مع انسدال خيوط الضوء الأولى، وهى تفسح الطريق للنسائم البكر الباردة المنعشة، كان يبدو فى الأفق "خيال الماتة" وحيدا حزينا، حيث بدءأ يتمايل ذات اليمين وذات اليسار كعاشق صوفي أصابته لوعة عشق، كان مرتديا شبه جلباب ممزق به خطوط طولية زرقاء ومستقيمة تقطعها بعض الرقع المستطيلة باللون الأخضر، ويحمل فوق رأسه قبعة بيضاء متسخة بفعل مخلفات عصفور متمرد فى المساء، ومع إرهاصات استيقاظ المطر ارتعشت قدماه الخشبية المغروسة بالطين، وبدأ فى تنفس حلمه القديم من رئة الغيطان، وأطل بعينيه المفقودة على البعيد، ليحلق إلى حيث تحملاه قدماه إلى خارج حدود الغيطان، إلى حيث لا مكان ولا زمان ولا خوف ولا قهر، إلى آفاق جديدة حيث لا يخاف منه عصفور عندما يحط على رأسه ويغني، آفاق جديدة يسقطون فيها عنه لقبه واسمه وعنوانه، لكنه يفيق من غفوته السريعة على صوت ارتطام عصفور على أعتاب قدميه الخشبيتين موتا من الجوع.
* عن مجلة رؤية
* عن مجلة رؤية