رغم أنني غالباً ما أجلس وحيداً في قلبِ الصمت، لساعات، لأسابيع، لشهور، إلا أنه ثمّة صعوبة في أن أكتب مقالة رأي هذه الأيام. الأمر ليس كما هو فيما مضى، ربما لصعوبةِ وصفِ كل ما جرى، أو ما اعتقدُ أنه قد جرى. يرى ساباتو أن مهمّة الكاتب؛ هي تقيّؤ عالمه الداخلي. وأنا بطبعي لا أكتب بلا اندفاع، بلا رغبة،...
في رواية سمفونية الجنوب ثمة حكايات صغيرة تحمل معانٍ كبيرة، شجارات تافهة، وتصالحات هينة متسامحة، وكما يقول الحكيم امادو همباتي با « لا وجود لشجارات صغيرة » فالتفاعلات اليومية العابثة هي مصدر كوارثنا التاريخية المهولة ، وهذا ما تعلمنا له حكايات "مريام" عن مآسي الجنوب والشمال في الدولة التشادية...
لدينا في الحارة، جار اسمه خميس، وهو ليس أي خميس وليس أي جمعة! إنه جرّاح، أو ربما طبيب أعصاب كبير، يقال أنه الواحد الصمد في البلد كله، يأتي إليه المرضى من كل حدبٍ وصوب.. وهم بالطبع ليسوا من طينتي، بل من درجةٍ أرفع شأنا، لديها مدخرات مكدسة في مكان ما، في سويسرا، أو باريس، أو القاهرة، وحسابات بنكية...