رسالة (5)
الجنوب/قرب شجرة زيتون ٨/تشرين الثاني/٢٠٢٤
لا بداية ولا نهاية لرسالتي اليوم لقد استغرق مني الأمر ساعتين كن التوتر والتشنج في أعصابي قبل كتابة أول سطر لك.
فكتابة الرسائل...معناها أن يخاطب المرء أشباحه في العتمة والضوء في آن،ليتخلص من عفن العدم.
ما هذه الحالة التي نحن عليها؟أعلم...
(٤)
مساء النصر والحب لرجلي الفاضل المقاوم...
لقد فكرت بأمور كثيرة في تلك الأسابيع الماضية العصيبة التي مريبنا بها،وما وجدت سوى العشق والعبادة لروحك الطاهرة.
الشر صد الخير دائما، النور ضد العتمة دوماً، والبحر والصحراء لا يلتقيان لو الجبال فُسِخت. فكيف للباطل أن يتفق مع الحق؟ ألا تعلم بأن كل...
إنه الليل الأشقر،ملطخ بالشمس المرة...
شجرٌ لا يُدرك معنى الماء...
وجبال تمضي وحدها بلا اتجاهات...
يُجرح البحر،يكبر الطحلب...
يشهق الموج،تولد مدن...
تُكسر الريح،تتسع السماء...
يصغر الغيم،يغفى الحمام...
لا يموت النهر في عين الصحراء...
ولا تُهرم الفراشات من الحرب...
المدى يحفر الصوت بالبارود...
بريقُ عينيها يجرح الماء…
دمعةُ أمِّي مُحيط على كرويةِ الأرض…
ضبابٌ رمادي يملأ شعرَها وكفيّها فضاء…
الكون الذهبي غافٍ في حنجرتها…
كواكبٌ صفراء مُلتهبة فوق جسمها…
سنجابٌ صغير من البردِ يقضم شفتيها…
والسنابل على أصابعها تتكسَّر قبل كل تنهيدة …
والبيلسان فوق ساقيّها يكبر منذ آلاف الآلام…
فعجباً يا...
رسالة(٢)
مساء السبت،في تمام الساعة السابعة أرقٍ ،جالسة وحدي فيك،مفكرة بأنه لم يمضِ يوماً إلا وأنا أحاول أن أوقِف هذا النزف في أصابعي،فنزف الأصابع نوعٌ من أنواع الألم الجميل.
ولم تمضِ ليلة إلا وأنا أحاول أن أُثبت لله بأني أحبك حتى العبادة.
نعم،أعبدك بعد الله...
تمرُّ الأيام دونك...
رسالة(١)
مساء الانتظار، أكتب أو لا أكتب، لا أعلم ماذا تفعل كلماتي بأعصابي ولا أعلم بما أشعر تحديداً،لكني أشعر بأن الوقت طويل وفارغ وعدم بدونك،وبأنه بلا وزن وفاقد لِمعناه وقيمته الوجودية،هذا ما أشعر به عندما تغيب،أمارس حياتي وكل ما حولي يمارس على قلبي الوجع،أنت بداخلي أكثر مني،أكتب لك وأنا...
قالت له: عيون النوم مفتوحة على مدى اتساع البحار وأفواه الريح تأكل الأصوات الصاعدة من الدخان، الطيور تغني والعتمة في البلاد توَلِّد ظلالا في الشجر.
قال لها: إن الأقدام المشردة كلها لحم حيّ سيُبنى فيها جبالاً من نور، والأصابع المكسورة كلها عشبٌ حي ستنبت في الأرض نخلاً بعد حين، والوطن كالحب سِرّا...
يدان جائعتان للضحك والوجع تلوحان لفراشة نضج لونها على فم الشمس.
يدان ترتجفان،خائفتان من الضوء،من العتمة،من المرايا ومن دُخان القُبل المذبوحة بين الأصابع.
فارغ صوتي من كل قطرة دم وصدى صمتي يكسر الريح والوردة.
من التعبِ تعلو الجبال ويسقط الغيم بيننا ،من الهوى يجرح الماء نفسه، ومن العبادة تخشع روحي...
أول الفجر، عند ارتفاع صوت الشجر...
وانخفاض صوت البحر واتساع فجوة الريح فوق فمي....
لمحت وجهك خلف الستائر ليلكة زرقاء....
يمشي فوق النار، فوق التراب...
فوق الدمع وتحت جلدي...
أخضرٌ، أصفرٌ، أحمرٌ وبنيّ الهواء فوق التلال...
التلال قدماك...
الرياح تبكي...
المدى عيناك...
الرياح جُرحت...
الحقل...
على وجه التقريب...
فوق الدخان دم...
فوق الدم وخلف القمر عيون مريضة...
العيون المريضة،صمت...
معنى الصمت رصاصة في الماء...
معنى الماء،التحام الشك بالريح في ساعة الألم...
تدخل الوردة من نصف دمعة وترتجف في التُربة...
ويخرج من البحر جسد نُحاسي بثلاثة رؤوس للشقاء..
الشقاء،عصب مُدرَّب على العدم...