لحظة وصول صوته عبر الهاتف، يرد الصدى، يقول لي:
- لا أحد.
- أين ذهبوا؟!
- لحقوا بالجموع لحظة تناثرت على بيوتهم نشرات تحذرهم من البقاء، وأنهم إن بقوا ستنسف بيوتهم على رؤوسهم. أنا جئت إلى بيت خالي، قلت له: «اذهب وزوجتك وأحفادك الصغار وأنا باق هنا». صرخت أمي، صارت تهذي أنها لن تتركني وحيدًا، صرت...
إن شئت أن تدرك فعليك أن تعاني، وأنا صار قلبي كما السماء، أجمع فيه أشلاء خوفي وأحرقها حتي الرماد ... صرت كما قطرة ندي فوق زهرة لوتس ترتعش علي صدر هذا الزمان، لماذا أيها الوقت تفزع الزهر في قلبي ؟! الدموع بلغت عيني، وحزن يتساقط كما حبات المطر...لماذا جعلت الصقر يجاور البلبل ؟!..أنا عشت حياتي لم...
هي حجرتي , خزانتي , أدخلها , وأرنو إلى زواياها ولحظات أجدني الهاربة منها , كل ما فيها مبعثر في الأركان , رفوف الخزانة صرت لا أعرف ما الذي صار عليها , وكأن حاجياتي ليست لي , لا أعرفها , لا تعرفني , أنتشل منها قطعة بعد قطعة , وتساؤلات تلاحقني من أين أتيت بها , هل اشتريتها ؟... أم جاءت لي هدية...
بطاقتي في يدي وقد دق عليها ختم خروج من مدن المنافي البعيدة , عجلات الطائرة تلامس رصيف المطار , سقطت دمعة , هي عناق الملح وتراب الأرض , تلفحني نسمات شآم شآم , أدق بقدمي على أرض هي لي , هي لي , من بين جبال سبع , تهفو الروح إلى جبل " عمان " , أقف بباب مقهى " رم " المقابل لدائرة الجوازات وذاكرة...
-2
آخذ مجلسي , أرنو لمن حولي , وصمت حائر مجدول بروح القلق , الجميع تعلقت عيونهم على شاشة التلفاز , في يدي جهاز صغير أدير من خلاله القنوات , كل قناة يظهر عليها صور الكمامات , عربات على مسطحها ميكروفونات تحذر الناس من التواجد في الشوارع , تحثهم على العودة إلى بيوتهم , تناشدهم لأجل سلامتهم , أدرت...
1-
أقبض على قلمي , ألملم أوراقي البيضاء , أتحسس أناملي وقد صارت إلى جفاف , كلما مر بي أحدهم يضغط بإبهامه على زجاجة المطهر , يرش أناملي , ملابسي , أفرك يدي ونعومة قد رحلت عنها , أحاول أن يصل إليها بعض من دفء , جفاف حل بها , كورورنا لا زالت غائبة وهاجس الخوف منها حاضر في كل قلب يمر بي ...