تقوم من النوم ، تنهض ، تتوثب ، تخرج إلى العمل ، تتحرك – في الحركة بركة - ، تهدأ......... ثم تنام .
هكذا كنت كل يوم تبعث الدفء فيما حولك ، تشع ذكاء ورواء ، عينك لا تكل عن متابعة ومملوءة بالحياة ، ترهف السمع كلما سمعت خبرًا ، تتقصى وتفكر في الأبعاد .
تتمنى أن تحب كل النساء ، تنسى أن بعض الناس لا يحبونك ، ولا يطيقونك ، يكرهونك ، يطردونك ، لكن حبك أقوى من كراهيتهم .
تحلم أن تنتصر عليهم ، تساعدهم ، تشاركهم تتغلب عليهم بعنفوانك . وتخضع لهم ، فالحياة أخذ وعطاء ، ولوج وخروج ، قوة وضعف .
تراقب مناظر الطبيعة الشائقة المتسعة منها والمنفرجة ، المنفسحة منها والضيقة ، المائية والجبلية ، البيضاء والخضراء .
يوم أن مت يا عبد الحي . لم يقرءوا لك الفاتحة ، ولا سورة يس ، ولم يدر بك أحد ، لم يكفنوك ساعة الدفن بقليل ، لم يسألاك : ما دينك ومن ربك وما الذي مت عليه ؟ ولم تقل لهما بلسان طلق بلا فزع .. .. وبلا جزع : " الكافي لي ولكم الله " ، وبقيت في " نومة الغزال " ، عينك نصف مفتوحة ، تدفع فلا تتحرك ، ولا تحمل عصاك لتتوكأ عليها .
نومة ليست هنيئة ، فيها أحلام مزعجة مرعبة – والله أعلم – فيها سكون غريب مريب .
لعلك تمنيت أن تقطع نفسك من الوريدين ، ولم تجرؤ أن تفعل .
ثلاث سنين في ذكرياتك .
ثلاث سنين .
يوم أن كنت تقفز على ظهر الحصان دفعة واحدة ، فيعجب الناظرون ، وتلعب بالسيف مثل قفقاسي رشيق . ها قد جلست تندب حظك كالنساء ، ولا يدري ببكائك سواي ، ترثي ماضيك ، وتلف جسمك بأوراق الخريف الصفراء ، ولا يقرأ أفكارك غيري .
كنتُ أنا وعبد الحي في رحلة ممتعة رائعة جُبنا فيها سحر بلاد الشرق ، وكان عبد الحي كتابًا في يميني ،
وقلمًا امتشقه ،
وسلاحًا ماضيًا له حجة قوية دافعة وهبه الله إياها ، فيستطيع أن يقنعك بصحة الشيء ونقيضه .
قلت له : أتكهن أنك ورضوان يوم القيامة ستكونان في استقبال الطيبين ، فأنت تعبد الله في حركاتك ، تذكره قيامًا وقعودًا وعلى جنبك .
وغضب عبد الحي لكلامي ...... وتولى .
ثم إذا به يقذف نفسه في النار ؟، يبحث عن ممثلة تشرب وتزني وتتدلل ، ويعود إلي ، وآثار الحروق بادية على ساقه .
ضحكت كثيرًا ، فأخذ المارون يضحكون على ضحكي لغرابته وحدّته ،
وبقينا نضحك ...... حتى نام عبد الحي .
عدت وحيدًا أحمل سبحته وعمامته ، وعلّقتها في صدر بيتي ، فلا يكاد يراها أحد حتى يقرأ الفاتحة على روح عبد الحي ، وبعضهم كان يدّعي قراءتها بحركة يمسح بها يده على وجهه ، ومع ذلك فالكل يذكرونه بالخير ، يعون مآثره وأفضاله وبركاته ، وعبد الحي
لا يستيقظ .
أخذ الناس يتذكرون نومة أهل الكهف ، وتحدثوا عن الطعام الذي سيأتي به أحدهم ، وعن المسجد الذي سيقوم تخليدًا لذكراه .
صار النائم شبحًا يطالع بين الفينة والأخرى ، يعرفونه فلا ينكرونه .
الظاهرة مقبولة وطبيعية ، لعله من الأولياء الصالحين أو تابع من التابعين ، عادوه يوم مَرِض ،
وودّعوه يوم أن سافر إلى الحج ،
واستقبلوه يوم أتى بالمسابح والتمر .
وعند عودته أخذ يخطب عاريًا ، عاريًا يخطب ، لحيته تهتز يمينًا ويسارًا ، وحركته في إيقاع الإيمان المستبد .
قرأت له بعض الآيات معزيًا ، وأذكر منها ( ..... والعاقبة للتقوى ) ، فأصحاب الدنيا ملّوا سماعك ، وبقي لك أهل الله .
أتى برفقتي ، ولبس ملابسه المعلقة على صدر غرفتي ، وجلس يحدثني عن ماض عريق ، ويجمّل لي المستقبل الزاهر :
كل يوم أجمل من سابقــهِ ،
وكل تجربة أروع من سابقتها ،
تركته في تهيج عنيف " إكستازا " حادة ، كأنه صوفي استغرق في الوجد .
وعدت إلى بيتي لأبكي صديقي الأثير عبد الحي .
=============
فاروق ابراهيم مواسي
ولد في باقة الغربية ـ فلسطين عام في العاشر من نوفمبر ـ تشرين أول ـ 1941م
- التحق بمدرسة الطيبة الثانوية، حيث أنهى دراسته الثانوية هناك سنة 1959 ، وما لبث أن عمل في الصحافة المحلية
- عين معلمًا شباط 1961، وظل في سلك التعليم في المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية في المدارس المختلفة ، حتى أحيل على التقاعد بدءًا من أيلول 1996
ولكنه لا زال يعمل محاضرًا في كلية ( القاسمي ) في باقة الغربية ، وحصل مؤخرًا على لقب " محاضر كبير " (وهو رئيس مركز اللغة العربية فيها ، وعميد شؤون الطلبة بدءًا من سنة 2002 )، كما يحاضر في الكلية العربية في حيفا ( بدءًا من سنة 1998) ، وكان قد عمل مرشدًا لكتابة الأبحاث لطلاب المدارس الثانوية العربية (1995/1994)، وعين عضوًا في لجنة إعداد منهاج قواعد اللغة العربية في جامعة حيفا (بدءًا من سنة 1984) وعضوًا في لجنة منهاج خاص لتعليم اللغة العربية والتراث للمدارس العربية ، وعضوًا في اللجنة العليا لشؤون اللغة العربية، وهو عضو مؤسس في مجمع اللغة العربية.
وكان عضوًا في المجلس الشعبي للثقافة والفنون ، وعضًوا في دائرة الأدب ( الممثل العربي في المجلس الشعبي) وكان كذلك عضوًا في القسم العربي لمجلس الثقافة، وعضوًا في مجلس الكتاب بدءًا من سنة 1992 وحتى سنة 2000.
- شغل مواسي منصب رئيس رابطة الكتاب العرب ضمن اتحاد رابطات الكتاب في البلاد( 1995-1982)، وكان الممثل العربي الوحيد في الإدارة العامة. وعند تأسيس ( اتحاد الكتاب العرب) شغل فاروق نائب الرئيس فيه (1980-1993 )،. ويشغل بدءًا من سنة 2003 منصب نائب رئيس نقابة الكتاب على اختلاف لغاتهم .
- اختير رئيس تحرير مجلة "مشاوير"- مجلة رابطة الكتاب العرب- (1978-1980)، وكان عضوًا في هيئة تحرير مجلة " الجديد" (1993-1990)، وعضوًا في مجلس تحرير مجلة (48 ) ، وهو أحد أعضاء أسرة التحرير في مجلة " مواقف " .
- شارك في مهرجانات ثقافية عربية في داخل البلاد وخارجها، و له عدةنشاطات سياسية
هكذا كنت كل يوم تبعث الدفء فيما حولك ، تشع ذكاء ورواء ، عينك لا تكل عن متابعة ومملوءة بالحياة ، ترهف السمع كلما سمعت خبرًا ، تتقصى وتفكر في الأبعاد .
تتمنى أن تحب كل النساء ، تنسى أن بعض الناس لا يحبونك ، ولا يطيقونك ، يكرهونك ، يطردونك ، لكن حبك أقوى من كراهيتهم .
تحلم أن تنتصر عليهم ، تساعدهم ، تشاركهم تتغلب عليهم بعنفوانك . وتخضع لهم ، فالحياة أخذ وعطاء ، ولوج وخروج ، قوة وضعف .
تراقب مناظر الطبيعة الشائقة المتسعة منها والمنفرجة ، المنفسحة منها والضيقة ، المائية والجبلية ، البيضاء والخضراء .
يوم أن مت يا عبد الحي . لم يقرءوا لك الفاتحة ، ولا سورة يس ، ولم يدر بك أحد ، لم يكفنوك ساعة الدفن بقليل ، لم يسألاك : ما دينك ومن ربك وما الذي مت عليه ؟ ولم تقل لهما بلسان طلق بلا فزع .. .. وبلا جزع : " الكافي لي ولكم الله " ، وبقيت في " نومة الغزال " ، عينك نصف مفتوحة ، تدفع فلا تتحرك ، ولا تحمل عصاك لتتوكأ عليها .
نومة ليست هنيئة ، فيها أحلام مزعجة مرعبة – والله أعلم – فيها سكون غريب مريب .
لعلك تمنيت أن تقطع نفسك من الوريدين ، ولم تجرؤ أن تفعل .
ثلاث سنين في ذكرياتك .
ثلاث سنين .
يوم أن كنت تقفز على ظهر الحصان دفعة واحدة ، فيعجب الناظرون ، وتلعب بالسيف مثل قفقاسي رشيق . ها قد جلست تندب حظك كالنساء ، ولا يدري ببكائك سواي ، ترثي ماضيك ، وتلف جسمك بأوراق الخريف الصفراء ، ولا يقرأ أفكارك غيري .
كنتُ أنا وعبد الحي في رحلة ممتعة رائعة جُبنا فيها سحر بلاد الشرق ، وكان عبد الحي كتابًا في يميني ،
وقلمًا امتشقه ،
وسلاحًا ماضيًا له حجة قوية دافعة وهبه الله إياها ، فيستطيع أن يقنعك بصحة الشيء ونقيضه .
قلت له : أتكهن أنك ورضوان يوم القيامة ستكونان في استقبال الطيبين ، فأنت تعبد الله في حركاتك ، تذكره قيامًا وقعودًا وعلى جنبك .
وغضب عبد الحي لكلامي ...... وتولى .
ثم إذا به يقذف نفسه في النار ؟، يبحث عن ممثلة تشرب وتزني وتتدلل ، ويعود إلي ، وآثار الحروق بادية على ساقه .
ضحكت كثيرًا ، فأخذ المارون يضحكون على ضحكي لغرابته وحدّته ،
وبقينا نضحك ...... حتى نام عبد الحي .
عدت وحيدًا أحمل سبحته وعمامته ، وعلّقتها في صدر بيتي ، فلا يكاد يراها أحد حتى يقرأ الفاتحة على روح عبد الحي ، وبعضهم كان يدّعي قراءتها بحركة يمسح بها يده على وجهه ، ومع ذلك فالكل يذكرونه بالخير ، يعون مآثره وأفضاله وبركاته ، وعبد الحي
لا يستيقظ .
أخذ الناس يتذكرون نومة أهل الكهف ، وتحدثوا عن الطعام الذي سيأتي به أحدهم ، وعن المسجد الذي سيقوم تخليدًا لذكراه .
صار النائم شبحًا يطالع بين الفينة والأخرى ، يعرفونه فلا ينكرونه .
الظاهرة مقبولة وطبيعية ، لعله من الأولياء الصالحين أو تابع من التابعين ، عادوه يوم مَرِض ،
وودّعوه يوم أن سافر إلى الحج ،
واستقبلوه يوم أتى بالمسابح والتمر .
وعند عودته أخذ يخطب عاريًا ، عاريًا يخطب ، لحيته تهتز يمينًا ويسارًا ، وحركته في إيقاع الإيمان المستبد .
قرأت له بعض الآيات معزيًا ، وأذكر منها ( ..... والعاقبة للتقوى ) ، فأصحاب الدنيا ملّوا سماعك ، وبقي لك أهل الله .
أتى برفقتي ، ولبس ملابسه المعلقة على صدر غرفتي ، وجلس يحدثني عن ماض عريق ، ويجمّل لي المستقبل الزاهر :
كل يوم أجمل من سابقــهِ ،
وكل تجربة أروع من سابقتها ،
تركته في تهيج عنيف " إكستازا " حادة ، كأنه صوفي استغرق في الوجد .
وعدت إلى بيتي لأبكي صديقي الأثير عبد الحي .
=============
فاروق ابراهيم مواسي
ولد في باقة الغربية ـ فلسطين عام في العاشر من نوفمبر ـ تشرين أول ـ 1941م
- التحق بمدرسة الطيبة الثانوية، حيث أنهى دراسته الثانوية هناك سنة 1959 ، وما لبث أن عمل في الصحافة المحلية
- عين معلمًا شباط 1961، وظل في سلك التعليم في المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية في المدارس المختلفة ، حتى أحيل على التقاعد بدءًا من أيلول 1996
ولكنه لا زال يعمل محاضرًا في كلية ( القاسمي ) في باقة الغربية ، وحصل مؤخرًا على لقب " محاضر كبير " (وهو رئيس مركز اللغة العربية فيها ، وعميد شؤون الطلبة بدءًا من سنة 2002 )، كما يحاضر في الكلية العربية في حيفا ( بدءًا من سنة 1998) ، وكان قد عمل مرشدًا لكتابة الأبحاث لطلاب المدارس الثانوية العربية (1995/1994)، وعين عضوًا في لجنة إعداد منهاج قواعد اللغة العربية في جامعة حيفا (بدءًا من سنة 1984) وعضوًا في لجنة منهاج خاص لتعليم اللغة العربية والتراث للمدارس العربية ، وعضوًا في اللجنة العليا لشؤون اللغة العربية، وهو عضو مؤسس في مجمع اللغة العربية.
وكان عضوًا في المجلس الشعبي للثقافة والفنون ، وعضًوا في دائرة الأدب ( الممثل العربي في المجلس الشعبي) وكان كذلك عضوًا في القسم العربي لمجلس الثقافة، وعضوًا في مجلس الكتاب بدءًا من سنة 1992 وحتى سنة 2000.
- شغل مواسي منصب رئيس رابطة الكتاب العرب ضمن اتحاد رابطات الكتاب في البلاد( 1995-1982)، وكان الممثل العربي الوحيد في الإدارة العامة. وعند تأسيس ( اتحاد الكتاب العرب) شغل فاروق نائب الرئيس فيه (1980-1993 )،. ويشغل بدءًا من سنة 2003 منصب نائب رئيس نقابة الكتاب على اختلاف لغاتهم .
- اختير رئيس تحرير مجلة "مشاوير"- مجلة رابطة الكتاب العرب- (1978-1980)، وكان عضوًا في هيئة تحرير مجلة " الجديد" (1993-1990)، وعضوًا في مجلس تحرير مجلة (48 ) ، وهو أحد أعضاء أسرة التحرير في مجلة " مواقف " .
- شارك في مهرجانات ثقافية عربية في داخل البلاد وخارجها، و له عدةنشاطات سياسية