسمية منذ حفر القناة برقصة البمبوطية الخاصة بالبحارة والعاملين في خدمة السفن وتجار البحر الذين يعملون على المراكب مع السفن العابرة في القناة واشتق اسمها من كلمة البمبوطية وهي إنجليزية الأصل (مان بوت) أو رجل القارب ، وكانت تؤدى للسمر والتسلية على شاطىء القناة في أوقات الفراغ وهي مميزة بملابسها المكونة من السروال العريض والصديري وطاقية البحر البيضاء ..
ومن أشهر أغانيها القديمة ما تغنى به البحارة في رحلتهم إلى سواحل اليمن : " بالله عليك يا طير يا رمادي .. افرد جناحك ودينى بلادي .. عدن عدن ياللى عليك بحرين .. فيه الحليوة ليه شهرين " ، ومن أشهر أغانيها : أبويا وصاني .. بتغني لمين يا حمام .. زارني المحبوب .. فجر الرجوع أهو لاح .. بلدي بلد الفدائيين .. احنا البمبوطية احنا ولاد المية ، وكذلك الأدوار الجداوية نسبة لمدينة جدة على شاطىء الحجاز ..

***

25 / قصيدة البردة للبوصيري ..

درة المدائح النبوية والتي اشتهرت عند جمهور المتصوفة ومحبي الانشاد الديني بالبيت المعروف : " مولاي صل وسلم دائما أبدا .. على حبيبك خير الخلق كلهم " ؛ ولا يعرف قصيدة نالت من الحفظ والحضور مثل ما حققت قصيدة البردة ومطلعها الذي يقول : " أمن تذكر جيران بذي سلم .. مزجت دمعا جرى من مقلة بدم .. أم هبت الريح من تلقاء كاظمة .. وأومض البرق في الظلماء من إضم " ..
واسم القصيدة الرسمي " الكواكب الدرية في مدح خير البرية " ، وهي من نظم وتأليف الشاعر والفقيه والمتصوف الإمام شرف الدين أبي عبد الله محمد بن سعيد بن حماد الصنهاجي البوصيري المتوفي عام 1295 م. ، ولد في قرية النويرة بالقرب من دلاص مركز بني سويف لأسرة تنحدر من قبيلة صنهاجة البربرية وعاش في قرية بوصير المجاورة فنسب إليها ثم انتقل إلى القاهرة للدراسة..
اشتغل البوصيري بدراسة السيرة النبوية وتتلمذ على يد أثير الدين أبي حيان الغرناطي وفتح الدين اليعمري الأشبيلي المعروف بلقب ابن سيد الناس وكتب عددا من المؤلفات منها كتاب تهذيب الألفاظ العامية وغيره لكنه اشتهر بقصائد المديح النبوي ، وتوفي في الاسكندرية عن 87 عاما ودفن بجوار شيخه في الطريقة الصوفية الشاذلية السيد أبي العباس المرسي وله مسجد ومشهد معروف ..
ويروي المتصوفة أن البوصيري كان مريضا لا يتحرك فأراد أن يكتب قصيدة في مدح النبي سماها البرأة طلبا الشفاء ، فلما وصل في نظمه إلى قوله : " فمبلغ العلم فيه أنه بشر " أرتج عليه ولم يتمكن من إكمال الشطر الثاني ثم نام ورأى في منامه أنه يلقي القصيدة بين يدي النبي فلما سكت عن البيت السابق اكمل له النبي الشطر الثاني وهو " وأنه خير خلق الله كلهم " ثم خلع بردته وألقاها عليه فقام من نومه وقد شفي من مرضه ..



وقال بعدها : " وكل آي أتى الرسل الكرام بها .. فإنما اتصلت من نوره بهم .. وأنه شمس فضل هم كواكبها .. يظهرن نورها للناس في الظلم " ، فعرفت القصيدة لذلك باسم البردة وذلك تيمنا بالشاعر كعب بن زهير صاحب قصيدة بانت سعاد عندما خلع النبي بردته وأعطاها له مكافأة على المديح ، وتبلغ أبياتها 160 بيتا وهي مصدر إلهام للشعراء على مر التاريخ ومن أبرز معارضاتها نهج البردة لأمير الشعراء أحمد شوقي ولامية عبد المولى البغدادي..

***

26 / التنورة.. التحليق في عالم الروح

ترجع جذور رقصة التنورة إلى الفكر الصوفي وهي رقصة تركية الأصل بدأت في التكايا حيث كان كل أمير أو شيخ طريقة ينشئ تكية وهي مكان يعتبر مضيفة لأبناء السبيل والفقراء والغرباء والدراويش وداخلها كانت تقام حلقات الذكر وقد تميزت واحدة منها وهي تكية المتصوف الكبير مولانا جلال الدين الرومي المتوفي عام 1273 م. في قونية بالأناضول حيث كان يبدأ الذكر بعمل حلقة لا تقل عن أربعين دوريشاً ..
وكانت ملابسهم تتنوع في الألوان ما بين الأخضر والأحمر والأبيض والأسود لكن عندما دخلت الرقصة إلى مصر استبدلت التنورة بألوان شعارات الطرق الصوفية الكبرى وقتها ، وفي البداية كان الدراويش يرددون لفظ الجلالة ومع كل ترديدة يقومون بإحناء رؤوسهم وأجسادهم ويخطون في اتجاه اليمين فتلف الحلقة كلها بسرعة وبعد فترة قصيرة يبدأ أحد الدراويش بالدوران حول نفسه وسط الحلقة وهو يعمل برجليه معا ويداه ممدودتان..
وعندما يسرع في حركته تنتشر ملابسه (تنورته) على شكل مظلة أو شمسية ويظل يدور عشر دقائق ثم ينحني أمام شيخه الجالس داخل الحلقة ثم ينضم إلى الدراويش الذين يذكرون اسم الله بقوة تتزايد درجة درجة لعشر دقائق أخرى ثم يجلسون للراحة وبعد ربع ساعة ينهضون للذكر ثانية وينضم هذه المرة شخصان يرقصان بالدفوف حيث كانت الطريقة المولوية هي اول من بدع تقاليد خاصة في الملبس وحركة اليد والرقص على الموسيقى..



وتقوم فكرة التنورة على فلسفة اللفيف أو الدوران حول النفس كأن الراقص يحتفي بالكون وبدورة الحياة وكأنما يهمس من أعماقه : " أنت كهبة الأرواح فلأقم بالطوف حولك فأنا كالفلك عملي ليل نهار هو الطواف ولا ترتعد في جواد الجسد وترجل سريعا فالله يهب جناحا لمن لا يمتطي الجسد " ، ويفسر ذلك جلال الدين الرومي بقوله : " لقد سما الجسد الترابي من العشق حتي الأفلاك وحتي الجبل بدا في الرقص وخف " ..
ويروى أن الإلهام بهذه الفلسفة قد حدث في واقعة شهيرة لجلال الدين الرومي عندما كان يدرس علوم الشريعة والفقه وكان يسير في أحد مواكبه فاعترضه تلميذه شمس الدين التبريزي وهمس في أذنه ومنذ ذلك صارا صديقين فأنشد جلال الدين قائلا : "يا أيتها الشمس هذا هو فلكي تعلمته من هذا القمري الوجه وأنا ذرة للشمس تعلمت منها هذا الرقص" وعرف عنه قوله وهو يتأمل : " يرقص الصوفي كأنه الذرة في شمس البقاء " ..

المرجع : مجلة الثقافة الشعبية العدد 16

***


27 / الزار .. طقوس العالم السفلي

زار كلمة أمهرية الأصل تعني الزائر وكانت تستعمل في الحبشة قديما للدلالة على القوى العلوية الخفية الشريرة حيث كانت تقام طقوس أفريقية المنشأ لعلاج المريض من تأثير تلك القوى ، وفي مصر تحول إلى طقس اجتماعي يجمع بين الرقص والغناء والشعوذة والدجل لطرد العفاربت وإرضاء الأسياد وفق المعتقدات الشعبية التي تؤمن بتلبس الجن والاعتقاد في عالم الأرواح ..
وقد غلبت على الزار في بداياته في إثيوبيا ممارسات وثنية مثل تقديم الأضاحي (دجاج في الغالب) لتلافي غضب الأرواح الشريرة المتلبسة جسم المريض من خلال رقصات تكرارية تأخذ طابعا تسارعيًا ، وتقوم الشيخة (الريسة، كوديا) التي تدير جلسة الزار بذبح الأضحية لتصبح حلقة وصل بين عالمي البشر والجن وعن طريق صوتها وموسيقى الرقصة تنادي هذه الأرواح كلَّا باسمه وصفاته ومحاولة مغازلته وطلب السماح والعفو ..
وانتقلت تلك الطقوس والممارسات تدريجيًا من وسط إفريقيا إلى مصر عن طريق الجواري الإثيوبيات وعملهن لدى العائلات المصرية الثرية في القرن الـثامن عشر لتقدم وسيلة لعلاج الأمراض التي فشل الطب التقليدي في علاجها مثل الاكتئاب والقلق والصرع والميول الانتحارية وغيرها حيث كانت تلك الأمراض غير مدرجة وقتها في الطب التقليدي ولم يكن لها توصيف وعلاج علمي وإنما اعتُبرت نوعًا من المس وتلبُّس الجن ..
والأسياد (بحسب التسمية المصرية) هو إعادة صياغة للمفاهيم الوثنية لكن في إطار الثقافة الدينية السائدة حيث تعتقد فئات من المجتمع أن لهذا المس قدرة على إلحاق الأذى بالبشر عقليًا وجسديًا ، وتتطابق طقوس الزار في إثيوبيا والسودان ومصر إلا أنها أخذت في مصر صورة روحانية لتنتقل من أصلها الوثني الذي يخاطب آلهة أو أرواح الأجداد لتقتصر على طقوس وموسيقى ورقص يقبله الوعي الشعبي في مصر..



وينقسم الزار إلى نوعين : الأول هو ما يُعرف بـاسم الحضرة التي تقام في الجمعة من كل أسبوع ما عدا شهر رمضان وفيه تُعزف الموسيقى وتُدق الدفوف في بيت الشيخ أو الشيخة، أما النوع الثاني فيُعرف باسم فرح الزار وهو مُناسبة خاصة لا يحضرها عوام الناس مثل الحضرة وتُقام في بيت المرأة أو الرجل الممسوس وفيها تتم تهيئة الأجواء من خلال وضع طاولة في منتصف الغرفة مفروش عليها قطعة من القماش الأبيض يحيط بها الشمع وفي مركزها الأضحية..
وتبدأ جلسة الزار بدق الدفوف والرقص التكراري العنيف والغناء على أساس إيمان المريض بأن الأرواح سوف تقوم بالتجسُّد من خلاله وتعلن عن هويتها لتحقيق طلباتها في المستقبل ومن ثم تحقيق التصالح بين المريض والأسياد ، وهناك ثلاثة أنواع من الزار هي الزار الصعيدي وتقوم به الغجريات و الطنبورة السودانية ودخلت مصر مع السودانيين المهاجرين زمن الاحتلال البريطاني وزار أبو الغيط نسبة لأحد الأولياء بالقليوبية..

المرجع : دراسة للباحث مصطفى هشام مجلة تعارف

***


28 / التربلة .. رقصة السيف العربي

العبابده هي قبائل عربية انتشرت في كل من مصر والسودان. ففي مصر احتلت مواطنهم الصحراء الشرقية جنوب الخط الذي يصل بين سفاجة وقنا شمالاً، والبحر الأحمر شرقاً، ووادي النيل غرباً، وحتى الحدود الإدارية جنوباً ، وقد استقر العبابدة في قنا وقوص والأقصر وأرمنت شرق النيل وفي إسنا وإدفو وكوم امبو شرق النيل، وفي أسوان وبلاد النوبة، و كان تركزهم شرق النيل، وقد خلط أكثر الباحثين بين قبائل العبابدة وقبائل البشارية الذين هم فرع من «البيجا» ، نظراً لتجاور مناطقهم واختلاطها أحياناً كثيرة في الصحراء الشرقية ..
وينقسم العبابده إلى أربع مجموعات قبلية هي : العشاباب. و الفقرا و المليكاب والشناطير والعبوديين. ، العبابدة الذين يسكنون شمال أسوان أغلبهم من العشاباب، ولا توجد مناطق خاصة لقبيلة بعينها، لأنه حسب طبيعة معيشتهم فإنهم غالباً ما ينزحون إلى مناطق سبقهم إليها عبابدة آخرون أياً كانت تبعيتهم القبلية. ، ومن عادات العبابدة تقاليدهم الاحتفالية بولادة طفل، والاحتفال بالزواج والختان حبث يذبحون الذبائح وبعد تناول العشاء يبدأ السامر بآلة الطنبورة فقط، فهم لا يستخدمون آلات إيقاعية بل بدق الكف والرزم بالقدم على الأرض يؤدون إيقاعهم الذى يلعبون عليه بالسيف والدرق في دور «التربلة».
وتبدأ الاحتفالات عندهم بنوع من الموال الشعبي يدعى النميم يلقى باللغة العربية بينما يردد الجميع كلمة " أبشر "



وبعد فترة من الغناء ودق الكف والرد على المغني وعازف الطنبورة يكون الجميع قد تهيأ واحتشد لأداء المرحلة الأولى من الاحتفالية الحركية وهي التربلة الجماعية، حيث يصطف الشباب، ثم يقف المغني والعازف على يمين الصف ومع رد الشباب في الصف على المغني وأدائهم بدق الكف بإيقاع مميز بينما يدقون أقدامهم على الأرض بإيقاع آخر حيث يتم التناوب في التربلة الجماعية ببن دق الكف مع رزم القدم على الأرض من الثبات، أو دق القدم مع دق الكف مع الوثب الخفيف..
وبعد فترة يتم وضع السيف والدرقة أمام منتصف صف الشباب الذين يدقون الكف والرزم بالقدم، ومع عزف الطنبورة (دون غناء)، يخرج أحدهم من الصف ويمسك السيف والدرقة مؤدياً حركة الوثب الخفيف أو الحجل بالقدمين ويمر أمام الصف ذهاباً وإيابا بهذه الحركة شبه الواثبة وفي نفس الوقت يلعب بالدرقة والسيف عن طريق نطر السيف لأعلى فارداً الذراع تتلوها حركة أخرى عن طريق نطر الدرقة لأعلى فارداً ذراعه، وعند انتهاء كل مشارك من دوره يقوم بضرب السيف على الدرقة معلناً اكتفاءه باللعب ثم يضعهما على الأرض ليخرج آخر ليأخذ دوره في اللعب.

المرجع مجلة الثقافة الشعبية العدد التاسع

***

29 / شيخ العرب.. هز الهلال يا سيد

لا يذكر التصوف إلا وتذكر معه بالتبعية مدينة طنطا ولا تذكر هذه المدينة إلا ويذكر معها أشهر شخصية في مجال التصوف الشعبي المصري ألا وهو شيخ العرب السيد أحمد بن علي بن إبراهيم بن الحسين المعروف بالبدوي والذي ظهر في القرن السابع الهجري وتحولت بفضله تلك القرية الصغيرة إلى عاصمة لوسط الدلتا إذ صارت مركزا لأكبر طريقة صوفية من حيث العدد ومقرا لأكبر تجمع بشري في العالم الإسلامي بعد وقفة عرفات وأعني به مولد البدوي الذي تربع على عرش التصوف في مصر سبعة قرون كاملة غير مزاحم ولا مدافع ،
هذا الولي الغامض الذي رفعه أتباعه إلى منزلة قطب الأقطاب ومرتبة الولاية العظمى (الغوث) بينما اتهمه أعداؤه بالزندقة والتشيع ومخالفة الشريعة ربما لا يكون مسئولا عن كل ذلك لأنه في رأي كثير من المؤرخين المدققين كان رجلا بسيطا من زهاد المتصوفة وفي رأي البعض الآخر أنه كان شخصية خيالية لا وجود لها على الإطلاق وإنما يرجع الفضل لهذه الشهرة الأسطورية لاثنين من عباقرة الزمان قام أحدهما بدور التنظيم والآخر بدور التنظير ، أما أولهما فهو (عبد المتعال بن محمد شمس الدين الأنصاري) الخليفة الأول للبدوي وتلميذه الأثير والمؤسس الفعلي للطريقة والذي عاش بعده قرابة نصف قرن أخذ على عاتقه فيها مهمة نشر الدعوة وجذب المريدين ووضع الأسس التنظيمية اللازمة للاستمرار،



كان عبد المتعال قد نشأ في قرية فيشا المنارة (فيشا سليم الحالية) لأب من العلماء لكنه لم يسلك مسلك الفقهاء وإنما سار في ركاب المتصوفة حيث رأى أولياء المشرق والمغرب وقد صارت لهم مصر أرضا خصبة مليئة بالأتباع والمريدين بصورة ربما لم يجدوها في بلادهم الأصلية ، وفي نهاية القرن السابع الهجري دعا عبد المتعال المريدين لنيل البركات من ذلك البدوي الذي يسكن سطح منزل الشيخ ركين في طنطا وانجذب الفلاحون البسطاء إلى ذلك الولي ذي اللثامين الذي لم ير أحد وجهه وإلا احترق وكانت العلاقة آنذاك بين الفلاحين والبدو ملتبسة بالخوف والإعجاب والغموض في آن واحد ..
وبعد سنوات قلائل بنى عبد المتعال قبة فوق ضريح الولي وبدأ يدعو إلى طريقته التي نشط فيها مجموعة من التلاميذ المخلصين أشهرهم الجوهري والبريدي والمعلوف وقمر الدولة والبراق والإنبابي والراعي والأشعث والشناوي والقليني والبرلسي والشيشيني والأباريقي وأبو طرطور والمتبولي والمجذوب والعريان والوراق وأبو العلا وتتوزع أضرحتهم الآن في طول البلاد وعرضها مما أكسب الطريقة قوة لا بأس بها في مواجهة المماليك الذين عجز أقواهم وهو السلطان جقمق عن إلغاء مولد البدوي بل صارت الطريقة ملاذا آمنا للأتباع من بطش العثمانيين بعد ذلك.
أما الشخصية الثانية فهو الإمام (عبد الوهاب الشعراني) الذي عاش في القرن العاشر الهجري وله مؤلفات غزيرة في التصوف أشهرها كتاب (الطبقات) والذي قام فيه بالتنظير وصناعة الأسطورة حيث رفع البدوي إلى منزلة لم يصلها نبي مرسل ولا ملك مقرب ولقبه بجملة من الألقاب السطوحي (يعيش على السطح أربعين يوما دون طعام أو ماء) العطاب (يلحق الضرر بأعدائه) أبوفراج (يفرج كروب أتباعه) العيسوي (يحيي الموتى مثل عيسى بن مريم) حيث اختلط التصوف بالتراث الشعبي وأصبح البدوي مثل أبطال ألف ليلة وليلة والسير الشعبية فهو يجلب الأسرى من بلاد الفرنجة ويتكلم من القبر ويمد يده مصافحا الشعراني ويتحرك هلال القبة علامة على رضاه ويحضر مولده الأنبياء والأولياء ويربي أتباعه من البرزخ وكراماته تتجاوز حدود الزمان والمكان.
أما أهم لقب به فهو (الأستاذ) حيث إن طريقته مزجت بمهارة بين المدارس الصوفية الثلاث السابقة ببعضها في خلطة سحرية عجيبة فقد أخذ عن الصوفية المشرقية (الجيلانية والرفاعية) مسألة العلم اللدني والكشف والذوق وأخذ من الصوفية الأندلسية (ابن عربي) الحلول والاتحاد وفكرة أن الإنسان الكامل حقا يمكن أن تحل فيه بعض الصفات الإلهية وأخذ من الصوفية المغاربية (الشاذلية) وجوب مجاهدة النفس ورياضتها عن طريق لزوم شيخ أو مربي أو مرشد يأخذ المريد البيعة على يديه مع السهولة في الأوراد ومحبة آل البيت ،
وهكذا أوجد المنظم (عبد المتعال) والمنظر (عبد الوهاب) عالما قائما بذاته يعيش فيه المريدون بعيدا عن العالم الخارجي الملئ بالصراعات إذ ينتقل القروي الساذج إلى عالم (الطريقة) الخيالي المثالي حيث يتمتع بصحبة إمام الأولياء لكن بعد أن يبايع بيعة إيمانية على اتباع (الأستاذ) ممثلا في شيوخ الطريقة خاصة وقد كانت شروط الانضمام للطريق بسيطة فهي لم تشترط من المريد عمقا في الدين ولا علما بالتصوف مثل الطرق الأخرى لكنها حرصت على أمرين هامين أولهما لزوم صحبة المريدين (فقراء الأحمدية) والدوران في فلكهم فقط والثانية الطاعة العمياء للنقيب حيث لا مجال لإعمال العقل وإلا تعرض لعقوبة العزل والهجر من بقية المريدين إذ أن الشعار السائد هو أن المريد بين يدي شيخه كالميت بين يدي المغسل كما نشرت الطريقة ظلالها على الأسرة الريفية إذ كانت أول طريقة تجيز أخذ العهد على النساء وتعقد لهم المجالس وتفسح لهم في المناسبات،
لكن أهم عوامل البقاء كان في التنظيم الصارم للطريقة التي اعتمدت على وجود درجات إدارية في هرم تنظيمي واضح من أول النقيب الذي يتولى رعاية أفراد قلائل إلى النائب الذي يتولى مسئولية الدعوة في ناحية جغرافية ثم الخادم وهو الذي يقوم برعاية المسجد والمقام ثم في النهاية شيخ السجادة والذي يمثل السلطة العليا يعاونه في ذلك مجلس يجمع شيوخ البيوت الأربعة الكبيرة في الطريقة وهم السادة الكناسية والمنايفة والشناوية والإنبابية في ترتيب بروتوكولي في المجالس والمواكب ، هذه التقاليد انتقلت تدريجيا إلى كل الطرق الصوفية الأخرى داخل مصر وخارجها وصبغت الفكر الديني الشعبي حتى وقتنا هذا .. ألا تسمع البسطاء في كل مكان وهم ينادون على الأولياء بكلمة الاستغاثة الشهيرة .. مدد مدد أو وهم يحيطون بالقبة ليلة العيد منادين عليه قائلين : " هز الهلال يا سيد " !!

***

30 / ختام الجزء الأول ..

تعليق عام على جذور الثقافة الشعبية في مصر
من خلال استعراض أوجه الثقافة الشعبية في مصر والتي تمت باختصار في هذه الدراسة يمكننا أن نصل إلى عدد من الملاحظات وهي :
أولا / الموروث الصوفي : وهو حاضر تقريبا في خلفية المشهد في كل السير الشعبية التي كانت مليئة بالحكم الفلسفية والمواعظ الأخلاقية ، ويرجع السبب في ذلك أن مدرسة التصوف كانت هي المهيمنة فكريا وشعائريا على الحياة الدينية والاجتماعية في مصر قرابة سبعة قرون وحدث تداخل بينها وبين القصص الشعبي بحيث صار للأولياء سير شعبية تحكي قصة حياتهم بينما تمتع أبطال السير الشعبية التقليدية بقدرات روحية ومعاونات من عالم غير منظور حتى بدا لوهلة أنهم قد سلكوا مسلك الأولياء وأهل الخطوة ..
ثانيا / الموروث القبلي : وهو حاضر بقوة في السير الشعبية الكبرى حيث ارتباط السيرة الهلالية بقبائل هلال وزناتة وسيرة سيف بن ذي يزن بالعرب اليمانية والزير سالم بقبائل ربيعة وفروعها وعنترة بن شداد بالعرب القيسية بينما كانت سيرة الأميرة ذات الهمة مدونة مطولة في بطولات العرب ضد أعدائهم من الروم فتجاوزت البعد القبلي إلى تأسيس لمفهوم القومية بمعناها المتوافق مع العصور الوسطى وكذلك سيرة حمزة البهلوان ورصد علاقة العرب بالفرس في ظل انتماء الثقافتين للحضارة الإسلامية ..
ثالثا / تأثير الجغرافيا : وهو ظاهر في التنوع الكبير في الفنون الشعبية تبعا للمنطقة الجغرافية من مصر فنجد فن القصيد في سيناء والمجرودة والشتيوة في الصحراء الغربية وفن الواو في جنوب الصعيد والنميم في الصحراء الشرقية والبمبوطية في منطقة القناة وشعر الملالاه في سيوة والتحطيب في الصعيد والتنورة في مراكز الصوفية المعروفة بالقاهرة والوجه البحري ، وهذا التنوع هو ما أثرى التراث الشعبي المصري بحيث إن البقعة الجغرافية وثقافتها المحلية هي التي رسمت معالم التراث تبعا للتكوين السكاني فيها ..



رابعا / تأثير التاريخ : وهو الأمر الظاهر في السير الشعبية والتي هي في حقيقتها محاولة لصناعة تاريخ محلي موازي تختلط مع الآداب والفنون التي عرفها الناس في أزمانهم ، والسير كلها تستند إلى وقائع محددة حدثت في التاريخ القديم لكن تم تضخيمها وإضفاء هالة البطولة عليها مع ملاحظة أن ثلاث من السير الكبرى ترجع لأبطال من العصر الجاهلي وهم عنترة والزير سالم وسيف بن ذي يزن كما أن سيرة عنترة تحكي تاريخ القبائل العربية الحقيقي ومعاركهم وصراعاتهم من خلال آلاف الصفحات ..
خامسا / التواصل الثقافي : وهو ملحوظ عندما نرى التأثيرات المتبادلة بين مصر وجيرانها حيث انتقال السمسمية من منطقة القناة إلى دول حوض البحر الأحمر وانتقال رقصة التنورة من المولوية التركية إلى طرقنا الصوفية وكذلك عادات الزار الوافدة من الحبشة ، وهناك ارتباط واضح بين الدحية السيناوية ومثيلاتها في النقب والأردن وبادية الشام وكذلك الحجالة التي تجمع بين بدو الصحراء الغربية وامتدادهم الطبيعي في ليبيا ودول المغرب العربي وتطابق رقصات النوبيين والبجا والعبابدة في مصر والسودان ..
سادسا / موروث الفروسية : وهو كامن في ثنايا السير الشعبية من خلال كل أبطالها الذين هم فرسان وشعراء يجمعون بين الذائقة الأدبية والحضور الفني وفي نفس الوقت يخوضون المعارك ويحققون الانتصارات وفي صفاتهم الشهامة والمروءة والكرم والشجاعة مثل أجدادهم من العرب الأقدمين ، ومن اللافت أن ثلاث من الرقصات الشعبية هي الدحية والتربالا والهوسيت يستعمل فيها السيف واستبدل في الحجالة والتحطيب بالعصا وهو ما يحمل دلالة رمزية على فكرة القتال والحرب والصراع ومكانتها لديهم ..
سابعا / الحضور الفني : وهو ما تمثل في تنويعات الموسيقى والرقصات وإيقاعاتها والأزياء التقليدية لكل منطقة بالإضافة إلى الشعر العربي مع خلفية البيئة الجغرافية حيث رسم كل ذلك لوحة فنية تظل قابعة في الوجدان الجمعي للمصريين جميعا حيث تلبية الاحتياجات النفسية والعاطفية للمتلقي ، بل إن السيرة الهلالية نفسها قد تألفت منها نسختين إحداهما للقبائل العربية تحكي انتصار بني هلال والثانية للقبائل المغربية تحكي انتصار زناتة وذلك ليتفق مع المزاج العام للجمهور المستمع وتحقيق هدفه من المتعة والتسلية ..
ثامنا / الحضور الاجتماعي : وهو ما ظهر جليا في كافة صور الفنون الشعبية لأنها في الأصل مناسبات اجتماعية أو تجمعات للسمر والتنزه أو لقاءات دينية أو احتفالات قبلية ومحلية وعائلية خاصة حفلات الزواج حيث الحضور الكبير للمرأة ومشاركتها في الفعاليات الفنية المختلفة ، والمرأة هي البطلة المطلقة في أكبر سيرة شعبية عربية (الأميرة ذات الهمة) والتي تتجاوز عشرين ألف صفحة ترصد فيها معالم الحياة الاجتماعية والتغيرات الثقافية في تاريخ الأمة التي قدر لها أن تسود وتحكم هذه البقعة من العالم ..
وفي الختام يرسم لنا التراث الشعبي ذلك التنوع الفني والاجتماعي وجذوره الكامنة في الوجدان الجمعي حيث التعددية الثقافية المحمودة تحت مظلة الهوية الوطنية الجامعة ..

===============
1-

1 / مقدمة
2 / ملامح عامة
3 / سيرة سيف بن ذي يزن
4 / السيرة الهلالية
5 / الفن الشعبي ..
6 / الغجر في الثقافة الشعبية
7- الأميرة ذات الهمة
8 / السيرة الظاهرية
9 / التدين الشعبي والتعبيرات الدارجة
10 / التصوف والثقافة الشعبية
11 / أبو الفوارس عنترة
12 / الزير سالم
13 / علي الزيبق
14 / حمزة البهلوان
15 / سعد اليتيم
16 / ألف ليلة وليلة

=========

2-

17 / السامر السيناوي
18 / الحجالة والصحراء الغربية
19 / أفراح النوبة ..
20 / سيوة .. واحة السلام
21 / الهوسيت .. رقصة الحرب
22 / التحطيب .. البطولة والفروسية
23 / فن الواو .. رباعيات الصعيد
24 / السمسمية .. صوت المقاومة الشعبية
25 / قصيدة البردة للبوصيري ..
26 / التنورة.. التحليق في عالم الروح
27 / الزار .. طقوس العالم السفلي
28 / التربلة .. رقصة السيف العربي
29 / شيخ العرب .. هز الهلال يا سيد
30 / ختام الجزء الأول ..

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...