ياجنوب
"يا أرض حفيف الأجنحة التي في عبر أنهار كوش"
يا قوة عاطفة خط الاستواء!
لأنني أنتمي إلى الناجين من الماضي؛
ولن ينطوي في طي النسيان أبدا؛
أنتمي الى جيل ورث دخان الرصاص بين الرئتين؛
وعين الجوع المتوهجة،
والأرواح المهمشة الحطام ؛
والعظام الطويلة الباردة!
سأظل أبحث فيك عن الشمس المذهلة!
يا جنوب
يا كلمة مختومة في زنوجة أرواحنا.
يا أعشاب نيلنا الأبيض.
وقوارب الصيد السوداء .
ياصوت الغابات العميقة
يا قمة "الأماتونغ"
يا نجمة زنجية
في أجنحة السماء،
وملايين السنين من حكايات الجدة الخرافية!
يا جنوب
الجرح الحاد في حدود سحرك
يؤلم قلبي!
وهذا البارود يشرخ رائحة بساتين الأناناس،
ويجرح أشجار المهوقني
ويؤلم قلبي!
لأنني أنثر بذور رحمي
فوق الريح ،فوق زهور الأشجار
فوق الغابات، فوق المخاوف،
على مدار شمسك الحارقة
وتمتلئ بها الشقوق في أمواج النيل
يحملها الهواء الدافئ من الأرض
أغنية سرقتها لأشجار
لتنبت أطفالا كطائر الفينق
ويموتون ويرجعون من جديد،
الحرب تؤذي عيني
متي تنتصر فيك الحياة يا أرض الطيور الزرقاء!
_______________
الهروب من النيران الصديقة
راكضة أنت!
كما يركض النمر بجانب طريق النهر؛
راكضة لأن المشهد لا نهاية له في زوايا الخوف!
الحرارة تشع، تشع، من كل مسام جلدك.
تحرق ما تبقى لك من المرجان الأسود
خرز "السُكسُك" وتبخر الماء الخجول من نضارة شفتيك.
وتنير الليل و قذائف الخائفين!
أسرعي، أسرعي!
لم يحن الوقت لتستريحي في أحضان مورفيوس!
الشارع ملتوي بشهوة القصف،
العالم بعيونه المتوحشة الواسعة،
ينتظر زفير خمسمائة سنة؛
لمعالجة الكماليات بعد موتك.
أركضي حتى تموت الجاذبية الأرضية!
ويقفز رحمك كالكبريت المشتعلّ
ويرقص الشهيق الإلهي ،
حتى يتحول القصف إلى سيقان طويلة جدا
سيقان من هيكل عظمي
مغموسة في أحذية الأحلام المحروقة
الموت هنا ينتظر رعيته
في قلب الحياة!
أركضي ومزقي كل الصور الظلية
في ذاكرة الكاميرات الضخمة؛ في جفون العالم
لينجو وجه طفلك
سليما متعطشا من آثار الدهشة والطيور الجارحة
أركضي يا امرأة مشبعة بالحياة حتى الحلق
بفم دافئ، وعرق بدائي وقلب متوحش
مزقي أزرق السماء الملكي
أيتها الآلهة الهاربة من نيران الحرب
من نبض إيقاع الآنين
أركضي ودعينا نتعلم كيف نركض و نحرر أنفسنا ببطء!!
____________________
تَميمَةٌ لشجرةِ المَانجُو
لا بدُّ لي أن أعبرَ
بينَ كلابِ المدينةِ
ومُوسيقى الصباح
تحت الرَّصاص
لكي أكتبَ على ساقِ شَجَرةِ المانجو
هذه القصيدةَ كذكرياتٍ تُمارسُ الحِيَلَ على يومٍ ماطر،
الطقسُ مُجَرَّدُ اِبتسامةٍ مُلتَوية
يمارسُ الانزلاقَ من خلال ثُقب السماءِ المضطرب
يَنِزُّ غرائبيةً غامضةٍ،
كغناءِ مشعوذٍ في أحلك أيام يناير الباردة!
ينبغي أن تكون هذه القصيدة زُنبقة
أو تقويم حي في أنشودةٍ قديمةٍ
نُقِشَتْ في العَتَبةِ السِّريةِ للظلامِ الأَبدي
أو امرأة ترتدي شِبْشِبَها الصيفيِ
تَهُزُّ رأسَها وتقول:
أنتَ يا حبيبي على قيدِ الحياة
وَظِلُّ حذائِك يشبهُ البندقية قليلاً
تَحولتْ فقط لتصبح بروميثيوس
النساءُ يعرفن كيف للموتِ أن يكون سعيدًا
لذا يفضلنَ النَّوافذَ المفتوحةَ،
وابتسامةَ شجرةِ المانجو؛
والليلَ أو هذا الشعورَ السَّريع
الذي يشبه أسئلةَ نسيجِ الوجودِ بين الرَّعْدِ
والعاصفةِ خارجَ النافذة
أو مِحنَةَ العذاب البطيء لصورة السماء المنهارة،
حين يُغادرُ الرِّجَالُ للحَربِ.
لأنَّ النساءَ يعرفن كيف يكون الجُنودُ
أكثر الناس مقدرة على العشق
ويعرفن أنَّ الجنودَ يضعون الدانتيل على ظِلِّ الزِّناد
ويكتبون قصائدهم على جسد المرأة برائحة الهواء
لكن قصيدتي المنقوشة على ساق شجرة المانجو
لم تجرؤ على الوَعْدِ بوصولِ الصَّباح
ولا على النومِ تحت الأمطارِ النَّديةِ العَذبة،
ولا بالقُبْلةِ الحُلوةِ بين دِفءِ يَدَيكَ،
لأنَّ حُروفَها المُتلألِئَةِ غَرَقت
في الأزرقِ العَميقِ لرَائحةِ البَارُود
_____________________
أغنية منقوشة على جدار الفصل
إنتظر قليلاً لثني الزاوية،
التي تبدأ عند حافة جواز سفري
حين تغير الوطن من الشمال إلى الجنوب
والصق صورة الملامح الزنجية الحادة
التي تعبت من مسامير الصليب
والتي نزفت من سكاكين الخوف على الحلق
الجنسية: أنا أقاوم مثل كتلة سوداء تقف في وجه الجحيم!
وأكتب في خانة الحالة: من الرومانسية إلى المأساوية
حين أنفتح الجدار من جهة ما
ليفسح الطريق لرصاصتين
ولم يكن هناك متسعاً من الوقتٍ لمرور
شعلة الحب الأبدية
العشق الذي مر عبر الشرايين
كما الماء الحي في الوديان
أو الإستسلام التام والتأمل في السماء !
و أنتَ في لحظة الهدنة
في هذه الساعة من الصمت ؛
أو الهزيمة،
لحظة الوعي الجاف والذاكرة البيضاء ،
وجهك جرح لا يهدأ
وأنا مرتعشة الجسد
ملفوفة في الحرير الأسود الكامل للكلمات الجرداء
بسبب رصاصة طائشة وجدار فصل!
نيالاو حسن أيول/ جمهورية جنوب السودان/ شعراء شرق أفريقيا
"يا أرض حفيف الأجنحة التي في عبر أنهار كوش"
يا قوة عاطفة خط الاستواء!
لأنني أنتمي إلى الناجين من الماضي؛
ولن ينطوي في طي النسيان أبدا؛
أنتمي الى جيل ورث دخان الرصاص بين الرئتين؛
وعين الجوع المتوهجة،
والأرواح المهمشة الحطام ؛
والعظام الطويلة الباردة!
سأظل أبحث فيك عن الشمس المذهلة!
يا جنوب
يا كلمة مختومة في زنوجة أرواحنا.
يا أعشاب نيلنا الأبيض.
وقوارب الصيد السوداء .
ياصوت الغابات العميقة
يا قمة "الأماتونغ"
يا نجمة زنجية
في أجنحة السماء،
وملايين السنين من حكايات الجدة الخرافية!
يا جنوب
الجرح الحاد في حدود سحرك
يؤلم قلبي!
وهذا البارود يشرخ رائحة بساتين الأناناس،
ويجرح أشجار المهوقني
ويؤلم قلبي!
لأنني أنثر بذور رحمي
فوق الريح ،فوق زهور الأشجار
فوق الغابات، فوق المخاوف،
على مدار شمسك الحارقة
وتمتلئ بها الشقوق في أمواج النيل
يحملها الهواء الدافئ من الأرض
أغنية سرقتها لأشجار
لتنبت أطفالا كطائر الفينق
ويموتون ويرجعون من جديد،
الحرب تؤذي عيني
متي تنتصر فيك الحياة يا أرض الطيور الزرقاء!
_______________
الهروب من النيران الصديقة
راكضة أنت!
كما يركض النمر بجانب طريق النهر؛
راكضة لأن المشهد لا نهاية له في زوايا الخوف!
الحرارة تشع، تشع، من كل مسام جلدك.
تحرق ما تبقى لك من المرجان الأسود
خرز "السُكسُك" وتبخر الماء الخجول من نضارة شفتيك.
وتنير الليل و قذائف الخائفين!
أسرعي، أسرعي!
لم يحن الوقت لتستريحي في أحضان مورفيوس!
الشارع ملتوي بشهوة القصف،
العالم بعيونه المتوحشة الواسعة،
ينتظر زفير خمسمائة سنة؛
لمعالجة الكماليات بعد موتك.
أركضي حتى تموت الجاذبية الأرضية!
ويقفز رحمك كالكبريت المشتعلّ
ويرقص الشهيق الإلهي ،
حتى يتحول القصف إلى سيقان طويلة جدا
سيقان من هيكل عظمي
مغموسة في أحذية الأحلام المحروقة
الموت هنا ينتظر رعيته
في قلب الحياة!
أركضي ومزقي كل الصور الظلية
في ذاكرة الكاميرات الضخمة؛ في جفون العالم
لينجو وجه طفلك
سليما متعطشا من آثار الدهشة والطيور الجارحة
أركضي يا امرأة مشبعة بالحياة حتى الحلق
بفم دافئ، وعرق بدائي وقلب متوحش
مزقي أزرق السماء الملكي
أيتها الآلهة الهاربة من نيران الحرب
من نبض إيقاع الآنين
أركضي ودعينا نتعلم كيف نركض و نحرر أنفسنا ببطء!!
____________________
تَميمَةٌ لشجرةِ المَانجُو
لا بدُّ لي أن أعبرَ
بينَ كلابِ المدينةِ
ومُوسيقى الصباح
تحت الرَّصاص
لكي أكتبَ على ساقِ شَجَرةِ المانجو
هذه القصيدةَ كذكرياتٍ تُمارسُ الحِيَلَ على يومٍ ماطر،
الطقسُ مُجَرَّدُ اِبتسامةٍ مُلتَوية
يمارسُ الانزلاقَ من خلال ثُقب السماءِ المضطرب
يَنِزُّ غرائبيةً غامضةٍ،
كغناءِ مشعوذٍ في أحلك أيام يناير الباردة!
ينبغي أن تكون هذه القصيدة زُنبقة
أو تقويم حي في أنشودةٍ قديمةٍ
نُقِشَتْ في العَتَبةِ السِّريةِ للظلامِ الأَبدي
أو امرأة ترتدي شِبْشِبَها الصيفيِ
تَهُزُّ رأسَها وتقول:
أنتَ يا حبيبي على قيدِ الحياة
وَظِلُّ حذائِك يشبهُ البندقية قليلاً
تَحولتْ فقط لتصبح بروميثيوس
النساءُ يعرفن كيف للموتِ أن يكون سعيدًا
لذا يفضلنَ النَّوافذَ المفتوحةَ،
وابتسامةَ شجرةِ المانجو؛
والليلَ أو هذا الشعورَ السَّريع
الذي يشبه أسئلةَ نسيجِ الوجودِ بين الرَّعْدِ
والعاصفةِ خارجَ النافذة
أو مِحنَةَ العذاب البطيء لصورة السماء المنهارة،
حين يُغادرُ الرِّجَالُ للحَربِ.
لأنَّ النساءَ يعرفن كيف يكون الجُنودُ
أكثر الناس مقدرة على العشق
ويعرفن أنَّ الجنودَ يضعون الدانتيل على ظِلِّ الزِّناد
ويكتبون قصائدهم على جسد المرأة برائحة الهواء
لكن قصيدتي المنقوشة على ساق شجرة المانجو
لم تجرؤ على الوَعْدِ بوصولِ الصَّباح
ولا على النومِ تحت الأمطارِ النَّديةِ العَذبة،
ولا بالقُبْلةِ الحُلوةِ بين دِفءِ يَدَيكَ،
لأنَّ حُروفَها المُتلألِئَةِ غَرَقت
في الأزرقِ العَميقِ لرَائحةِ البَارُود
_____________________
أغنية منقوشة على جدار الفصل
إنتظر قليلاً لثني الزاوية،
التي تبدأ عند حافة جواز سفري
حين تغير الوطن من الشمال إلى الجنوب
والصق صورة الملامح الزنجية الحادة
التي تعبت من مسامير الصليب
والتي نزفت من سكاكين الخوف على الحلق
الجنسية: أنا أقاوم مثل كتلة سوداء تقف في وجه الجحيم!
وأكتب في خانة الحالة: من الرومانسية إلى المأساوية
حين أنفتح الجدار من جهة ما
ليفسح الطريق لرصاصتين
ولم يكن هناك متسعاً من الوقتٍ لمرور
شعلة الحب الأبدية
العشق الذي مر عبر الشرايين
كما الماء الحي في الوديان
أو الإستسلام التام والتأمل في السماء !
و أنتَ في لحظة الهدنة
في هذه الساعة من الصمت ؛
أو الهزيمة،
لحظة الوعي الجاف والذاكرة البيضاء ،
وجهك جرح لا يهدأ
وأنا مرتعشة الجسد
ملفوفة في الحرير الأسود الكامل للكلمات الجرداء
بسبب رصاصة طائشة وجدار فصل!
نيالاو حسن أيول/ جمهورية جنوب السودان/ شعراء شرق أفريقيا