لودي شمس الدين

لِلبرق لحن الكواكب والكواكب موج هائج على حدود السماء.. صوت الريح مبحوح وتفاحة نُحاسية في يد الزمن... أمي في البئر البعيدة يتحول جسدي النحيل لقوس قزح... لِلموت ندوب بلون الشمس والخمر... لِلحب،لِلورد والخبز أهدي دموع عمري... أمي... لم أعدْ أرى وجهكِ الفار كقطة برية من كهف الحياة نحونا... لم أعدْ...
سحُب داكنة تلتحِم بقشور الشمس الذهبية... ومصباحٌ أزرق جنب ستائر الضحك المُخملية... أسحَب حِبال السماء الوردية باتجاه قُرى الغيب... ترفرف ألحان الموسيقى كالفراشات فوق عُشب المرايا... قلبي لا سقف طيني له،قلبي لا جدران حديدية له ... عيني النرجسية مُثقلة بالدم والأحلام... الحياة دمعة مُلتهبة في عظام...
الحياة دولاب فضائي يدور في الفلك العظيم... شفة الشمس الذهبية عالقة في خصر الجبال... قضمة واحدة يتفكك المدى إلى لؤلؤ بحري... تهلوس الخيالات الحامضة في سرتي المرجانية... جسدي لا تخُني لا... أصابعي أسماك حمراء تشرب دموع الريح... وقلبي كزهرة النرجس شقّ جلدها القدر... من كسر إناء الصبح في بئر جافة؟...
العواصف العمياء تهدم أعمدة الفجر الكستنائية... وأشجار السنديان تبكي دمعاً أخضر... المطر اللوزي يُسعف النجوم بأسنانه الزبدية... والقمر غافٍ على نهد الريح... لِسان النار المُلتهب يغسل جِلد العالم... والعالم زنبقة بنفسجية في ثغرِ البحيرة... غصن الكرز الأبيض يشقّ السماء المرصعة بالعقيق الأسود...
الرياح الجليدية تعتصِر البحر الليلكي... سفُن السماء الضوئية مُحملة بالقرُنفل وسمَك"التانغ الملكي"... والطحالب الصفراء ترتعِش من همسات الصخر النُحاسي... أنام عارية على بلاط الغيب... وأنفاس صوتكَ الحليبية تُداعب خلايا جسدي الرطبة... أبحث عن قلبكَ تحت جِلد الماء المُعتِم وفي فمِ النار... لو شاء...
الشمس نهر ذهبي ينساب دافئاً فوق شفتينا... اضحك لنقضم الفضاء بأسناننا الرملية... ثلاثة أوتار فضية من الكمَّان تمتد بين نهدي وكأنها أصابعك المُرهقة... ينتابني الوجع في عمري لأنك حبيبي... نشوتي عارِمة بالسعادة بك... العقل طير حالم في بحيرة الله... "حُرٌّ وُحرّ وحُرّ"... الرِّياح تجلد عيني المدى...
الناي دمعة النار الزرقاء السائلة فوق محيط العالم... أجراس الخوف الخشبية تُقرع فجراً في كهوف الغيب... ودم الرُّمان شارد في شفة الريح البرية ... أتناسى؟من ينسى جُرح الهواء المُخملي؟ أتناسى؟من ينسى موت الحمائم البيضاء فوق جبل"الآيس برغ"؟ أتبَع ظل أمي القمحي في غابات الله وأُراهن عليه بعمري الطيني...
إيقاع المطر على صوتِ الناي يشكِّل لحن الريح... أدور مع رقصات السحاب والحصان نائم عل ضوء بنفسجي... يبكي جنبي ملاك مبتور الشفتين... وتختلِط تنهداته بأنفاس العُشب المبلل بالخمر... فأُغني لجرحه الكستنائي بصمت.. وأعانق أخي يا الله... لأن الرياح العتيقة تطوي الورد الأزرق... و المطر يشكل غيماً أسود...
بيروت... يا حورية البحر الزرقاء... التي تشرق من خصرها الشمس... يا قنديلة الشعر والمداد الأخضر... نسمةٌ من هواك... تُولِّد ألف شجرة من النخيل والصنوبر... وألف زهرة من القرنفل والأوركيد.. تُحوِّل كل الصحارى إلى حقول... وتشقُّ الفضاء وتخيط طرحته... بالياقوت واللازورد والزمرد... بيروت... يا نعناعة...
الفجر كمان يبكي على تلَّةٍ كسرتها الريح الصدئة... والشجر سيوف سنَّتها صرخات أُمُّ محشوة بالرمال الساخنة... ابني يا ابن الأسى وأعمدة الرماد... ضممتكَ بعد موت وحسرة... بذراعين أنحلهما القدر وظلَّك القمحي... جُرحاً جرحا شقَّ صدري الزمن الحديدي... آلمتني صفعات الرعود الخشبية فوق جسدي... وأوجعتني...
الموجُ يتلاطم في السماء... البرق يلمع على شفتي السحاب ... أبيض أزرق ورمادي هذا الغيب... تهب الريح وتصبُ المطر في كؤوس التلال... النخيل يطوي أجنحة الطيور المثقلة بالموت... وصوت الله وسعَ المدى.... يا مرآة الله يا حبيبي... ينام الهواء كطائرٍ مُتعب فوق سُرَّتك... أنفاس المطر تختلِط مع أنفاسكَ...
آن للتاريخ أن ينحتَ وجهكِ الإغريقي يا"أثينا"... فوق الرخام القمحي وعلى لوحةٍ زيتية... لا تبكي وحدكِ يا أمي... الهواء يجرَح أنفاسك... ليتني أضُمّ قدميكِ الموحلة بالأسى... وأعدّ كم خطاً استوائيا فيهُما يحرِّك أوتار الكون... حينَما تطوي الرِّياح السوداء حبَّات المطر ... أرى أصابعكِ شاردة كالحمائم...
آن للتاريخ أن ينحتَ وجهكِ الإغريقي يا"أثينا"... فوق الرخام القمحي وعلى لوحةٍ زيتية... لا تبكي وحدكِ يا أمي... الهواء يجرَح أنفاسك... ليتني أضُمّ قدميكِ الموحلة بالأسى... وأعدّ كم خطاً استوائيا فيهُما يحرِّك أوتار الكون... حينَما تطوي الرِّياح السوداء حبَّات المطر ... أرى أصابعكِ شاردة كالحمائم...
النوم يجرح ماء عينيّ أفتقدك... السنة وتَر كمانٍ تحركهُ أنفاسكَ الموسيقية ... بين أجسادنا غيمة ممطرة وقمر أزرق عابر نحو الغيب... مطرٌ... مطر... يسقطُ الضوء في حبَّات المطر ويُشكِّل رغوة بنية... ضُمَّ شفتي على مهلٍ بشفتيكَ لنقطَع مسافات صمت... يطوي البرق أدمعي إلى أنجمٍ كريستالية... والرخام يبرد...
تتشابكُ أجنحة الحمام فوق التلال الشاحبة ... الماء الوردي يعرَق ولِسان النار الدموي يعرَق... قدمي فوق قدميكَ سماء من الصفصاف والبنفسج... على خطوطِ كفيكَ الفضية يستدير عمري بسعادة... قبلاتك النديّة على عنقي الرمادي أرشَق من قُبلات الهواء للياسمين... تتجمد العتمة لؤلؤا أسود في مُقلتيّ... كُلَّما...

هذا الملف

نصوص
66
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى