«67...» قصة قصيرة للكاتب عمرو صلاح الغندقلي
الخميس، 08 فبراير 2024 - 04:15 م
الكاتب عمرو صلاح الغندقلي
الكاتب عمرو صلاح الغندقلي
صفوت ناصف
بلغت من العمر ٦٧ عاما واخترت أن أعيش وحيداً ، لم أعرف أن الحياة طريق ، وأن الطريق يحتاج فى أغلب الأحيان إلى رفيق ، وأن الرفيق فى ذلك الوقت نادر تماماً مثل الصديق ، تبدل بى الحال ، فى الوقت الذى شعرت فيه أنى كبرت ، ولم تكبر أحلامي، بل قلت وشاخت وأصبحت واهية ، لا يكبر الإنسان إلا حين يشعر أنه وحيد ، هكذا يقولون ذلك ، أما أنا أشعر حقا بالكبر حين أفتقد الحب.
كان لى أبناء ومازل ، لكن كلٌ منهم يعيش فى عالمه ، وهكذا هى اللعبة ، نعم هذه هى اللعبة وعلينا جميعاً أن نحترم قواعد تلك اللعبة، مادام لنا وجود على هذه الأرض لسبب ما، علينا أن نحترم قواعد اللعبة، من عاش مات، هذه هى خلاصة الأمر كل من عاش على هذه الأرض سوف يذوق طعم الموت، علينا جمعيا أن نعلم ذلك، لذى نطلب من ظل بجوارنا أن يجعل انتقالنا إلى عالم آخر فى هدوء، حين نبلغ ذلك العمر نحتاج أكثر إلى الهدوء ، نحتاج أكثر لمن يحترم الصمت ويجعل الحب لغة ، والأفعال تكون أبلغ كثيراً من الأقوال ، ربما الكثير منا، يعانى من قلة وجود من يفهمه ، وندرة تصل إلى الاستحالة فى بعض الأحيان ، لذى عليك اللا تنتظر شيئاً من أحد ، لعله هو أيضا ربما ينتظر اشياء من احاد مثلك، ولا تنتظر أحد ، إن الإنتظار فى أحياناً كثيرة يجعل فى الحلق غصة ومرار ، عليك أن تنكب على نفسك ، وأن تحاول أن تفهمها ، ربما تقضى جل عمرك ولم تصل إلى فهم نفسك حتى الآن ، وربما يأتى وقت تجد أنك وصلت إلى حدا ما إلى معرفة نفسك ، حينها تنكشف لك بعض الحقائق التي كانت غائبة تماما عليك .
عليك أن تحظى بحياة أكثر هدوءا.
وأن تستقبل الإنتقال بالفرح المناسب ، شكرا لكم جميعاً ، نعم سوف أقولها لكم حين ترتقى روحي إلى الرفيق الأعلى وأنا ناظر إليكم ، أنا على يقين أنى سوف أراكم كما لم أراكم من قبل، حين أرتحل ، لذى علي أن أشكركم جميعاً على تحملكم إياى كل هذه السنين ، لم أكن يوما عند حسن ظن أغلبكم ، أعلم ذلك جيداً ، لم أكن عند حسن ظن حتى أقرب الأقرباء ، فما بالكم بمن كان فى ذات يوم صديق أو رفيق أو زميل، قد خاب ظنهم فىّ، لذى يجب علي قبل أن تنتهى تلك الرحلة أن أعتذر لكم جميعاً ، أعتذر إلى بناتى وأبنائى وزوجتى ، أعتذر إلى أمى وإلى أبى ، وإلى كل من التقيته ذات يوم ولم أكن عند حسن ظنه ، اغفروا لى جميعاً ، لعلكم بهذا الغفران تجعلونى خفيفاً حين تصعد روحى إلى الملكوت ، ولا تتذكروا ولو شيئاً واحداً قد فعلته جيدا فى حق أحدكم ذات يوم ، ولا تتذكرو كم فعلت معكم من سيئات ، فقط كل ما أرجوه أن تنسوا جميعاً كل ما تعرفوه عنى، أن تنسونى كلى وتنسونى إلى الأبد، أرجو لكم كل الحب الذى فقدته منكم فى ظل تلك الدنيا ومشاغلها وصراعات وحروب كنتم تخضونها لكى تكسبوا شيئاً ما، اعلموا جميعكم أن الحرب خراب وأن الذى يصنعها الأنفس بمساعدة الشيطان وأن الحروب ثمارها دمار وأن الدماء حين تسيل، تستجدى مزيداً من الدماء.
عليكم بغرس فسيلة غفران لأنفسكم أولاً، ثم لمن أساء إليكم، لا تثقلوا على أحد وأنتم سائرون فى تلك الرحلة، ارحلوا وأنتم فى وزن الريشة، تصعدوان فى يسر، كل من خفف أوزانه طار أفضل وأسرع، لعل هذه الكلمات لا تكون ذات معنى عند أغلبكم ولكن هذا ما أملكه قبل الرحيل، وقد تركته لكم.
الخميس، 08 فبراير 2024 - 04:15 م
الكاتب عمرو صلاح الغندقلي
الكاتب عمرو صلاح الغندقلي
صفوت ناصف
بلغت من العمر ٦٧ عاما واخترت أن أعيش وحيداً ، لم أعرف أن الحياة طريق ، وأن الطريق يحتاج فى أغلب الأحيان إلى رفيق ، وأن الرفيق فى ذلك الوقت نادر تماماً مثل الصديق ، تبدل بى الحال ، فى الوقت الذى شعرت فيه أنى كبرت ، ولم تكبر أحلامي، بل قلت وشاخت وأصبحت واهية ، لا يكبر الإنسان إلا حين يشعر أنه وحيد ، هكذا يقولون ذلك ، أما أنا أشعر حقا بالكبر حين أفتقد الحب.
كان لى أبناء ومازل ، لكن كلٌ منهم يعيش فى عالمه ، وهكذا هى اللعبة ، نعم هذه هى اللعبة وعلينا جميعاً أن نحترم قواعد تلك اللعبة، مادام لنا وجود على هذه الأرض لسبب ما، علينا أن نحترم قواعد اللعبة، من عاش مات، هذه هى خلاصة الأمر كل من عاش على هذه الأرض سوف يذوق طعم الموت، علينا جمعيا أن نعلم ذلك، لذى نطلب من ظل بجوارنا أن يجعل انتقالنا إلى عالم آخر فى هدوء، حين نبلغ ذلك العمر نحتاج أكثر إلى الهدوء ، نحتاج أكثر لمن يحترم الصمت ويجعل الحب لغة ، والأفعال تكون أبلغ كثيراً من الأقوال ، ربما الكثير منا، يعانى من قلة وجود من يفهمه ، وندرة تصل إلى الاستحالة فى بعض الأحيان ، لذى عليك اللا تنتظر شيئاً من أحد ، لعله هو أيضا ربما ينتظر اشياء من احاد مثلك، ولا تنتظر أحد ، إن الإنتظار فى أحياناً كثيرة يجعل فى الحلق غصة ومرار ، عليك أن تنكب على نفسك ، وأن تحاول أن تفهمها ، ربما تقضى جل عمرك ولم تصل إلى فهم نفسك حتى الآن ، وربما يأتى وقت تجد أنك وصلت إلى حدا ما إلى معرفة نفسك ، حينها تنكشف لك بعض الحقائق التي كانت غائبة تماما عليك .
عليك أن تحظى بحياة أكثر هدوءا.
وأن تستقبل الإنتقال بالفرح المناسب ، شكرا لكم جميعاً ، نعم سوف أقولها لكم حين ترتقى روحي إلى الرفيق الأعلى وأنا ناظر إليكم ، أنا على يقين أنى سوف أراكم كما لم أراكم من قبل، حين أرتحل ، لذى علي أن أشكركم جميعاً على تحملكم إياى كل هذه السنين ، لم أكن يوما عند حسن ظن أغلبكم ، أعلم ذلك جيداً ، لم أكن عند حسن ظن حتى أقرب الأقرباء ، فما بالكم بمن كان فى ذات يوم صديق أو رفيق أو زميل، قد خاب ظنهم فىّ، لذى يجب علي قبل أن تنتهى تلك الرحلة أن أعتذر لكم جميعاً ، أعتذر إلى بناتى وأبنائى وزوجتى ، أعتذر إلى أمى وإلى أبى ، وإلى كل من التقيته ذات يوم ولم أكن عند حسن ظنه ، اغفروا لى جميعاً ، لعلكم بهذا الغفران تجعلونى خفيفاً حين تصعد روحى إلى الملكوت ، ولا تتذكروا ولو شيئاً واحداً قد فعلته جيدا فى حق أحدكم ذات يوم ، ولا تتذكرو كم فعلت معكم من سيئات ، فقط كل ما أرجوه أن تنسوا جميعاً كل ما تعرفوه عنى، أن تنسونى كلى وتنسونى إلى الأبد، أرجو لكم كل الحب الذى فقدته منكم فى ظل تلك الدنيا ومشاغلها وصراعات وحروب كنتم تخضونها لكى تكسبوا شيئاً ما، اعلموا جميعكم أن الحرب خراب وأن الذى يصنعها الأنفس بمساعدة الشيطان وأن الحروب ثمارها دمار وأن الدماء حين تسيل، تستجدى مزيداً من الدماء.
عليكم بغرس فسيلة غفران لأنفسكم أولاً، ثم لمن أساء إليكم، لا تثقلوا على أحد وأنتم سائرون فى تلك الرحلة، ارحلوا وأنتم فى وزن الريشة، تصعدوان فى يسر، كل من خفف أوزانه طار أفضل وأسرع، لعل هذه الكلمات لا تكون ذات معنى عند أغلبكم ولكن هذا ما أملكه قبل الرحيل، وقد تركته لكم.