الشاف الحسين الهواري - عشاء السلطان. تاريخ ولادة الرفيسة

(وكان السلطان بخير إلا أنه ما تعشى تلك الليلة إلا بقليل من ثريد مدوم بشيء من سمن و طرف قديد)طعام أكبر سلطان عرفه المغرب أبي عنان فارس و هو عائد من قسنطينة و الاوراس حيث أخد البيعة من سكان الجزائر و تونس و ليبيا ( طرابلس ) . قراءة في كتاب فيض العباب في الحركة السعيدة إلى قسنطينة و الزاب لابن الحاج النميري ،
و تبدأ الرحلة من مدينة فاس المغربية إلى الشرق الجزائري بالتحديد إلى بجاية فقسنطينة وعنابة وتونس والزاب (بسكرة حاليا) لأخذ البيعة ، يقول المؤلف و لما وصل وجدة بوابة المغرب عائدا من الجزائر بعد عبوره من تلمسان كان عشاءه تلك الليلة ثريدا بالقديد مهيلا بالسمن . و طعام بني مرين كان أكثر ذوقا من ذلك ففي عصر بني مرين عرف المغاربة النعيم والرخاء والازدهار و كانت الأطعمة تقدم في الطوافير و هذا ما يؤكده معاصروهم مثل إبن خلدون و صديقه لسان الدين بن الخطيب ( و قد وصف مأدبة هنتاتة في كتاب نفاضة الجراب ) و قد عاشا معا في بلاط بني مرين . و في عصر بني مرين ذكرت لأول مرة كلمة رفيسة و رفاءس و مرفوسات في نص كتاب الطبيخ بين العدوتين المغرب و الأندلس عصر الموحدين و هو كتاب صدر في العصر المريني يحمل فصلا خاصا ب( الرفايس و الثرايد ) و ذلك في القرن 13.
(تاريخ الطبخ المغربي)

يؤكده كذلك إبن أبي زرع صاحب القرطاس و هذا ما يذكره مؤلفنا شاهد عيان ابن الحاج النميري في كتابه فيض العباب و الرحلة إلى قسنطينة و الزاب و النميري هو كاتب ديوان السلطان المريني رافقه في رحلتة المغاربية التي اكتملت ببيعة قبائل و شعوب المغرب العربي لسلطان بني مرين و قد جاهد أبو عنان ليعيد أمجاد الإمبراطورية المرابطية و الموحدية و لاقى في ذلك متاعب لا تحصى لم تثنه عن السير حتى تحقيق هدفه و هو جمع و توحيد المغرب الكبير بعد الشتات و التفرقة و إنهيار سلطان بني حفص الموحدين في تونس و بنو عبد الواد بالجزائر و توغل الأعراب في البلاد قادمين من الصحراء .
تميز عصر بني مرين حسب الاستقصا بالانفتاح و الترف و الاستقرار " تنافس الناس في البناء فاتخذوا القصور المشيدة ،و تانقوا فيها بالزليج و الرخام و أنواع النقوش، و تناغوا في لبس الحرير، و ركوب الفاره ، و أكل الطيب - بمعنى ما طاب من الأطعمة الفاخرة - ، و اقتناء الحلي من الذهب و الفضة "
" و انفتحت للناس أبواب المعاش و الترف حتى تغالوا في اثمان العقار، فبلغت قيمتها فوق المعتاد حتى لقد لقد بيع كثير من الدور بفاس بألف دينار من الذهب العيني، و تنافس الناس في البناء فاتخذوا القصور المشيدة ،و تانقوا فيها بالزليج و الرخام و أنواع النقوش، و تناغوا في لبس الحرير، و ركوب الفاره ، و أكل الطيب، و اقتناء الحلي من الذهب و الفضة .
و لوصف هذا السلطان المريني العظيم لا بد كذلك من قراءة كتاب وصف ابي عنان و سيرته لابن الأحمر صاحب كتاب ( روض النسرين ) و هو ما سنعود له في وقت لاحق.
كما تميز العصر المريني الأول بالرخاء الاقتصادي الكبير يدل عليه رخص الأسعار حيث يقول ابن أبي زرع : أن الدقيق بيع بفاس و غيرها بربع درهم ، و القمح بستة دراهم للصفحة و الفول و جميع القطاني ما لها رسوم : العسل ثلاثة ارطال بدرهم ، و الزيت أربعون أوقية بدرهم؛ و لحوم البقر مائة أوقية بدرهم، و الكبش بخمسة دراهم . اهتم بنو مرين بالمجتمع فبنوا البيمارستانات للمرضى و المجانين، و رتبوا لهم الأطباء لتفقد أحوالهم، كما أجروا عليهم المرتبات و النفقات من بيت المال، و نفس الشيء فعلوه مع الجذامى و العمى و الفقراء حيث رتبوا لهم مالا معلوما يقبضونه كل شهر . ...يتبع بقلم الهواري الحسين Houari Hossin مراجع :
*الانيس المطرب لابن أبي زرع.
* ابن خلدون : كتاب العبر
*ابن الحاج النميري : كتاب فيض العباب في الرحلة إلى قسنطينة و الزاب
* الناصري: كتاب الاستقصا في تاريخ المغرب الأقصى
* لسان الدين بن الخطيب : نفاضة الجراب
* ابن الأحمر :روض النسرين
نبدة عن حياة السلطان المريني أبي عنان من روض النسرين لابن الأحمر .
و عن كتاب فيض العباب وإفاضة قداح الآداب في الحركة إلى القسطنطينية و الزاب.
بعد أن أخذ البيعة من سكان المغرب و الجزائر و تونس و ليبيا
أسمه بالكامل أبو عنان فارس المتوكل على الله بن أبي الحسن علي بن أبي سعيد عثمان المريني ، هو من أشهر ملوك بني مرين بالمغرب الأقصى ، من مواليد مدينة فاس الجديد ( الدار البيضاء) عام 729هـجريا ، والدته تدعى ( شمس الضحى ) وعن وصفه و هيئته فقد قال عنه الناصري ” كان السلطان أَبُو عنان رَحمَه الله أَبيض اللَّوْن، تعلوه صفرَة، طَوِيل الْقَامَة، يشرف على النَّاس بِطُولِهِ، نحيف الْبدن، عالي الْأنف حسنه، أعين، أدعج، جَهورِي الصَّوْت، فِي كَلَامه عجلة حَتَّى لَا يكَاد السَّامع يفهم مَا يَقُول، عَظِيم اللِّحْيَة، تملأ صَدره أسودها، وَإِذا مرت بهَا الرّيح تَفَرَّقت نِصْفَيْنِ حَتَّى يستبين مَوضِع الذقن “.
أمارته على تلمسان : كان أبو عنان فارس المريني معروف بين قومه وأهله وكان محبوبا جدا بينهم ، وكان والده يميزه وله معزه خاصة إلى قلبه عن باقي إخوته و ذلك لعلمه و عفافه و حفظه للقرأن الكريم لهذه الأسباب عزم والده على توليه حكم تلمسان و ذلك بعد أن أستطاع أن يستولي عليها في عام 737هـجريا.
وفاة والد أبو عنان فارس المريني و توليه الملك :
عندما سمع أبو عنان فارس المريني خبر وفاة والده و ذلك كان في ربيع الأول عام 749هـجريا ، عزم على مغادرة تلمسان و تنازل عنها لآل زيان و عاد إلى مدينة فاس و قام بتنصيب نفسه ملكا من بعد والده و لقب ب ” المتوكل على الله “، و قام بأعلان نفسه أميرا للمؤمنين ،
توسيع ملكه : كان يعمل أبو عنان فارس المريني دائما على أتساع مملكته ، فعمل على إخضاع بني عبد الواد ( أمراء زناتة بتلمسان ) فقاتلوه و حاربوه لكنه تمكن من الأنتصار عليهم و دخل تلمسان و خضع له أمراء المغرب الأوسط ، بعدها توجه إلى إفريقيا عام 758هـجريا فأستطاع أن يضم القسنطينة و تونس من أيدي الحفصيين و عندما شك في بعد قواده قاتلهم على الفور .
محاولة أبو عنان فارس المريني لتوحيد المغرب بأكمله :
و قد تمكن أبو عنان فارس المريني من مواصلة حركة الفتح بهدف توحيد أقطار الشمال الأفريقي التي كان قد بدأها والده من قبل ، فكانت النتيجة هي أزالت دولة بني زيان عام 753هـجريا ، و لم يتوقف عند هذا الحد بل أستكمل سيره إلى إفريقيا و تمكن من دخول تونس في عام 758هجريا و ظل هكذا حتى أنفجرت العديد من الثورات على مستوى المغرب بأكمله بسبب طمع بعض أقربائه في الوصول إلى السلطة،مما جعله يسارع بالعودة إلى عاصمته ..

الهواري الحسين








تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...