أيمن أبو الشعر - للعشق حدائق لا تُروى إلا بنزيفٍ يا أروى

في الذكرى الـ85 لميلاد القائد الأممي والمثقف الأديب الشهيد الرفيق عبدالفتاح إسماعيل..


للعشق حدائق لا تُروى إلا بنزيفٍ يا أروى
والنّورِ والتنّورِ، وتمرِ نخيلْ
ظلاً تتجلى بظليلْ
برداً وسلاماً كوني يا نارُ \ لقد بلَّغتَ\ وما قتلوكَ،
وما صلبوكَ ولكن تشبيهٌ تأويلْ
كم هذا القلبُ جميلْ
كم هذا الاسمُ جليلْ
عبدُ الفتاحِ إسماعيلْ
لونُ الوعدِ، بثغرِ المجدِ
وكهربةُ الأعصابِ المشحونةِ بالكبريتِ
وذاكرةِ الموجِ فكيفَ يُقالُ قتيلْ
عبدُ الفتاحِ إسماعيلْ
عبْرَ مسارِ الطاقةِ نحوَ القُدرةِ
كنتَ الفعلَ/الدارةَ / كنتَ الوهجَ وقانونَ التحويلْ
عبدُ الفتاحِ إسماعيلْ
أدركْنا اليومَ بمرآةِ الجرحِ قداسةَ نُبلِكَ
يومَ رفضتَ أراقةَ قطرةِ عطرٍ
مِن ياقوتِ وريدِ الثورةِ إذ آليتَ رحيلْ
فقليلُكَ كانَ كثيراً في عُرفِ الرعدِ
وأمطارِ البُعدِ
وكلُّ كثيرٍ حاولناهُ إليكَ قليلْ
كنتَ السابقَ دوماً نحوَ المِحرقِ، نحوَ الأعمقِ،
ما مِن خطوةِ ودٍّ سِرنا نحوكَ إلا كنتَ قطعتَ الميلْ
عبدُ الفتاحِ إسماعيلْ
أنْ أتخيلَ عدنَ بِدونكَ...
يعني أنْ أتخيّلَ أرضاً، وقتاً خارجَ (زمْكنَةِ) العصرِ
كأفقٍ ما نشَّفهُ الفجرُ وما ندّاهُ أصيلْ
أنْ أتخيّلَ عدنَ بِدونكَ..
يعني أنْ أتخيَّلَ مصرَ بدونِ النيلْ
لكنكَ باقٍ ما بقيَتْ عدنُ النحلةُ شهداً ممتداً في الشمعِ،
فإن أُحرِقتَ فتيلاً فلِكي يسطعَ روحُكَ فينا
عسلَ الضوءِ بخابيةِ القنديلْ
يا مَنْ أومضتَ بعشقِك جيلَ الشمسِ محالٌ أنْ يمحوكَ..
وإن قتلوكَ فكيفَ سيُقتلُ هذا الجيلْ؟!
يا إسماعيلَ الشرقِ تألّقْ
يا وجهاً بملامحِ مُطلقْ
أنتَ وسامُ الزمنِ، لهذا الوطنِ،
توَحدَّ فيكَ صفاءُ الثلجِ، أتونُ الوهجِ
فكنتَ حنينَ الشعبِ، تماوجَ بسمتِنا
في المرجِ الأمميِّ.. العربيِّ.. اليمني..
ليت النارَ تحاشتك حبيبي.. واخترقت بَدَني
أتعاتبني؟ لأكادُ أرى عينيكَ مداراً،
صوتَك مطراً مسكوباً بنداءْ..
ذراتُ الياقوتِ سواءْ.. أتعاتبني؟
إني احكي عنهم عبْرَكْ
استجلي سُمرَتَهمْ إذ ارسمُ خدَّكْ
وأنا أدركُ أنكَ تأبّى حتى بعدَ الموتِ
حيازةَ قبلةِ مجدٍ وحدكْ
كم كان طبيعياً أن يهواك البحرُ.. وأن تخشاكَ الصحراءْ
كم كان طبيعياً أن يقتلَكَ الغدرُ وأن يبكيكَ نقاءْ
كم كان طبيعياً أن يجحدكَ الأمراءُ وأن ينصفكَ الفقراءْ
كان الحزنُ لدينا كوميدياً، كان الفرحُ لدينا مأساوياً..
حتى جئتَ وغِبتَ، أعدتَ الأسماءَ إلى الأسماءْ
هامتْ عدنُ بضوء عيونكَ أفقاً يرقصُ
رامت صنعا ظلاً يُرهِصُ في الأهدابْ
قد جئتَ إلى عصرٍ مسبوتٍ بالأنخابِ وبالألقابِ،
وكنّا مشدوهينَ أمامَ الجسرِ \ الرعبِ \
اجتزتَ كهوفَ الجسرِ بِنا،
أعتقتَ عبيدَ القصرِ،
ردَمتَ هياكلَ (ماموثاتِ) العصرِ الحجريِّ
وجمَّعتَ بِكفيّكَ الأخشابْ
كي توقِدَ لعجينِ الفرحةِ، فُرنَ الرحلةِ
ناديتَ جميعَ الأحبابْ:
_ قدوسٌ هذا الخبز،
فليأكلْ كلُّ رفيقٍ من ارغفةِ الصبحِ،
وليقسمْ ألا ينسى عهدَ الملحِ
فشرَّعتَ قوانينَ العشقِ
ووحّدتَ الأعرابْ
لكنَّ مسيلمةَ استَلَّ هويةَ قابيلْ
ونسيَ جميع عهودِ النارِ،
وبلوراتِ الملحِ... استظهرَ غيباً قانونَ الغابْ
نسيَ بأنَّ الفارقَ بين الإنسانِ وبينَ الوحشِ،
وفاءُ العهدِ وليسَ ثيابْ
ما من آلهةٍ تقبلُ نُذركَ يا قابيلْ
كم صدّقناكَ، وأحببناكَ...وأكثرْ
إنّا أعطيناكَ الكوثرْ... والختمَ الضوئيَ الأخضرْ *
كي تحمينا.. لا كي تشفى غلّٓكَ فينا
إنّا أعطيناكَ الكوثرْ كي تختارَ زهورَ الوقتِ
تُعشِّبَ شوكَ المَقْتِ..
لماذا وقَّعتَ على ميثاقِ القلبِ بنصلِ الخنجرْ
هذي الشتلةُ كم حاولَها السيلُ
وكم قلَّمها الليلُ..
بحجةِ أنْ قد تغدو أنضرْ
شدَّتها زوبعةُ الدمِّ لكي تشلَعَها كي تقلعَها
.. ما انشلعَتْ بل أضحتْ اكبرْ
واهتزتْ أوراقُ الشتلةْ
وارتعشت تتقمص طفلةْ
_ أروى.. ما بكِ يا أروى؟
أروى تفتحُ جبهتها فينزُّ الاثنينُ الدامي دفقاً يصبغُ غرّتَها
تبكي وتشدُّ الوقتَ، تشدُّ الوقتَ
إلى أن تُرجِعَ صورةَ صبحٍ يلثمُ زهره
كانت تسألُ ماهيّتَها
هل حباتُ البازلاءِ لآلئُ نُضره؟
ويدور العقربُ في ميناءِ الساعةِ، وسطَ القاعةِ
..سبعٌ..تسعٌ عشره.. *
يغرزُ مهمازَ الغدرِ ويفرزُ سمَّاً في يخضورِ البشَرةْ
تنتفضُ الشتلةُ، تسَّاقطُ أوراقٌ أزهارّ
حولَ الجذعِ ويستشري اللدغُ فيقصفُ غصناً
يُشلعُ يكوي فَنناً يحضنُ ثمرَه..
آهِ وجيعٌ هذا اللسعُ.. وماذا..
لن يتحوَّل علماً هذا النكِرةْ
يُردي السمُّ البطلَ...فيهوي بطلاً
أما العقربُ.. ميتاً...حياً يبقى حشَرَه..
_ هل حباتُ البازِلاء سوى دمعاتِ الخُضرة؟
كانت تحملُ كرّاستَها
تستظهرُ درسَ التاريخِ، نشيدَ صباحِ الخيرِ
وتفتحُ في الصفِّ قراءَتَها
ترسمُ خارطةَ الحلمِ
تحدِّدُ فوقَ الرقعةِ انهارَ القلبِ،
تضاريسَ الوجدِ الصعبِ،
تُحبِّرُ عاصمةً بسمتَها
أروى الحلوةُ إن نسيتْ عددَ السكانِ
لأحصتْ شعرَ ضفيرتِها
كان الشعبُ مناخَ الطفلةِ كانَ الحزبُ مساحتَها...
أروى تخرجُ من دائرةِ الموتِ
وتُشهِرُ في وجهِ المخلبِ لثغتَها:
(وغمامه سودّى نودّى... وأعطى لي ما قال جدي
جدي أسروه العسكر وعياله في خور مكسر!!) *
خور مكسر مليانه جراح...!
مَن يا أروى يجرحُ مَن؟
هل هذا الصنجُ المتوقِّدُ شمسُ نحاسٍ
أم بلورٌ مطليٌّ بمساحيقِ الزينةِ
قد يتهشَّمُ إن قرعتْهُ هراوةُ ارعنْ
فليتهشَّمْ...أو فليَصوي رناناً..
إنْ نحنُ سوى ذراتٍ في هذا الصنجِ
فَمَنْ كانَ نحاساً فجريّاً رنَّ صداهُ
ومَنْ كانَ زجاجاً مِغناجاً يتناثرُ كرمادٍ يُطحنْ
إنْ كانَ الثمنُ بليغاً لا يتَثمَّنْ
فلأنَّ بريقَ عيونكِ أثمنْ
يا جيولوجيا العشقِ المُعلنْ
اضرحةُ الشهداءِ مناجمْ
اصلبُ مِن بازلتِ الصخرِ رُفاةُ نسورٍ
غاصتْ تسندُ جذرَ الوطنِ بِعُمقِ المَدفَنْ
ليس الوطنُ الغالي أرضاً تحوي نفطاً.. ذهَباً..
بل يُغليها.. هذا الدمُّ الناغلُ فيها.. أغلى مَعدَنْ
وأناديكم.. يا مَن كنتم قربَ فؤادي حقلَ سنابلْ
_ كيف خنقتمْ طفلَ الخضرةِ بأيديكمْ؟
هل تحتَ أظافرِكمْ الا نثراتٌ من أجسادِ أهاليكمْ...؟
هل هذا الدخانُ الأسودُ من قصرِ الكُهّانِ تصاعدَ
أمْ مِنْ دغلةِ واديكمْ...؟
حتى المجرمُ...لا يغتصبُ المجرمُ عِرضَهْ
كيفَ يُمزِّقُ قلبٌ نبضَهْ؟
كيف يقاتلُ جسدٌ بعضَهْ؟
يا مَن نسيَ الفارقَ بينَ السبطانةِ والمِحراثْ
لا تخضعُ بركةُ دمٍّ لقوانينِ الوزنِ النوعيِّ
ولن يطفو خشبُ العرشِ القمعيِّ مع الرشاشِ الشرعيِّ...!!
...فقاعاتٌ، ورذاذٌ، أضغاثْ..
هل يملكُ حتى والدُكَ الشرعيُّ الحقَّ
بأن يبقرَ سُرَّةَ أمّكَ كيلا يأتي طفلٌ آخرُ
ثمَّ يُشارِكُ في الميراثْ..
يا هدباً شبَّكهُ الرمَدُ المُسْوَمُ،
غبارُ الحقدِ الأخويِّ المُبتكَرِ
أيسلخُ رمشٌ جفناً حَمَلَهْ؟
أيظلُّ أباً مَن يقتلُ طِفلَهْ...؟
من حَوَّلكُم بعضٌ قتلى.. بعضٌ قَتَلَهْ؟
عودوا أطفالاً كالمطرِ لكي تحضُنُكم هذي الطِفلةْ..
عودوا للشتلةِ واغتسِلوا ببروقِ الندمِ البحريِّ
فليسَ سوى دربين... إلى أينَ.. إلى أينْ...؟
وحتى عبرَ الموتِ فإما أبطالاً تغدونَ..
وإمّا سَفَلَةْ
أروى تفتحُ نحو الشمسِ حقيبتَها
جلستْ لتصحِحَ بالأمواجِ وظيفتَها
ما فائدةُ لعلَّ.. وحرفِ العِلةْ..
اعرِبْ: كانَ الراقصُ..
تهتفُ أروى: _ كان علينا أن نتساءلَ..
أينَ.. ومَن.. أو كيفَ يُراقص؟
أن نتعلَّمَ أنَّ لعلَّ.. وليتَ.. كحرفِ العِلةِ
تنصبُ دوماً ما يأتيها...!
إن سياسةَ طقسِ الحرِّ القارسْ
سوف توَّحدُ.. كانَ وأضحى..
حين نُقِرُّ الماضي الناقصْ..
أروى تشطب.. لو.. بالحبر ولولا
تكتشف الحرف التاسع والعشرين وتقلُبُهُ كي يصبح لا..
تمزُجُهُ بالآهِ وتبتسمُ فيصبحُ أهلا..
فلتبتدئُ اللغةُ الضوئيةْ
أي نشيدٍ نقرأ، أروى...؟
غيمٌ في ساحتِهِ الشجرُ
برقٌ سوطٌ، برقٌ غصنٌ، برق وترُ
ماذا يعزفُ ذاك الوترُ...؟
وترٌ في نغمتِهِ الخطرُ
عزفٌ قصفٌ، عزفٌ نزفٌ، عزفٌ مطرُ
ماذا حملَ إليكِ المطرُ؟
أمطِرْ يا تاريخُ دمائي
أرِّخْ بدمائي يا مطرُ
أثمرْ خصباً من أسمائي
أخصبْ أسمائي يا ثمرُ
للعشقِ حدائقُ لا تُروى.. إلا بنزيفٍ يا أروى
عصفاً ... قصفاً... قد تنهارْ
ابنيةٌ.. جــدرانٌ... مــدنُ...
ما أغباها كيفَ ستُغرِقُ بحراً هذي السفنُ
سقطتْ فوقَ الصدرِ قذيفةْ
سقطتْ تحتَ الجفنِ قذيفةْ
ألفُ قذيفةْ
سقطَ الزلزالُ، التمثالُ، الوثنُ
سقطَ الليلُ ولم تسقطْ عدنُ..
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...