لودي شمس الدين - رسالة (٤)

(٤)

مساء النصر والحب لرجلي الفاضل المقاوم...

لقد فكرت بأمور كثيرة في تلك الأسابيع الماضية العصيبة التي مريبنا بها،وما وجدت سوى العشق والعبادة لروحك الطاهرة.
الشر صد الخير دائما، النور ضد العتمة دوماً، والبحر والصحراء لا يلتقيان لو الجبال فُسِخت. فكيف للباطل أن يتفق مع الحق؟ ألا تعلم بأن كل الأشباح تلبس الفراغ لِترى ولا تُرى؟ ألا تعرف بأن كل ما حولنا جحيماً؟ليس إلا جحيما ناتجاً عن جحيم. فكلهم بالغباء سواء، ولن يبنوا بيننا متراً واحداً من المسافة، إن حبنا أصيل، صادق وشريف، لا يُشترى ولا يُباع، لن نتنازل عنه، سنحارب لأجله،لن نستسلم،سندافع عنه بكل ما أوتينا من قوة، عزيمة، وإصرار وأصالة وكرامة.
بالله عليك، هل رأيت أيَّة مقاوم ومجاهد شريف يبيع وطنه ويتنازل عن عرضِه للآخرين؟ بل يستشهد في سبيل حماية أرضه وشعبه وأهله. وهكذا هو الجهاد في سبيل الحب.
"الحب" نوع من أنواع الجهاد أيضاً.
وهذه هي يا رجلي المقاومة الشريفة، المقاومة بكل شراسة وعنف وعنفوان لأجل أن نحمي ونحافظ على حبنا. وماذا ينفع العالم من دون "الحب"؟وخاصة الحب المُعتَّق بالشعر والأدب، وما نفع الكلمة إن لم تكتب لك؟وما النفع من حياتي إن كسبت كل شيء ولم أربح رِضاك؟
فأنا عاطفتي مكتفية بك، وممتلئة بك وعقلي مقتنع بك، لا يملّ ولا يكل من التفكير فيك.
أنت السرّ المفضوح في كلماتي، أخفيكَ بالعلن، وكأنني أقيس وزن الماء برصاصة، ماذا أفعل؟ هذه هي الحقيقة، وليست نكتة فلسفية أو خاطرة موحشة.
بالمناسبة، سعدت جدا وجدا بعد هذا الألم الفاجع في روح، حين وصلتني صورة منك تحمل فيها رسالتي التي كتبتها لك منذ أشهر.
وهذا يعني أنني حاضرة معك في كل أرض، في كل طلقة،في كل حرب ونصر، هل قرأتها وحدك؟ أم شاركك شجر التفاح والزيتون؟ ما أروعك يا رجل!
أتعلم بعد هذا البكاء المطول لساعات نسيته كله عندما طلبت مني صورة ليدي "اليمنى" كي تنام عليها،أُعانق روحك ، أغلى من عمري.
إنه صباح الأحد، لم أنهِ رسالتي لك ليلة أمس، لقد لهى النوم بعيني، حتى نمت وأنا أُصغي لصدى بعيد لصوتك.
صوتك يمنحني يد، عين، قدم، ماء، ريح، حمام، شجر، ورد، وجع، رحمة، نور، لغة، عمر وموت، صوتك يشكل لي آلافا مقامات للأمان.
هذا الأمان الذي يحفزني بشغف على الإحتشام.
الإحتشام الجزئي والكلي عن كل ما لا يعجبك ويريحك، أو يخالفك في السلوك، الفكر والمنطق.
وهذا أجمل أنواع الإحتشام يا مهجتي وإلهامي الوحيد.
أحمد الله وأشكره لأنه يزيدني ولهاً وتمسكاً فيك بعد كل خصام.
وكأنني في الخصام أُثبِّت نفسي فيك أكثر وأُثبِت لله بأنني أمينة لك وأؤتمن على الأمانة.
والأمانة هي أن أكون مُخلصة لك في المرّ قبل الحلو، في الشدة قبل الرخاء.
أنتَ كرامتي، عزة نفسي ووجهي العالي الرفيع الذي لم ولن يكون خاشعاً سوى لله ولك.
أعبدك، ومغرمة بطريقة حبك لي، أذكر ذات مرة عندما سألتني لِمَ لَمْ أعُدْ أكتب لك، وأجبتك قائلة: "إنني سأكتب لك كثيراً وكثيرا، فلا تقلق، أنا دائما بحالة كتابة لك بالحبر والنَفَس."
أما أنا فلا شيء يقلقني أو يخيفني في الدنيا، سوى "عشقنا"،
وأعني تحديداً بأنني أخاف أن ينقص حبك لي مع مرور الوقت، أو أن يتغير أسلوبك معي ومعاملتك الدافئة لي، أو يموت شغفك بي.
نعم، أخاف كثيراً وأعتقد بأن هذا الأمر طبيعي، أن ينتابني هذا الخوف بالرغم من عبادتك لي وهوسك بي وغيرتك المفرطة عليَّ.
أضحك وأبكي، تذكرت الآن عندما غِرتَ على شَعْري قائلاً: "جدائلك جميلة للغاية، إياكِ أن تخرجي من المنزل وهي بهذا الترتيب والجمال".
يا لكَ من رجل! أُضحي بأعصابي ودمي لأجل قدميه.
قدماك أشدّ طهارة من النبع،النبع يخون وقدميك لا تخون.
فأنتَ بطل جنوبي أصيل، بطل تهابه الصهاينة واليهود، وهذا يسعدني جداً ولكن ما يؤنسني كثيرا كيف تصبح طفلاً ومدللاً بين يديّ.
أجل، طفلي الذي سأضمدّ جروحه من فُتات لحمي، طفلي الذي سأطعمه كبديّ ليبقى سعيداً حتى آخر يوم في عمري.
والله يحفظ يا خشوعي، ويحرسك دائماً...

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...