المشهد الأول
أشخاص المسرحية :
1 – حَبَشْتَكُوْنْ : حاكم أطلانطا ؛ والذى اعتمد العلم والتكنولوجيا كأولويات أساسية فى نظام حكمه، وقد حقق ذلك له السيطرة التامة والكاملة، على كامل الكوكب الأرضى، فى البر والبحر والجو، وامتد نفوذه حتى إلى الفضاء، خارج مجرة درب التبانة .
2 – لِيْمَازْ : زوجة حَبَشْتَكُوْنْ، ذات الدلال والجمال، التى تتحكم بأغلب تصرفاته، وتشاركه جميع طموحاته .
3 – دِلْيَازْ : كبير موظفى بلاط حَبَشْتَكُوْنْ .
4 – سُوْلَارْ : رئيس مراكز الأبحاث الإستراتيجية والجيوسياسية فى قصر حَبَشْتَكُوْنْ .
5 – سِفْيَاسْ : كبير المستشارين المتنبئين، ورئيس محللى مراكز الأبحاث التنبؤية .
6 – شِفْيَارْ : رأس العلم ومكمن القوة فى بلاط حَبَشْتَكُوْنْ .
7 – سَعْدِيُوْنْ : عالم ومصلح عربى ينشد المثالية، ويسعى لإحلال العدل والسلام على الأرض ، يعمل كمساعد أول لشِفْيَار، فى ظل تحديات رهيبة .
8 – جَايْدَارْ : المساعد الثانى لرأس العلم شفيار .
9 – زيمارا : حاكم كوكب النيار . ( يرد ذكر اسمه فقط ، لكنه لن يظهر على خشبة المسرح )
10 – سِيْزُوْنْ : اسمه الحقيقى جلُوبَلْ ، وهو كبير سكان كوكب النيار .
11 – تالِيْتَاْ : مرافقة لسيزون (جلُوبَلْ) فى مهمة تدمير الجنس البشرى، واحتلال كوكب الأرض .
12 – لاليتا : إحدى مساعدات سيزون . ( يرد ذكراسمها فقط ، لكنها لن تظهر على خشبة المسرح )
13 – آرْشِيْنَاْ : مبعوثة كوكب ʺ جودنيس ʺ لإنقاذ سكان الكوكب الأرضى .
14 – السيد باد : مساعد جلُوبَلْ كبير سكان كوكب النيار .
المشهد الأول
يدل مانشاهده فى حجرة المكتب البَيْضَوِىْ للأوحد ʺ حَبَشْتَكُوْنْ ʺ، على مدى التقدم العلمى الذى وصلت إليه البشرية فى ذلك الزمن المتقدم، الذى تدور فيه أحداث هذه المسرحية ؛ فكل مانراه أمامنا من لوحات تَحَكُمْ ( أتوماتيكى ) ، وماتستعمل له هذه اللوحات ، يشير إلى ذلك التقدم العلمى الهائل .. كما أن شكل الزِّى الذى يرتديه البشر فى ذلك الزمان، يدل على اختلافهم عن البشر فى أيامنا هذه .
فى صدر المسرح مباشرةً، و بطول الجدار المواجه للجمهور، توجد شاشة عرض سينمائى . . تظهرعلى الشاشة بين الحين والآخر مشاهد صامتة، يظهر فيها ʺ حَبَشْتَكُوْنْ ʺ فى مناسبات مختلفة، كافتتاحه لبعض المشروعات العامة، أو اجتماعاته بمساعديه من العلماء، والساسة، والفنانين، والمثقفين، ورجال المال والأعمال، أو العسكريين . . كما توجد ثلاث شاشات أصغر، تبرز من الجدار الذى على يمين المكتب البَيْضَوِىْ .
يتوسط المكتبُ البَيْضَوِىْ الحجرةَ تماماً فى مواجهة الجمهور .. خلف المكتب البَيْضَوِىْ ، وفى منتصفه تماماً، نشاهد مقعداً عجيب التصميمات، تتفق هيئته وتصميماته مع هيئة وتصميمات بقية الأشياء فى تلك الحجرة، والتى تنبىء عن ذلك العصر القادم يوماً ما فى المستقبل .. يبدو المقعد وكأنه يسبح فى الهواء .. كما ينعكس عليه إشعاعٌ لوميضٍ أبيضٍ شديد اللمعان، صادر عن المكتب البَيْضَوِىْ، يجعل ملامح وجه من يجلس عليه، تسطع وكأنها تحت وميض البرق .. على يسار ذلك المقعد، يوجد مقعد مماثل له تماماً، ولكنه أصغر قليلا . . تناثرت ثلاثة مقاعد شبيهة بالمقعد الرئيسى إلى يسار المكتب البَيْضَوِىْ، مقعد 1 إلى الداخل قليلاً ناحية الشاشة المستطيلة . . مقعد 3 إلى الخارج ناحية مقدمة المسرح، على حافة المكتب البَيْضَوِىْ . . مقعد 2 فى الوسط بين 1 و 3، لكنه أقرب للمكتب البَيْضَوِىْ منهما . . المقاعد الثلاثة ذات أحجام أقل كثيراً من المقعد الرئيسى ، وعلى مسافات متفاوتة من المكتب البَيْضَوِىْ ؛ المسافات تدل على مدى أهمية من يجلس عليها، بحسب القرب أو البعد من ذلك المكتب البَيْضَوِىْ ، ومدى ثقل وزنه عند الأوحد ʺ حَبَشْتَكُوْنْ ʺ، كما يوجد ثلاثة مقاعد أخرى مثلها إلى يمين المكتب البَيْضَوِىْ .. مقعد 4 إلى الداخل أسفل الشاشات التى على يمين المكتب البَيْضَوِىْ . . مقعد 6 إلى الخارج ناحية الجمهور على حافة المكتب البَيْضَوِىْ . . مقعد 5 بين 4 و 6، لكنه أقرب منهما إلى المكتب البَيْضَوِىْ . . يفتح الستار ويدخل الأوحد ʺ حَبَشْتَكُوْنْ ʺ من باب سحرى إلى يسار المكتب البَيْضَوِىْ، الباب يبدو كأنه جزء من جدار حجرة المكتب ؛ حَبَشْتَكُوْنْ ضخم الجسد، فارع الطول، وميض عينيه يرعب من يجرؤ على النظر فيهما مباشرةً، حال كونه غاضباً .. يرتدى بدلة مطاطية كبدل رجال الفضاء على أيامنا هذه؛ لكنها حمراء اللون .. توحى مشيته بالثقة التى لا حدود لها .. يجول ببصره فى أنحاء الحجرة فى زهو وخيلاء .. يطوف حول المكتب البَيْضَوِىْ وهو يتمعن فيه بفرحةٍ طاغيةٍ على كل قسمات وجهه، ويعود ليقف وراء المقعد المجاور للمقعد الرئيسى خلف المكتب، ووجهه ناحية الجمهور .. يبدأ فى مناجاة نفسه 00 نسمع صوته دون أن تتحرك شفتاه، وهو يجول ببصره فى أرجاء المكان من حوله .
ص . حَبَشْتَكُوْنْ : ( من الأوقع أن يتردد صدى صوته فى جنبات المسرح ) من قال أن الناس سواسية كأسنان المشط ؟! أيتساوى من يملك كل هذا الكوكب، بمن يُولد.. ويعيش ليموت .. وكأنه طُحلب ؟! أيتساوى من يملك الأرض والفضاء..من يملك البر والبحر والجو ، بمن لا يملك حتى مجدافاً لمركب ؟! أيتساوى من وُلِدَ ليسود ويحكم ويتحكم، بمن وُلِدَ ليُسَاسَ ويُحْكَمْ ؟ هل أتساوى أنا ؟! .. أنا الأوحد ! .. مع أى صعلوكٍ أو صرصارٍ ، من هؤلاء الصراصير المندسين بين رعيتى ؟! هؤلاء الذين يريدون إفساد الرعية علينا ؟! هل أتساوى أنا؟!.. أنا.. حَبَشْتَكُوْنْ الأوحد .. مع ذلك المارق الذى لا يجرؤ حتى أن يبين لنا ، أو أن يصمت للأبد ويريحنا من ثرثرته الجوفاء ؟! ذلك الملعون .. الذى لا يكل ولا يمل .. من الثرثرة بالشعارات الهراء ، التى يطرب لوقعها العوام والبسطاء !! ( لحظة صمت طفيفة ) يالهول ماسيلاقيه ذلك المأفون !!.. لو وقع بين يَدَى!! ( فى إصرار واضح ) سوف يقع فى قبضتى لا محالة .. ستكتشفه أجهزتى عاجلاً أو آجلاً .. وعندها .. وعندها..( بتجهُّم شديد ) لن ينفعه الندم، ولن تفيده شفاعة الشافعين !
[ يسود الصمت التام لبضعة لحظات، تنبعث بعدها موسيقى تنبيهية ناعمة، تقطع على ʺ حَبَشْتَكُوْنْ ʺ مناجاته لنفسه .. يضغط زراً فى الجانب الأيسر من بدلته .. يبرز من تحت إبطه الأيسر ، مايشبه الميكروفون، ويرتفع الى أعلى رويداً رويداً ، حتى يستقر أمام فمه مباشرةً . ]
حَبَشْتَكُوْنْ : ( صائحاً بامتعاض ظاهر ) ماذا وراءك يا دِلْيَازْ ؟
ص 0 دِلْيَازْ : ربة الصون والعفاف .. المليكة لِيْمَازْ .. ذات الجمال الساحر الأخاذ .. مليكة أطلانطا .. وكل أطلانطا فى هذا الكون .. تستأذن فى المثول بين يدى مولاى الأوحد .. حَبَشْتَكُوْنْ الأخلد .
حَبَشْتَكُوْنْ : ( بفرحة طفولية مباغتة ) مرحى ! .. مرحى ! فلتمثل بين أيدينا لِيْمَازْ .. ليمازُ الحبيبة .. سيدة الكوكب الأرضى .. وكل ماورائه أو أمامه من كواكب ( يتجول ببطء حول المكتب البَيْضَوِىْ وهو يترنم هياماً باسمها ) لِيْمَازْ .. لِيْمَازْ .. ياعشقى الأبدى .. يافرحى الأوحد .. يامجدى الخالد .. وياعمرى الأسعد ! ( يتوقف على بعد خطوات إلى يسار المكتب البَيْضَوِىْ ، ينظر إلى يمينه ناحية باب الحجرة، مترقباً دخول ليماز )
[ لحظات قصيرة وتدخل ʺ ليماز ʺ .. من نفس الباب السحرى؛ امرأة ممشوقة القوام ، فارعة الطول ، قوية البنيان ، خمرية الوجه ، طويلة الشعر الذهبى المنسدل حتى خصرها ، عسلية العينين الواسعتين ، ترتدى مثل بدلة ʺ حَبَشْتَكُوْنْ ʺ ، لكنها بنفسجية اللون .. تمشى بخفة ودلال ظاهرين . ]
لِيْمَازْ : ( تهمس فى غنج ودلال ، وهى تتجه لتركع على ركبتيها عند ركبتى حَبَشْتَكُوْنْ ) عِمتَ صباحاً سيدى الأسعد ومولاى الأوحد .. حَبَشْتَكُوْنْ الأمجد .
حَبَشْتَكُوْنْ : (ينحنى عليها ويمسك بوجهها بين كفيه ويرفعها حتى تقف أمامه وجهاً لوجه ، غير أنها لا تجرؤ على النظر فى عينيه وإنما تقف أمامه مُطَأطِأةً رأسها ) إيهِ يا لِيْمَازْى الحبيبة !! ارفعى وجهك الساحر إلينا ياحبيبتى ، حتى يرتوى القلب من روعة جمالكِ الأخلد .. ( ترفع وجهها إليه دون أن تجرؤ على النظر فى عينيه مباشرةً .. يستمر هو فى نشوةٍ ظاهرةٍ، وهو يتأمل ملامح وجهها ) .. لست أدرى .. لست أدرى ياحبيبتى .. كيف كان لأطلانطا أن تكون؛ لولا هاتين العينين القاهرتين؟!! لست أدرى.. كيف كان لأطلانطا أن تكون؛ لولا هاتين اللؤلؤتين القاتلتين ؟!! ( تهم بالكلام، لكنه يضع أصابع كفه الأيسر على شفتيها ليمنعها من مقاطعته ) .. كانت ستصبح أرضاً خراباً ياحبيبتى .. أطلانطا بدونك ياقمرى .. لاتساوى حبة رملٍ من رمال صحراوات مُلكى الأخلد .. أطلانطا بدونك ياقدرى .. صحراء جرداء .. خرِبَه .. حتى ولو اجتمعت فيها كل جمالات الكون ياحبيبتى !
لِيْمَازْ : ( تهمس وهى فى قمة الدلال والنشوة ) مولاى ..
حَبَشْتَكُوْنْ : ( يعاود وضع أصابع كفه الأيسرعلى شفتيها، وهو يعاود التغنى باسمها فى نشوة واضحة ) لِيْمَازْ .. لِيْمَازْ .. ياقَمَرَى الأوحد .. لِيْمَازْ .. لِيْمَازْ .. ياعمرى الأسعد ..
لِيْمَازْ : ( وهى تعاود الهمس بنفس الدلال والنشوة ) مولاى ..
حَبَشْتَكُوْنْ : ( يتناول يمناها بيسراه ، ويصحبها فى رفق وحنان بالغين نحو مقدمة المكتب البَيْضَوِىْ ) إيهِ ياليمازى الحبيبة .. مائتان وسبعون عاماً مرت ، منذ لقائنا الأول ياحبيبتى .. ( يعود بها إلى ناحية المقعد الرئيسى وراء المكتب البَيْضَوِىْ ، وهو مازال ممسكاً بيسراها فى رفق، يشير لها بالصعود والجلوس على المقعد .. تطيعه وتأخذ مكانها فوق المقعد، عيناها تتسمران على وجهه فى نشوة عارمة، يسير بظهره إلى الوراء مبتعداً إلى مقدمة المسرح جهة اليمين .. يخاطبها فى فرحٍ طاغٍ وحنان جارف ) حبيبتى .. ليماز.. ياعمر عمر حَبَشْتَكُوْنْ .. ياأجمل من وطئت قدماها أرجاء الكون!!!
لِيْمَازْ : (تنزل عن المقعد وتخطو نحوه حتى تقترب منه .. تجثو إلى يمينه على ركبتيها .. تمسك بكفه الأيمن بين كلتا يديها.. تمرغ خدها الأيسر فى راحة كفه .. تهمس فى غنج ودلال ) مولاى .. مولاى حَبَشْتَكُوْنْ الأوحد .. ومجد أطلانطا الأخلد ..
حَبَشْتَكُوْنْ : ( شارداً بعض الشىء كمن يستدعى فى ذهنه ذكرياتٍ رهيبة، ومحدقاً فى الشاشة التى فى مواجهة الجمهور، وهو يربت بيمناه على رأسها ) مائتان وسبعون عاماً مُنذُ دانت لنا كل تلك الأرض بالولاء ياحبيبتى .. كل أطلانطا .. دانت لنا بالولاء .. ( وهو يعود ليحتويها بعينيه ) ومائتان وسبعون عاماً مُنذُ التقتيك أول مرة ياقدرى ! ( يتناول كفها وهو يتأملها فى مثولها على ركبتيها بجانبه )
لِيْمَازْ : ( فى لهجة اعتراضيه خفيفة يغلب عليها الدلال، وهى تنظر إلى أعلى ناحية وجهه، لكنها تتحاشى النظر فى عينيه ) مولاى ! إنها مائتان وتسعة وستون عاماً فقط !
حَبَشْتَكُوْنْ : ( يتصنع الجدية والحزم، وهو يحتوى وجهها بين كفيه ويُنهضها على قدميها بجواره ) لا تغالطى يا لِيْمَازْ .. إنه مجرد عام ! عامٌ واحدٌ فقط ياليمازى الحبيبة !
لِيْمَازْ : ( وهى تنظر فى عينيه لثوان معدودة ) لا .. لا .. لا يامليكى ( تطأطىء رأسها مرة أخرى) مائتان وتسعة وستون عاماً فقط يامولاى !
حَبَشْتَكُوْنْ : ( يقهقه منتشياً ويؤكد عبارته، ولكن فى نبرة منخفضة عن سابقاتها )ها .. ها.. ها.. ليماز! (يداعب وجهها بين كفيه، وهو يجعل عينيها فى مواجهة عينيه مباشرةً ويتأملهما بعمق) هو عامٌ واحدٌ ياحبيبتى .. عامٌ واحدٌ فقط .. لن يغير فى الأمر شيئاً ياليمازى الحبيبة !
لِيْمَازْ : ( فى نبرة لينة وهى تنسل من بين يديه فى رفق، تتراجع قليلاً نحو المكتب البَيْضَوِىْ خلفها، تتوقف على بعد خطوات من حَبَشْتَكُوْنْ ) لكن يامولاى00
حَبَشْتَكُوْنْ : ( يقاطعها ولكن فى حزم لين ) حَبَشْتَكُوْنْ لا ينسى يامليكتى !
لِيْمَازْ : ( فى خنوع مصطنع، وهى تنحنى إنحناءة طفيفة ) كما ترى يامولاى ! الأمر لك.. والنهى لك .. والملك لك !
حَبَشْتَكُوْنْ : ( وكأنه يستدعى الذكريات، وهو يتجه نحوها ) كان عمرك وقتها ثلاثمائةً وخمسين عاماً بالتمام والكمال! ( يستمر حَبَشْتَكُوْنْ فى السرد، وهو يقترب من لِيْمَازْ رويداً رويداً، ويصاحب صوته إظلام تدريجى لكل جنبات المسرح باستثناء الشاشة التى فى مواجهة الجمهور ) كنتُ أنا أيامها فى مركز قيادة العمليات الحربية الكونية، أتابع آخر معاركنا ضد القوى المناوئة لنا فى أوروبا وآسيا، وكانت أخبار انتصاراتك الباهرة على أسلحة الدمار الشامل التى حاولوا تدميرنا بها، تملأ كل أرجاء أطلانطا ياحبيبتى!
إظلام تام فى كل جنبات المسرح باستثناء الشاشة التى فى مواجهة الجمهور. . تُعرض المشاهد التالية على الشاشة :
مشهد ( 1 )
يظهر على الشاشة مركز قيادة العمليات الحربية الكونية .. حجرة مجهزة بمكتب مستطيل .. فى آخره وفى مواجهة الجمهور مقعد يماثل المقعد الذى ظهر خلف المكتب البَيْضَوِىْ .. على يمين ويسار المكتب المستطيل، مقاعد شبيهة بالمقعد الرئيسى لكنها أصغر حجماً.. تتصدر الحجرة على الجدار الذى خلف المقعد الرئيسى شاشة عرض بطول الجدار . . .
« قطع »
مشهد ( 2 )
على شاشة العرض فى مركز قيادة العمليات الحربية الكونية تظهر بالبنط العريض، بين الحين والآخر عبارة[ مركز قيادة العمليات الحربية الكونية ]..
« قطع »
مشهد ( 3 )
زوم على بضعة شاشات أصغر حجماً من الشاشة الرئيسية التى تواجه الجمهور .. الشاشات على الجدران التى على يمين ويسار المكتب المستطيل .
« قطع »
مشهد ( 4 )
منظر كلى من أعلى يُبرز المكتب المستطيل كاملاً .. قادة يجلسون على جانبى المكتب المستطيل .. يتبادلون الأحاديث وهم يشيرون إلى شاشات العرض الجانبية..
« قطع »
مشهد ( 5 )
الشاشات الجانبية تعرض لقطات لمعارك بالصواريخ وقصف بالطائرات..انفجارات مروعة لمعالم شهيرة فى عواصم مثل لندن وباريس وبرلين وموسكو وبكين أو بيونج يانج .. زوم على انفعالات الفرح التى تعلو وجوه القادة، كلما عرضت إحدى الشاشات الجانبية مشهداً لتدمير أحد المعالم الشهيرة فى إحدى العواصم المناوئة أو المنافسة لنظام حَبَشْتَكُوْنْ..
« قطع »..
مشهد ( 6 )
زوم كلى على الشاشة التى تتصدر الجدار فى مركز العمليات الحربية الكونية .. تظهر على الشاشة مشاهد للأوحد ʺ حَبَشْتَكُوْنْ ʺ وهو يتفقد بعض مواقع القيادة والسيطرة .. مع موسيقى عسكرية صاخبة..
« قطع »
مشهد ( 7 )
دِلْيَازْ يتصدر الشاشة الرئيسية .. رجلٌ طاعنٌ فى السِّنِ .. نحيف البنية .. مستطيل الوجه .. أصلع الرأس .
دِلْيَازْ : أيتها السيدات والسادة .. أيتها الأمة الخالدة .. ياأمة أطلانطا العظيمة .. حاكمنا الأوحد .. حَبَشْتَكُوْنْ الأسعد .. صاحب أطلانطا الأخلد، يزف إليكم أنباء سيطرة أطلانطا العظيمة على كل بقاع الكوكب الأرضى .. بلا منازع بعد اليوم ! ( يقهقه عالياً ) هاهاهاها . . هاهاهاها ( يردد ) بلا منازع بعد اليوم ! ( يعاود القهقهة ) هاهاهاها . . هاهاهاها
« قطع »
مشهد ( 8 )
زوم من أعلى على القادة وهم يتوجهون برؤوسهم ناحية الشاشة الرئيسية .
« قطع »
مشهد ( 9 )
زوم على حَبَشْتَكُوْنْ فى الشاشة الرئيسية، وهو جالس على المقعد الرئيسى فى حجرة المكتب البَيْضَوِىْ ، بالزى العسكرى .. تظهر أمامه ميكروفونات عليها أسماء لقارات العالم .. الميكروفونات تتراص على المكتب البَيْضَوِىْ أمام حَبَشْتَكُوْنْ .. يبدأ حَبَشْتَكُوْنْ خطابه .
حَبَشْتَكُوْنْ : ( بصوت جهورى قوى تتردد أصداؤه فى جنبات المسرح ) أيتها السيدات والسادة .. أيها الناس فى كل قارات العالم .. اليوم .. واليوم فقط .. يبدأ العالم حقبةً تاريخيةً جديدةً .. تحت حكم أطلانطا السعيدة .. حقبةٌ يسودها العدل .. وترفرف فيها الحرية على كل بقاع كوكبنا الأرضى .. اليوم .. واليوم فقط .. أستطيع القول .. أنا حَبَشْتَكُوْنْ الأوحد .. بأننا قد بدأنا أولى خطواتنا نحو مجتمع إنسانى تسوده المحبة .. ويحدوه الأمن والأمان .. وتحكمه الديمقراطية وحقوق الإنسان، كما أقرتها كل دساتير أطلانطا .. وكما – بالطبع – وافقتم عليها جميعكم فى كل بقعة من بقاع كوكبنا الأرضى الحبيب .. اليوم .. انتصرت أطلانطا .. وانتصرتم معها على كل قوى الشر والديكتاتورية فى كل أرجاء كوكبنا الحبيب .. لطالما حاولت قوى الشر تدمير هذا الكوكب الحبيب إلى قلوبنا .. نعم .. أرهقونا لبعض الوقت .. لكننا استطعنا دحرهم جميعاً .. استطعنا هزيمتهم جميعاً .. وسيطرنا على كل أسلحتهم للدمار الشامل . . نعم . لقد انتصرنا . . وبالطبع تابعتم جميعكم الجهود الخارقة التى كانت تقوم بها ابنة أطلانطا الرائعة ʺ ليماز ʺ .. لقد استطاعت وبكل جدارةٍ تعطيل جميع مراكز القيادة والسيطرة، التى حاولوا توجيه أسلحتهم منها لضربنا .. ʺ ليماز ʺضربت أروع الأمثلة فى كل تاريخ أطلانطا .. لقد أنشأت وقادت بكل اقتدار جميع مراكز القيادة والسيطرة الإلكترونية، التى أحبطت وشلت جميع هجمات الدمار الشامل، التى حاولوا محونا بها من على كوكب الأرض .. يحق لنا جميعاً أن نفخر بلِيْمَازْ، التى قهرت كل أعداء أطلانطا، وأن نكتب اسمها فى سجل الخالدين والخالدات بأحرفٍ من نور! عاشت ليماز .. ( هتاف جماعى يردد : عاشت ليماز) عاشت ليماز .. ( نفس الهتاف الجماعى يردد ) عاشت ليماز .. ( نفس الهتاف الجماعى يردد ) عاشت أطلانطا .. ( هتاف جماعى يردد : عاشت أطلانطا ) عاشت أطلانطا .. ( نفس الهتاف الجماعى يردد ) عاشت أطلانطا . . ( نفس الهتاف الجماعى يردد )
[ إظلام تام .. تضىء كل جنبات المسرح على المشهد السابق لما عرضته الشاشة المواجهة للجمهور فى حجرة المكتب البَيْضَوِىْ .. تعود الشاشة لعرض المشاهد الصامتة لجولات حَبَشْتَكُوْنْ واجتماعاته . . حَبَشْتَكُوْنْ ولِيْمَازْ فى مكانهما على بعد خطوات أمام المكتب البَيْضَوِىْ .. دائرة من الضوء تتسلط عليهما . . يستأنفان الحوار الذى كان قبل العرض السينمائى . ] ..
لِيْمَازْ : ( وهى تنظر فى عينيه لثوانٍ معدودة ) يومها قدمتنى بنفسك يامولاى لشعب أطلانطا للمرة الأولى !
حَبَشْتَكُوْنْ : ( وهو يلف ذراعه الأيمن حولها، ويسير بها وئيداً إلى الأمام، ليتوقفا على يمين المسرح، على وقع موسيقى رومانسية هادئة ) ويومها أصبحت ليماز هى حَبَشْتَكُوْنْ..
لِيْمَازْ : ( تترنم بالكلمات وهى تقاطعه بوضع أصابع كفها الأيمن على شفتيه ) وأصبح حَبَشْتَكُوْنْ .. ( هاتفة بفرحة طفولية وهى تتقافز رافعةً يديها إلى الأعلى ) هو ليماز . .
حَبَشْتَكُوْنْ : ( يصيح منتشياً كالأطفال، وهو يصفق بكلتا يديه، ويهرول مبتعداً عنها وهو يدور حول نفسه) حَبَشْتَكُوْنْ هو ليماز . ( يكرر عدة مرات بنفس الطريقة وبنفس الحركات ) حَبَشْتَكُوْنْ هو لِيْمَازْ .. حَبَشْتَكُوْنْ هو ليماز .. حَبَشْتَكُوْنْ هو ليماز ..
لِيْمَازْ : ( تكرر نفس مافعله حَبَشْتَكُوْنْ وهى تدور حول نفسها كطفلةٍ فى السابعة من عمرها وهى تصيح فى بهجةٍ غامرة، وهو يتأملها فى حنان وفرح ظاهرين ) ليماز هى حَبَشْتَكُوْنْ .. ليماز هى حَبَشْتَكُوْنْ .. ليماز هى حَبَشْتَكُوْنْ ..
[ صمت طفيف يتبادلان خلاله نظرات العشق والهيام .. هو فى يسار المسرح وهى فى اليمين .. فى نفس الوقت تنساب فى جنبات المسرح موسيقى رومانسية هادئة .. أضواء حالمة تتراقص فى أرجاء خشبة المسرح . ]
حَبَشْتَكُوْنْ : ( يهتف بشوق جارف وهو يخطو نحوها ببطء فاتحاً ذراعيه ) لِيْمَاز .. حبيبتى ..
لِيْمَازْ : ( وهى تهرول إليه، وترتمى فى أحضانه ) مليكى الأوحد .. وسيدى الأمجد
[ يتعانقان أمام المكتب البَيْضَوِىْ، فى وسط المسافة بينهما .. تنساب مرةً أخرى الموسيقى الرومانسية الهادئة .. تتراقص أيضاً الأضواء الحالمة فى أرجاء خشبة المسرح .. لحظات طفيفة ينطلق بعدها غناء جماعى هادىء بأصوات رجالية مرة وبأصوات نسائية مرة أخرى . ]
مجموعة رجالى : ( بصوت رخيم كأنه آتٍ من أعماق الزمن السحيق، ومصحوب بإيقاع على الدُّف ) حَبَشْتَكُوْنْ أصله لِيْمَازْ .. حَبَشْتَكُوْنْ أصله لِيْمَازْ .. حَبَشْتَكُوْنْ أصله لِيْمَازْ ..
مجموعة نسائى : ( بصوت ساحر فى قمة التطريب، مصحوب أيضاً بالإيقاع ) لأ..لأ.. لأ..لأ..أصل لِيْمَازْ حَبَشْتَكُوْنْ .. أصل لِيْمَازْ حَبَشْتَكُوْنْ .. أصل لِيْمَازْ حَبَشْتَكُوْنْ .. ذكر وأنثى أصل الكون .. أصل لِيْمَازْ حَبَشْتَكُوْنْ!
[ يتكرر ذلك الغناء الجماعى التبادلى عدة مرات، تبعاً لما يقرره مخرج العرض المسرحى، بينما يقف حَبَشْتَكُوْنْ وليماز صامتين وهما متعانقين فوق خشبة المسرح . تخفت أصوات الغناء الجماعى التبادلى شيئاً فشيئاً .. لحظات صمت طفيفة تقطعها موسيقى تنبيهية هادئة منبعثة من أحد الأجهزة المخفية تحت المكتب البَيْضَوِىْ .. الرنين مصحوب بإشارات ضوئية فى هيئة ألوان الطيف السبعة، على إحدى الشاشات على الجدار، إلى يمين المكتب البَيْضَوِىْ .. ينتبهان من عناقهما .. حَبَشْتَكُوْنْ يتجه إلى مصدر الصوت أسفل المكتب البَيْضَوِىْ .. بينما تتجه لِيْمَازْ إلى مقعد 6 على يمين المكتب البَيْضَوِىْ . ]
حَبَشْتَكُوْنْ : ( فى ضيق ظاهر على ملامح وجهه، وهو يرفع رأسه عن المكتب البَيْضَوِىْ ) إنه دِلْيَازْ الكئيب ياليمازى الحبيبة! ( مُتَبَرِّمَاً ) كأنه يتصيد أوقات الصفاء ليقطعها علينا! يالهُ من .. ياله من .. ياله من دلياز!
لِيْمَازْ : ( تُهَوِّنْ عليه بصوتها الأخاذ ) إنها شئون الحكم يامولاى!
حَبَشْتَكُوْنْ : ( يردد ماقالته وهو يهز رأسه موافقاً) أجل . . أجل . .إنها شئون الحكم .. شئون الحكم! ( يضغط نفس الزرار الذى ضغطه قبل ذلك، فى الجانب الأيسر من بدلته .. يبرز من تحت إبطه الأيسر ، نفس الميكروفون، ويرتفع الى أعلى رويداً رويداً ، حتى يستقر أمام فمه مباشرةً .. يسأل فى نبرة جافة وبعبارة مقتضبة ) ماذا وراءك أيها الدِلْيَاز ؟
ص0دِلْيَازْ : ( فى خنوع تام ) سُولار يستأذن فى المثول بين يَدَىْ سيدى الأوحد .. حَبَشْتَكُوْنْ الأخلدْ!
حَبَشْتَكُوْنْ : ( بلهجته الحاسمة ) فليمثل بين أيدينا سُولار .. ( موجهاً كلامه إلى لِيْمَاز ) بعد .. بعدَ كَمْ من الوقت ياليمازى الحبيبة ؟
لِيْمَازْ : ( فى استكانة تامة ) الأمر أمرك يامولاى!
حَبَشْتَكُوْنْ : ( مازال يستشيرها ) مارأيكِ لو أذِنَّا له فى الدخول إلينا، بعد مائة وعشرين ثانية ياليمازى الحبيبة ؟
لِيْمَازْ : ( مازالت تستكين لما يراه هو ) الرأى رأيك يامولاى!
حَبَشْتَكُوْنْ : ( موجهاً كلامه إلى دِلْياز عبر الميكروفون ) حسناً .. فليدخل سولار بعد مائة وعشرين ثانيةً من الآن يادلياز.( يتجه إلى المقعد الرئيسى، يأخذ مجلسه، يستعيد هيبته ووقاره ويتأهب لاستقبال سولار )
ص0دِلْيَازْ : السمع والطاعة لمولاى الأوحد، حَبَشْتَكُوْنْ الأخلد!
حَبَشْتَكُوْنْ : ( مخاطباً ليماز ) خذى مجلسكِ إلى جوارى أيتها الحبيبة ليماز .
لِيْمَازْ : ( وهى تنهض من مكانها وتتجه للجلوس على المقعد الذى إلى يسار مقعد حَبَشْتَكُوْنْ) السمع والطاعة لمولاى الأوحد حَبَشْتَكُوْنْ الأخلد!
حَبَشْتَكُوْنْ : ( يميل عليها هامساً ) ها .. لقد بدأت الكآبة اليومية ياسيدتى!
لِيْمَازْ : ( فى نغمة حنون ) إنها شئون الحكم يامولاى!
حَبَشْتَكُوْنْ : ( متبرماً ) شئون الحكم .. شئون الحكم .. اللعنة على شئون الحكم تلك، التى تقطع علينا أحلى أوقات حبنا !
لِيْمَازْ : ( مازالت تخفف عنه ) هَوِّن عليكَ يامولاى!
ص0دِلْيَازْ : ( معلناً دخول سولار ) السيد سولار؛ رئيس مراكز الأبحاث الإستراتيجية والجيوسياسية فى قصركم المعظم يامولاى.
[ يُفتح باب إلى يمين المكتب البَيْضَوِىْ .. ثوانٍ قليلةٍ ويدخل ʺ سولارʺ، يرتدى مثل بدلة حَبَشْتَكُوْنْ، لكنها صفراء اللون .. سولار نحيف القوام، فارع الطول، مستطيل الوجه، طويل الأنف، منكوش الشعر، يمسك فى يده اليمنى لوحاً زجاجياً عجيب الشكل، به العديد من الأزرار والشاشات الصغيرة، يتوقف على بعد خطوات من المكتب البَيْضَوِىْ .. ينحنى فى خشوع . ]
سُوْلَارْ : ( منحنياً ) عِمْتَ صباحاً سيدى الأوحد .. حَبَشْتَكُوْنْ الأخلد .
حَبَشْتَكُوْنْ : ( فى اقتضاب وهو يشيح بكفه الأيمن ) عِمْتْ …..
سُوْلَارْ : ( يوجه كلامه إلى ليماز) عِمتِ صباحاً سيدة أطلانطا وكل أطلانطا فى الوجود!
لِيْمَازْ : ( فى بشاشة وخفة ) عِمْتَ صباحاً أيها الشمقمق سُوْلَارْ . ( ثم تخاطب حَبَشْتَكُوْنْ وهى تنزل من على مقعدها وتنحنى إنحناءة خفيفة) . هل يأذن لى سيدى ومولاى الأوحد بالانصراف؟
حَبَشْتَكُوْنْ : ( يشير لها بالانصراف ) تفضلى ياسيدتى .. وسألحق بكِ فور الانتهاء من سولار .
[ تتراجع ليماز بظهرها إلى الوراء وهى تنحنى إنحاءة خفيفة، تتجه إلى نفس الباب السحرى الذى إلى يسار المكتب البَيْضَوِىْ ، تختفى إلى الداخل، ويغلق الباب فور دخولها . ]
حَبَشْتَكُوْنْ : ( وهو يشير إلى اللوح الزجاجى الذى مع سولار) ماذا فى لوحك اليوم ياسولار ؟
سُوْلَارْ : ( فى تلقائية واضحة ) كل مايسر مولاى الأوحد .. حَبَشْتَكُوْنْ الأخلد .. حاكم الأرض والفضاء (يضغط بسبابته اليمنى على بعض الأزرار فى اللوح الذى بيده اليسرى .. تضىء إحدى الشاشات المثبتة فى الجدار إلى يمين حَبَشْتَكُوْنْ .. تتوهج على الشاشة إشارات ضوئية متلاحقة .. يحدق سُوْلَارْ فى الإشارات المتلاحقة على الشاشة .. يصيح فجأة ) مولاى .. سيدى الأوحد ..
حَبَشْتَكُوْنْ : ( فى لهجة لينة وهو يتابع الإشارات الضوئية على يمينه)آآآآ .. ها .. يبدو أن هناك حَدَثٌ جللٌ اليوم يا سولار ؟
سُوْلَارْ : ( متلعثماً بعض الشىء ) كلا .. كلا .. يامولاى
حَبَشْتَكُوْنْ : ( فى هدوء تام ) ماذا إذاً يا سُوْلَارْى العزيز ؟
سُوْلَارْ : ( مازال يتلعثم ) اليوم .. اليوم يامولاى ..
حَبَشْتَكُوْنْ : ( بشىء من الاستخاف ) هه .. هه .. تكلم يا سُوْلَارْ .. ما شأن اليوم؟
سُوْلَارْ : ( متشجعاً ) فى الساعة السابعة عشرة وثلاثٍ وثلاثين دقيقة ..
حَبَشْتَكُوْنْ : ( مقاطعاً ) هه .. ماذا عن الساعة السابعة عشرة وثلاثٍ وثلاثين دقيقة ؟
سُوْلَارْ : ( مجيباً وهو يخفض ناظريه إلى أسفل ليتحاشى النظر فى عينى حَبَشْتَكُوْنْ ) اتصالكم بسيد كوكب النيار يامولاى .
حَبَشْتَكُوْنْ : ( يردد منتشياً اسم سيد كوكب النيار ) آآآآآآ … هااااااااا … زِيْمَارَا!
سُوْلَارْ : ( مؤكداً ) أجل يامولاى .. زِيْمَارَا سيد أهل النيار .
حَبَشْتَكُوْنْ : ( مستدركاً ) هو ليس زيمارا .. زيمارا .. على وجه اليقين .. لكننى أحببت أن أطلق عليه هذا الاسم .. فهو رجلُ والرجالُ قليلٌ ! ( مردداً فى إعجاب ) نعم هو رجلُ والرجالُ قليلٌ ! صحيح، إننا وبرغم زياراتنا العديدة له ولكوكبه، لكننا لم نقدر حتى الآن على فك طلاسمهم وألغازهم التى تحيط بهم ! ( يعود ويؤكد إعجابه بحاكم كوكب النيار ) ومع ذلك، يبقى هو رجلُ والرجالُ قليلون ! أتعرف مالذى يشدنى لذلك الكائن ياسولار ؟
سُوْلَارْ : ( فى خضوع ) ماذا يامولاى ؟
حَبَشْتَكُوْنْ : ( بتلقائية ) أربعة الأذرع وأربعة السيقان التى يمتلكها ذلك الـ زيمارا !
سُوْلَارْ : ( متظاهراً بالاندهاش ) عجيبة هيئة أهل ذلك الكوكب يامولاى !
حَبَشْتَكُوْنْ : ( مبدياً بعض الانزعاج ) آه ِ لو رأى أهل الأرض أحدهم هنا على كوكبنا !
سُوْلَارْ : لا تقلق يامولاى، سيتكفل خادمك شفيار بمعالجة الأمر، وسيصوره فى وسائل الإعلام على أنه مسلسلٌ أو فيلم سينما من نوعية أفلام الخيال العلمى .
حَبَشْتَكُوْنْ : ( يعود لإبداء إعجابه بزيمارا ) ومع ذلك يظل زيمارا رجلٌ والرجال قليلون !
سُوْلَارْ : ( مردداً ماقاله حَبَشْتَكُوْنْ ) أجل يامولاى .. إنه رجلُ والرجالُ قليلون !
حَبَشْتَكُوْنْ : ( وكأنه يتذكر ) أنت كنت معنا فى الزيارة الأخيرة لكوكبهم العجيب ( متسائلاً ) أليس كذلك يا سُوْلَارْ ؟
سُوْلَارْ : بلى أيها الأوحد .
حَبَشْتَكُوْنْ : ( وهو يعاود متابعة الإشارات الضوئية على الشاشة التى إلى يمينه ) أتذكرْ كَمْ هى المسافة بيننا وبينهم ياسولار ؟
سُوْلَارْ : ثلاثمائةٌ وسبع وأربعون سنة ضوئيةً يامولاى .
حَبَشْتَكُوْنْ : ( مُقهقهاً ) فركة كعب!!! أليس كذلك ؟
سُوْلَارْ : ( مؤكداً ) بلى ياسيدى .. إنها مسألة سبع ساعاتٍ وست عشرة دقيقة وثمانٍ وأربعين ثانيةً بمركبتنا الجديدة يامولاى .
حَبَشْتَكُوْنْ : حسناً .. حسناً، سنتصل بزيمارا، أو أياً مايكون اسمه؛ ذلك الغامض ككوكبه؛ سنتواصل معه فى السابعة عشرة وثلاث وثلاثين دقيقة ( صمت طفيف يواصل بعده ) ماذا عندك أيضاً اليوم ياسولار ؟
سُوْلَارْ : الزحليقة الهوائية لمدة ثلاث دقائق وسبعٍ وثلاثين ثانية …..
حَبَشْتَكُوْنْ : ( مقاطعاً فى ضجر) اللعنة!!!
سُوْلَارْ : ( مكملاً ) الزحليقة الهوائية فى الساعة السابعة عشرة وأربعين دقيقة وخمسٍ وثلاثين ثانية يامولاى .
حَبَشْتَكُوْنْ : ( مازال ضجراً ) اللعنة على تلك الزحليقة! إنها تصيبنى بالغثيان! تباً لها! وتباً لك أيضاً يا سُوْلَارْ!
سُوْلَارْ : ( فى تأدب جم، وهو ينحنى إنحاءة طفيفة ) بورك فيكم سيدى الأوحد .. حَبَشْتَكُوْنْ الأخلد!
حَبَشْتَكُوْنْ : ( بإصرار وهو يشير إلى سُوْلَارْ ) سأُرِيكَ ! سأُرِيكَ ياسولار ماذا تفعل بى تلك الزحليقة اللعينة ! ( يشير إلى جمهور المسرح بنفس الإصرار) وسأُريكم أنتم جميعاً ماتفعله تلك اللعينة بمولاكم اللعين حَبَشْتَكُوْنْ!
[ ينهض عن مكانه، يضغط بسبابته اليمنى على أحد الأزرار أسفل الشاشة التى فى مواجهة الجمهور، تختفى كل المشاهد التى كانت تعرضها ، يظهر بدلاً منها حجرة مبطنة جدرانها بالذهب الخالص، توجد فتحة مستديرة فى الجدار الذى إلى اليمين، يتدلى من الجدار المواجه للجمهور، قرب سقف الحجرة، أنبوبٌ ذهبىٌ مشطوفٌ نصفه الأعلى، الأنبوب كالزحليقة التى يلهو عليها الأطفال فى الملاهى، يستقر طرفه الأسفل أمام الفتحة المستديرة التى فى الجدار الأيمن، تنبعث من جوف الفتحة المستديرة هالات ضبابية بيضاء، تدور حول بعضها بسرعات رهيبة وكأنها دوامات هوائية .. لحظات، ويظهر حَبَشْتَكُوْنْ فى الكادر وهو ينزلق فوق الأنبوب الذهبى من أسفل السقف، عارياً كما ولدته أمه، إلا ممايستر عورته ، تتلقفه الدوامات الهوائية، وتدور به فى جوف الحجرة بسرعات رهيبة، حتى إنَّ ملامح جسده تكاد تختفى فى ثنايا الدوامات الضبابية .. يستمر المشهد بضع لحظات .. يهدأ بعدها دوران الدوامات الضبابية، وتبدأملامح جسد حَبَشْتَكُوْنْ فى الظهور مرةً أخرى .. يبرز أحد المقاعد المطاطية الذهبية اللون من أرضية الحجرة، المقعد يميل إلى كونه سرير متحرك الجزء العلوى، تبدأ الدوامات الضبابية فى وضع جسد حَبَشْتَكُوْنْ فوق المقعد المطاطى ببطء واضح، تختفى الدوامات الضبابية، بينما يستلقى حَبَشْتَكُوْنْ فوق المقعد المطاطى خائر القوى تماماً .. يتلفت فى أرجاء الحجرة من حوله زائغ العينين .. لحظات طفيفة تدخل بعدها لِيْمَازْ من باب فى الجدار الأيسر للحجرة الذهبية 00تتجه إليه متهللة الأسارير .. تميل عليه وتضمه فى حضنها . ]
لِيْمَازْ : ( وهى تقبله فى وجنتيه ) يومٌ جديدٌ وعمرٌ مديدٌ وغدٌ سعيدٌ يامولاى الأوحد!
حَبَشْتَكُوْنْ : ( ينهض من على السرير، ويعتمد على كتفها الأيمن وهما يسيران نحو الباب الذى دخلت منه ليماز، يتحدث بصوت واهن ) لولا أنها تجدد الطاقات الحيوية لخلايا جسدى، لما رضيت بها أبداً، تلك اللعينة!
[ يخرجان من الكادر .. تعود الشاشة إلى سابق ماكانت تعرضه من لقطات خاصة باجتماعات حَبَشْتَكُوْنْ أو لقطات أخرى متنوعه لأنواع الأسلحة وكذلك مظاهر التقدم المعمارى فى طول وعرض أطلانطا . ]
حَبَشْتَكُوْنْ : ( يعود مخاطباً سُوْلارْ ) أرأيت ياسولار ؟ أرأيت ماذا فعلت بى تلك اللعينة ؟!( ثم يوجه كلامه إلى جمهور المسرح ) أرايتم ؟ أرأيتم بأم أعينكم، ماذا فعلت تلك الزحليقة اللعينة بمولاكم اللعين حَبَشْتَكُوْنْ ؟! ( فى تودد للجمهور ) لا عليكم! ( يعود لمخاطبة سُولارْ ) حسناً، ماذا لدينا بعد تلك الزحليقة اللعينة ياسُوْلارْ ؟
سُوْلَارْ : ( ينظر فى اللوح الزجاجى ويواصل ) من الساعة الثامنة عشرة وتسعِ وخمسين دقيقة وتسعٍ وخمسين ثانية، وحتى الساعة الثالثة والعشرين والدقيقة التاسعة والخمسين والثانية التاسعة والخمسين ( برهة يلتقط خلالها أنفاسه) تقومون سيدى الأوحد بتدشين الأسطول الفضائى الجديد بيننا وبين كوكب ʺ جُودْنِيْسْ ʺ .
حَبَشْتَكُوْنْ : ( وهو ينزل عن مقعده، ويتجه نحو سُوْلَارْ ) جميلٌ ذلك الكوكب، أليس كذلك ياسُوْلَارْ ؟
سُوْلَارْ : ( وهو ينكمش على ذاته ) بلى يامولاى، هو كذلك ياسيدى .
حَبَشْتَكُوْنْ : ( يتكلم حالماً وهو يقترب أكثر من سُوْلَارْ ) إننى أشعر بقمة الراحة وبقمة السعادة كلما ورد ذكر ذلك الكوكب، أو ذكر أىٍ من الأمور التى تمتُ إليه أو إلى ساكنيه بأية صلة! ( وهو يضع يمناه على الكتف الأيسر لسُولار، يستطرد فى تبسط واضح ) رغم بعد المسافة بيننا وبينهم، إلا إنك تشعر وكأنهم أهلك! ( يرفع يمناه عن كتف سولار، ويمسك به من يده اليمنى، ويسير به إلى مقدمة المسرح جهة اليمين، يشير بيده اليُسرى إلى الأعلى هناك ناحية سقف المسرح ) انظر .. انظر جيداً هناك ناحية الدب القطبى .. ذلك الكوكب الشديد اللمعان هناك .. أتراه ياسُوْلَارْ ؟
سُوْلَارْ : ( ناظراً نحو الجهة التى يشير إليها حَبَشْتَكُوْنْ) بلى .. بلى .. إنه هناك يامولاى .
حَبَشْتَكُوْنْ : ( يترك سولار ويستدير عائداً إلى مقعده خلف المكتب البَيْضَوِىْ ) ذلك هو ʺ جُودْنِيْسْ ʺ اللذيذ ياسُولّار!
سُوْلَارْ : ( بإنحناءة خفيفة، وهو واقفٌ مكانه، ووجهه نحو حَبَشْتَكُوْنْ، بعدما يكون قد استدار فى نفس اللحظة التى كان يستدير فيها حَبَشْتَكُوْنْ، يردد ) لذيذٌ هو ʺ جُودْنِيْسْ ʺ يامولاى !
حَبَشْتَكُوْنْ : ( يشير بيسراه ) أكمل .. أكمل يا سُوْلَارْ .. ماذا لدينا بعد ذلك ؟
سُوْلَارْ : ( ينظر فى لوحه الزجاجى ) فى الساعة الخامسة والعشرين، تتابعون يامولاى أحوال البلاد والعباد بواسطة العقل الأوحد، من غرفة التحكم المركزية، فى بلاط ملككم الأخلد .
حَبَشْتَكُوْنْ : (مُحتدَّاً) اليوم خمسٌ وأربعون ساعةً، ولا يكفى لأعباء هذا العالم ! ( صمت طفيف ثم يستطرد بهدوء ) أو تدرى ياسُوْلَارْ، أننا أوفر حظاً ممن سبقونا؟! لقد جاءت على هذه الأرض أزمانٌ؛ كان اليوم فيها أربعٌ وعشرون ساعةً فقط !
سُوْلَارْ : ( متظاهراً بالاندهاش وكأنه لم يكن يعرف تلك المعلومة ) أربعٌ وعشرون ساعةً فقط ؟ !
حَبَشْتَكُوْنْ : ( مؤكداً ) أجل ياسُوْلَارْ، أربعٌ وعشرون ساعةً فقط !
سُوْلَارْ : ( مازال يتظاهر بالدهشة ) وماذا تكفى تلك الأربع والعشرون ساعة يامولاى ؟ !
حَبَشْتَكُوْنْ : ( باستخفاف ) لا أدرى، ماذا كان يفعل حكام تلك الأزمان، بالأربع والعشرين ساعةٍ تلك ؟! لا علينا منهم، فليذهبوا جميعهم إلى الجحيم . . أكمل . . أكمل ياسُوْلَارْ .
سُوْلَارْ : ( يختلس النظر فى لوحه الزجاجى ) فى الساعة الثامنة والعشرين، والدقيقة الثامنة والأربعين، والثانية الخامسة والخمسين، يمثل بين أيديكم يامولاى السيد ʺ سِفْيَاسْ ʺ، كبير المستشارين ورئيس محللى مراكز الأبحاث التنبؤية .
حَبَشْتَكُوْنْ : ( باشمئزاز ) ذلك الرجل ʺ سِفْيَاسْ ʺ يأكل رأسى بكلامه، الذى لا أفهم أغلبه! إنه يظل يتكلم خمساً وثلاثين دقيقة وسبعاً وعشرين ثانية، يحشر خلالها فى رأسى كلاماً، لا أدرى من أين يأتى به ؟! ( صمت طفيف، ثم يستطرد ) أو تدرى مالذى يُهوِّنُ علىَّ الاجتماع بذلك الـ ʺ سِفْيَاسْ ʺ ياسولار ؟
سُوْلَارْ : ( فى خنوع ) ماذا يامولاى ؟
حَبَشْتَكُوْنْ : ( موضحاً ) اجتماعى به، لا يكون إلا مرةً واحدةً كل عشرة أيام .. ( ثم بضيق ) وماأثقله من اجتماع ! ( ملوحاً بيمناه ) أكمل . . أكمل يا سُوْلَارْ . .
سُوْلَارْ : ( مستأنِفاً سرد البرنامج ) فى الساعة التاسعة والعشرين، وخمس دقائق، وعشر ثوانٍ .. يمثل بين أيديكم يامولاى السيد ʺ شِفْيَارْ ʺ؛ رأس العلم والعلماء . . ومعه الفريق المعاون له . . جايدار وسعديون .
حَبَشْتَكُوْنْ : ( يتهلل وجهه فرحاً، ويخبط بكلتا يديه على سطح المكتب البَيْضَوِىْ أمامه ) هذه هى الاجتماعات يارجل! ( يبدى إعجابه ) شِفْيَارْ ! يالَهُ من عالِمٍ جهبذ! ( ثم لسُوْلَارْ بتَبَسُّطْ ) ياأخى، لا توجد مشكلة، إلا ولها عند ذلك الشِفْيَارِ حلاً ! ( برهة صمت طفيفة، ثم يستطرد) حسناً، استمر .. استمر ياسولار . .
سُوْلَارْ : ( مستأنفاً ) فى الساعة الثلاثين وثلاثين دقيقة، رقصة المساء ياسيدى .
حَبَشْتَكُوْنْ : ( مداعباً ) رقصة المساء ؟! هه؟! رقصة المساء ؟!
سُوْلَارْ : ( مجيباً ) أجل يامولاى .
حَبَشْتَكُوْنْ : ( مازال يشاكسه ) وأين رقصة الصباح إذاً ؟
سُوْلَارْ : ( موضحاً ) إنها مسائية هذا الأسبوع ياسيدى .
حَبَشْتَكُوْنْ : ( يردد منتشياً وهو ينزل عن كرسيه متجهاً نحو سُوْلَارْ ) مسائية .. مسائية .. الرقصة هذا الأسبوع مسائية ! ( يستخفه التطريب، يبدأ فى ركل الأرض بأقدامه مع التصفيق والتغنى بالعبارة ) الرقصة هذا الأسبوع .. مسائية .. مسائية .. مسائية .. مسائية ..
[ سُوْلَارْ يستخفه التطريب فينضم إلى حَبَشْتَكُوْنْ فى الرقص والتطريب، يستمر الوضع بضعة لحظات، أو كما يرى مخرج العرض . ]
حَبَشْتَكُوْنْ : ( يتوقف فجأة عن الرقص والتطريب، يحدق فى سُوْلَارْ الذى مازال مستمراً فى الرقص والتطريب، يصرخ كالرعد منتهراً سُوْلَارْ ) كفى .. كفى أيها الأرعن! ( يتوقف سُوْلَارْ دفعةً واحدةً عن الرقص والتطريب، ويقف فى مكانه متسمراً، وهو ينظر نحو حَبَشْتَكُوْنْ فى هلع واضح، يسترسل حَبَشْتَكُوْنْ فى هدوء تام ) أكمل .. أكمل ياعزيزى سُوْلَارْ .
[سُوْلَارْ يسىء فهم العبارة، فيعود للرقص والتطريب من جديد ]
حَبَشْتَكُوْنْ : ( ينفجر غاضباً ) أيها الأحمق!
سُوْلَارْ : ( بصوت خفيض وهو ينظر نحو حَبَشْتَكُوْنْ فى بلاهةً ظاهرة ) مسائـ ـ ـ ـ يـه00مسائـ ـ ـ ئـي ئى ئيه00مسـا ـ ـ ـ ئـِ ئـِ ئيه
حَبَشْتَكُوْنْ : ( موضحاً فى هدوء قاتل ) أكمل البرنامج ياسُوْلَارْ .
سُوْلَارْ : ( متلعثماً ) إنْـ ـ ـ إنْـ ـ ـ إنتهى ياسيدى .
حَبَشْتَكُوْنْ : ( محذراً ) عمرك الذى كاد أن ينتهى أيها الشمقمق ! ( يمط الاسم، وهو يقترب ويضع يده على كتف سُوْلَارْ ) سُووووو ـ ـ ـ لَارْ …
سُوْلَارْ : ( وهو ينكمش تحت يد حَبَشْتَكُوْنْ ) سـ ـ ـ سـ ـ ـ سـ ـ ـ سيدى!
حَبَشْتَكُوْنْ : ( يكرر بصوت أعلى، وهو يضغط على كتف سُوْلَارْ ) سُووووو ـ ـ ـ لَارْ …
سُوْلَارْ : ( يكرر نفس رد الفعل السابق ) سـ ـ ـ سـ ـ ـ سـ ـ ـ سيدى!
حَبَشْتَكُوْنْ : ( فى هدوء تام ) أريدُ رقصة المساء الآن .. الآن ياسُوْلَارْ .. وبعدها كبير المستشارين .
سُوْلَارْ : (يردد فى عفوية ولامبالاة ) الآن .. الآن .. ( ثم يضيف فى لهجة مصرية عامية متجاوزاً قواعد الصرف والنحو والفصحى ) ياللا … هية رقصة أبونا ؟؟!!
حَبَشْتَكُوْنْ : ( وهو يرسل سُوْلَارْ من يده ) سُووووو ـ ـ ـ لَارْ ….
سُوْلَارْ : ( بإنحناءة طفيفة ) أمر مولاى .
حَبَشْتَكُوْنْ : ( فى حزم ) نفذ ماأمرتك به فوراً .
سُوْلَارْ : ( ينحنى ثانية ) أمر مولاى .
[ يضرب على الأزرار فى لوحه الزجاجى، تتغير الإشارات الضوئية على الشاشة الجانبية إلى يمين المكتب البَيْضَوِىْ، تكون مصحوبة بموسيقى راقصة ]
سُوْلَارْ : ( صائحاً ) رقصة المساء للسيد الأوحد، والحاكم الأخلد؛ حَبَشْتَكُوْنْ بن أفْنِيُوْنْ .. سيد الأرض والفضاء، وقاهر الجبابرة والطغاة والأعداء .
[ ينحنى سُوْلَارْ، يخطو بظهره إلى الوراء خارجاً من الباب الذى دخل منه، مصطحباً معه اللوح الزجاجى، تدخل من نفس الباب فتاتان فى قمة الجمال، عليهما ملابس شفافة، تحملان مقعداً هزازاً تضعانه فى وسط خشبة المسرح أمام المكتب البَيْضَوِىْ، تصطحبان حَبَشْتَكُوْنْ من كلتا يديه وهو يسيرُ متدللاً كطفلٍ يتعلم المشى، تجلسانه فوق المقعد الهزاز، تنحنيان وتخرجان بظهريهما من حيث دخلتا، تدخل مجموعة فتيات من نفس الباب، يرتدين ملابس شفافة كالفتاتين، يدُرْن حول حَبَشْتَكُوْنْ وهن يتراقصن كالفراشات، يصاحب تراقصهن غناء كورالى .. الغناء مصحوب بإيقاع على الدُّف . ]
كورال نسائى : ( ينشد ) : المُلكُ لك ……… المُلك لك
ياخير خير ……… من مَلَكْ
كورال رجالى ( يردد ) : المُلكُ لك ……… المُلك لك
ياخير خير ……… من مَلَكْ
كورال نسائى : ( ينشد ) : السعدُ لكْ ……… والخير لك
ياخير خير ……… من مَلَكْ
كورال رجالى ( يردد ) : السعدُ لكْ ……… والخير لك
ياخير خير ……… من مَلَكْ
كورال نسائى : ( ينشد ) : الأمرُ لكْ ………. والنهىُ لكْ
ياخير خير ……… من مَلَكْ
كورال رجالى ( يردد ) : الأمرُ لكْ ………. والنهىُ لكْ
ياخير خير ……… من مَلَكْ
كورال مختلط : المُلكُ لك ………. المُلك لك
ياخير خير ……… من مَلَكْ
السعدُ لكْ ……….. والخير لك
ياخير خير ……… من مَلَكْ
الأمرُ لكْ ………. والنهىُ لكْ
ياخير خير ……… من مَلَكْ
قلوبنا…عقولنا… وأرضنا… سماؤنا
وكلنا… رُسُومُ لك … وظلُ لكْ
ياخير خير ……… من مَلَكْ
كورال نسائى : ( ينشد ) : المُلكُ لك ………. المُلك لك
ياخير خير ……… من مَلَكْ
كورال رجالى ( يردد ) : المُلكُ لك ………. المُلك لك
ياخير خير ……… من مَلَكْ
كورال مختلط : المُلكُ لك ………. المُلك لك
ياخير خير ……… من مَلَكْ
ϴ إظلام تام مع ستارϴ
أشخاص المسرحية :
1 – حَبَشْتَكُوْنْ : حاكم أطلانطا ؛ والذى اعتمد العلم والتكنولوجيا كأولويات أساسية فى نظام حكمه، وقد حقق ذلك له السيطرة التامة والكاملة، على كامل الكوكب الأرضى، فى البر والبحر والجو، وامتد نفوذه حتى إلى الفضاء، خارج مجرة درب التبانة .
2 – لِيْمَازْ : زوجة حَبَشْتَكُوْنْ، ذات الدلال والجمال، التى تتحكم بأغلب تصرفاته، وتشاركه جميع طموحاته .
3 – دِلْيَازْ : كبير موظفى بلاط حَبَشْتَكُوْنْ .
4 – سُوْلَارْ : رئيس مراكز الأبحاث الإستراتيجية والجيوسياسية فى قصر حَبَشْتَكُوْنْ .
5 – سِفْيَاسْ : كبير المستشارين المتنبئين، ورئيس محللى مراكز الأبحاث التنبؤية .
6 – شِفْيَارْ : رأس العلم ومكمن القوة فى بلاط حَبَشْتَكُوْنْ .
7 – سَعْدِيُوْنْ : عالم ومصلح عربى ينشد المثالية، ويسعى لإحلال العدل والسلام على الأرض ، يعمل كمساعد أول لشِفْيَار، فى ظل تحديات رهيبة .
8 – جَايْدَارْ : المساعد الثانى لرأس العلم شفيار .
9 – زيمارا : حاكم كوكب النيار . ( يرد ذكر اسمه فقط ، لكنه لن يظهر على خشبة المسرح )
10 – سِيْزُوْنْ : اسمه الحقيقى جلُوبَلْ ، وهو كبير سكان كوكب النيار .
11 – تالِيْتَاْ : مرافقة لسيزون (جلُوبَلْ) فى مهمة تدمير الجنس البشرى، واحتلال كوكب الأرض .
12 – لاليتا : إحدى مساعدات سيزون . ( يرد ذكراسمها فقط ، لكنها لن تظهر على خشبة المسرح )
13 – آرْشِيْنَاْ : مبعوثة كوكب ʺ جودنيس ʺ لإنقاذ سكان الكوكب الأرضى .
14 – السيد باد : مساعد جلُوبَلْ كبير سكان كوكب النيار .
المشهد الأول
يدل مانشاهده فى حجرة المكتب البَيْضَوِىْ للأوحد ʺ حَبَشْتَكُوْنْ ʺ، على مدى التقدم العلمى الذى وصلت إليه البشرية فى ذلك الزمن المتقدم، الذى تدور فيه أحداث هذه المسرحية ؛ فكل مانراه أمامنا من لوحات تَحَكُمْ ( أتوماتيكى ) ، وماتستعمل له هذه اللوحات ، يشير إلى ذلك التقدم العلمى الهائل .. كما أن شكل الزِّى الذى يرتديه البشر فى ذلك الزمان، يدل على اختلافهم عن البشر فى أيامنا هذه .
فى صدر المسرح مباشرةً، و بطول الجدار المواجه للجمهور، توجد شاشة عرض سينمائى . . تظهرعلى الشاشة بين الحين والآخر مشاهد صامتة، يظهر فيها ʺ حَبَشْتَكُوْنْ ʺ فى مناسبات مختلفة، كافتتاحه لبعض المشروعات العامة، أو اجتماعاته بمساعديه من العلماء، والساسة، والفنانين، والمثقفين، ورجال المال والأعمال، أو العسكريين . . كما توجد ثلاث شاشات أصغر، تبرز من الجدار الذى على يمين المكتب البَيْضَوِىْ .
يتوسط المكتبُ البَيْضَوِىْ الحجرةَ تماماً فى مواجهة الجمهور .. خلف المكتب البَيْضَوِىْ ، وفى منتصفه تماماً، نشاهد مقعداً عجيب التصميمات، تتفق هيئته وتصميماته مع هيئة وتصميمات بقية الأشياء فى تلك الحجرة، والتى تنبىء عن ذلك العصر القادم يوماً ما فى المستقبل .. يبدو المقعد وكأنه يسبح فى الهواء .. كما ينعكس عليه إشعاعٌ لوميضٍ أبيضٍ شديد اللمعان، صادر عن المكتب البَيْضَوِىْ، يجعل ملامح وجه من يجلس عليه، تسطع وكأنها تحت وميض البرق .. على يسار ذلك المقعد، يوجد مقعد مماثل له تماماً، ولكنه أصغر قليلا . . تناثرت ثلاثة مقاعد شبيهة بالمقعد الرئيسى إلى يسار المكتب البَيْضَوِىْ، مقعد 1 إلى الداخل قليلاً ناحية الشاشة المستطيلة . . مقعد 3 إلى الخارج ناحية مقدمة المسرح، على حافة المكتب البَيْضَوِىْ . . مقعد 2 فى الوسط بين 1 و 3، لكنه أقرب للمكتب البَيْضَوِىْ منهما . . المقاعد الثلاثة ذات أحجام أقل كثيراً من المقعد الرئيسى ، وعلى مسافات متفاوتة من المكتب البَيْضَوِىْ ؛ المسافات تدل على مدى أهمية من يجلس عليها، بحسب القرب أو البعد من ذلك المكتب البَيْضَوِىْ ، ومدى ثقل وزنه عند الأوحد ʺ حَبَشْتَكُوْنْ ʺ، كما يوجد ثلاثة مقاعد أخرى مثلها إلى يمين المكتب البَيْضَوِىْ .. مقعد 4 إلى الداخل أسفل الشاشات التى على يمين المكتب البَيْضَوِىْ . . مقعد 6 إلى الخارج ناحية الجمهور على حافة المكتب البَيْضَوِىْ . . مقعد 5 بين 4 و 6، لكنه أقرب منهما إلى المكتب البَيْضَوِىْ . . يفتح الستار ويدخل الأوحد ʺ حَبَشْتَكُوْنْ ʺ من باب سحرى إلى يسار المكتب البَيْضَوِىْ، الباب يبدو كأنه جزء من جدار حجرة المكتب ؛ حَبَشْتَكُوْنْ ضخم الجسد، فارع الطول، وميض عينيه يرعب من يجرؤ على النظر فيهما مباشرةً، حال كونه غاضباً .. يرتدى بدلة مطاطية كبدل رجال الفضاء على أيامنا هذه؛ لكنها حمراء اللون .. توحى مشيته بالثقة التى لا حدود لها .. يجول ببصره فى أنحاء الحجرة فى زهو وخيلاء .. يطوف حول المكتب البَيْضَوِىْ وهو يتمعن فيه بفرحةٍ طاغيةٍ على كل قسمات وجهه، ويعود ليقف وراء المقعد المجاور للمقعد الرئيسى خلف المكتب، ووجهه ناحية الجمهور .. يبدأ فى مناجاة نفسه 00 نسمع صوته دون أن تتحرك شفتاه، وهو يجول ببصره فى أرجاء المكان من حوله .
ص . حَبَشْتَكُوْنْ : ( من الأوقع أن يتردد صدى صوته فى جنبات المسرح ) من قال أن الناس سواسية كأسنان المشط ؟! أيتساوى من يملك كل هذا الكوكب، بمن يُولد.. ويعيش ليموت .. وكأنه طُحلب ؟! أيتساوى من يملك الأرض والفضاء..من يملك البر والبحر والجو ، بمن لا يملك حتى مجدافاً لمركب ؟! أيتساوى من وُلِدَ ليسود ويحكم ويتحكم، بمن وُلِدَ ليُسَاسَ ويُحْكَمْ ؟ هل أتساوى أنا ؟! .. أنا الأوحد ! .. مع أى صعلوكٍ أو صرصارٍ ، من هؤلاء الصراصير المندسين بين رعيتى ؟! هؤلاء الذين يريدون إفساد الرعية علينا ؟! هل أتساوى أنا؟!.. أنا.. حَبَشْتَكُوْنْ الأوحد .. مع ذلك المارق الذى لا يجرؤ حتى أن يبين لنا ، أو أن يصمت للأبد ويريحنا من ثرثرته الجوفاء ؟! ذلك الملعون .. الذى لا يكل ولا يمل .. من الثرثرة بالشعارات الهراء ، التى يطرب لوقعها العوام والبسطاء !! ( لحظة صمت طفيفة ) يالهول ماسيلاقيه ذلك المأفون !!.. لو وقع بين يَدَى!! ( فى إصرار واضح ) سوف يقع فى قبضتى لا محالة .. ستكتشفه أجهزتى عاجلاً أو آجلاً .. وعندها .. وعندها..( بتجهُّم شديد ) لن ينفعه الندم، ولن تفيده شفاعة الشافعين !
[ يسود الصمت التام لبضعة لحظات، تنبعث بعدها موسيقى تنبيهية ناعمة، تقطع على ʺ حَبَشْتَكُوْنْ ʺ مناجاته لنفسه .. يضغط زراً فى الجانب الأيسر من بدلته .. يبرز من تحت إبطه الأيسر ، مايشبه الميكروفون، ويرتفع الى أعلى رويداً رويداً ، حتى يستقر أمام فمه مباشرةً . ]
حَبَشْتَكُوْنْ : ( صائحاً بامتعاض ظاهر ) ماذا وراءك يا دِلْيَازْ ؟
ص 0 دِلْيَازْ : ربة الصون والعفاف .. المليكة لِيْمَازْ .. ذات الجمال الساحر الأخاذ .. مليكة أطلانطا .. وكل أطلانطا فى هذا الكون .. تستأذن فى المثول بين يدى مولاى الأوحد .. حَبَشْتَكُوْنْ الأخلد .
حَبَشْتَكُوْنْ : ( بفرحة طفولية مباغتة ) مرحى ! .. مرحى ! فلتمثل بين أيدينا لِيْمَازْ .. ليمازُ الحبيبة .. سيدة الكوكب الأرضى .. وكل ماورائه أو أمامه من كواكب ( يتجول ببطء حول المكتب البَيْضَوِىْ وهو يترنم هياماً باسمها ) لِيْمَازْ .. لِيْمَازْ .. ياعشقى الأبدى .. يافرحى الأوحد .. يامجدى الخالد .. وياعمرى الأسعد ! ( يتوقف على بعد خطوات إلى يسار المكتب البَيْضَوِىْ ، ينظر إلى يمينه ناحية باب الحجرة، مترقباً دخول ليماز )
[ لحظات قصيرة وتدخل ʺ ليماز ʺ .. من نفس الباب السحرى؛ امرأة ممشوقة القوام ، فارعة الطول ، قوية البنيان ، خمرية الوجه ، طويلة الشعر الذهبى المنسدل حتى خصرها ، عسلية العينين الواسعتين ، ترتدى مثل بدلة ʺ حَبَشْتَكُوْنْ ʺ ، لكنها بنفسجية اللون .. تمشى بخفة ودلال ظاهرين . ]
لِيْمَازْ : ( تهمس فى غنج ودلال ، وهى تتجه لتركع على ركبتيها عند ركبتى حَبَشْتَكُوْنْ ) عِمتَ صباحاً سيدى الأسعد ومولاى الأوحد .. حَبَشْتَكُوْنْ الأمجد .
حَبَشْتَكُوْنْ : (ينحنى عليها ويمسك بوجهها بين كفيه ويرفعها حتى تقف أمامه وجهاً لوجه ، غير أنها لا تجرؤ على النظر فى عينيه وإنما تقف أمامه مُطَأطِأةً رأسها ) إيهِ يا لِيْمَازْى الحبيبة !! ارفعى وجهك الساحر إلينا ياحبيبتى ، حتى يرتوى القلب من روعة جمالكِ الأخلد .. ( ترفع وجهها إليه دون أن تجرؤ على النظر فى عينيه مباشرةً .. يستمر هو فى نشوةٍ ظاهرةٍ، وهو يتأمل ملامح وجهها ) .. لست أدرى .. لست أدرى ياحبيبتى .. كيف كان لأطلانطا أن تكون؛ لولا هاتين العينين القاهرتين؟!! لست أدرى.. كيف كان لأطلانطا أن تكون؛ لولا هاتين اللؤلؤتين القاتلتين ؟!! ( تهم بالكلام، لكنه يضع أصابع كفه الأيسر على شفتيها ليمنعها من مقاطعته ) .. كانت ستصبح أرضاً خراباً ياحبيبتى .. أطلانطا بدونك ياقمرى .. لاتساوى حبة رملٍ من رمال صحراوات مُلكى الأخلد .. أطلانطا بدونك ياقدرى .. صحراء جرداء .. خرِبَه .. حتى ولو اجتمعت فيها كل جمالات الكون ياحبيبتى !
لِيْمَازْ : ( تهمس وهى فى قمة الدلال والنشوة ) مولاى ..
حَبَشْتَكُوْنْ : ( يعاود وضع أصابع كفه الأيسرعلى شفتيها، وهو يعاود التغنى باسمها فى نشوة واضحة ) لِيْمَازْ .. لِيْمَازْ .. ياقَمَرَى الأوحد .. لِيْمَازْ .. لِيْمَازْ .. ياعمرى الأسعد ..
لِيْمَازْ : ( وهى تعاود الهمس بنفس الدلال والنشوة ) مولاى ..
حَبَشْتَكُوْنْ : ( يتناول يمناها بيسراه ، ويصحبها فى رفق وحنان بالغين نحو مقدمة المكتب البَيْضَوِىْ ) إيهِ ياليمازى الحبيبة .. مائتان وسبعون عاماً مرت ، منذ لقائنا الأول ياحبيبتى .. ( يعود بها إلى ناحية المقعد الرئيسى وراء المكتب البَيْضَوِىْ ، وهو مازال ممسكاً بيسراها فى رفق، يشير لها بالصعود والجلوس على المقعد .. تطيعه وتأخذ مكانها فوق المقعد، عيناها تتسمران على وجهه فى نشوة عارمة، يسير بظهره إلى الوراء مبتعداً إلى مقدمة المسرح جهة اليمين .. يخاطبها فى فرحٍ طاغٍ وحنان جارف ) حبيبتى .. ليماز.. ياعمر عمر حَبَشْتَكُوْنْ .. ياأجمل من وطئت قدماها أرجاء الكون!!!
لِيْمَازْ : (تنزل عن المقعد وتخطو نحوه حتى تقترب منه .. تجثو إلى يمينه على ركبتيها .. تمسك بكفه الأيمن بين كلتا يديها.. تمرغ خدها الأيسر فى راحة كفه .. تهمس فى غنج ودلال ) مولاى .. مولاى حَبَشْتَكُوْنْ الأوحد .. ومجد أطلانطا الأخلد ..
حَبَشْتَكُوْنْ : ( شارداً بعض الشىء كمن يستدعى فى ذهنه ذكرياتٍ رهيبة، ومحدقاً فى الشاشة التى فى مواجهة الجمهور، وهو يربت بيمناه على رأسها ) مائتان وسبعون عاماً مُنذُ دانت لنا كل تلك الأرض بالولاء ياحبيبتى .. كل أطلانطا .. دانت لنا بالولاء .. ( وهو يعود ليحتويها بعينيه ) ومائتان وسبعون عاماً مُنذُ التقتيك أول مرة ياقدرى ! ( يتناول كفها وهو يتأملها فى مثولها على ركبتيها بجانبه )
لِيْمَازْ : ( فى لهجة اعتراضيه خفيفة يغلب عليها الدلال، وهى تنظر إلى أعلى ناحية وجهه، لكنها تتحاشى النظر فى عينيه ) مولاى ! إنها مائتان وتسعة وستون عاماً فقط !
حَبَشْتَكُوْنْ : ( يتصنع الجدية والحزم، وهو يحتوى وجهها بين كفيه ويُنهضها على قدميها بجواره ) لا تغالطى يا لِيْمَازْ .. إنه مجرد عام ! عامٌ واحدٌ فقط ياليمازى الحبيبة !
لِيْمَازْ : ( وهى تنظر فى عينيه لثوان معدودة ) لا .. لا .. لا يامليكى ( تطأطىء رأسها مرة أخرى) مائتان وتسعة وستون عاماً فقط يامولاى !
حَبَشْتَكُوْنْ : ( يقهقه منتشياً ويؤكد عبارته، ولكن فى نبرة منخفضة عن سابقاتها )ها .. ها.. ها.. ليماز! (يداعب وجهها بين كفيه، وهو يجعل عينيها فى مواجهة عينيه مباشرةً ويتأملهما بعمق) هو عامٌ واحدٌ ياحبيبتى .. عامٌ واحدٌ فقط .. لن يغير فى الأمر شيئاً ياليمازى الحبيبة !
لِيْمَازْ : ( فى نبرة لينة وهى تنسل من بين يديه فى رفق، تتراجع قليلاً نحو المكتب البَيْضَوِىْ خلفها، تتوقف على بعد خطوات من حَبَشْتَكُوْنْ ) لكن يامولاى00
حَبَشْتَكُوْنْ : ( يقاطعها ولكن فى حزم لين ) حَبَشْتَكُوْنْ لا ينسى يامليكتى !
لِيْمَازْ : ( فى خنوع مصطنع، وهى تنحنى إنحناءة طفيفة ) كما ترى يامولاى ! الأمر لك.. والنهى لك .. والملك لك !
حَبَشْتَكُوْنْ : ( وكأنه يستدعى الذكريات، وهو يتجه نحوها ) كان عمرك وقتها ثلاثمائةً وخمسين عاماً بالتمام والكمال! ( يستمر حَبَشْتَكُوْنْ فى السرد، وهو يقترب من لِيْمَازْ رويداً رويداً، ويصاحب صوته إظلام تدريجى لكل جنبات المسرح باستثناء الشاشة التى فى مواجهة الجمهور ) كنتُ أنا أيامها فى مركز قيادة العمليات الحربية الكونية، أتابع آخر معاركنا ضد القوى المناوئة لنا فى أوروبا وآسيا، وكانت أخبار انتصاراتك الباهرة على أسلحة الدمار الشامل التى حاولوا تدميرنا بها، تملأ كل أرجاء أطلانطا ياحبيبتى!
إظلام تام فى كل جنبات المسرح باستثناء الشاشة التى فى مواجهة الجمهور. . تُعرض المشاهد التالية على الشاشة :
مشهد ( 1 )
يظهر على الشاشة مركز قيادة العمليات الحربية الكونية .. حجرة مجهزة بمكتب مستطيل .. فى آخره وفى مواجهة الجمهور مقعد يماثل المقعد الذى ظهر خلف المكتب البَيْضَوِىْ .. على يمين ويسار المكتب المستطيل، مقاعد شبيهة بالمقعد الرئيسى لكنها أصغر حجماً.. تتصدر الحجرة على الجدار الذى خلف المقعد الرئيسى شاشة عرض بطول الجدار . . .
« قطع »
مشهد ( 2 )
على شاشة العرض فى مركز قيادة العمليات الحربية الكونية تظهر بالبنط العريض، بين الحين والآخر عبارة[ مركز قيادة العمليات الحربية الكونية ]..
« قطع »
مشهد ( 3 )
زوم على بضعة شاشات أصغر حجماً من الشاشة الرئيسية التى تواجه الجمهور .. الشاشات على الجدران التى على يمين ويسار المكتب المستطيل .
« قطع »
مشهد ( 4 )
منظر كلى من أعلى يُبرز المكتب المستطيل كاملاً .. قادة يجلسون على جانبى المكتب المستطيل .. يتبادلون الأحاديث وهم يشيرون إلى شاشات العرض الجانبية..
« قطع »
مشهد ( 5 )
الشاشات الجانبية تعرض لقطات لمعارك بالصواريخ وقصف بالطائرات..انفجارات مروعة لمعالم شهيرة فى عواصم مثل لندن وباريس وبرلين وموسكو وبكين أو بيونج يانج .. زوم على انفعالات الفرح التى تعلو وجوه القادة، كلما عرضت إحدى الشاشات الجانبية مشهداً لتدمير أحد المعالم الشهيرة فى إحدى العواصم المناوئة أو المنافسة لنظام حَبَشْتَكُوْنْ..
« قطع »..
مشهد ( 6 )
زوم كلى على الشاشة التى تتصدر الجدار فى مركز العمليات الحربية الكونية .. تظهر على الشاشة مشاهد للأوحد ʺ حَبَشْتَكُوْنْ ʺ وهو يتفقد بعض مواقع القيادة والسيطرة .. مع موسيقى عسكرية صاخبة..
« قطع »
مشهد ( 7 )
دِلْيَازْ يتصدر الشاشة الرئيسية .. رجلٌ طاعنٌ فى السِّنِ .. نحيف البنية .. مستطيل الوجه .. أصلع الرأس .
دِلْيَازْ : أيتها السيدات والسادة .. أيتها الأمة الخالدة .. ياأمة أطلانطا العظيمة .. حاكمنا الأوحد .. حَبَشْتَكُوْنْ الأسعد .. صاحب أطلانطا الأخلد، يزف إليكم أنباء سيطرة أطلانطا العظيمة على كل بقاع الكوكب الأرضى .. بلا منازع بعد اليوم ! ( يقهقه عالياً ) هاهاهاها . . هاهاهاها ( يردد ) بلا منازع بعد اليوم ! ( يعاود القهقهة ) هاهاهاها . . هاهاهاها
« قطع »
مشهد ( 8 )
زوم من أعلى على القادة وهم يتوجهون برؤوسهم ناحية الشاشة الرئيسية .
« قطع »
مشهد ( 9 )
زوم على حَبَشْتَكُوْنْ فى الشاشة الرئيسية، وهو جالس على المقعد الرئيسى فى حجرة المكتب البَيْضَوِىْ ، بالزى العسكرى .. تظهر أمامه ميكروفونات عليها أسماء لقارات العالم .. الميكروفونات تتراص على المكتب البَيْضَوِىْ أمام حَبَشْتَكُوْنْ .. يبدأ حَبَشْتَكُوْنْ خطابه .
حَبَشْتَكُوْنْ : ( بصوت جهورى قوى تتردد أصداؤه فى جنبات المسرح ) أيتها السيدات والسادة .. أيها الناس فى كل قارات العالم .. اليوم .. واليوم فقط .. يبدأ العالم حقبةً تاريخيةً جديدةً .. تحت حكم أطلانطا السعيدة .. حقبةٌ يسودها العدل .. وترفرف فيها الحرية على كل بقاع كوكبنا الأرضى .. اليوم .. واليوم فقط .. أستطيع القول .. أنا حَبَشْتَكُوْنْ الأوحد .. بأننا قد بدأنا أولى خطواتنا نحو مجتمع إنسانى تسوده المحبة .. ويحدوه الأمن والأمان .. وتحكمه الديمقراطية وحقوق الإنسان، كما أقرتها كل دساتير أطلانطا .. وكما – بالطبع – وافقتم عليها جميعكم فى كل بقعة من بقاع كوكبنا الأرضى الحبيب .. اليوم .. انتصرت أطلانطا .. وانتصرتم معها على كل قوى الشر والديكتاتورية فى كل أرجاء كوكبنا الحبيب .. لطالما حاولت قوى الشر تدمير هذا الكوكب الحبيب إلى قلوبنا .. نعم .. أرهقونا لبعض الوقت .. لكننا استطعنا دحرهم جميعاً .. استطعنا هزيمتهم جميعاً .. وسيطرنا على كل أسلحتهم للدمار الشامل . . نعم . لقد انتصرنا . . وبالطبع تابعتم جميعكم الجهود الخارقة التى كانت تقوم بها ابنة أطلانطا الرائعة ʺ ليماز ʺ .. لقد استطاعت وبكل جدارةٍ تعطيل جميع مراكز القيادة والسيطرة، التى حاولوا توجيه أسلحتهم منها لضربنا .. ʺ ليماز ʺضربت أروع الأمثلة فى كل تاريخ أطلانطا .. لقد أنشأت وقادت بكل اقتدار جميع مراكز القيادة والسيطرة الإلكترونية، التى أحبطت وشلت جميع هجمات الدمار الشامل، التى حاولوا محونا بها من على كوكب الأرض .. يحق لنا جميعاً أن نفخر بلِيْمَازْ، التى قهرت كل أعداء أطلانطا، وأن نكتب اسمها فى سجل الخالدين والخالدات بأحرفٍ من نور! عاشت ليماز .. ( هتاف جماعى يردد : عاشت ليماز) عاشت ليماز .. ( نفس الهتاف الجماعى يردد ) عاشت ليماز .. ( نفس الهتاف الجماعى يردد ) عاشت أطلانطا .. ( هتاف جماعى يردد : عاشت أطلانطا ) عاشت أطلانطا .. ( نفس الهتاف الجماعى يردد ) عاشت أطلانطا . . ( نفس الهتاف الجماعى يردد )
[ إظلام تام .. تضىء كل جنبات المسرح على المشهد السابق لما عرضته الشاشة المواجهة للجمهور فى حجرة المكتب البَيْضَوِىْ .. تعود الشاشة لعرض المشاهد الصامتة لجولات حَبَشْتَكُوْنْ واجتماعاته . . حَبَشْتَكُوْنْ ولِيْمَازْ فى مكانهما على بعد خطوات أمام المكتب البَيْضَوِىْ .. دائرة من الضوء تتسلط عليهما . . يستأنفان الحوار الذى كان قبل العرض السينمائى . ] ..
لِيْمَازْ : ( وهى تنظر فى عينيه لثوانٍ معدودة ) يومها قدمتنى بنفسك يامولاى لشعب أطلانطا للمرة الأولى !
حَبَشْتَكُوْنْ : ( وهو يلف ذراعه الأيمن حولها، ويسير بها وئيداً إلى الأمام، ليتوقفا على يمين المسرح، على وقع موسيقى رومانسية هادئة ) ويومها أصبحت ليماز هى حَبَشْتَكُوْنْ..
لِيْمَازْ : ( تترنم بالكلمات وهى تقاطعه بوضع أصابع كفها الأيمن على شفتيه ) وأصبح حَبَشْتَكُوْنْ .. ( هاتفة بفرحة طفولية وهى تتقافز رافعةً يديها إلى الأعلى ) هو ليماز . .
حَبَشْتَكُوْنْ : ( يصيح منتشياً كالأطفال، وهو يصفق بكلتا يديه، ويهرول مبتعداً عنها وهو يدور حول نفسه) حَبَشْتَكُوْنْ هو ليماز . ( يكرر عدة مرات بنفس الطريقة وبنفس الحركات ) حَبَشْتَكُوْنْ هو لِيْمَازْ .. حَبَشْتَكُوْنْ هو ليماز .. حَبَشْتَكُوْنْ هو ليماز ..
لِيْمَازْ : ( تكرر نفس مافعله حَبَشْتَكُوْنْ وهى تدور حول نفسها كطفلةٍ فى السابعة من عمرها وهى تصيح فى بهجةٍ غامرة، وهو يتأملها فى حنان وفرح ظاهرين ) ليماز هى حَبَشْتَكُوْنْ .. ليماز هى حَبَشْتَكُوْنْ .. ليماز هى حَبَشْتَكُوْنْ ..
[ صمت طفيف يتبادلان خلاله نظرات العشق والهيام .. هو فى يسار المسرح وهى فى اليمين .. فى نفس الوقت تنساب فى جنبات المسرح موسيقى رومانسية هادئة .. أضواء حالمة تتراقص فى أرجاء خشبة المسرح . ]
حَبَشْتَكُوْنْ : ( يهتف بشوق جارف وهو يخطو نحوها ببطء فاتحاً ذراعيه ) لِيْمَاز .. حبيبتى ..
لِيْمَازْ : ( وهى تهرول إليه، وترتمى فى أحضانه ) مليكى الأوحد .. وسيدى الأمجد
[ يتعانقان أمام المكتب البَيْضَوِىْ، فى وسط المسافة بينهما .. تنساب مرةً أخرى الموسيقى الرومانسية الهادئة .. تتراقص أيضاً الأضواء الحالمة فى أرجاء خشبة المسرح .. لحظات طفيفة ينطلق بعدها غناء جماعى هادىء بأصوات رجالية مرة وبأصوات نسائية مرة أخرى . ]
مجموعة رجالى : ( بصوت رخيم كأنه آتٍ من أعماق الزمن السحيق، ومصحوب بإيقاع على الدُّف ) حَبَشْتَكُوْنْ أصله لِيْمَازْ .. حَبَشْتَكُوْنْ أصله لِيْمَازْ .. حَبَشْتَكُوْنْ أصله لِيْمَازْ ..
مجموعة نسائى : ( بصوت ساحر فى قمة التطريب، مصحوب أيضاً بالإيقاع ) لأ..لأ.. لأ..لأ..أصل لِيْمَازْ حَبَشْتَكُوْنْ .. أصل لِيْمَازْ حَبَشْتَكُوْنْ .. أصل لِيْمَازْ حَبَشْتَكُوْنْ .. ذكر وأنثى أصل الكون .. أصل لِيْمَازْ حَبَشْتَكُوْنْ!
[ يتكرر ذلك الغناء الجماعى التبادلى عدة مرات، تبعاً لما يقرره مخرج العرض المسرحى، بينما يقف حَبَشْتَكُوْنْ وليماز صامتين وهما متعانقين فوق خشبة المسرح . تخفت أصوات الغناء الجماعى التبادلى شيئاً فشيئاً .. لحظات صمت طفيفة تقطعها موسيقى تنبيهية هادئة منبعثة من أحد الأجهزة المخفية تحت المكتب البَيْضَوِىْ .. الرنين مصحوب بإشارات ضوئية فى هيئة ألوان الطيف السبعة، على إحدى الشاشات على الجدار، إلى يمين المكتب البَيْضَوِىْ .. ينتبهان من عناقهما .. حَبَشْتَكُوْنْ يتجه إلى مصدر الصوت أسفل المكتب البَيْضَوِىْ .. بينما تتجه لِيْمَازْ إلى مقعد 6 على يمين المكتب البَيْضَوِىْ . ]
حَبَشْتَكُوْنْ : ( فى ضيق ظاهر على ملامح وجهه، وهو يرفع رأسه عن المكتب البَيْضَوِىْ ) إنه دِلْيَازْ الكئيب ياليمازى الحبيبة! ( مُتَبَرِّمَاً ) كأنه يتصيد أوقات الصفاء ليقطعها علينا! يالهُ من .. ياله من .. ياله من دلياز!
لِيْمَازْ : ( تُهَوِّنْ عليه بصوتها الأخاذ ) إنها شئون الحكم يامولاى!
حَبَشْتَكُوْنْ : ( يردد ماقالته وهو يهز رأسه موافقاً) أجل . . أجل . .إنها شئون الحكم .. شئون الحكم! ( يضغط نفس الزرار الذى ضغطه قبل ذلك، فى الجانب الأيسر من بدلته .. يبرز من تحت إبطه الأيسر ، نفس الميكروفون، ويرتفع الى أعلى رويداً رويداً ، حتى يستقر أمام فمه مباشرةً .. يسأل فى نبرة جافة وبعبارة مقتضبة ) ماذا وراءك أيها الدِلْيَاز ؟
ص0دِلْيَازْ : ( فى خنوع تام ) سُولار يستأذن فى المثول بين يَدَىْ سيدى الأوحد .. حَبَشْتَكُوْنْ الأخلدْ!
حَبَشْتَكُوْنْ : ( بلهجته الحاسمة ) فليمثل بين أيدينا سُولار .. ( موجهاً كلامه إلى لِيْمَاز ) بعد .. بعدَ كَمْ من الوقت ياليمازى الحبيبة ؟
لِيْمَازْ : ( فى استكانة تامة ) الأمر أمرك يامولاى!
حَبَشْتَكُوْنْ : ( مازال يستشيرها ) مارأيكِ لو أذِنَّا له فى الدخول إلينا، بعد مائة وعشرين ثانية ياليمازى الحبيبة ؟
لِيْمَازْ : ( مازالت تستكين لما يراه هو ) الرأى رأيك يامولاى!
حَبَشْتَكُوْنْ : ( موجهاً كلامه إلى دِلْياز عبر الميكروفون ) حسناً .. فليدخل سولار بعد مائة وعشرين ثانيةً من الآن يادلياز.( يتجه إلى المقعد الرئيسى، يأخذ مجلسه، يستعيد هيبته ووقاره ويتأهب لاستقبال سولار )
ص0دِلْيَازْ : السمع والطاعة لمولاى الأوحد، حَبَشْتَكُوْنْ الأخلد!
حَبَشْتَكُوْنْ : ( مخاطباً ليماز ) خذى مجلسكِ إلى جوارى أيتها الحبيبة ليماز .
لِيْمَازْ : ( وهى تنهض من مكانها وتتجه للجلوس على المقعد الذى إلى يسار مقعد حَبَشْتَكُوْنْ) السمع والطاعة لمولاى الأوحد حَبَشْتَكُوْنْ الأخلد!
حَبَشْتَكُوْنْ : ( يميل عليها هامساً ) ها .. لقد بدأت الكآبة اليومية ياسيدتى!
لِيْمَازْ : ( فى نغمة حنون ) إنها شئون الحكم يامولاى!
حَبَشْتَكُوْنْ : ( متبرماً ) شئون الحكم .. شئون الحكم .. اللعنة على شئون الحكم تلك، التى تقطع علينا أحلى أوقات حبنا !
لِيْمَازْ : ( مازالت تخفف عنه ) هَوِّن عليكَ يامولاى!
ص0دِلْيَازْ : ( معلناً دخول سولار ) السيد سولار؛ رئيس مراكز الأبحاث الإستراتيجية والجيوسياسية فى قصركم المعظم يامولاى.
[ يُفتح باب إلى يمين المكتب البَيْضَوِىْ .. ثوانٍ قليلةٍ ويدخل ʺ سولارʺ، يرتدى مثل بدلة حَبَشْتَكُوْنْ، لكنها صفراء اللون .. سولار نحيف القوام، فارع الطول، مستطيل الوجه، طويل الأنف، منكوش الشعر، يمسك فى يده اليمنى لوحاً زجاجياً عجيب الشكل، به العديد من الأزرار والشاشات الصغيرة، يتوقف على بعد خطوات من المكتب البَيْضَوِىْ .. ينحنى فى خشوع . ]
سُوْلَارْ : ( منحنياً ) عِمْتَ صباحاً سيدى الأوحد .. حَبَشْتَكُوْنْ الأخلد .
حَبَشْتَكُوْنْ : ( فى اقتضاب وهو يشيح بكفه الأيمن ) عِمْتْ …..
سُوْلَارْ : ( يوجه كلامه إلى ليماز) عِمتِ صباحاً سيدة أطلانطا وكل أطلانطا فى الوجود!
لِيْمَازْ : ( فى بشاشة وخفة ) عِمْتَ صباحاً أيها الشمقمق سُوْلَارْ . ( ثم تخاطب حَبَشْتَكُوْنْ وهى تنزل من على مقعدها وتنحنى إنحناءة خفيفة) . هل يأذن لى سيدى ومولاى الأوحد بالانصراف؟
حَبَشْتَكُوْنْ : ( يشير لها بالانصراف ) تفضلى ياسيدتى .. وسألحق بكِ فور الانتهاء من سولار .
[ تتراجع ليماز بظهرها إلى الوراء وهى تنحنى إنحاءة خفيفة، تتجه إلى نفس الباب السحرى الذى إلى يسار المكتب البَيْضَوِىْ ، تختفى إلى الداخل، ويغلق الباب فور دخولها . ]
حَبَشْتَكُوْنْ : ( وهو يشير إلى اللوح الزجاجى الذى مع سولار) ماذا فى لوحك اليوم ياسولار ؟
سُوْلَارْ : ( فى تلقائية واضحة ) كل مايسر مولاى الأوحد .. حَبَشْتَكُوْنْ الأخلد .. حاكم الأرض والفضاء (يضغط بسبابته اليمنى على بعض الأزرار فى اللوح الذى بيده اليسرى .. تضىء إحدى الشاشات المثبتة فى الجدار إلى يمين حَبَشْتَكُوْنْ .. تتوهج على الشاشة إشارات ضوئية متلاحقة .. يحدق سُوْلَارْ فى الإشارات المتلاحقة على الشاشة .. يصيح فجأة ) مولاى .. سيدى الأوحد ..
حَبَشْتَكُوْنْ : ( فى لهجة لينة وهو يتابع الإشارات الضوئية على يمينه)آآآآ .. ها .. يبدو أن هناك حَدَثٌ جللٌ اليوم يا سولار ؟
سُوْلَارْ : ( متلعثماً بعض الشىء ) كلا .. كلا .. يامولاى
حَبَشْتَكُوْنْ : ( فى هدوء تام ) ماذا إذاً يا سُوْلَارْى العزيز ؟
سُوْلَارْ : ( مازال يتلعثم ) اليوم .. اليوم يامولاى ..
حَبَشْتَكُوْنْ : ( بشىء من الاستخاف ) هه .. هه .. تكلم يا سُوْلَارْ .. ما شأن اليوم؟
سُوْلَارْ : ( متشجعاً ) فى الساعة السابعة عشرة وثلاثٍ وثلاثين دقيقة ..
حَبَشْتَكُوْنْ : ( مقاطعاً ) هه .. ماذا عن الساعة السابعة عشرة وثلاثٍ وثلاثين دقيقة ؟
سُوْلَارْ : ( مجيباً وهو يخفض ناظريه إلى أسفل ليتحاشى النظر فى عينى حَبَشْتَكُوْنْ ) اتصالكم بسيد كوكب النيار يامولاى .
حَبَشْتَكُوْنْ : ( يردد منتشياً اسم سيد كوكب النيار ) آآآآآآ … هااااااااا … زِيْمَارَا!
سُوْلَارْ : ( مؤكداً ) أجل يامولاى .. زِيْمَارَا سيد أهل النيار .
حَبَشْتَكُوْنْ : ( مستدركاً ) هو ليس زيمارا .. زيمارا .. على وجه اليقين .. لكننى أحببت أن أطلق عليه هذا الاسم .. فهو رجلُ والرجالُ قليلٌ ! ( مردداً فى إعجاب ) نعم هو رجلُ والرجالُ قليلٌ ! صحيح، إننا وبرغم زياراتنا العديدة له ولكوكبه، لكننا لم نقدر حتى الآن على فك طلاسمهم وألغازهم التى تحيط بهم ! ( يعود ويؤكد إعجابه بحاكم كوكب النيار ) ومع ذلك، يبقى هو رجلُ والرجالُ قليلون ! أتعرف مالذى يشدنى لذلك الكائن ياسولار ؟
سُوْلَارْ : ( فى خضوع ) ماذا يامولاى ؟
حَبَشْتَكُوْنْ : ( بتلقائية ) أربعة الأذرع وأربعة السيقان التى يمتلكها ذلك الـ زيمارا !
سُوْلَارْ : ( متظاهراً بالاندهاش ) عجيبة هيئة أهل ذلك الكوكب يامولاى !
حَبَشْتَكُوْنْ : ( مبدياً بعض الانزعاج ) آه ِ لو رأى أهل الأرض أحدهم هنا على كوكبنا !
سُوْلَارْ : لا تقلق يامولاى، سيتكفل خادمك شفيار بمعالجة الأمر، وسيصوره فى وسائل الإعلام على أنه مسلسلٌ أو فيلم سينما من نوعية أفلام الخيال العلمى .
حَبَشْتَكُوْنْ : ( يعود لإبداء إعجابه بزيمارا ) ومع ذلك يظل زيمارا رجلٌ والرجال قليلون !
سُوْلَارْ : ( مردداً ماقاله حَبَشْتَكُوْنْ ) أجل يامولاى .. إنه رجلُ والرجالُ قليلون !
حَبَشْتَكُوْنْ : ( وكأنه يتذكر ) أنت كنت معنا فى الزيارة الأخيرة لكوكبهم العجيب ( متسائلاً ) أليس كذلك يا سُوْلَارْ ؟
سُوْلَارْ : بلى أيها الأوحد .
حَبَشْتَكُوْنْ : ( وهو يعاود متابعة الإشارات الضوئية على الشاشة التى إلى يمينه ) أتذكرْ كَمْ هى المسافة بيننا وبينهم ياسولار ؟
سُوْلَارْ : ثلاثمائةٌ وسبع وأربعون سنة ضوئيةً يامولاى .
حَبَشْتَكُوْنْ : ( مُقهقهاً ) فركة كعب!!! أليس كذلك ؟
سُوْلَارْ : ( مؤكداً ) بلى ياسيدى .. إنها مسألة سبع ساعاتٍ وست عشرة دقيقة وثمانٍ وأربعين ثانيةً بمركبتنا الجديدة يامولاى .
حَبَشْتَكُوْنْ : حسناً .. حسناً، سنتصل بزيمارا، أو أياً مايكون اسمه؛ ذلك الغامض ككوكبه؛ سنتواصل معه فى السابعة عشرة وثلاث وثلاثين دقيقة ( صمت طفيف يواصل بعده ) ماذا عندك أيضاً اليوم ياسولار ؟
سُوْلَارْ : الزحليقة الهوائية لمدة ثلاث دقائق وسبعٍ وثلاثين ثانية …..
حَبَشْتَكُوْنْ : ( مقاطعاً فى ضجر) اللعنة!!!
سُوْلَارْ : ( مكملاً ) الزحليقة الهوائية فى الساعة السابعة عشرة وأربعين دقيقة وخمسٍ وثلاثين ثانية يامولاى .
حَبَشْتَكُوْنْ : ( مازال ضجراً ) اللعنة على تلك الزحليقة! إنها تصيبنى بالغثيان! تباً لها! وتباً لك أيضاً يا سُوْلَارْ!
سُوْلَارْ : ( فى تأدب جم، وهو ينحنى إنحاءة طفيفة ) بورك فيكم سيدى الأوحد .. حَبَشْتَكُوْنْ الأخلد!
حَبَشْتَكُوْنْ : ( بإصرار وهو يشير إلى سُوْلَارْ ) سأُرِيكَ ! سأُرِيكَ ياسولار ماذا تفعل بى تلك الزحليقة اللعينة ! ( يشير إلى جمهور المسرح بنفس الإصرار) وسأُريكم أنتم جميعاً ماتفعله تلك اللعينة بمولاكم اللعين حَبَشْتَكُوْنْ!
[ ينهض عن مكانه، يضغط بسبابته اليمنى على أحد الأزرار أسفل الشاشة التى فى مواجهة الجمهور، تختفى كل المشاهد التى كانت تعرضها ، يظهر بدلاً منها حجرة مبطنة جدرانها بالذهب الخالص، توجد فتحة مستديرة فى الجدار الذى إلى اليمين، يتدلى من الجدار المواجه للجمهور، قرب سقف الحجرة، أنبوبٌ ذهبىٌ مشطوفٌ نصفه الأعلى، الأنبوب كالزحليقة التى يلهو عليها الأطفال فى الملاهى، يستقر طرفه الأسفل أمام الفتحة المستديرة التى فى الجدار الأيمن، تنبعث من جوف الفتحة المستديرة هالات ضبابية بيضاء، تدور حول بعضها بسرعات رهيبة وكأنها دوامات هوائية .. لحظات، ويظهر حَبَشْتَكُوْنْ فى الكادر وهو ينزلق فوق الأنبوب الذهبى من أسفل السقف، عارياً كما ولدته أمه، إلا ممايستر عورته ، تتلقفه الدوامات الهوائية، وتدور به فى جوف الحجرة بسرعات رهيبة، حتى إنَّ ملامح جسده تكاد تختفى فى ثنايا الدوامات الضبابية .. يستمر المشهد بضع لحظات .. يهدأ بعدها دوران الدوامات الضبابية، وتبدأملامح جسد حَبَشْتَكُوْنْ فى الظهور مرةً أخرى .. يبرز أحد المقاعد المطاطية الذهبية اللون من أرضية الحجرة، المقعد يميل إلى كونه سرير متحرك الجزء العلوى، تبدأ الدوامات الضبابية فى وضع جسد حَبَشْتَكُوْنْ فوق المقعد المطاطى ببطء واضح، تختفى الدوامات الضبابية، بينما يستلقى حَبَشْتَكُوْنْ فوق المقعد المطاطى خائر القوى تماماً .. يتلفت فى أرجاء الحجرة من حوله زائغ العينين .. لحظات طفيفة تدخل بعدها لِيْمَازْ من باب فى الجدار الأيسر للحجرة الذهبية 00تتجه إليه متهللة الأسارير .. تميل عليه وتضمه فى حضنها . ]
لِيْمَازْ : ( وهى تقبله فى وجنتيه ) يومٌ جديدٌ وعمرٌ مديدٌ وغدٌ سعيدٌ يامولاى الأوحد!
حَبَشْتَكُوْنْ : ( ينهض من على السرير، ويعتمد على كتفها الأيمن وهما يسيران نحو الباب الذى دخلت منه ليماز، يتحدث بصوت واهن ) لولا أنها تجدد الطاقات الحيوية لخلايا جسدى، لما رضيت بها أبداً، تلك اللعينة!
[ يخرجان من الكادر .. تعود الشاشة إلى سابق ماكانت تعرضه من لقطات خاصة باجتماعات حَبَشْتَكُوْنْ أو لقطات أخرى متنوعه لأنواع الأسلحة وكذلك مظاهر التقدم المعمارى فى طول وعرض أطلانطا . ]
حَبَشْتَكُوْنْ : ( يعود مخاطباً سُوْلارْ ) أرأيت ياسولار ؟ أرأيت ماذا فعلت بى تلك اللعينة ؟!( ثم يوجه كلامه إلى جمهور المسرح ) أرايتم ؟ أرأيتم بأم أعينكم، ماذا فعلت تلك الزحليقة اللعينة بمولاكم اللعين حَبَشْتَكُوْنْ ؟! ( فى تودد للجمهور ) لا عليكم! ( يعود لمخاطبة سُولارْ ) حسناً، ماذا لدينا بعد تلك الزحليقة اللعينة ياسُوْلارْ ؟
سُوْلَارْ : ( ينظر فى اللوح الزجاجى ويواصل ) من الساعة الثامنة عشرة وتسعِ وخمسين دقيقة وتسعٍ وخمسين ثانية، وحتى الساعة الثالثة والعشرين والدقيقة التاسعة والخمسين والثانية التاسعة والخمسين ( برهة يلتقط خلالها أنفاسه) تقومون سيدى الأوحد بتدشين الأسطول الفضائى الجديد بيننا وبين كوكب ʺ جُودْنِيْسْ ʺ .
حَبَشْتَكُوْنْ : ( وهو ينزل عن مقعده، ويتجه نحو سُوْلَارْ ) جميلٌ ذلك الكوكب، أليس كذلك ياسُوْلَارْ ؟
سُوْلَارْ : ( وهو ينكمش على ذاته ) بلى يامولاى، هو كذلك ياسيدى .
حَبَشْتَكُوْنْ : ( يتكلم حالماً وهو يقترب أكثر من سُوْلَارْ ) إننى أشعر بقمة الراحة وبقمة السعادة كلما ورد ذكر ذلك الكوكب، أو ذكر أىٍ من الأمور التى تمتُ إليه أو إلى ساكنيه بأية صلة! ( وهو يضع يمناه على الكتف الأيسر لسُولار، يستطرد فى تبسط واضح ) رغم بعد المسافة بيننا وبينهم، إلا إنك تشعر وكأنهم أهلك! ( يرفع يمناه عن كتف سولار، ويمسك به من يده اليمنى، ويسير به إلى مقدمة المسرح جهة اليمين، يشير بيده اليُسرى إلى الأعلى هناك ناحية سقف المسرح ) انظر .. انظر جيداً هناك ناحية الدب القطبى .. ذلك الكوكب الشديد اللمعان هناك .. أتراه ياسُوْلَارْ ؟
سُوْلَارْ : ( ناظراً نحو الجهة التى يشير إليها حَبَشْتَكُوْنْ) بلى .. بلى .. إنه هناك يامولاى .
حَبَشْتَكُوْنْ : ( يترك سولار ويستدير عائداً إلى مقعده خلف المكتب البَيْضَوِىْ ) ذلك هو ʺ جُودْنِيْسْ ʺ اللذيذ ياسُولّار!
سُوْلَارْ : ( بإنحناءة خفيفة، وهو واقفٌ مكانه، ووجهه نحو حَبَشْتَكُوْنْ، بعدما يكون قد استدار فى نفس اللحظة التى كان يستدير فيها حَبَشْتَكُوْنْ، يردد ) لذيذٌ هو ʺ جُودْنِيْسْ ʺ يامولاى !
حَبَشْتَكُوْنْ : ( يشير بيسراه ) أكمل .. أكمل يا سُوْلَارْ .. ماذا لدينا بعد ذلك ؟
سُوْلَارْ : ( ينظر فى لوحه الزجاجى ) فى الساعة الخامسة والعشرين، تتابعون يامولاى أحوال البلاد والعباد بواسطة العقل الأوحد، من غرفة التحكم المركزية، فى بلاط ملككم الأخلد .
حَبَشْتَكُوْنْ : (مُحتدَّاً) اليوم خمسٌ وأربعون ساعةً، ولا يكفى لأعباء هذا العالم ! ( صمت طفيف ثم يستطرد بهدوء ) أو تدرى ياسُوْلَارْ، أننا أوفر حظاً ممن سبقونا؟! لقد جاءت على هذه الأرض أزمانٌ؛ كان اليوم فيها أربعٌ وعشرون ساعةً فقط !
سُوْلَارْ : ( متظاهراً بالاندهاش وكأنه لم يكن يعرف تلك المعلومة ) أربعٌ وعشرون ساعةً فقط ؟ !
حَبَشْتَكُوْنْ : ( مؤكداً ) أجل ياسُوْلَارْ، أربعٌ وعشرون ساعةً فقط !
سُوْلَارْ : ( مازال يتظاهر بالدهشة ) وماذا تكفى تلك الأربع والعشرون ساعة يامولاى ؟ !
حَبَشْتَكُوْنْ : ( باستخفاف ) لا أدرى، ماذا كان يفعل حكام تلك الأزمان، بالأربع والعشرين ساعةٍ تلك ؟! لا علينا منهم، فليذهبوا جميعهم إلى الجحيم . . أكمل . . أكمل ياسُوْلَارْ .
سُوْلَارْ : ( يختلس النظر فى لوحه الزجاجى ) فى الساعة الثامنة والعشرين، والدقيقة الثامنة والأربعين، والثانية الخامسة والخمسين، يمثل بين أيديكم يامولاى السيد ʺ سِفْيَاسْ ʺ، كبير المستشارين ورئيس محللى مراكز الأبحاث التنبؤية .
حَبَشْتَكُوْنْ : ( باشمئزاز ) ذلك الرجل ʺ سِفْيَاسْ ʺ يأكل رأسى بكلامه، الذى لا أفهم أغلبه! إنه يظل يتكلم خمساً وثلاثين دقيقة وسبعاً وعشرين ثانية، يحشر خلالها فى رأسى كلاماً، لا أدرى من أين يأتى به ؟! ( صمت طفيف، ثم يستطرد ) أو تدرى مالذى يُهوِّنُ علىَّ الاجتماع بذلك الـ ʺ سِفْيَاسْ ʺ ياسولار ؟
سُوْلَارْ : ( فى خنوع ) ماذا يامولاى ؟
حَبَشْتَكُوْنْ : ( موضحاً ) اجتماعى به، لا يكون إلا مرةً واحدةً كل عشرة أيام .. ( ثم بضيق ) وماأثقله من اجتماع ! ( ملوحاً بيمناه ) أكمل . . أكمل يا سُوْلَارْ . .
سُوْلَارْ : ( مستأنِفاً سرد البرنامج ) فى الساعة التاسعة والعشرين، وخمس دقائق، وعشر ثوانٍ .. يمثل بين أيديكم يامولاى السيد ʺ شِفْيَارْ ʺ؛ رأس العلم والعلماء . . ومعه الفريق المعاون له . . جايدار وسعديون .
حَبَشْتَكُوْنْ : ( يتهلل وجهه فرحاً، ويخبط بكلتا يديه على سطح المكتب البَيْضَوِىْ أمامه ) هذه هى الاجتماعات يارجل! ( يبدى إعجابه ) شِفْيَارْ ! يالَهُ من عالِمٍ جهبذ! ( ثم لسُوْلَارْ بتَبَسُّطْ ) ياأخى، لا توجد مشكلة، إلا ولها عند ذلك الشِفْيَارِ حلاً ! ( برهة صمت طفيفة، ثم يستطرد) حسناً، استمر .. استمر ياسولار . .
سُوْلَارْ : ( مستأنفاً ) فى الساعة الثلاثين وثلاثين دقيقة، رقصة المساء ياسيدى .
حَبَشْتَكُوْنْ : ( مداعباً ) رقصة المساء ؟! هه؟! رقصة المساء ؟!
سُوْلَارْ : ( مجيباً ) أجل يامولاى .
حَبَشْتَكُوْنْ : ( مازال يشاكسه ) وأين رقصة الصباح إذاً ؟
سُوْلَارْ : ( موضحاً ) إنها مسائية هذا الأسبوع ياسيدى .
حَبَشْتَكُوْنْ : ( يردد منتشياً وهو ينزل عن كرسيه متجهاً نحو سُوْلَارْ ) مسائية .. مسائية .. الرقصة هذا الأسبوع مسائية ! ( يستخفه التطريب، يبدأ فى ركل الأرض بأقدامه مع التصفيق والتغنى بالعبارة ) الرقصة هذا الأسبوع .. مسائية .. مسائية .. مسائية .. مسائية ..
[ سُوْلَارْ يستخفه التطريب فينضم إلى حَبَشْتَكُوْنْ فى الرقص والتطريب، يستمر الوضع بضعة لحظات، أو كما يرى مخرج العرض . ]
حَبَشْتَكُوْنْ : ( يتوقف فجأة عن الرقص والتطريب، يحدق فى سُوْلَارْ الذى مازال مستمراً فى الرقص والتطريب، يصرخ كالرعد منتهراً سُوْلَارْ ) كفى .. كفى أيها الأرعن! ( يتوقف سُوْلَارْ دفعةً واحدةً عن الرقص والتطريب، ويقف فى مكانه متسمراً، وهو ينظر نحو حَبَشْتَكُوْنْ فى هلع واضح، يسترسل حَبَشْتَكُوْنْ فى هدوء تام ) أكمل .. أكمل ياعزيزى سُوْلَارْ .
[سُوْلَارْ يسىء فهم العبارة، فيعود للرقص والتطريب من جديد ]
حَبَشْتَكُوْنْ : ( ينفجر غاضباً ) أيها الأحمق!
سُوْلَارْ : ( بصوت خفيض وهو ينظر نحو حَبَشْتَكُوْنْ فى بلاهةً ظاهرة ) مسائـ ـ ـ ـ يـه00مسائـ ـ ـ ئـي ئى ئيه00مسـا ـ ـ ـ ئـِ ئـِ ئيه
حَبَشْتَكُوْنْ : ( موضحاً فى هدوء قاتل ) أكمل البرنامج ياسُوْلَارْ .
سُوْلَارْ : ( متلعثماً ) إنْـ ـ ـ إنْـ ـ ـ إنتهى ياسيدى .
حَبَشْتَكُوْنْ : ( محذراً ) عمرك الذى كاد أن ينتهى أيها الشمقمق ! ( يمط الاسم، وهو يقترب ويضع يده على كتف سُوْلَارْ ) سُووووو ـ ـ ـ لَارْ …
سُوْلَارْ : ( وهو ينكمش تحت يد حَبَشْتَكُوْنْ ) سـ ـ ـ سـ ـ ـ سـ ـ ـ سيدى!
حَبَشْتَكُوْنْ : ( يكرر بصوت أعلى، وهو يضغط على كتف سُوْلَارْ ) سُووووو ـ ـ ـ لَارْ …
سُوْلَارْ : ( يكرر نفس رد الفعل السابق ) سـ ـ ـ سـ ـ ـ سـ ـ ـ سيدى!
حَبَشْتَكُوْنْ : ( فى هدوء تام ) أريدُ رقصة المساء الآن .. الآن ياسُوْلَارْ .. وبعدها كبير المستشارين .
سُوْلَارْ : (يردد فى عفوية ولامبالاة ) الآن .. الآن .. ( ثم يضيف فى لهجة مصرية عامية متجاوزاً قواعد الصرف والنحو والفصحى ) ياللا … هية رقصة أبونا ؟؟!!
حَبَشْتَكُوْنْ : ( وهو يرسل سُوْلَارْ من يده ) سُووووو ـ ـ ـ لَارْ ….
سُوْلَارْ : ( بإنحناءة طفيفة ) أمر مولاى .
حَبَشْتَكُوْنْ : ( فى حزم ) نفذ ماأمرتك به فوراً .
سُوْلَارْ : ( ينحنى ثانية ) أمر مولاى .
[ يضرب على الأزرار فى لوحه الزجاجى، تتغير الإشارات الضوئية على الشاشة الجانبية إلى يمين المكتب البَيْضَوِىْ، تكون مصحوبة بموسيقى راقصة ]
سُوْلَارْ : ( صائحاً ) رقصة المساء للسيد الأوحد، والحاكم الأخلد؛ حَبَشْتَكُوْنْ بن أفْنِيُوْنْ .. سيد الأرض والفضاء، وقاهر الجبابرة والطغاة والأعداء .
[ ينحنى سُوْلَارْ، يخطو بظهره إلى الوراء خارجاً من الباب الذى دخل منه، مصطحباً معه اللوح الزجاجى، تدخل من نفس الباب فتاتان فى قمة الجمال، عليهما ملابس شفافة، تحملان مقعداً هزازاً تضعانه فى وسط خشبة المسرح أمام المكتب البَيْضَوِىْ، تصطحبان حَبَشْتَكُوْنْ من كلتا يديه وهو يسيرُ متدللاً كطفلٍ يتعلم المشى، تجلسانه فوق المقعد الهزاز، تنحنيان وتخرجان بظهريهما من حيث دخلتا، تدخل مجموعة فتيات من نفس الباب، يرتدين ملابس شفافة كالفتاتين، يدُرْن حول حَبَشْتَكُوْنْ وهن يتراقصن كالفراشات، يصاحب تراقصهن غناء كورالى .. الغناء مصحوب بإيقاع على الدُّف . ]
كورال نسائى : ( ينشد ) : المُلكُ لك ……… المُلك لك
ياخير خير ……… من مَلَكْ
كورال رجالى ( يردد ) : المُلكُ لك ……… المُلك لك
ياخير خير ……… من مَلَكْ
كورال نسائى : ( ينشد ) : السعدُ لكْ ……… والخير لك
ياخير خير ……… من مَلَكْ
كورال رجالى ( يردد ) : السعدُ لكْ ……… والخير لك
ياخير خير ……… من مَلَكْ
كورال نسائى : ( ينشد ) : الأمرُ لكْ ………. والنهىُ لكْ
ياخير خير ……… من مَلَكْ
كورال رجالى ( يردد ) : الأمرُ لكْ ………. والنهىُ لكْ
ياخير خير ……… من مَلَكْ
كورال مختلط : المُلكُ لك ………. المُلك لك
ياخير خير ……… من مَلَكْ
السعدُ لكْ ……….. والخير لك
ياخير خير ……… من مَلَكْ
الأمرُ لكْ ………. والنهىُ لكْ
ياخير خير ……… من مَلَكْ
قلوبنا…عقولنا… وأرضنا… سماؤنا
وكلنا… رُسُومُ لك … وظلُ لكْ
ياخير خير ……… من مَلَكْ
كورال نسائى : ( ينشد ) : المُلكُ لك ………. المُلك لك
ياخير خير ……… من مَلَكْ
كورال رجالى ( يردد ) : المُلكُ لك ………. المُلك لك
ياخير خير ……… من مَلَكْ
كورال مختلط : المُلكُ لك ………. المُلك لك
ياخير خير ……… من مَلَكْ
ϴ إظلام تام مع ستارϴ