رأيت في موقع “الأوان” الالكتروني موضوعاً له وزنه في واعية كل مهتم: باحثاً متخصصاً كان، أم في العموميات، أم إنساناً عادياً، نظراً لمغزى مضمونه، وهو ( الرسالة الفرْجية) بتاريخ 21 تموز 2013 ، وبدا بالنسبة مألوفاً وغير مألوف في آن: مألوفيته تكمن في شيوع أمثاله وسهولة الوصول إليها في بطون أمَّهات الكتب الإسلامية، الفقهية وغير الفقهية، حيث يجري التركيز على النكاح، وكيف يكون الوطء ومن أين، وما تكونه المرأة عبر فرجها، وخاصيات الفرْج، ولأدبيات الجنة الإسلامية مركزية لافتة في هذا المضمار، ولافت ما أثاره “النفزاوي” في ( الروح العاطر في نزهة الخاطر) حول نقاط مفصلية ومثيرة في جسدَي الرجل والمرأة، وإبراز المرأة باعتبارها أكثر إقبالاً على ما هو شهويّ ومكّارة، وكذلك في موسوعة( لسان العرب) القاموسية، مئات المفردات المتعلقة بأسماء الفرج والقضيب التي تدل على تاريخ فولكلوري جنساني، وكذلك فإن لملحمة شعبية مثل( ألف ليلة وليلة) صيتاً جنسانياً جليّ الاعتبار، ولعلّي تتبعت هذا المشهد المهيب لما هو جنسيّ في كتابي( الشبق المحرّم: أنطولوجيا النصوص الممنوعة)، قبل سنوات، وأنا إزاء عجب عجاب من هذا الثراء المعجمي الجنساني.
ومن جهة أخرى، لم يكن مألوفاً، للوهلة الأولى بوضوح الوارد فيه، والذي قد يصدم من لم يتهيأ لقراءة نصوص على هذه الشاكلة جهاراً.
لكن الجدير بالقول، هو أن مجرد نشره في موقع له تاريخه في نشر نصوص من هذا القبيل، رغم حداثة “سنّه”، ومن خلال الشعار الذي يعرَف به، يقرّبنا من علامة المواكبة الفارقة لما نشهده في المنطقة قبل كل شيء، بصدد مفهوم “الجهادية” إسلامياً، وفي تنوع المقاصد والأسماء: فصائل وألوية وتنظيمات دينية مختلفة.
ما الذي يمكن تبيّنه في الرسالة الفرجية:
أعتقد أن مضمون الرسالة وبصفتها “البليغة” كان صائباً، أي في محله من الصواب تماماً، لأن هذا الانتشار الكثيف المكثَّف لصور “الجهاديين حتى خارج حدود المنطقة الشرق - أوسطية، وليس الإسلامية وحدها، يفصح عن قيمة مزكّاة وهي مدعاة للنظر في بنيتها، وهي لزوم مواكبة الجنس كنشاط جسدي قاعدي ثابت، لما هو جهادي كنشاط جسدي متحرك هنا وهناك.
لا يمكن في الحالة هذه، الاستغراب مما يجري ويُنشَر ويدعى إليه ويفتى في أمره مباشرة عبر قنوات خاصة يصعب حصرها، وما يتم في الخفاء: في المساجد والزوايا وفي أمكنة خاصة معدَّة لهذا الغرض، بما أن الجهادي لا يعدم وسيلة إذا تلمس فيها أهمية أو قابلية استثمار لنيل بغيته، وكل ذلك في سبيل” الإسلام“.
وبصدد البدء بالدكتور السعودي ” محمد العريفي“وطبيعة عمله وذيوع صيته، فللمرء أن يسأل في الحال عن المكان الجغرافي والمجتمع والزمان التاريخي الذي يتنشط فيه هو وسواه من منظور جهادي تديني ومسيس من ألفه إلى يائه:
للعلم، وما يمكن النظر فيه، هو تقليص مفهوم” الاجتهاد “إسلامياً بدأ مع” أحمد بن حنبل ت241هـ - 855 م “، وشدّد عليه إلى جانب إضافات مع “ابن تيمية ت 728 هـ- 1328م”، وجاء “محمد بن عبدالوهاب ت1206هـ-1792م” ليعتمده في فتاويه والسعي إلى تنظيم المجتمع السعودي على هذا الأساس.
إنها لمفارقة مذهلة، ولكن الذهول سرعان ما يتلاشى لحظة الاكتشاف، عندما يتم هذا الفصل الملحوظ بين الدنيوي عبر مظاهر تعبدية تقيّد الجسد الأنثوي بإحكام لصالح ذكورة متَّفق عليها سننياً خاصاً، والجسد الذكري عبر طقوس عبادية محروسة، ولا ضير جرّاء ما تقدَّم أن يقيم في السر ولائم وعزائم لجسد مثابر في مشهديته الحسية، والأخروي المنتظَر حيث الحور العين: والمقبّلات المرفقة، وما هو محظور بالمطلق في الدنيا: الخمر.
إنه اكتشاف لافت وتنويري هذا الذي يجمع بين الخمري والتلذذي: السكَر عبر الخمر المشروب من الفم يبعث نشوة رأسية قبل كل شيء، ويقصي الشارب عن دنياه ثملاً، والتلذّذ الجنسيّ عبر الجماع، أو الوطء بمفهومه الإسلامي جنسانياً، والاتصال بالفرْج “الفم السفلي”، يبعث نشوة جسدية تغمر حتى الرأس، وهو بدوره يخرج الناكح من دنياه كلما أطال فترة نشوته: هنا يلتقي الفمان، والمتاح لهما القيام بكل نشاط موفور مفتيّ في أمره دينياً وراء ستار، أو في خفية، ليكون الثواب الأكبر مع الدخول في طاعة خالقه وأولي أمره: الدخول في الجنة والفوز بالمنتظَر: الأنهار الخمرية تتداخل مع الأجساد” المتقنة الصنع إلهياً غير المحصورة لتنويع اللذة، كما تعرضت لها في كتابي( جغرافية الملذات: الجنس في الجنة).
ولأن الجهاد الموصوف بالإسلام وهو في أوجه راهناً، والمجاهدون هم رجال، ذكور، ولا بد أن ثمة فراغاً أو كبتاً، أو جوعاً يتطلب إشباعاً أو تغذية، وفق السنن الموضوعة ذكورياً، وثمة نصوص فقهية وما يدخل في نطاقها ويستفاد منها ويجري توسيعها تبعاً للمستجدات“للناظر في كتابات سيد قطب وشكري مصطفى، قبل كل شيء، أن يجلو ما هو خفي وقائم ولم يُسمَّ بصدد موقعة الجنسي في الجسد! ”، وهذه الألوف المؤلفة من الجهاديين في الكهوف والمغاور أو في أمكنة محصّنة أو معزولة وسواها، لا بدّ من توفير أو تأمين ما يبقيهم على أهبة الاستعداد دائماً لمواجهة أعدائهم ولو كانوا من بني جلدتهم“من الإسلام”، بات من اللزوم تعمق أرضيته.
وهذا ما نتلمّسه في الجهادية المركَّبة: جهادية ذكوريّة مسلّحة، ومقاتلة، وجهادية مركّزة على النساء وكيفية الدفع بهنّ إلى الالتحاق بهم، ليس للجهاد المسلح معهم، إنما لتقديم أجسادهنّ لهم في أوقات الاستراحة الخاصة أو النوم ذي الهدف، وكلّ بحسبان أرضي وغيبي مقدَّر، وبرضى كامل، لأنّ ثمة ثواباً يترتّب على ذلك.
ولعلّ الحديث عما يجري بوصفه بغاء، ينطلق من تصوّر خارجي، رغم أنه دقيق في التوصيف تماماً، سوى أن المطلوب هو تشريح ذهنية هذه الجهادية: فرجياً.
بالمناسبة، فإنّ الكاشف للعملية برمّتها: الجهادية الآتية من جهة الرجال، وتلك المركَّزة في النساء عبر فروجهن، أو اللواتي وهبن ويهبن فروجهن لأولئك، يجد نوعاً من التناظر والترادف بين الحالتين مع سيطرة آمرية للأُوَل، وهي حيلة مشرعنة أجيزَ لها أن تتأصل في بنية النص الديني كما لو أنها من الثوابت.
ولعل البحث في متتبعات الفرج، لغوياً: الفروج: الثغور، والفرج: الانفراج، فلأن ثمة رابطة تاريخية تليدة تتجاوز حدود التدوين لحظة استشراف نصوص الجنس المقدس، وتجلّي الأمّ الكبرى بخاصيتها الخصبية، وبروز الذكريّ في ذلك، إنما دون نسيان ارتباط الأمّ الكبرى بالكونيّ والأرضي وباعتبارها حياة قائمة. إنها لا تفرج ما بين فخذيها إلا لتهب لذة وتهب حياة جديدة تالياً، وهذا ما أبقاها واستبقاها في اللاوعي التاريخي، عندما نتحدث عن ( أمّ الكتاب)، أو ( أمّهات الكتب)، أو ( اللغة الأمّ)، أو (الأرض الحرام)..الخ، وسعي الرجل الجهادي إلى النكاح والاستزادة منه كما لو أنه يريد بلوغ ما لا يتم بلوغه: مفارقة الجسد من فرط اللذة، أو الانطفاء فيه، وهو اعتراف صارخ وغير مسمى من لدنه بأنه من المرأة وإليها، حتى في الجنة.
لكن إيديولوجيا الذكورة تقول شيئاً آخر، وهي تبقي الفرج سفلياً للتحكم فيه، بستره ومن ثم كشفه في السر، دون التخلي عن المؤصَّل فيه ( لكل غم فرجة)، وما يجمع في الفرج بين نقيضين، تبعاً للمتعامل ( الفرج حب وفتنة)، والفتنة مركَّبة هنا، وهذا قائم بصورة جلية جداً في المنام ( رؤيته في المنام فرج لمن هو في شدة)، كما تعرضت لنصوص مختلفة من هذا القبيل وسواه في كتابي الأحدث والصادر راهناً في بيروت: شركة رياض الريس ( الإسلام : مدخل جنسي“رؤية تاريخية”).
لا خطوة تتقدم أو تتأخر في المنحى الجهادي إلا ويكون هناك تصريف لـ“أعمال” الجسد الأنثوي، وباعتباره كوبون لذة، أو بطاقة عبور مثمنة جداً إلى الجنة، ووليمة لا تفوَّت في الحياة، جاهزة ومتبَّلة، ومعدة للاقبال عليها بالطريقة التي يرغبها هذا الجهادي أو ذاك، في “المعبَر الحلال” سوى أن المعتَّم عليه هو الجاري في الخفاء، كما لو “مواقعة” الفرج تفسير، ومواقعة الدبر تأويل..!
وبين الحديث عن الأجْر الآني والأجر المؤجَّل تبقى القرابة بدمغتها الدينوية قائمة، وفي الوقت نفسه، يبقى العاملون: سماسرة الجسد الأنثوي ودعاته وحماته وكتّابه في النطاق البرزخي، كما لو أنهم أكثر إحاطة بحقيقة المبتوت فيه، رغم أنهم في المجمل ظاهرو ذكورة، ومن تسعى إلى الانخراط في اللعبة هذه، فعليها أن تقدّم صك تنازل عن كينونتها باعتبارها الجسد المنذور للآخر بأكثر من معنى.
وفي سؤال المنتظَر من قبل واهبة جسدها على قاعدة جهادية، مقابل الجهادي الموعود بالحور العين، ربما يكون الجواب الوحيد الأوحد، هو أنها من جهتها تكون من نصيب من يقبل عليها ناكحاً وسارحاً في فرجها لحظة يشاء، وهي في أوج فتنتها المولَّفة، وتجددها الفتنوي المشروع، بحيث لا يكل فرجها ولا يمل، سواء من جهة المواقِع لها من أكثر من جهة هذه المرة، أو من قبل ما يُرى من “بتاع” الرجال وفي كمال الانتصاب والطول والعرض المطلوبين، وكما تشتهي و..تنتهي!
- عن الاوان
ومن جهة أخرى، لم يكن مألوفاً، للوهلة الأولى بوضوح الوارد فيه، والذي قد يصدم من لم يتهيأ لقراءة نصوص على هذه الشاكلة جهاراً.
لكن الجدير بالقول، هو أن مجرد نشره في موقع له تاريخه في نشر نصوص من هذا القبيل، رغم حداثة “سنّه”، ومن خلال الشعار الذي يعرَف به، يقرّبنا من علامة المواكبة الفارقة لما نشهده في المنطقة قبل كل شيء، بصدد مفهوم “الجهادية” إسلامياً، وفي تنوع المقاصد والأسماء: فصائل وألوية وتنظيمات دينية مختلفة.
ما الذي يمكن تبيّنه في الرسالة الفرجية:
أعتقد أن مضمون الرسالة وبصفتها “البليغة” كان صائباً، أي في محله من الصواب تماماً، لأن هذا الانتشار الكثيف المكثَّف لصور “الجهاديين حتى خارج حدود المنطقة الشرق - أوسطية، وليس الإسلامية وحدها، يفصح عن قيمة مزكّاة وهي مدعاة للنظر في بنيتها، وهي لزوم مواكبة الجنس كنشاط جسدي قاعدي ثابت، لما هو جهادي كنشاط جسدي متحرك هنا وهناك.
لا يمكن في الحالة هذه، الاستغراب مما يجري ويُنشَر ويدعى إليه ويفتى في أمره مباشرة عبر قنوات خاصة يصعب حصرها، وما يتم في الخفاء: في المساجد والزوايا وفي أمكنة خاصة معدَّة لهذا الغرض، بما أن الجهادي لا يعدم وسيلة إذا تلمس فيها أهمية أو قابلية استثمار لنيل بغيته، وكل ذلك في سبيل” الإسلام“.
وبصدد البدء بالدكتور السعودي ” محمد العريفي“وطبيعة عمله وذيوع صيته، فللمرء أن يسأل في الحال عن المكان الجغرافي والمجتمع والزمان التاريخي الذي يتنشط فيه هو وسواه من منظور جهادي تديني ومسيس من ألفه إلى يائه:
للعلم، وما يمكن النظر فيه، هو تقليص مفهوم” الاجتهاد “إسلامياً بدأ مع” أحمد بن حنبل ت241هـ - 855 م “، وشدّد عليه إلى جانب إضافات مع “ابن تيمية ت 728 هـ- 1328م”، وجاء “محمد بن عبدالوهاب ت1206هـ-1792م” ليعتمده في فتاويه والسعي إلى تنظيم المجتمع السعودي على هذا الأساس.
إنها لمفارقة مذهلة، ولكن الذهول سرعان ما يتلاشى لحظة الاكتشاف، عندما يتم هذا الفصل الملحوظ بين الدنيوي عبر مظاهر تعبدية تقيّد الجسد الأنثوي بإحكام لصالح ذكورة متَّفق عليها سننياً خاصاً، والجسد الذكري عبر طقوس عبادية محروسة، ولا ضير جرّاء ما تقدَّم أن يقيم في السر ولائم وعزائم لجسد مثابر في مشهديته الحسية، والأخروي المنتظَر حيث الحور العين: والمقبّلات المرفقة، وما هو محظور بالمطلق في الدنيا: الخمر.
إنه اكتشاف لافت وتنويري هذا الذي يجمع بين الخمري والتلذذي: السكَر عبر الخمر المشروب من الفم يبعث نشوة رأسية قبل كل شيء، ويقصي الشارب عن دنياه ثملاً، والتلذّذ الجنسيّ عبر الجماع، أو الوطء بمفهومه الإسلامي جنسانياً، والاتصال بالفرْج “الفم السفلي”، يبعث نشوة جسدية تغمر حتى الرأس، وهو بدوره يخرج الناكح من دنياه كلما أطال فترة نشوته: هنا يلتقي الفمان، والمتاح لهما القيام بكل نشاط موفور مفتيّ في أمره دينياً وراء ستار، أو في خفية، ليكون الثواب الأكبر مع الدخول في طاعة خالقه وأولي أمره: الدخول في الجنة والفوز بالمنتظَر: الأنهار الخمرية تتداخل مع الأجساد” المتقنة الصنع إلهياً غير المحصورة لتنويع اللذة، كما تعرضت لها في كتابي( جغرافية الملذات: الجنس في الجنة).
ولأن الجهاد الموصوف بالإسلام وهو في أوجه راهناً، والمجاهدون هم رجال، ذكور، ولا بد أن ثمة فراغاً أو كبتاً، أو جوعاً يتطلب إشباعاً أو تغذية، وفق السنن الموضوعة ذكورياً، وثمة نصوص فقهية وما يدخل في نطاقها ويستفاد منها ويجري توسيعها تبعاً للمستجدات“للناظر في كتابات سيد قطب وشكري مصطفى، قبل كل شيء، أن يجلو ما هو خفي وقائم ولم يُسمَّ بصدد موقعة الجنسي في الجسد! ”، وهذه الألوف المؤلفة من الجهاديين في الكهوف والمغاور أو في أمكنة محصّنة أو معزولة وسواها، لا بدّ من توفير أو تأمين ما يبقيهم على أهبة الاستعداد دائماً لمواجهة أعدائهم ولو كانوا من بني جلدتهم“من الإسلام”، بات من اللزوم تعمق أرضيته.
وهذا ما نتلمّسه في الجهادية المركَّبة: جهادية ذكوريّة مسلّحة، ومقاتلة، وجهادية مركّزة على النساء وكيفية الدفع بهنّ إلى الالتحاق بهم، ليس للجهاد المسلح معهم، إنما لتقديم أجسادهنّ لهم في أوقات الاستراحة الخاصة أو النوم ذي الهدف، وكلّ بحسبان أرضي وغيبي مقدَّر، وبرضى كامل، لأنّ ثمة ثواباً يترتّب على ذلك.
ولعلّ الحديث عما يجري بوصفه بغاء، ينطلق من تصوّر خارجي، رغم أنه دقيق في التوصيف تماماً، سوى أن المطلوب هو تشريح ذهنية هذه الجهادية: فرجياً.
بالمناسبة، فإنّ الكاشف للعملية برمّتها: الجهادية الآتية من جهة الرجال، وتلك المركَّزة في النساء عبر فروجهن، أو اللواتي وهبن ويهبن فروجهن لأولئك، يجد نوعاً من التناظر والترادف بين الحالتين مع سيطرة آمرية للأُوَل، وهي حيلة مشرعنة أجيزَ لها أن تتأصل في بنية النص الديني كما لو أنها من الثوابت.
ولعل البحث في متتبعات الفرج، لغوياً: الفروج: الثغور، والفرج: الانفراج، فلأن ثمة رابطة تاريخية تليدة تتجاوز حدود التدوين لحظة استشراف نصوص الجنس المقدس، وتجلّي الأمّ الكبرى بخاصيتها الخصبية، وبروز الذكريّ في ذلك، إنما دون نسيان ارتباط الأمّ الكبرى بالكونيّ والأرضي وباعتبارها حياة قائمة. إنها لا تفرج ما بين فخذيها إلا لتهب لذة وتهب حياة جديدة تالياً، وهذا ما أبقاها واستبقاها في اللاوعي التاريخي، عندما نتحدث عن ( أمّ الكتاب)، أو ( أمّهات الكتب)، أو ( اللغة الأمّ)، أو (الأرض الحرام)..الخ، وسعي الرجل الجهادي إلى النكاح والاستزادة منه كما لو أنه يريد بلوغ ما لا يتم بلوغه: مفارقة الجسد من فرط اللذة، أو الانطفاء فيه، وهو اعتراف صارخ وغير مسمى من لدنه بأنه من المرأة وإليها، حتى في الجنة.
لكن إيديولوجيا الذكورة تقول شيئاً آخر، وهي تبقي الفرج سفلياً للتحكم فيه، بستره ومن ثم كشفه في السر، دون التخلي عن المؤصَّل فيه ( لكل غم فرجة)، وما يجمع في الفرج بين نقيضين، تبعاً للمتعامل ( الفرج حب وفتنة)، والفتنة مركَّبة هنا، وهذا قائم بصورة جلية جداً في المنام ( رؤيته في المنام فرج لمن هو في شدة)، كما تعرضت لنصوص مختلفة من هذا القبيل وسواه في كتابي الأحدث والصادر راهناً في بيروت: شركة رياض الريس ( الإسلام : مدخل جنسي“رؤية تاريخية”).
لا خطوة تتقدم أو تتأخر في المنحى الجهادي إلا ويكون هناك تصريف لـ“أعمال” الجسد الأنثوي، وباعتباره كوبون لذة، أو بطاقة عبور مثمنة جداً إلى الجنة، ووليمة لا تفوَّت في الحياة، جاهزة ومتبَّلة، ومعدة للاقبال عليها بالطريقة التي يرغبها هذا الجهادي أو ذاك، في “المعبَر الحلال” سوى أن المعتَّم عليه هو الجاري في الخفاء، كما لو “مواقعة” الفرج تفسير، ومواقعة الدبر تأويل..!
وبين الحديث عن الأجْر الآني والأجر المؤجَّل تبقى القرابة بدمغتها الدينوية قائمة، وفي الوقت نفسه، يبقى العاملون: سماسرة الجسد الأنثوي ودعاته وحماته وكتّابه في النطاق البرزخي، كما لو أنهم أكثر إحاطة بحقيقة المبتوت فيه، رغم أنهم في المجمل ظاهرو ذكورة، ومن تسعى إلى الانخراط في اللعبة هذه، فعليها أن تقدّم صك تنازل عن كينونتها باعتبارها الجسد المنذور للآخر بأكثر من معنى.
وفي سؤال المنتظَر من قبل واهبة جسدها على قاعدة جهادية، مقابل الجهادي الموعود بالحور العين، ربما يكون الجواب الوحيد الأوحد، هو أنها من جهتها تكون من نصيب من يقبل عليها ناكحاً وسارحاً في فرجها لحظة يشاء، وهي في أوج فتنتها المولَّفة، وتجددها الفتنوي المشروع، بحيث لا يكل فرجها ولا يمل، سواء من جهة المواقِع لها من أكثر من جهة هذه المرة، أو من قبل ما يُرى من “بتاع” الرجال وفي كمال الانتصاب والطول والعرض المطلوبين، وكما تشتهي و..تنتهي!
- عن الاوان