لودي شمس الدين

آن للتاريخ أن ينحتَ وجهكِ الإغريقي يا"أثينا"... فوق الرخام القمحي وعلى لوحةٍ زيتية... لا تبكي وحدكِ يا أمي... الهواء يجرَح أنفاسك... ليتني أضُمّ قدميكِ الموحلة بالأسى... وأعدّ كم خطاً استوائيا فيهُما يحرِّك أوتار الكون... حينَما تطوي الرِّياح السوداء حبَّات المطر ... أرى أصابعكِ شاردة كالحمائم...
النوم يجرح ماء عينيّ أفتقدك... السنة وتَر كمانٍ تحركهُ أنفاسكَ الموسيقية ... بين أجسادنا غيمة ممطرة وقمر أزرق عابر نحو الغيب... مطرٌ... مطر... يسقطُ الضوء في حبَّات المطر ويُشكِّل رغوة بنية... ضُمَّ شفتي على مهلٍ بشفتيكَ لنقطَع مسافات صمت... يطوي البرق أدمعي إلى أنجمٍ كريستالية... والرخام يبرد...
تتشابكُ أجنحة الحمام فوق التلال الشاحبة ... الماء الوردي يعرَق ولِسان النار الدموي يعرَق... قدمي فوق قدميكَ سماء من الصفصاف والبنفسج... على خطوطِ كفيكَ الفضية يستدير عمري بسعادة... قبلاتك النديّة على عنقي الرمادي أرشَق من قُبلات الهواء للياسمين... تتجمد العتمة لؤلؤا أسود في مُقلتيّ... كُلَّما...
السماء المُغطاة برغوةِ الغيم تشرَب البحر الواهن... والضباب الشفاف يُزَيح أنفاس الجبال بالدموع... أطلقتُ يدي نحو الرِّياح الجافة والموج يُكسِّر جسدي... مُرعب هذا الضحك... يمتدّ كجرحٍ مُلتهبٍ على شفتي وينزُف ... لن ينساني الله... اسمي نسمة على خصرِ الأسى وقدمي يؤرقها النوم طويلا... الموت يُعيد...
وشوشات الغيم الباردة تحبس أنفاس الشمس... همسات الينابيع المرتجفة تعكس شفتي الخريف... الهواء كئيب والكروم وحِلة... الضوء البري ينحلّ في الماء ... والضحكات تيبَس طحلباً أصفر على الصخر... هدوء،هذيان،شرود،الفجر يرتعش... آثار أنفاسكَ تُشكِّل يدا خفية زرقاء فوقَ خصر الزمن... صوتك يمنَح الموج غفوة طفلٍ...
الغيم يتعقَّب أنفاس الصُبح... يرتشِف ندى أشجار التوت الضخمة ويشهق... غرابٌ ميتٌ على كتف ِرياح هوجاء تحاول هدمَ الشمس ... ووجه الماء يغمُر طلقة نار في وردة الغاردينيا... أغمض عيني وأُصغي لصدى صوت أمي... فيتلاشى ظلِّي الرصاصي على الزُجاج ويلتحِم بالضوء... تحت رأسي قشور الصمت الرطبة وعُشب أخضر...
سمكة بُرتقالية تُقبِّل شفتيّ الشمس... نهرٌ من قوس قُزح يُغطي الطحالب والأغصان المُتكسِّرة... أشجار السنديان تطوي أصابع الزمن فوق البحيرة... وطيور "الفلامينغو" تجرَح أجنحتها تنهُّدات الرِّياح... يمضي العمر على يدي طفلة شقراء... حول خصرها غضن من الزيتون... وبين أناملها المائية أنجُم صغيرة...
الضبابُ أزرق شفاف يشرب ضوء القمر... المرايا الرطِبة تعكس ازدواجية شفتيّ للغيم... والبِلاط يخاف من احتكاكِ جسدي الأخضر بمائه... إعتدتُ النوم كفراشةٍ على غُصنٍ مُبتَلّ بالعتمة... تؤرِقهُ وشوشات الرِّياح للسماء... قدميّ تتعثر بخطوات القدر... والقدر طفلٌ شقيّ يضيع في حقلٍ وسط النهار... الموسيقى...
السماء تتكسَّر كأرضٍ من الجليد... والغيم يتحول إلى قطن رمادي... القطةُ الهوائية تبتلِع القمر الأبيض.. والأنجُم تنزلِق بمائِها على سحابٍ من دم... أنفاسي تضيقُ على شفتيّ الهواء.. والزمنُ يعتصِر لحمي المُدمى خمراً أحمر... فاشرب أيُّها القدر وأضحك ... الرِّياح الساحلية تلِحّ على القُرى البعيدة...
الرياح تجرح وجه الماء... ودم الرُّمان يصبغ الفضاء في الغسق... شامات السماء فضية ذهبية وزرقاوية... وجه الشمس شاحب... ووجه أبي غافٍ كطيرٍ فوق النبع البارد... أتكئ على ظلي وينتفخ الهواء الساخن بين أصابعي... المحار يتكسَّر والموج يكشف عن قلبي بأغنية... آثار صوته على الجُرح يلمع بعذاب يا أبي...
حكَكتُ الغيم الداكِن فوق جلدي... فتشرَّدت حبَّات المطر ... إنهُ الخوف... ابتعدتُ عنك... نهرٌ مُلتهِب فاضَ داخل جسدي... وغصن الكرز الأحمر بين أصابعكَ تقلِقه العتمة... هوى القمر في وادٍ منسيٍّ داخل سُرَّتك... يدي تشنجت من البحث عن شفتيك البنفسجيتين تحت الماء... والصدف الأبيض يُداعب خيالكَ المتورم...
إهداء إلى أبي لا أُدرِك كيف مرَّت شفتي الجليدية... كسحابةٍ قُطنية من جنب الشمس... الهواء يَثقل،يُجرح،يتألم ويتعب... تنام وحدك يا أبي.. وأسهر وحدي مع نجمةٍ تئن بالبكاء... أرفع قدميّ نحو السماء... أغرفُ قليلاً من الغيمِ لأغطِّي اصفرار دمي... وأُداعب الهواء البارد... فترِنُّ أجراس الطفولة في...
الليلُ يمتدّ على أجنحةِ الغيب... أقِفُ عارية أمامَ الهواء الرملي... لا أحد رقيب على جسدي سوى القمر... أُفكِّر بكِ وثعبان أسود يقِف خلفي... لا يُؤلمني احمرار الضباب الداكِن بين رئتي... بل يُوجعني جرح الغيم في يدي طفلة... كانت تحاول أن تغطي إلتهاب عُمرها الآتي... نامي يا أُمَّي... لتغفو السماء على...
بالحُبّ سوف تخلُد نجمة دافئة في السماء. يمكنك أن تصِلَ بقلبك للسماء من خلال العشق، والسماء ستكون راضية عن هذا العشق وستهنئك به. لكن قبل أي شيء يجب أن تتعرَّى منك ومن الأرض وتكسر قيود الزمان والمكان وتدخل تحت جِلد المحبوب وتشرب أنفاسه وتحتَك بعظامه، وتُطهر رياقك بدمه، وتتوضأ بماء عينيه وتكون...
أنام فجراً على حافةِ الفضاء... تعتصِرُ الشمس نهديّ بحرارتِها لترتفِع أكثر... البحر يشرَب دموعي الزرقاوية... والزبد الفضيّ يطوي السحاب الرمادي المُستدير حول قدمي... أحبَبْتُك وفي يدي قمر صدِئ من ابتلاعِه لِدمي الحامِض... أحببْتُكَ وفوق شفتيّ أجنِحة الفراشات المُتكسِّرة... من صفعات الضباب...

هذا الملف

نصوص
85
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى