مجيدة محمدي

اللغةُ تهتزُّ بين أصابعي، كما لو أنّها طفل عنيد ، تتشظّى في فمي قبل أن أتمكّنَ من جمعها، تتعثرُ في مساماتي، تسقطُ في أزقّة الروح، تحاول أن تُغطّيَ صخبَ العدمِ، لكنَّها لا تفي، لا تفي بمقدارِ صراخِ الزمن. أمزقُ الحروفَ كأوراقٍ قديمةٍ، أجمعُها على شكلِ قميصٍ لم يعد يدفئ، يغدو قلبي عارياً أمامَ...
نظرية العصب والدم: نحو نقد إنسانيّ جديد للأدب... بحث في الإنسان بين البنية الدلالة تطبيق عملي على مفهوم الشعرية المعاصرة، هرطقة | للشاعرة التونسية مجيدة محمدي ------------------------------------------------------- توطئة القيمة الأدبية، مثلها مثل القيمة المادية، ليست مطلقة بل مقرونة بالسياق...
- عن الأرواح التي تلتقي كل مساء لتشرب قهوتها دون أن تتذكر من تكون — | مجيدة محمدي أنا لا أذهبُ إلى المقهى لأشربَ القهوة، بل لأنتظرَ وجهي يعودُ من الغياب. في مقهى النسيان رقمَ ثلاثةَ عشر، تجلسُ الأرواحُ حولَ الموائدِ مثلَ جملٍ ناقصةٍ، تبحثُ عن فعلٍ مفقودٍ، عن معنى مؤجَّلٍ منذ آخرِ حياة...
أنا موهوبةٌ جدًا في رسمِ الحدود… لأنّي أُدرك أنّ الجمالَ لا يُقيمُ إلّا في مساحةِ الاحترام. أضعُ بيني وبينك وردةً،لا لِتُغريكَ بعبيرها، بل لتقول لك بلُطفٍ خفيّ ، هنا تنتهي خُطاك، وهنا تبدأ نَبضاتي. وربّما أضعُ كلمةً مهذّبة، دافئةً، أنيقةَ الوقع، تُشبهُ السلام حين يمرُّ على القلب بلا ضجيج. أو...
خَطَرَتْ ببالي فكرةٌ مجنونة، تسلّلت من خيوط المصلِ ... المتشابكة لِمَ لا تتخلّى عن هذا الجسدِ المتخشّبِ كجدارِ صمتٍ قديم، وتنضمّ إلى السّربِ؟ سِربُ الفراشاتِ لا يشيخُ، ولا يُوقِظُهُ وجعُ المفاصلِ، ولا يسألهُ أحدٌ عن بطاقةِ الصِّحّةِ، و لا اوراق التأمين .. لِمَ لا تَتَخارج من لحمِكَ المريضِ،...
يُعَدّ العصر الجاهلي من أبرز الحقب التي يتأسس عليها الوعي الأدبي العربي، إذ شكّل الشعر فيه المرآة الأصدق لحياة العرب، قيمهم، حروبهم، وعلاقاتهم الاجتماعية. وفي خضم هذه البنية الأبوية التي يسيطر عليها الرجال، برز صوت المرأة الشاعرة ليكشف عن حضورٍ لا يُستهان به، على الرغم من العوائق التي أحاطت به...
هيَ الأرضُ... مِهبٌّ للرُّكودِ، تدورُ كما يدورُ الحَجَرُ في فمِ النّهرِ، تتآكلُ أطرافُها من شدّةِ ما تُعيدُ ذاتَها إلى ذاتِها. كيفَ تجذبُ وقتَكَ إذًا، من بين أنيابِ الغياب؟ كيفَ تُحرّكُ واقعًا تحجّرَ من فرطِ الحذر؟ الجبالُ تتهامسُ ساخرَةً ، من رامَ القمّةَ، يُصلبُ على سلّمٍ من هباء . ثمّةَ في...
عُدتُّ يا غزّة، وفي يدي مفاتيحي العتيقة ، وفي صدري أنينُ بيتٍ لم يبقَ له باب. عُدتُ كما يعودُ الطّيفُ إلى ملامحِ المرايا، فلم أجد سوى رُكامٍ يُحدّقُ بي ، كأرملةٍ فقدت وجهَ الحبيب. أجلسُ على أطلالِ الذّاكرة، أشمُّ ما تبقّى من خبزِ أمّي، ومن عرقِ أبي، ومن ضحكةِ إخوتي التي كانت تتقافزُ بينَ...
تتبدّلُ الأشياءُ كما لو أنَّها تجرِّبُ وجوهَها على مهلٍ، تستبدلُ ألوانَها كما تستبدلُ الغيومُ رغبتَها في المطر. كأنَّها لا تثقُ بالثباتِ، ولا بالإنسانِ الذي يُراودُها عن أسرارِها. الأكوابُ التي شربتَ فيها نسيانَك، صارتْ تنظرُ إليكَ بشكٍّ، كأنّها تشكُّ في صدقِ عطشِكَ، وجهُكَ الذي تعرّفُه في...
أجلسُ على مقعدٍ من غيمٍ متشظٍّ، أمامي غابةُ قصائدِ ناعسةٌ، تغفو تحتَ ضوءٍ مُترفٍ، كأنّها لا تسمعُ أنينَ الأرضِ، ولا تلمحُ القهرَ يتدلّى من جفونِ الفقراءِ، ولا تشمُّ دخانَ الجوعِ حين يتصاعدُ من قدورٍ فارغةٍ. الشعراءُ هناك، يطرّزون أكمامَهم بألوانِ الطيفِ، يُغنّون لعصافيرَ من زجاجٍ، يُعلّقون...
أيّها الشعراء، ما جدوى أن تلمع حروفكم في المجرّة كأقمارٍ مصقولة، إن لم تهبط على التُّراب، فتعفّر جبهتها بعرق الوطن؟ ما جدوى أن تُرنّموا بالأوزان وتُزخرفوا المعاني بأصداف البحر، إن بقيت قواربكم تطفو على سطح الوهم، ولا ترسو في مرافئ الجراح؟ أيّها الشعراء، الكلمات ليست مرايا للزهو، إنّما مطارق...
وحْدَهُ الذِّئبُ المُنفردُ، يَفقَهُ أوَّلَ الطَّريق، حينَ الغابةُ تُغلِقُ عَينَيها وتُسدِلُ على النُّجومِ ستائرَها. لا قَطيعَ يَستدلُّه، ولا قَدَمٌ تُمهِّدُ لَهُ الدَّرب، وحْدَهُ، يرى في الحَصى نُقوشاً خَفيَّةً، في الرِّيحِ إشاراتٍ ملهمة، وفي الظِّلِّ خُطوطَ خارِطَةٍ سِرِّيَة. الغانم يَحظى...
غيب الموت هذا الاسبوع 22/09/2025 عن عمر 89 سنة رجلا بارزا ، وهو الصحفي البريطاني ديفيد هيرست بوصفه أحد أبرز الأقلام الحرة التي آثرت الانحياز إلى الحقيقة والعدالة، بعيدًا عن إغراءات التوازن الزائف أو الخطاب الموارب. فقد كرّس مسيرته المهنية للكتابة عن الشرق الأوسط، متخذًا من القضايا الإنسانية...
قالت لي صديقة ، ما جدوى ما تكتبين في عالم رمادي يزداد قتامة كل يوم ، فهل بهذه الكلمات ستجلّين السواد ... فقلت لها، أنا أؤمن بما أقول وأكتب، حتى وإن تغيّر العالم من حولي، حتى وإن انقلبت الموازين، واختلطت الألوان، وضاعت البوصلة في رياحٍ عمياء. إنّ للكلمة عندي جذوراً لا تُقتلع، كأشجار الزيتون في...
كان الليلُ يُطبِقُ على الجهاتِ كلِّها كجدارٍ بلا أبواب، والأرضُ ممدودةٌ مثل صفحةٍ من غبارٍ قديمٍ، لا يَجرؤ أحدٌ على الكتابة عليها . غير أنّ في العظمِ صوتاً خفياً بدأ يَرتجُّ، كأنه سحابة مرعدة لم تجد ارضها بعد، صوتٌ يريدُ أن يتجسَّد، أن يصيرَ خطواتٍ على الحصى، أن يُثبت أنّ الحكايةَ تبدأ حين...

هذا الملف

نصوص
75
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى