لودي شمس الدين

القمر ثابت في عينيك... نورٌ يهدهدُ نوراً والشجر يكبر... البحر هادئ فوق فمك،والماءُ يغسل ماءه من ماءِ يديك... الريح تخلع عني صوتي،وحناجر الطيور تشرب الريح ودموعي... مطرٌ يجرح شفتي والوقت... والوقت مثل خشبٍ عتيق يضيع في النهر... العتبة الأولى للعالم جسدك الناعس تحت الضوء... والضوء أول صورة حاملة...
أنام فجراً على حافةِ الفضاء... تعتصِرُ الشمس نهديّ بحرارتِها لترتفِع أكثر... البحر يشرَب دموعي الزرقاوية... والزبد الفضيّ يطوي السحاب الرمادي المُستدير حول قدمي... أحبَبْتُك وفي يدي قمر صدِئ من ابتلاعِه لِدمي الحامِض... أحببْتُكَ وفوق شفتيّ أجنِحة الفراشات المُتكسِّرة... من صفعات الضباب...
أستلقي على حافةِ القمر وأقضُم شفتي السماء... قميصٌ من السحاب الأرجواني يُهدئ إرتجاف صدري... ورذاذٌ حليبي يتساقط على شعري الكستنائي... رائحته برائحة أشجار السنديان الرطِبة... حبيبي... تهتَز كل خلِية في جسدي والفضاء الزرقاوي... كُلَّما سمعت ألحان أنفاسكَ الدافئة... تُخفِّف من تورُّم الجحيم في...
كأجنحةِ الإوز المُتكسِّرة في الماء كان القمر يبتلِع الرياح الصدِئة من الهواء... حتى تورَّم وجهكِ الحزين يا أمي... يداكِ لم تحمِلْ سوى أكاليل من النجوم... وانجِرافات عُمري اليابسة كأجنحةِ الإوَز المُتكسِّرة في الماء... شفاهكِ الناعِمة كبنفسجةٍ بيضاء... ابتلعت دموع النار والماء الأسود المُنثال من...
أجِّل موتي يا الله... لِأُعانق وجه أُمِّي بأنفاسي... كفراشةٍ تُعانق ندى الصبح في السماء... القمر لا يكتمِل قبلَ أن أشربَ دموعها الفضِّية... من فوق وسادتي كل مساء... والفضاء لا يرتفِع إلا على إيقاع ضحكاتها... أجِّل موتي يا الله... لأتخلَّص من كُلِّ حبةِ قمحٍ يابسة فوقَ خدَّيها... وأُجدِّل خُصلَ...
" أتبعك كالغزالة وأتناثر كالفراشة" بهذه العتبة النصية الشعرية تدعو الشاعرة لودي شمس الدين القارئ للدخول إلى عالمها النصي بوصف العنوان مفتاحا أو بؤرة تحيل إلى الداخل النصي.. العنوان يتكون من جملتين مترادفتين ومتوازييتين في الدلالة من أجل إغراء القارئ في ايحاء دلالي مبثوث في بنية العنوان...
لم ينضج الألم بعد.. ملعقة من الشمسِ بين شفتي... أوقِظ بُلبُلا غافيا فوقَ شامتك... أضحَك وأتمدَّد على رُخامٍ بارد... فتفوح رائحة الأنوثة من شَعري... وأُمرِّر أنفاسي فوقها على مهلٍ... لأقبض على الغيم المُستدير حولَ صدرك... أستدير بجسدي الوردي نحو السماء... فيحطُّ الفجر كاليمامةِ قوق...
عِند آذان الظهر... أسمع أنفاسكِ تلهَث خِلسة نحوي... مِنْ أبعد مدى،مِنْ بين أشجارِ التوت البرِّي.. ومِنْ خلف الغيوم المُتآكِلة بأسنان الشمس... أمام منزلكِ الممتلئ بالأغراب ... أفتح بابَ غرفتي بذراعي... وأقبِض على الهواء تحتَ قميصي الأسود.. فتحطُّ فراشة زرقاء عند عتبة الدموع... ويتكسر الضباب الآتي...
في الساعة الخامسة صباحا... نهضَ الصُبح كزهرةِ النرجس من فوق صدري... رقصتُ وحدي كالفراشةِ أمام البحر ... أستحمَمت بضوء الشمس... وتركت شعري الطويل يُغنِّي لشفتي الرياح... رقصت حافية القدمين عند زاويةِ القدر... حتى انحنت أشجار السرو والماغنولية حول خصري... وتبعتني طيور النورس حتى آخر شهقة... ودلَّك...
مُتعبة من النوم ... السهر يُرهِق الحيوان... أغسِل وجهي بالدموع... أمسَح حُمرتي بشفرةٍ حادَّة... على خديّ قطع من السماء التي تكسَّرت في العتمة ... وبين صدري آية من الله... أُحدِّق طويلاً في المرآة... أتأمل شكل شفتيّ حينَما تغرَق حُنجرتي كحجرةٍ في بُحيرة الصمت... خُصل شعري سحابات مليئة بالمطر...

هذا الملف

نصوص
85
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى