لودي شمس الدين - على أرصفة من ماء، على أرصفة من نار.. شعر

كنا نمشي معاً على أرصفة من ماء...
نتبادل الجرح ،القبل،رغيف السحاب،ولحمنا الممزق...
ولا نعرف وجوه العرافين...
نمشي جنوباً باتجاه شجر التفاح وغابات أطفال الجياع...
ونمشي شمالا باتجاه العتمة،أشلاء الفراشات والغرقى...
ولا نعرف أقدام العابرين من حدود الشام نحو بغداد...
نمشي لأننا تعبنا من موسيقى الدمع وإيقاع الحمام...
نمشي حاملين حقائب من العظام والرخام...
ولا نسأل عن لمسات الريح لصدرنا المغطى بالطين والتراب...
نمشي ولا نعرف من ترك للقدس سفن الدم؟
ومن ترك لبيروت الدخان والعرق الحامض كعفن التبغ؟
سبعون سنة، عشرون سنة أو ربما زمنين ما قبل ولادتنا...
كنا أنا وأنت جرحين،قصيدتين،دمعتين أو ربما سرّين...
نمشي ولا نعرف اتجاه العاصفة ولا اتجاه كؤوس الخمر التي تدور فوق القبور...
أنا وأنت حبيبان،غريبان وخنجران،نتعانق لنفترق...
مثل شمس مريضة تضرب وجه المدينة والضجر في الموج الكئيب...
نمشي كضحايا من حياة،من موت أو ربما من حرب عريق...
ولا نرى في عينينا سوى رصاصتين تحتضنان عنقنا العاجي...
نمشي ولا نعرف مَنْ مِنا سيجرح الوردة بوداعٍ طويل كالأحلام...
أنا وأنت على حدود الفجر كنا نبكي،نضحك،نرقص ونشكو من كلمة...
كم أنا وحيدة يا حبيبي من دون شفتيك،ذراعيك وقدميك...
وكم أنا خائفة من دونك يا حبيبي...
خائفة من أصوات الغربان والضباع التي تطارد الغزالة...
كنا نمشي معاً على أرصفة من نار...
نلتمس عروق البحر بتشابك يدينا أمام وجه الله والغيب...
وننسى بأن المطر حول جسمنا لحدائق من الغاردنيا والياسمين...
فآه يا حبيبي كم أنا وحيدة من دونك...
كم أنا تعيسة من دونك...
كم أنا خائفة من دونك...
كم أنا خادعة لنفسي من دونك...
كم أنا خائنة لنفسي من دونك...
فكل ما بداخلي تحول لوادٍ...
لا أنا أصِل لنفسي ولا نفسي تصل لي...
كنا نمشي معاً،لا أنسى أنفاسك التي كانت تقشر الرمل المتجمد فوق فمي...
ولا عطر معصمك الذي كان يحرك ظل القمر فوق سرتي...
لا أنسى يا حبيبي،كنا نمشي معاً...
إلى أن مشى الموت بيننا ...

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى