الحسين الهواري - - وصف الموائد السلطانية و طيافير الطعام الملوكية

سلسلة نخترق بها العصور الذهبية للمرابطين والموحدين و المرينيين و السعديين عبر وثائق شهود العيان لكل عصر و قد كانت الأطعمة الفاخرة رمزا للعظمة و الجاه وكان المراد منها كما قال النميري ( ..وعمل الأطعمة العميقة الآثار ) أي بلوغ حد من التأثير على شعور الآخرين . قال المؤلف : (.. وعلى إثر ذلك وصلت طيافير الطعام الملوكية عليها المناديل الساطعة البياض و السباني المرقومة كأنها أزهار الرياض من كل موشي الظاهر و الباطن ، ثقيل إلا أنه متلقي القبول من كل المواطن...) و قال كذلك:.. فروي لحمه على البزار و أكل الناس هنيئا مريا ..) وقال (..وقد كانت الأطعمة الحافلة مهيأة للوفود ، معدة للقادمين في طالع السعود . بادية موائدها المستديرة كأنها البدور ، متداخلة صحافها فكأنها الكواكب التي علاها النور ، مستطيلة مياديها كأنها خيوط الفجر . مستاثرة من ألقاب البديع بالطي و النشر . منفسحة جفانيها كالخوابي مرتفعة سدفاتها كالروابي . سافرة سفراتها التي عمها تزيين ، وظهر لها في المجالس فضل مبين ، فهي تحط البساط إن ظهرت يمين . فأكل الناس جماعات و أفاريق ، و طيف عليهم بكؤوس و أباريق ..) عن فيض العباب لابن الحاج النميري . و قد كانت الموائد السلطانية تعبر عن سخاء و جود و كرم و هيبة السلطان و الدولة معا و تقام على شرف الأمراء و اصحاب المعالي من ملوك و سلاطين و زوار أجانب و أسياد القوم و كبارهم و وجهاءهم و سفراء الدول الأجنبية و كبار قواد الاساطيل و الجنود و الزعماء ( و خدمة الزوار كما قال ) كما كانت البساطات و السماطات و الاخاوين تقدم كذلك في الأعراس و الاحتفالات بالمناسبات الإسلامية و الوطنية و إحتفالات النصر و التحالفات ، كما أنها كانت تقام على شرف المواطنين من عامة الشعب ضمن فعاليات مهرجانات الخيل و التبريكات للأولياء والصالحين و زيارة أضرحتهم . و من بين المؤلفين و آثارهم و ما وصلنا من كتب المفكرين و المؤرخين و الفقهاء الذين تحدثوا عن تلك المادب العامرة و هم شهود العيان الذين حضروا تلك التجمعات و الإجتماعات و الولاءم نذكر العلامة ابن خلدون و قد عاش زمنا في بلاط بني مرين و عمل سفيرا و وسيطا لهم بينهم وبين بني الأحمر في غرناطة ، و لسان الدين بن الخطيب معارض بني الأحمر الذي عاش وقتا في البلاط المريني و قتل في فاس و قد كتب وصفا رائعا للماءدة المغربية و أشعار جميلة نجدها في كتابه نفاضة الجراب . وابن أبي زرع صاحب القرطاس .. و قد اقتبسنا أعلاه و صفا من كتاب فيض العباب لابن الحاج النميري كاتب ديوان السلطان المريني أبو عنان صاحب الأمجاد المعروفة على الصعيد العالمي . و لن نستثني لاحقا واحدا من أكبر مؤرخي عصر بني مرين الذي عاش في بلاطهم و هو إسماعيل بن الأحمر صاحب العديد من المؤلفات عن الدولة المرينية و الذي أفادنا كثيرا في بحثنا و نذكر منها : بيوتات فاس الكبرى و روضة النسرين في أخبار بني مرين و حديقة النسرين في أخبار بني مرين وعرائس الأمراء و نفائس الوزراء . و مؤلفين و مؤرخين آخرين اوردوا أخبارا و نوادر عن تاريخ الطبخ المغربي الأصيل منذ بداية التدوين . كوصف ابن الوزان معاصر بني مرين لأطعمة أهل المغرب و وصف إبن صاحب الصلاة صاحب المن بالإمامة و ابن باشكوال مرافقي السلطان الموحدي يعقوب المنصور في مهرجانات التمييز و التبريز و البيدق مؤرخ المهدي بن تومرت . و مواءد الأمراء و الخلفاء كثيرة يلزمها كثير من الصفحات ..

يتبع بقلم الهواري الحسين

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...