في صباحٍ بارد من نوفمبر، جلس "ديفيد"، المهندس الخمسيني الذي أنهكه التوتر، على مقعد خشبي قديم في مكتبة بوسطن العامة، فتح رواية "البحث عن الزمن المفقود" برفقة كوب شاي، وبعد ثلاث ساعات من القراءة المتواصلة، شعر بشيء غريب. ذلك الألم في صدره الذي ظل يرافقه لأشهر، اختفى. هذه ليست قصة خيالية، بل تأثير...
صوت الموسيقى عال لكنه يأتيني من خلف ضباب كثيف يحجب بهجة إيقاعه، أحتشد الجميع حولي سعداء، يرقصون يضحكون ويجذبونني لأشاركهم، لكنني أتحرك ببطء كأن قدمي مكبلتين، إلى أن حانت اللحظة...
جلست، عيناي تحدقان بورقة بيضاء تنتظر توقيعي، مررت أصابعي برفق، تحسست موضع الألم بذراعي، وتأملت تلك الدوائر الزرقاء...
أغلق الهاتف بعد مكالمة طويلة، لم ينطق خلالها، سوى بضع كلمات قليلة مبعثرة، غير مصدق ما جاء بها. جلس ذاهلًا أمام هذا الزلزال المدمر، الذي يهدد حياته كلها، استقرار بيته وأسرته، زوجته التي يعشقها، ولم تجرحه يومًا، ابنتيه الصبيتين الجميلتين، اللتين تقفان على أعتاب الشباب، سمعته كأستاذ جامعي، مؤتمن...
أعشق رائحة الورق الممزوجة بأحبار الطباعة، وملمسه الخشن. مازلت رغم كل التكنولوجيا والتقدم والهواتف التي لا تفارق أيدينا، أحن للسباحة بين الكتب على أرفف المكتباتِ. أعيشُ ذلك الإحساس بالبهجة والنشوة، وأنا أتأملُ الأغلفةَ الملونةَ، والأحرف التي تعلو هامات الصفحات، تسحبك خارج الزمان والمكان، تلقي بك...