سِهامُ عينيه غاباتُ كرملٍ مسيّجة برائحِة نيسان..
والساحلُ يقبض على خاصرتي المكان حيث كانا، والطريق إلى حيفا تتملكها حجارة مهّجرة منذ سنوات الاعتراف بآدم...
والكرملُ، أشجارُ خروبٍ حتى أواخر الطريق المؤدية إلى الجنة..
توقف نبضُ الظهيرة، وخفق إحساسٌ في قلبها المتوجس من الأنين، وحبات التوتِ البرّي تزأر أينما وليا شطريهما.....
تناولتْ حبة توتٍ، قلبتها بين أصابعها الخجلة، أمسكتها بيديها وقربتها اليه....
تناولها على مهلٍ، وعيناه معلقتان بالطريق، ثم طلبَ منها أن تمررها على الساحلِ الموازي للبحر وأفقه الذي يدنو من
الله ..
قرّب حبة توت إلى شفتيها، فتملصت منه بدهاءٍ، وهي تشيرُ إلى أشجارِ الخروب، فقرّبها إليهِ ثانيةً، ثم التهمها كأنه لم يذق التوت المحّمر من قبل...
وهي تشِكلُ من تفاصيلِ الأشياء نقشًا تذكارياً ستحج إليه عند العودة..
وهما سائران، حائران، حاملان سفر تواريخهما المحّملِ بمعجزات الأنبياء حيث الميعاد..
والتاريخ مسجىً من على هياكل غير مرممة.. وهي تئن في لواعجها شوقاً مقتضباً من وهج اللحظة الأولى... حيث أنزل الله شرائعه السماوية قبل أن تتكسر الأمواج في يافا.. هناك، حين التقى بموجها، والسكون ينخر الرموش الناعسة خلف البحر ...
وحين شابكَ أصابعه القوية في كفها اليسرى وشابكت قلبها بضلوعه، وأخذت تُحدثُ ضوء عينيه الشاردَ في الطريق..
ترى، أتعلمُ أني قرأتُ تفاصيلَ برتقال يافا قبل أن يحول بيني وبينكَ كاسر أمواجٍ يبعد عنفوان موجك الآتي من الأعماق ليلامس سواحلي ؟ وأني لا زلت إلى الآن أصلي إلى الله بزيارة المعبد لأحجَ إلى اللحظةِ المقدسة !!!
أتعرف، أدركتك عبر تاريخي الممتد قبل أن تنخفض أرض اليباب!!! حين انتظرتك منذ ساعات الفجر الطالع منذ سنوات خلت من الآن... أتعرف أني احتفظ بتفاصيل اللحظة حينما تعرفت عليك بحواسي غير المُدركة؟
أتعلم إني انفض الغبار عن الليل كي لا تحجبني ذرة عتمة عنك عندما تنحني النجوم إلى صمت الكنائس وتعود القبّرات إلى أعشاشها ؟؟
ترى أتعلم أني طرزت شوقي إليك شالاً أتتوج به، فأبدو متكاملة الانتصار؟ ترى.... ترى.... .
وأصابعه تتغلغل في يديها أكثر وأكثر..وإحساسٌ يخفق فيها ... يخفق...ويخفق...
وهي لا تزال تشّكل من تفاصيل الأشياء نقشًا تذكارياً ستحج إليه عند العودة..
وحيث توقفت الطريق عن الجري المخّضر.. التفت إليها!
أتعرفين أنت منذ الدفق الأول والنبض الأول في يسوع المسيح، ومنذ أن اجتاحني كفك في مساء ساحلي عند انغماس الشمس بذاتها المتكبرة لا أزال أشم رائحة العطر ... وأراجع لحظة ميلاد اهتزاز الأرض على جسدي...
أزاحت نظرها الخجل منه، وتناولت حبّة توتٍ أخرى كي تتهرب من مغنططة اعترافه…..
قاطع انهماكها بتقليب التوت، ومّد أصابعه إلى وجهها الخجل من التقاء اللحظة الأولى، وسألها:
إلى هذا الحد تعشقين التوتََََ؟؟
أجابته بلا تردد، لكي نكسرَ الصومَ بقليلٍ من السهوِ المباح... التوت هي الفاكهة التي توصلك بالحقيقة...
وحين اختزل المسافة بينهما سألته للمرة الألف ربما أو اقل.. ربما أو أكثر.. وما الذي جاء بك إلى هذا الطريق الموحش وحجارة الهياكل المدمرة متناثرة، بعدما هجّرتها بنادقُ الأغرابِ العابثين بالجغرافيا والتاريخ؟؟ ألتشعلَ الضوءَ في الفتائل المهتوكة ؟؟ نيرون حرق روما ......وهولاكو اغرق الفرات بالحبر ...؟؟ ونابليون رمى قبعته عند أسوار عكا ؟؟
وأنتَ ؟؟؟؟
أتبع سؤالها بإجاباتٍ متمكنة وقال، كنت أحرس الهيكل غير المرمم، وكل الوصيفات اللواتي كن يقطفن العنب في الكروم مررن فجراً، ثم اتبعن المرور بخطيئة قطفِ عنبٍ غير مختمر..ليصبحَ العنبُ خمراً تحت أقدامهن، مررن واجفات إلى القصر، وكان علي أن أحرسَ المملكة التي لم تنشف أعضائها الحساسة بدفء شمسٍ لا يحجبها التوسل ..لكنَ الوصيفات كنَّ متشابهات، تماماً كالعنب الذي سرعان ما يتحول إلى خمرٍ بعد العصر... إلى أن أُرسلتِ إلي من السماء وأصبحَت طيفاً يلمع قي خيالي..
- والوصيفات ......والهياكل المهجورة المسكونة بالفراغ؟؟
بحبة توتٍ متتالية التهمها بشفتيه المحمرتين قال لها، التاريخ يمّر على جغرافية الأرض كل مساءٍ، لكنه لا يعلم بالمعالم الأثرية التي سحقها المغول، فتبدو الأرض مختلفة الجغرافيا!! لا شيء يسكن المعابد سوى الله ....
ما كنت ورعاً وما كنت تقياً، ولم أعرف قدسية المكان، وأنها مهد ديانات سماوية، وأن لله فيها شؤوناً، ما كنت أستمع إلى أجراس الكنائس حين تنادي روحي إليكِ، ما كنت سوى حارس ليلي، قبل أن يفتح الفجر عينيه على خطاياي، ما كنت أعرف الصلاة ولا الابتهال ولا حتى المناجاة، وكنت أصلي على أطراف الأماكن المقدسة، واقرأ من التراتيل قليلها، عرفت كل الديانات وعاصرت الأنبياء والرسل والجاريات...
لكني ما عرفت ساعةً أن الصلاة ترتقي بي إلى السماء، وأني بحاجة إلى أن أتعمد بالطهر، وأتوضأ بالحب لأؤدي فرائضي في المعبد عن حاضر.. وعند التقاء الساكنين سأدخل الجنة إلى الأبد... وسأرفض أن أكون حارساً للهيكل... لأمارس حرية العبادة...
(باقة الغربية- المثلث)
والساحلُ يقبض على خاصرتي المكان حيث كانا، والطريق إلى حيفا تتملكها حجارة مهّجرة منذ سنوات الاعتراف بآدم...
والكرملُ، أشجارُ خروبٍ حتى أواخر الطريق المؤدية إلى الجنة..
توقف نبضُ الظهيرة، وخفق إحساسٌ في قلبها المتوجس من الأنين، وحبات التوتِ البرّي تزأر أينما وليا شطريهما.....
تناولتْ حبة توتٍ، قلبتها بين أصابعها الخجلة، أمسكتها بيديها وقربتها اليه....
تناولها على مهلٍ، وعيناه معلقتان بالطريق، ثم طلبَ منها أن تمررها على الساحلِ الموازي للبحر وأفقه الذي يدنو من
الله ..
قرّب حبة توت إلى شفتيها، فتملصت منه بدهاءٍ، وهي تشيرُ إلى أشجارِ الخروب، فقرّبها إليهِ ثانيةً، ثم التهمها كأنه لم يذق التوت المحّمر من قبل...
وهي تشِكلُ من تفاصيلِ الأشياء نقشًا تذكارياً ستحج إليه عند العودة..
وهما سائران، حائران، حاملان سفر تواريخهما المحّملِ بمعجزات الأنبياء حيث الميعاد..
والتاريخ مسجىً من على هياكل غير مرممة.. وهي تئن في لواعجها شوقاً مقتضباً من وهج اللحظة الأولى... حيث أنزل الله شرائعه السماوية قبل أن تتكسر الأمواج في يافا.. هناك، حين التقى بموجها، والسكون ينخر الرموش الناعسة خلف البحر ...
وحين شابكَ أصابعه القوية في كفها اليسرى وشابكت قلبها بضلوعه، وأخذت تُحدثُ ضوء عينيه الشاردَ في الطريق..
ترى، أتعلمُ أني قرأتُ تفاصيلَ برتقال يافا قبل أن يحول بيني وبينكَ كاسر أمواجٍ يبعد عنفوان موجك الآتي من الأعماق ليلامس سواحلي ؟ وأني لا زلت إلى الآن أصلي إلى الله بزيارة المعبد لأحجَ إلى اللحظةِ المقدسة !!!
أتعرف، أدركتك عبر تاريخي الممتد قبل أن تنخفض أرض اليباب!!! حين انتظرتك منذ ساعات الفجر الطالع منذ سنوات خلت من الآن... أتعرف أني احتفظ بتفاصيل اللحظة حينما تعرفت عليك بحواسي غير المُدركة؟
أتعلم إني انفض الغبار عن الليل كي لا تحجبني ذرة عتمة عنك عندما تنحني النجوم إلى صمت الكنائس وتعود القبّرات إلى أعشاشها ؟؟
ترى أتعلم أني طرزت شوقي إليك شالاً أتتوج به، فأبدو متكاملة الانتصار؟ ترى.... ترى.... .
وأصابعه تتغلغل في يديها أكثر وأكثر..وإحساسٌ يخفق فيها ... يخفق...ويخفق...
وهي لا تزال تشّكل من تفاصيل الأشياء نقشًا تذكارياً ستحج إليه عند العودة..
وحيث توقفت الطريق عن الجري المخّضر.. التفت إليها!
أتعرفين أنت منذ الدفق الأول والنبض الأول في يسوع المسيح، ومنذ أن اجتاحني كفك في مساء ساحلي عند انغماس الشمس بذاتها المتكبرة لا أزال أشم رائحة العطر ... وأراجع لحظة ميلاد اهتزاز الأرض على جسدي...
أزاحت نظرها الخجل منه، وتناولت حبّة توتٍ أخرى كي تتهرب من مغنططة اعترافه…..
قاطع انهماكها بتقليب التوت، ومّد أصابعه إلى وجهها الخجل من التقاء اللحظة الأولى، وسألها:
إلى هذا الحد تعشقين التوتََََ؟؟
أجابته بلا تردد، لكي نكسرَ الصومَ بقليلٍ من السهوِ المباح... التوت هي الفاكهة التي توصلك بالحقيقة...
وحين اختزل المسافة بينهما سألته للمرة الألف ربما أو اقل.. ربما أو أكثر.. وما الذي جاء بك إلى هذا الطريق الموحش وحجارة الهياكل المدمرة متناثرة، بعدما هجّرتها بنادقُ الأغرابِ العابثين بالجغرافيا والتاريخ؟؟ ألتشعلَ الضوءَ في الفتائل المهتوكة ؟؟ نيرون حرق روما ......وهولاكو اغرق الفرات بالحبر ...؟؟ ونابليون رمى قبعته عند أسوار عكا ؟؟
وأنتَ ؟؟؟؟
أتبع سؤالها بإجاباتٍ متمكنة وقال، كنت أحرس الهيكل غير المرمم، وكل الوصيفات اللواتي كن يقطفن العنب في الكروم مررن فجراً، ثم اتبعن المرور بخطيئة قطفِ عنبٍ غير مختمر..ليصبحَ العنبُ خمراً تحت أقدامهن، مررن واجفات إلى القصر، وكان علي أن أحرسَ المملكة التي لم تنشف أعضائها الحساسة بدفء شمسٍ لا يحجبها التوسل ..لكنَ الوصيفات كنَّ متشابهات، تماماً كالعنب الذي سرعان ما يتحول إلى خمرٍ بعد العصر... إلى أن أُرسلتِ إلي من السماء وأصبحَت طيفاً يلمع قي خيالي..
- والوصيفات ......والهياكل المهجورة المسكونة بالفراغ؟؟
بحبة توتٍ متتالية التهمها بشفتيه المحمرتين قال لها، التاريخ يمّر على جغرافية الأرض كل مساءٍ، لكنه لا يعلم بالمعالم الأثرية التي سحقها المغول، فتبدو الأرض مختلفة الجغرافيا!! لا شيء يسكن المعابد سوى الله ....
ما كنت ورعاً وما كنت تقياً، ولم أعرف قدسية المكان، وأنها مهد ديانات سماوية، وأن لله فيها شؤوناً، ما كنت أستمع إلى أجراس الكنائس حين تنادي روحي إليكِ، ما كنت سوى حارس ليلي، قبل أن يفتح الفجر عينيه على خطاياي، ما كنت أعرف الصلاة ولا الابتهال ولا حتى المناجاة، وكنت أصلي على أطراف الأماكن المقدسة، واقرأ من التراتيل قليلها، عرفت كل الديانات وعاصرت الأنبياء والرسل والجاريات...
لكني ما عرفت ساعةً أن الصلاة ترتقي بي إلى السماء، وأني بحاجة إلى أن أتعمد بالطهر، وأتوضأ بالحب لأؤدي فرائضي في المعبد عن حاضر.. وعند التقاء الساكنين سأدخل الجنة إلى الأبد... وسأرفض أن أكون حارساً للهيكل... لأمارس حرية العبادة...
(باقة الغربية- المثلث)