أن تجد نفسك، فهذا صعب جدا، خاصة فى هذا الزمن الملعون،
وقال سقراط: اعرف نفسك بنفسك: فماذا أقول لسقراط؟
أعرف
عرفت أن كل شئ باطل وقبض الريح
عرفت أن الأيام متسربة كالماء من بين أصابع الكف
عرفت أن الشئ الباقى هو الذكرى الطيبة
وعرفت فى النهاية أن الحزن سيدى، لذلك حزنت لأننى عرفت، فامتلكت حزنى بين ضلوعى وملكنى الحزن فأمسيت به وأصبحت
نفسى:
قيل أن النفس اذا صفت رأت، وأن الرؤية نور، وأن النور معرفة حين عرفت سالفا أن الحزن سيدى ومليكى، مضيت مع نفسى أروضها على ذلك، لكن نفسىتاقت الى لحظة فرح؛ فخلعت نفسى من حزنى، وخلعت حزنى من نفسى، فأولجنى خلعى لحزنى دروبا وعرة
الدرب الأول:
لا تسأل حين تختار، لأن الخيار لك، والخيرة فيما اختاره الله، قلت ذلك لنفسى بصوت خافت، ثم صمت، وقلت: أترك لنفسك العنان، فلا أنت بالغ بها السحاب ولا أنت نازل بها الأرض السابعة، وقلت: “لو كان كل مسلط معذبا لكان ملك الموت أشد الناس عذابا يوم القيامة، وكانت نفسى مسلطة على.
الدرب الثانى:
كانت عبقريتى شديدة التغرير بى، وكانت عبقريتى فذة، وكنت
أقف ناظرا اليها ومتباهيا بها وكثير التحدث عنها، وقلت لكل من كان يسمع قولى اننى اعظم من تعبقر فى هذا الزمن، لذلك امنحونى القلادة، فهى لى، وأنا أحق الناس بها، فأنتم تجلسون فى المقاهى وتبيتون بين أفخاذ النساء، وأنا أمارس سكرى فى همى العبقرى السرمدى ونشوتى فى عينى فقط، ولا أنا سكرت ولا أنا أنتشيت ولا أنا تعبقرت ولكن نفسى عبقرتنى، فصرت فى احباسها متواجدا وصرت بها متباهيا.
الدرب الثالث:
يا أنا، هل تفتح معى حوارا، هل تجلس وتحاورنى مرة واحدة، اخرج منى واجلس قبالتى وحدتنى
لماذا ضعت منى، ولماذا تهت عنى، فأحببت كل شئ دون متعة الحب وكرهت وجودك الارق.
أنا لم أضع منك، ولا أنا مفارقك، ولا أنت مفارقى، فأنا معك، تستخفينى فى غرورك، وتستخرجنى فى صحوك، وتخاف منى فتحاول ولا تجرؤ، لأن فى قتلك لى قتلك.
تعبقرت ولم اتعبقر، تطلعت الى أعلى فكان تطلعى الى أدنى، فما بالك تكرهنى على التدنى.
تعبقرت فكنت معك أدفعك، فلهوت بعيدا عن العبقرية، وأخذت نفسك فانفصلت عنى، كنت نصفين، نصفك فى زمنك، ونصفك فى الزمن الخالد، نصفك فى زمنك فتدنيت وبدأت تعيش عصرك، فبعدت عن نصفك الآخر، فانقسمت، وانقسمت، وانزوت فيك النار المتوهجة دوما.
الدرب الرابع:
أخرجى ايتها العبقرية المجنونة، اخرجى ايتها الوهم، فلا أنا بالغ بك الجبال طولا، ولا أنا سكرت بعمرى وانتشيت
هذا زمن جيد للتباكى لكن العيون شحيحة الدمع، فاجلسينى جنبك ايتها الحبيبة ودثرينى بجسدك، دثريتى، لكن جسدك قد تضاءل فكشف عريى، وانكشفت، مدى يدك واقطفى من شجرة التوت ورقة كى ادارى عورتى مدى يدك فأنا يداى مبتورتان وامنحينى بركة الستر
الدروب كثيرة:
الدروب كثيرة اختر دربك، فاختارتى درب الذهاب والرجوع، واختارنى درب الذهاب دون عودة، واختارنى درب السلامة، واختارنى درب الندامة، فلا أنا اخترت، ولا أنا خيرت، بل اختارتنى كل الدروب، فهل قطعت مسافة اى درب، كانت قدماى تقفان فى منتصف الدرب تماما، فلا هما راجعتان بى ولا هما ذاهبتان، فكفى عنى، كفى أيتها الناظرة الى من بعد وكأنك التئ الأوحد السائر قدما، وأنا واقف فى مكانى أرقب نفسى بمقت.
* عن مجلة الانسان والتطور
عدد يوليو 1986 / عدد يناير1986
وقال سقراط: اعرف نفسك بنفسك: فماذا أقول لسقراط؟
أعرف
عرفت أن كل شئ باطل وقبض الريح
عرفت أن الأيام متسربة كالماء من بين أصابع الكف
عرفت أن الشئ الباقى هو الذكرى الطيبة
وعرفت فى النهاية أن الحزن سيدى، لذلك حزنت لأننى عرفت، فامتلكت حزنى بين ضلوعى وملكنى الحزن فأمسيت به وأصبحت
نفسى:
قيل أن النفس اذا صفت رأت، وأن الرؤية نور، وأن النور معرفة حين عرفت سالفا أن الحزن سيدى ومليكى، مضيت مع نفسى أروضها على ذلك، لكن نفسىتاقت الى لحظة فرح؛ فخلعت نفسى من حزنى، وخلعت حزنى من نفسى، فأولجنى خلعى لحزنى دروبا وعرة
الدرب الأول:
لا تسأل حين تختار، لأن الخيار لك، والخيرة فيما اختاره الله، قلت ذلك لنفسى بصوت خافت، ثم صمت، وقلت: أترك لنفسك العنان، فلا أنت بالغ بها السحاب ولا أنت نازل بها الأرض السابعة، وقلت: “لو كان كل مسلط معذبا لكان ملك الموت أشد الناس عذابا يوم القيامة، وكانت نفسى مسلطة على.
الدرب الثانى:
كانت عبقريتى شديدة التغرير بى، وكانت عبقريتى فذة، وكنت
أقف ناظرا اليها ومتباهيا بها وكثير التحدث عنها، وقلت لكل من كان يسمع قولى اننى اعظم من تعبقر فى هذا الزمن، لذلك امنحونى القلادة، فهى لى، وأنا أحق الناس بها، فأنتم تجلسون فى المقاهى وتبيتون بين أفخاذ النساء، وأنا أمارس سكرى فى همى العبقرى السرمدى ونشوتى فى عينى فقط، ولا أنا سكرت ولا أنا أنتشيت ولا أنا تعبقرت ولكن نفسى عبقرتنى، فصرت فى احباسها متواجدا وصرت بها متباهيا.
الدرب الثالث:
يا أنا، هل تفتح معى حوارا، هل تجلس وتحاورنى مرة واحدة، اخرج منى واجلس قبالتى وحدتنى
لماذا ضعت منى، ولماذا تهت عنى، فأحببت كل شئ دون متعة الحب وكرهت وجودك الارق.
أنا لم أضع منك، ولا أنا مفارقك، ولا أنت مفارقى، فأنا معك، تستخفينى فى غرورك، وتستخرجنى فى صحوك، وتخاف منى فتحاول ولا تجرؤ، لأن فى قتلك لى قتلك.
تعبقرت ولم اتعبقر، تطلعت الى أعلى فكان تطلعى الى أدنى، فما بالك تكرهنى على التدنى.
تعبقرت فكنت معك أدفعك، فلهوت بعيدا عن العبقرية، وأخذت نفسك فانفصلت عنى، كنت نصفين، نصفك فى زمنك، ونصفك فى الزمن الخالد، نصفك فى زمنك فتدنيت وبدأت تعيش عصرك، فبعدت عن نصفك الآخر، فانقسمت، وانقسمت، وانزوت فيك النار المتوهجة دوما.
الدرب الرابع:
أخرجى ايتها العبقرية المجنونة، اخرجى ايتها الوهم، فلا أنا بالغ بك الجبال طولا، ولا أنا سكرت بعمرى وانتشيت
هذا زمن جيد للتباكى لكن العيون شحيحة الدمع، فاجلسينى جنبك ايتها الحبيبة ودثرينى بجسدك، دثريتى، لكن جسدك قد تضاءل فكشف عريى، وانكشفت، مدى يدك واقطفى من شجرة التوت ورقة كى ادارى عورتى مدى يدك فأنا يداى مبتورتان وامنحينى بركة الستر
الدروب كثيرة:
الدروب كثيرة اختر دربك، فاختارتى درب الذهاب والرجوع، واختارنى درب الذهاب دون عودة، واختارنى درب السلامة، واختارنى درب الندامة، فلا أنا اخترت، ولا أنا خيرت، بل اختارتنى كل الدروب، فهل قطعت مسافة اى درب، كانت قدماى تقفان فى منتصف الدرب تماما، فلا هما راجعتان بى ولا هما ذاهبتان، فكفى عنى، كفى أيتها الناظرة الى من بعد وكأنك التئ الأوحد السائر قدما، وأنا واقف فى مكانى أرقب نفسى بمقت.
* عن مجلة الانسان والتطور
عدد يوليو 1986 / عدد يناير1986