" أحسست أنني وقعت في شرك، وأردت أن أهرب وبذلت جهداً كبيراً في ذلك، لكن الوقت كان قد فات ولم يطاوعني جسدي واستسلمت لرؤية ما سيحدث كما إنه حدث لا يتعلق بي شخصياً " أرنستو ساباتو
في الساعة المضيئة الوحيدة من ذلك النهار الداكن، مات الحارس الراقد على لوح خشبي في عرض النهر من الجانب الأيمن المقابل...
المرأة ماتت بعد ولادته.. هذا ما قاله الرقيم الطيني الذي عثرت عليه مجموعة التنقيب، وهو مربع كبير الحجم دونت فيه بعض الأحاجي والتعاويذ وحكايات صغيرة متفرقة..
المرأة تموت وتترك الطفل وحده في الإعصار، وحده في الخرائب والأماكن الموحشة المهجورة.. هذا ما قاله الرقيم.. الطفل الذي كان طفلاً يلتحف السماء...
بلدته التي بدت بيوتها كحبات متناثرة تخترقها سكة الحديد من وسطها، في مخيلته تعاقبت صور شتى تدفعه ليلملم شتاته قبل الوصول اليها.. كانت رغباته تهتاج في كل خطوة على الأرض التي تتماوج أمامه وسط السراب المتراقص الواصل حد الأفق.. خطواته يجرها بعناء، وجهه يتفصد بحبات العرق وعيناه مدفونتان في تجاويف...