14 - 01 - 1946
إلى الأستاذ الأكبر الشيخ مصطفى عبد الرزاق:
الآن، وقد سكنت تلك العجاجة واستنارت الشبهة بعد ذلك للناس وصرح الحق عن محضة - يحق لكل من ينشد الإصلاح أن يتوجه إلى جليل مقامك ليفضي إليه بما يريد.
تعلم - يا سيدي الجليل - أن الأزهر ظل قروناً معتسفاً في طريقه، مكبلاً بجموده، قائما على طريق أبعدته عن أداء ما عليه؛ فهو في الدين لم يكشف بعد عن جليل أسراره لينشرها، ولم يبين عقائده الصحيحة التي جاء بها، ولم يستطيع أن يثبت أن أحكامه الصائبة تساير نظام الاجتماع في كل زمان ومكان. وفى الدنيا لم يشارك سائر الجامعات العلمية في جميع أرجاء الأرض بقليل أو كثير فيما يتخذ من أسباب ونظم لإصلاح العمران. ولقد نهض أستاذك الإمام محمد عبده رحمه الله منذ أكثر من نصف قرن ليعمل على إصلاحه، ويجعل له مقاماً يعلو به فاصطلحت عليه قوتان تعارضانه وتصدان عن سبيله، أولاهما من كان بيدهم الأمر يومئذ، والأخرى المعوقون من الشيوخ الذين تراهم في كل زمان لا يعملون صالحاً، ولا يقبلون إصلاحاً، فقضى رحمه الله ولما يقض ما كان يحبه ويصبو إليه.
وجاء الإمام المراغي فكان كل ما رأيناه في عهده أن تحرك الأزهر (في مكانه) ولم يستطع الشيخ رحمه الله على كثير ما سعى أن يزحزحه أو يخطو به، - واليوم - يلقى أمر هذا المعهد العظيم على عاتقك والمسلمون في مشارق الأرض ومغاربها ينظرون إلى ما سيكون شأنه في عهدك، ويرقبون تحقيق ما يأملونه على يدك. وإنك اليوم للمرجو والمسئول بين يدي الله وأمام العالم الإسلامي عن إصلاح هذا المعهد وتقويم ما اعوج منه، فامض في هذا السبيل بقوة وعزم، واحشد لما تتخذ من ذرائع وما تبتغى من أسباب صادق العزم. ولا تن في ذلك فقد توافرت فيك - ولك - كل أسباب الإصلاح وعوامل النجاح. فأنت في نفسك من الفضل والعلم والكفاية بأعلى مناط العقد، وأمامك الفاروق يأخذ بيدك في الإصلاح إلى أقصى حد، ووراءك الصفوة المختارة من طلاب الأزهر وشيوخه - والأمة جميعا معهم - يؤيدونك في كل قصد، حتى يبلغ الأزهر مكانته اللائقة به بين جامعات الأمم، ويفاخر بحق بأنه كان أول جامعة شقت حجب الجهالة بين العرب والعجم.
أيها الأستاذ الجليل: لقد انشرحت صدور المسلمين جميعا بتوليك مقاليد أمور الأزهر وتمنوا أن يكون الله قد استجاب فيك دعوة أستاذك الإمام التي دعا بها قبل موته حيث قال:
فبارك على الإسلام وارزقه مرشدا ... رشيدا يضيء النهج والليل قاتم
يماثلني نطقاً وعلماً وحكمة ... ويشبه متن السيف والسيف صارم
فحقق أيها الإمام المصلح رجاء المسلمين فيك، وانهض بما كان أستاذك سينهض به من قبل والله معينك وكافيك.
محمود أبو ريه
إلى الأستاذ الأكبر الشيخ مصطفى عبد الرزاق:
الآن، وقد سكنت تلك العجاجة واستنارت الشبهة بعد ذلك للناس وصرح الحق عن محضة - يحق لكل من ينشد الإصلاح أن يتوجه إلى جليل مقامك ليفضي إليه بما يريد.
تعلم - يا سيدي الجليل - أن الأزهر ظل قروناً معتسفاً في طريقه، مكبلاً بجموده، قائما على طريق أبعدته عن أداء ما عليه؛ فهو في الدين لم يكشف بعد عن جليل أسراره لينشرها، ولم يبين عقائده الصحيحة التي جاء بها، ولم يستطيع أن يثبت أن أحكامه الصائبة تساير نظام الاجتماع في كل زمان ومكان. وفى الدنيا لم يشارك سائر الجامعات العلمية في جميع أرجاء الأرض بقليل أو كثير فيما يتخذ من أسباب ونظم لإصلاح العمران. ولقد نهض أستاذك الإمام محمد عبده رحمه الله منذ أكثر من نصف قرن ليعمل على إصلاحه، ويجعل له مقاماً يعلو به فاصطلحت عليه قوتان تعارضانه وتصدان عن سبيله، أولاهما من كان بيدهم الأمر يومئذ، والأخرى المعوقون من الشيوخ الذين تراهم في كل زمان لا يعملون صالحاً، ولا يقبلون إصلاحاً، فقضى رحمه الله ولما يقض ما كان يحبه ويصبو إليه.
وجاء الإمام المراغي فكان كل ما رأيناه في عهده أن تحرك الأزهر (في مكانه) ولم يستطع الشيخ رحمه الله على كثير ما سعى أن يزحزحه أو يخطو به، - واليوم - يلقى أمر هذا المعهد العظيم على عاتقك والمسلمون في مشارق الأرض ومغاربها ينظرون إلى ما سيكون شأنه في عهدك، ويرقبون تحقيق ما يأملونه على يدك. وإنك اليوم للمرجو والمسئول بين يدي الله وأمام العالم الإسلامي عن إصلاح هذا المعهد وتقويم ما اعوج منه، فامض في هذا السبيل بقوة وعزم، واحشد لما تتخذ من ذرائع وما تبتغى من أسباب صادق العزم. ولا تن في ذلك فقد توافرت فيك - ولك - كل أسباب الإصلاح وعوامل النجاح. فأنت في نفسك من الفضل والعلم والكفاية بأعلى مناط العقد، وأمامك الفاروق يأخذ بيدك في الإصلاح إلى أقصى حد، ووراءك الصفوة المختارة من طلاب الأزهر وشيوخه - والأمة جميعا معهم - يؤيدونك في كل قصد، حتى يبلغ الأزهر مكانته اللائقة به بين جامعات الأمم، ويفاخر بحق بأنه كان أول جامعة شقت حجب الجهالة بين العرب والعجم.
أيها الأستاذ الجليل: لقد انشرحت صدور المسلمين جميعا بتوليك مقاليد أمور الأزهر وتمنوا أن يكون الله قد استجاب فيك دعوة أستاذك الإمام التي دعا بها قبل موته حيث قال:
فبارك على الإسلام وارزقه مرشدا ... رشيدا يضيء النهج والليل قاتم
يماثلني نطقاً وعلماً وحكمة ... ويشبه متن السيف والسيف صارم
فحقق أيها الإمام المصلح رجاء المسلمين فيك، وانهض بما كان أستاذك سينهض به من قبل والله معينك وكافيك.
محمود أبو ريه