نهاد عبد الملك‎ - رحيل إلى الحياة.. قصة قصيرة

عادت للبيت، وهى فى قمة السعادة، فقد أُهدِى لها قفص به عصفوران غاية في الجمال .. حلم كان يراودها منذ طفولتها، ولكن حالت الظروف دون تحقيقه .. واليوم تحقق ..

اهتمت أن تقرأ عن كيفية مراعاة العصافير، و تغذيتهم، واشترت كل ما يحتاجانه .. وضعتهما بمكان مناسب، حسبما قرأت ..

مرت عدة أيام، وهى سعيدة بوجودهما، وسماع أصواتهما بأرجاء البيت ..

وفى يوم حزين .. رأت أحد العصفورين ميتًا، والآخر صامتًا تمامًا، فأسرعت بإحضار رفيق له كبديل، وبالفعل عادت أصواتهما الجميلة ..

ولكن .. بعد عدة أيام، حدث الشىء نفسه، وتكرر الفعل والقصة كذلك ..

بدأت تحدثهما، وترد على نفسها كطبيب نفسى يحلل، وفجأة توصلت لمغزى مايحدث : أى كائن حي يحتاج لمناخ الحب لكى يعيش، وهذا البيت تملؤه الكراهية !

بدأت مصارحة نفسها :

كيف لم أستوعب من قبل أننى تحولت لتمثال بلا روح فى هذا المكان ؟!

يجب أن أكسر التمثال لتبعث من داخلى طفلة من جديد .. لأعيد حقى فى البكاء و الصراخ .. أغسل وجهى المتعب من كل مساحيق التصنع، ومحاولة إرضاء حياة لا تناسبنى ..

افتقدت صوتي وثرثرتي .. افتقدت نفسى بكل عيوبها، ونوبات جنونها ..

سوف أتخلص من هذا الحمل الثقيل .. لن أحمل على أكتافي سوى خصلات شعري، وبيدى قفص عصافيرى .. وأرحل ..

أحتاج لأن أكون أنا .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...