محمد حساين - الكورني...

في نظركم، أقول الطنطاني رحمه الله أم أقول "سامحه الله" التي تعني دائما "لا سامحه الله" التي تقول بلطف لعنه الله؟.
كان ذلك يوم جاءها، كهدية، بالزّرِيعة التي اشتهت والتي طلبت، بلفظ خجول وغمزة صريحة بعدما سألته ببراءة خبيثة "واش محلوله حانوت الطنطاني؟".
كان، بحكم الصدفة لا غير، مصادفا لها في فضاء "الوِصال" (فرّان المنصوري جارهم) حيث وضعت "وصلتها" وحيث تواجد هو دون ان يكون صاحب وصله.
الطنطاني الإبن، غفر الله له، متعمّدا أو أعمى، عبأ الحبّات في ثلثي ورقة اقتطعها من مجلة غير مُسْلِمة، ظاهرها كتابة وباطنها صورة اباحية حسب تصنيف ذلك الزمان وبتعبير هذا الزمان،
لم ينتبه، حين استلم، ان في الداخل عُري ما بعده إلا الزَّبط الذي يعني لنا ما لا يعنيه لإخواننا المصريين.
صعب ان تحب، وأنت فقط ولدٌ، فتاة ًهي فقط بنتٌ في بلاد الحشمة والحُشومة والحرام وفي مدينة البوق وفي زمن العشق السري والرسالة السرية والبوح السّري والعادة.
صعب جدا، فانت تحتاج قراءة "ماجدولين" و"شدَّ معصمي" و"ثلاث آهات ودمعة" وتحتاج أحيانا أن تكون نقطتك مبتعدة كثيرا عن أربعة ونصف وتحتاج ما لا يمكن أن تحصل عليه بقراءة الروايات ومراجعة الدروس...، انت تحتاج، كي تستحق الحب: "فرقة عوجاء" تشق شعرا غير مقاوم للريح وتحتاج أن تكون كامل البياض وأن يكون اسمك "سمير" وتحتاج، الشجاعة والوسيلة لترسل ورقة الغرام "الرسمية" تلك التي عليها رسم قلب يخترقه سهم، وتكون مستعدا للشهادة ان ضلت الرسالة الطريق ضلالا عاليا.
سلمها الأمانة كما يُسلَّم ممنوع.
كانت كما، حددت له، وراء قضبان نافذتهم المطلة على الزقاق الذي يشبه الصوصيص.
تقول والدتي وخالتي وزوجة خالي الصغير وزوجة خالي الكبير والجارات الجُنب انهن إن علمن أن في الحمام العرباوية يقفلن راجعات.
لم تكن العرباوية امرأة عادية لا شكلا حين تظهر ولا مضمونا حين تجهر.
لم يسبق ان كان جلباب العرباوية "الكاشف اللون" غير ممزق الجيبين
ولم يسبق ان كانت العرباوية منتوفة لا ناتفة
ولم يسبق للمخزن القاسي دائما ان اعتبر شكاية ضحية او شهادة طبيب او متفرّج وتعامل مع العرباوية تعامله مع "عباد الله".
كانت العرباوية، إرعابا قبل عصر الإرهاب
وكانت العرباوية بلا رَجُل إذ كانت هي رجال.
وكان للعرباوية، من جزائري مختفٍ، ابنتان ذواتا أسماء نشاز "نوال" " و"بخته" وذاتا ما يُذَكِّر بآية سورة الانفطار.
لم تنظر إليه نوال وتبوس من يدها وجه السبابة والوسطى علامة الشكر وبداية "الحب" كما كان يطمح ويبالغ في الطمع.
سحبت وانسحبت كأنما سلّمته لوالدتها لتلقي عليه من أعلى، من برج المراقبة، قولا ثقيلا "تبارك الله عل الفاكتور"!!
تحوّل قلبه الذي كان فؤادا وجنانا قبل دقيقة إلى عضل يضخ الدم في اتجاه الركبتين فقط.
لحظات وبدل طرق الباب ضربت العرباوية الباب فضرب هذا الأخير الحائط.
- وااااسواسا ولّا صحراوا ولا ما عرفت طاصيلتكوم منين واعباد الله واش حنا ديال الكورني؟
جلباب لم ينزل تماما ليغطي ساقين عليهما شعر ماعز ولا لثامَ ولا قِبَّ ولا السلام عليكم.
كاسحة ألغام وسط الدار وولد منزو وأهل الدار النساء وقوف، تماما كما التلاميذ حين يباغت المدير معلمهم وتماما كما أهل الحانة امام الباندي في أفلام الكوبوي.
تُرى ما هو الكورني؟
- آش شرك بّانا مع بّاكوم، واش حنا ديال الكورني؟
مايْدِڭان الكورني؟
- ياك عاطياكوم التيقار؟، عطيونا التقار ، ويلا ولدكوم سخون جوجوه
بسم الله الرحمان الرحيم، أشنو هو الكورني؟
- هااااا الكورني، ها ولدكوم آش تيلوح علينا
القت العرباوية فوتورمان كان في يدها لا مناسبة لوجوده، واخرجت من عدمٍ نصف ورقة مجلة ورفعتها كما يرفع الأطفال اللوحة في القسم التحضيري.
صورة جسدين كما آدم وحواء قبل الخروج الكبير... لن أقول لكم...
أو أقول لكم ان حروف الكرني تشبه جانبا من الصورة.
هاااااااا الكورني وعندي الشهود ويلا ولدكوم، حاشا الملايكه السامعين،.... جوجووووه
لا، لا يا خالتي ... ليس فقط الملائكة، الصياح لا شك استنفر الفاسكاويات وآيت المعطي وبنات البوليسي حجّور وبائع اللبن المار ودار عسّو الدلال في أقصى الدّرب.
لا يهم معنى الكورني.
ما دام الكل يسمع، في لحظة كابوس جميل، تمنى ان تقول العرباوية مهدّدة، كما تعودت منذ ان حُكِم على خونا لاصدوص الصباغ بخمس سنوات سجنا لأنه "خسَّر" بنت حمّو الفَلَكي، أن تقول انها ستجري فحصا لابنتها ولِمَ لا، أن تجري فعلا لنوال ذلك الفحص العجيب وأن يشاع انه هو الذي هبك البنت إن كانت مهبوكة وواردٌ أن تكون مهبوكة.
يااااااااااه كان تصورا جميلا في لحظة خوف.
لكن ما هو الكورني؟
انتظر الكل عصر الشيبس.

محمد حساين


--------------------------------------------
كل تشابه بين أسماء وأماكن هو تشابه.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...