الهواري الحسين - المسائل الفكرية في المطبخ المغربي جذوره وعقلنة الذوق... (رد على صديق حول الهوية)

مسائل في المناظرة الفلسفية (تبادل الرسائل والمناظرات الفكرية بين ابن طفيل وابن رشد ) أو التأسيس لثورة في النمط الغذائي المغربي.

اذا كانت الدول المتقدمة تفتخر باقطابها ورجالاتها المؤسسين وتعتبرهم مراجع واسبابا في نهضتها وتقدمها فلنا الحق ان نفتخر او على الاقل ان نلتفت الى كبار المؤسسين للحركة الفكرية التي بلورت واسست للنمط المغربي والذين بفضلهم أصبحنا نملك تنوعها واستقلالا في الذوق سواء كنا نتفق عليه او نعارضه فهو تحصيل حاصل وأمر واقع أردنا ذلك او لم نرده، وهؤلاء الاوائل هم مراجعنا كما لتلك البلدان مراجعها.

(الصورة المرافقة: ترتيب ابن رشد خامسا في مدرسة اثينا لانجلو قبل افلاطون وسقراط)


تتمحور فكرة بن رشد وابن طفيل حول الحركة التغيرية من الأعلى إلى الأسفل والعكس كذلك وتركيز ابن رشد Averroes على مسألة (من البسيط إلى المركب ثم إلى نتيجة الخلط والمخلوط) أو المعقد وهي فكرة موحدية خالصة آمن بها المهدي بن تومرت وأخذها عن الإمام الغزالي لما تتلمذ عليه أو عندما التقاه في بغداد، ومن (البسيط إلى المركب) اي من فكرة فلسفية إلى فكرة معاشة (علم الأبدان) وإلى تحويله للحياة الواقعية فقد مر بظروف واكراهات وتدرجات، - أريد أن أذكر هنا بخلاصة مهمة وهو ان تاريخ المطبخ المغربي كتبه بعض الكتاب الفرنسيين في عهد الحماية كما كتب فيه المستشرقون، ولأسباب كثيرة شاعت هذه النصوص وترجمت إلى العربية ولغات أخرى وكأنها حقيقة لا غبار عليها بينما هي غير صحيحة بالمرة وتعتمد على مناهج دراسية تقريبية ومقارنات غربية سائدة لا تمت بصلة للتدرج الحقيقي الذي عرفه المطبخ المغربي بل ان المنهاج الفرنسي يعتبر المطبخ المغربي هو حاصل تثقيفي ومثاقفة بين المغاربة وبلدان وأجناس أخرى وبأن المطبخ المغربي هو بقايا لمطابخ عوالم سديمية منقرضة وانه متأثر influencé دائما بثقافات هيلينية في محاولة لإثبات وترسيخ نظرية ابن خلدون ( بأن المغلوب يقلد الغالب)، والحقيقة أنني وجدت في نصوص العلماء والفلاسفة المرافقين والمنظرين للموحدين او الذين خدموا في البلاطات الموحدية سواء في المغرب او الأندلس او باقي دول الإمبراطورية الموحدية من النيل حتى الحدود الفرنسية ومن صقلية حتى نهر السنغال التاثير الكبير الذي تركه المفكرون المغاربة (كما ذكرهم ابن باشكوال في الصلة - وهو تلميذ ابن رشد - في العصر الموحدي وبالأخص العمالقة الكبار ابن طفيل وابن رشد وابن زهر - لنقل عائلة ابن زهر - عبدالملك أبو مروان وأبو بكر والأحفاد، ما يشير إلى عقلنة الذوق، فكل المفكرين المغاربة مارسوا التطبيط والصيدلة وكتبوا في الأغذية والأدوية (نلاحظ أن ابن زهر كتب في الأغذية بطلب من الأمير الموحدي رغم أن هذا الأمير كان يواصل قراءة كتاب الأغذية الفارسي/ العباسي لابن المجوسية المسمى الطب الملكي (ما سينتج لاحقا: فكرة الأغذية الملكية)
إن اعتمادنا على هذا الثلاثي بالأساس لما له من دور مهم باعتبارهم أعمدة التنظير ومؤسسي النمط الموحدي لما بعد التومرتية والذي سيستمر وسيؤثر لزمن طويل، إن المطبخ المغربي خليط (ثقافي فكري) حاصل من ترتيبات وعوامل طبيعية وبشرية، والدوافع البشرية بالأخص لعبت دورا في ذلك وسنحاول جزمها لاحقا وقد كان فكر ابن طفيل وهو أحد منظريها سواء في قصته حي بن يقظان (بالرموز) وصراحة عبر رسائله وقصائده المشفرة الاستعجالية والاستعطافية لبني هلال وكل القبائل الهلالية، فأي قناعة توصل إليها وأي حديث دار بين السلطان الموحدي وابن طفيل حتى جعله يتخلى عن بعض مبادئه الداعية للصفاء والاعتزال الى الخلط والفوضوية كما أقرها بلسان (اسام وحي بن يقظان) في دعوة إلى التخلي عن الفوضى والعودة إلى الطبيعة الأم. وهل ليس لنا مراجع مغربية للمطبخ المغربي حتى نعتمد مقررات اجنبية كتبها المستشرقون بدوافع غامضة وفلكلورية؟؟؟...
(يتبع)

الهواري الحسين

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...