الأديب المغربي حسن أجبوه ضيف جريدة المسار العربي... وحديث عن واقع القصة القصيرة والرواية الممنوعة في الوطن العربي حاورته: الصحفية تركية لوصيف /الجزائر

حاورته: الصحفية تركية لوصيف / جريدة المسار العربي الجزائر


التدرج في الكتابة في مسار المبدع من المسلمات وصولا للكتابة الروائية،يتذوق المبدع ويرتشف من كل المشارب حتى ينتج باكورة أعماله التى من خلالها يضع بصمته.
القصة القصيرة ملكة السرد اقترب منها ضيفنا الأديب المغربي حسن اجبوه وتوجته في عديد الإستحقاقات الأدبية ،احتك بمن سبقوه في مجال الإبداع وقال:( لولا توجيهات هؤلاء لحدث عزوف).
_فيم كتب ؟ وكيف وجد نفسه منظما للسباقات أمام أمهر القصاص العرب ؟ وكيف يرى واقع القصة العربية ؟ وماهي رؤيته في انتشار الرواية الممنوعة في الوطن العربي؟

نص الحوار


> المسار العربي : تحتلون مكانة كبيرة في المشهد الثقافي العربي من خلال دوركم في إدارة مجلة القصة الذهبية بمصر وبرزت من خلال أجواء التنافس مواهب جديدة
كيف ترون واقع القصة القصيرة ؟
* تحية إجلال وتقدير لهذا الصرح الإعلامي المتميز، يسعدني ويشرفني أن أكون معكم ضيفا خفيف الظل، وسأحاول قدر الإمكان التفاعل والإجابة على جميع الأسئلة بروح ايجابية ودون لغة خشب..
معكم الكاتب حسن أجبوه من المغرب، حاصل على الإجازة في الفلسفة من كلية الآداب والعلوم الإنسانية -ظهر المهراز بفاس- متصرف تربوي وأشغل منصب مدير ثانوية عمومية بمدينة ابن أحمد جهة الدارالبيضاء - سطات..
سوف أتحدث بإيجاز عن إدارتي لمسابقات القصة القصيرة على مجلة القصة الذهبية، وهي تجربة ابتدأت منذ ثلاث سنوات تقريبا، حيث تفتح المجلة المشاركة لجميع الأقلام والمواهب الشابة بالوطن العربي، كل شهر، دون قيد أو شرط، فالكل مرحب بمشاركته ولا تقييد أو تخصيص.. ومن هنا جاءت ريادة المجلة في هذا الجنس الأدبي ( القصة القصيرة ) لا من حيث الشكل فقط، ولكن حتى من حيث المضمون، فالموضوعية والشفافية هي مبتغانا، لذلك نعمل على التغيير المستمر لأعضاء لجنة التحكيم وعدم الاعلان عن أسمائهم منذ بداية المسابقة، حتى نبعد عنا شبهة المجاملة أو التحيز لطرف دون الآخر، كما اننا نعمد على نشر التقييمات مباشرة بعد ورودها من كافة أعضاء اللجنة، ليتسنى للمشاركين الاطلاع على النتائج وبالتالي الاسهام في تبني المقاربة التشاركية، و الاتسام بالشفافية.
وكما قلت طيلة هذه السنوات تواصلت المشاركات من ربوع أقطار العالم العربي والعالم. وهو ما يشكل انفرادا غير مسبوق من حيث عدد المتسابقين ولا من حيث نوعية لجان التحكيم.. ويمكن الجزم أننا ساهمنا من موقعنا في التعريف بكتاب شباب مغمورين، ينتظرون فقط الفرصة لكي يبرزوا مؤهلاتهم و جدارتهم بالساحة الأدبية.. و هناك كثير من الأمثلة لأدباء كانت انطلاقتهم من مسابقات مجلة القصة الذهبية.
وانطلاقا مما سبق أؤكد لكم أن القصة القصيرة بوطننا العربي بخير وفي تطور ملحوظ لا من حيث المقاربات ولا من حيث التنويع والتجديد، وأتنبأ لها بالتتويج دوليا.

> المسار العربي: فيم يكتب ضيفنا حسن أجبوه ؟وهل خضتم مغامرة التجريب في النص؟
* فيما يخص فعل الكتابة، فأنا أحاول قدر الامكان التجريب والتنويع، معتمدا على ميكانيزمات التدرج السردي، حيث بدأت بكتابة القصة القصيرة منذ مرحلة الثانوية، وشاركت بالمسابقات المحلية، والحمد لله يمكن اعتبارهذه المرحلة بمثابة التأسيس المورفولوجي للفعل الكتابي، حيث لمست التشجيع والمساندة من لدن الاساتذة والأصدقاء، بالنصح والتوجيه، ويمكن القول أنه لو تلك التقويمات والتشجيعات لكان العزوف و الفشل.. بعد ذلك وبفعل القراءة المستمرة لشتى الأجناس الأدبية (دواوين شعرية، روايات، كتب..) بدأ توسيع النمذجة الكتابية والانفتاح، وبالتالي ابراز المحاولات لتنويع الفعل الابداعي، بالتنقل بين الكتابة الشعرية والنثرية. حيث تعددت أوجه المحصلات التدوينية ( قصة قصيرة، شعر، ق.ق.ج، هايكو، الومضة.. والآن أنا بصدد العمل على الرواية...)
كما أسلفت سابقا، أن التنويع والتجديد في الكتابة هو غاية كل كاتب، لذلك استطاعت كتابي ولله الحمد الوصول لمكانة عالمية حيث نشرت قصائدي وقصصي بأغلب كبريات الجرائد والمجلات العربية (المغرب، الجزائر، تونس، ليبيا، مصر، اليمن، الاردن، العراق، الكويت، البحرين، سلطنة عمان، الامارات...) كما ترجمت بعض اعمالي الى اللغة الفرنسية، الانجليزية، الاسبانية، الايطالية، البرتغالية، البنغالية... وتم نشرها.
اضافة الى تتويج بعض قصصي بمراكز متقدمة بمسابقات عربية..
لذلك أسعى الى تجميع كل كتاباتي بعد اصرار بعض الأصدقاء (بعدما كنت أتأفف من ذلك سابقا..) لكي يسهل للقارئ الاطلاع عليها ومحاولة المشاركة بها في معارض الكتاب مستقبلا.

> المسار العربي: في ظل مايشهده المجتمع من أحداث وثورات ،الكتابة الأدبية المباشرة تلقي بظلالها من الفوهة على المشهد وتتنوع الرؤى فيها
ماهي طموحاتكم في ظل هذه الوفرة من التغيرات التى يشهدها المجتمع على جميع الأصعدة؟
* لا أخفيكم سرا، أن المعركة الآن تكمن في اعداد مواطن عربي قارئ، ففي ظل الحروب والصراعات، وتفشي "الأمية الثقافية" ببلداننا، يصعب الحديث عن طموحات طوباوية، فالأساس عندنا بالدرجة الأولى هو تكوين جيل قادم قارى، ناقد، متفاعل مع الأحداث، قادر على الاختيار وعلى مجابهة التحديات المتربصة به، بنفي المسلمات، ومقارعة الحجج.. لذلك فطموحي من طموح أغلب المثقفين العضويين هو الاسهام كل من موقعه في محاولة بث رياح التغيير.
يمكن القول أن التغيير لن يتأتى الا بالعمل الجاد والمسؤول، و بمحاولة الانتاج الابداعي المتزن اللصيق بهموم و آلام وآمال المجتمع، المواكبة المستمرة للشباب، دون محاولة فرض الوصاية عليهم، التنويع كل من موقعه لمحاولة خلخلة النزوعات التأثرية/ التأثرية و عدم التوقف او التراجع.. فأي نقطة داخل بحر لها تأثيرها المباشر أو غير المباشر على الأحداث.
و لحد الآن يمكن القول أن جزءا من الاعتراف قد تحقق، حيث انتسبت الى عدة منظمات ذات صبغة دولية:
- المنظمة العالمية للإبداع من أجل السلام. لندن.
- الملتقى الإفرو-آسيوي للإبداع.
وتحصلت على العديد من الشهادات التقديرية والتكريمية، نظير الفوز بمسابقات بجنس القصة القصيرة والقصيرة جدا التي تنظمها منظمات وهيئات ومنابر عربية مشهود لها بالكفاءة والاعتراف العالمي.
كما تم بحمد الله ترجمة اعمالي الى لغات عالمية و تم نشرها. وهذا في حد ذاته مبتغى اي كاتب يرى انتشار عالمه كونيا. فالأدب هو ابداع انساني محض، ينبغي أن يشاع و ينتشر ويتقاسم على الصعيد الدولي.

> المسار العربي: الأديب الذكي من يستغل الحياة اليومية للمواطن ويحقق من خلالها تلك الإضاءة الفنية كما كان يفعل الراحل نجيب محفوظ
هل نأمل في ميلاد أدباء جدد من رحم المعاناة؟
* يمكن القول أن التغيير لن يتأتى إلا بالعمل الجاد والمسؤول، وبمحاولة الإنتاج الإبداعي المتزن اللصيق بهموم و آلام وآمال المجتمع، المواكبة المستمرة للشباب، دون محاولة فرض الوصاية عليهم، التنويع كل من موقعه لمحاولة خلخلة النزوعات التأثرية/ التأثرية و عدم التوقف أو التراجع.. فكل نقطة وإنْ داخل بحر لها تأثيرها المباشر أو غير المباشر على الأحداث.
لذلك فأنا حريص على الكتابة كلما سنحت الفرصة لذلك، فهي المتنفس الوحيد والأوحد المتبقي لمجابهة العولمة الرقمية وأيديولوجيا التفاهة..
بالفعل فمن رحم المعاناة ينبثق الابداع، فالكاتب بن بيئتة يتأثر بها ويتفاعل معها، وهذا التأثير / التأثر هو ما يشكل تلك الزوبعة الفكرية التي تنتج فعلا ابداعيا ابتكاريا، كل بطريقتة وأسلوبه وطريقة نظرته للأحداث وتصوره للشخصيات، لانه يستحيل الكتابة عن أشياء لم نعشها ولم تؤثر في ذواتنا وتحرك عواطفنا.. وعلى ذكر الاديب العالمي الراحل نجيب محفوظ، فجل أعماله القصصية والروائية تتحدث عن الواقع المصري بتشكلاته وفضاءاته. فالانطلاقة الفعلية للكاتب هي محاكاة الواقع المعاش ومحاولة تشكيله عبر التخيل والسرد المبني على الواقعية الغير مزيفة.. وبطبيعة الحال دون الوقوع في فخ التباهي الأسلوبي أو الادلجة أو التمييع..
وأنا على يقين من أن يوما ما ستخرج الرواية العربية أدباء عالميين من طينة الراحل نجيب، فقط يجب التشجيع والمثابرة والنفس الطويل.

> المسار العربي: ما رأيكم في الرواية الممنوعة وظروف انتشارها في العالم العربي؟
* أن الإنسان كائن فضولي بطبعه، فكل ممنوع هو مرغوب، وبالتالي فمن الطبيعي أن يبحث القارئ العربي عن ما يشبع به عوزه المعرفي، بالبحث والتنقيب عن كل ماهو ممنوع ومحرم، و هذا في حد ذاته تمرد معرفي ضد المتوارث التقافي، بمعنى آخر هو رد فعل تجاه السياسات الحكومية في شموليتها، فإذا كان مقص الرقيب قد طال إنتاجا إبداعيا (رواية، فيلم سينمائي..) فهو بالنسبة للمخيال الجمعي انعكاس فاضح و تدخل اقتحامي في نفسية المواطن المقهور، لذلك فالمنع أو الحجب هو إشهار مجاني يقدم لأصحابها (وهو مايعرف في علم الاقتصاد بالتسويق العكسي). وأذكر أنه عندما كنا بالمرحلة الجامعية وأصدر الكاتب المغربي محمد شكري روايته "الخبز الحافي" التي تم منعها من التدوال، كنا نتناقلها خلسة خشية المساءلة. وهذا نموذج منتشر بين القراء بالوطن العربي: كل الروايات التي أحدثت ضجة وتم الحجر عليها، تجدها الأكثر مبيعا والأكثر انتشارا.. ولا يمكن بالضرورة التصريج الجازم بأنها فعلا تندرج ضمن ( التحف أو الكمال ) بل هي فقط نتاج رد فعل جراء الحظر..
فأنا أرى أننا نعيش في عالم رقمي، حيث يستحيل الحجر على العقول، والتدخل المفرط للمؤسسات أو الأشخاص لمحاولة لجم و تقييد حرية المبدع، يشكل فعل نشاز و يهدي من حيث لا يدري النجاح للمبدع سواء كان يستحق أو لا، خصوصا أننا لا نعيش داخل مجتمع أفلاطوني مثالي. فالمنع المندرج تحت ذريعة الحفاظ على قيم المجتمع أو محاربة الانحلال الأخلاقي، أو إصدار فتاوي بهدر دماء الكتاب.. هو بمثابة وصاية على أذواق القراء. الابداع هو شكل تخيلي بالدرجة الأولى، ولا يمكن أن نحكم على كتاب من عنوانه أو بمجرد التسليم بمنطوق وصاية.

>المسار العربي: ماهي آليات تطوير الرواية العربية؟
* فأنا أرى أننا نعيش في عالم رقمي، حيث يستحيل الحجر على العقول، والتدخل المفرط للمؤسسات أو الأشخاص لمحاولة لجم و تقييد حرية المبدع، يشكل فعل نشاز و يهدي من حيث لايدري النجاح للمبدع سواء كان يستحق أو لا، خصوصا أننا لا نعيش داخل مجتمع أفلاطوني مثالي. فالمنع المندرج تحت ذريعة الحفاظ على قيم المجتمع أو محاربة الانحلال الأخلاقي، أو إصدار فتاوي بهدر دماء الكتاب..هو بمثابة وصاية على أذواق القراء. الابداع هو شكل تخيلي بالدرجة الأولى ، ولا يمكن أن نحكم على كتاب من عنوانه أو بمجرد التسليم بمنطوق وصاية.

> المسار العربي: عزوف النقاد يختفي لحظة وجود رواية يكثر عليها اللغط مثلما حدث في الجزائر حول رواية هوارية ولو كان النقد قائما على مدار الموسم الثقافي ماتسللت الرواية الممنوعة
ما رأيكم؟
* الناقد هو مبدع قارئ قبل أن يكون ناقدا، ولا يمكن بأي حال من الأحوال القطع بينهما، أو نفي التأثير المتبادل بينهما (فالسمك يحتاج للماء، ويستحيل عليه العيش بدونه) لذلك نجد أن الجميع ينبري لمهاجمة عمل ابداعي دون قراءته! مرتكزا على آراء فوضوية شخصية، لها خلفيات ايديولوجية معينة تبغي فرض وصاية مطلقة. في حين نجد أهل الاختصاص ينزوون بعيدين عن الزوبعة، منكفئين على أنفسهم. فدور الناقد مطلوب وبإلحاح في مثل هاته الأمور لتبيان ( الجودة ) من عدمها.. ولتشريح دلالاتها ومعانيها ومناقشة الأفكار وليس الأشخاص.. دون ذلك نحكم على مجتمعاتنا بالتيه وسط حلقات تراجعية مفرغة.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...