نقوس المهدي
كاتب
في محراب الإلهام
تعال ايها الساقي فاملأ هذا الجام خمرا... املأه من تلك الخمرة الوردية التي اعتصرت من جنى الروح, واستخلصت من ذوب سر القلوب. ثم اسقنيها من شفاه كؤوسك الدرية المجوهرة أقداحا إثر أقداح, اسقنيها نشوة تهيج مني فؤادي الغافي وتسكر عقلي الحيران.(1) وأنت أيها الشادي.. تعال فاجلس الى جانبي لتتم سكرة الروح بشجي من غنائك, أسمعني أنغام الناي والكمان, أطربني بوقع الدفوف والألحان. أبهجوا عيني بمرآى الورود الفاتنة والأغصان المتمايلة, دعوا كل هذا ياخذ بمشاعري وإحساسي ليسكرني عن هذا الوجود الذي حولي, فعسى أن تضمحل مني كثافة هذه المادة والجسم فأظل قلبا وروحا, وأبقى معنى وإحساسا. وعسى أن يذكرني إذ يدركني إذ ذاك فيض من نور القدس, فيعكس إلى نفسي قبسا من إشراقه ويقذف فيها نورا من ضيائه, في صفو مني القلب وتجلو أمام عيني أسرار هذه الحياة. لكي أغدو مع كل صباح فأترجم للناس حديث النسيم مع الأغصان , وأشرح لهم مغازلة الطيور للأزهار, ولكي أسير مع الأصائل فأقرأ لهم آيات الشمس المنبسطة فوق صفحة الخمائل والغدران, وأردد مع العنادل والبلابل أنغام الحب والجمال, ولكي أسكرهم من جمال هذا الكون بخمر من مداد قلمي, وأطربهم من ألحانه ببيان قلبي ولسني. هات أيها الساقي... هاتها كؤوسا مترعة من هذه الراح, لكي أنفض بها من قلبي أحزانه, ولكي أغدو مخمورا بحرارة لذعها ويسكر مني العقل بنشوتها. هاتها ليهيج مني الفكر فأنطق بأسرارالقلوب, ولتستعلي مني الروح فأنثر من مكنون المعاني ودرها, وأكشف عن خلجات النفوس ووجدها, وأبين عن آلام الأفئدة وحبها. سأرسلها أنغاما تطرب القلوب من غيرأوتار, سأبعثها شذا عطرا يبهج النفوس من دون أزهار, سأبعث اليوم تاريخا من الحسرات والآلام أغمض عينيه من دهر ونام, سأشعل من جديد زفرات لمعت في صدور.. ونارا الهبت في قلوب, ثم خمدت بعد أن أحالتها إلى رماد! سأعيد الحياة بروح من بياني إلى ( ممو ) و( زين ) ضحيتي نار الحب والغرام. لأدواي قلبيهما بفيض من شعري وإحساسي, إذ لم يرحمهما أحد بدواء الوصل والإسعاد, سأزيح للناس الحجاب عن قلب ذلك المسكين الذي كواه الحب المستعر وسحقه الكيد والحقد, وعن قلب تلك البريئة الطاهرة طهارة المزن بين السحب . تلك التي أذابها الشقاء واعتصرتها يد الظلم كما تعتصر الوردة الناعمة في كف غليظة قاسية . سألبس كلا من هذين الحبيبين ثوبا مطرزا من بياني, ثم أرفعهما إلى أوج التاريخ فليخلدا وليخلد صدى زفراتهما مدى الدهر والحياة, ثم ليمر من أمامهما كل مستعرض وناظر. فليبك أناس حرمانهما واحتراقهما, وليفتتن آخرون بلطف (زين) وجمالها. وعسى أن يسأل لي الرحمة أيضا كل من يسترحم لهما, وعسى أن يدركني أنا أيضا أثر من عطفهم وقبس من دعائهم, وعسى أن يقول أناس: رحمه الله فقد وشى حياتهما بوشي جميل, وغرس قصتهما في بستان الخلود. وعسى أن يتلطف الناقدون لسفري هذا في نقدهم , فهو وإن لم يبلغ درجة الكمال ولكنه طفلي الغالي... عزيز الى نفسي, مدلل عند قلبي, جميل في عيني. وهو بستان وإن كان قد يرى بين ثماره ما هو فج غير يانع, غير أنها حديقة فؤادي وأزهار فكري ولبي. وحسبهما من جهدي ما قدمت, وحسبي منها ما أثمرت
.
تعال ايها الساقي فاملأ هذا الجام خمرا... املأه من تلك الخمرة الوردية التي اعتصرت من جنى الروح, واستخلصت من ذوب سر القلوب. ثم اسقنيها من شفاه كؤوسك الدرية المجوهرة أقداحا إثر أقداح, اسقنيها نشوة تهيج مني فؤادي الغافي وتسكر عقلي الحيران.(1) وأنت أيها الشادي.. تعال فاجلس الى جانبي لتتم سكرة الروح بشجي من غنائك, أسمعني أنغام الناي والكمان, أطربني بوقع الدفوف والألحان. أبهجوا عيني بمرآى الورود الفاتنة والأغصان المتمايلة, دعوا كل هذا ياخذ بمشاعري وإحساسي ليسكرني عن هذا الوجود الذي حولي, فعسى أن تضمحل مني كثافة هذه المادة والجسم فأظل قلبا وروحا, وأبقى معنى وإحساسا. وعسى أن يذكرني إذ يدركني إذ ذاك فيض من نور القدس, فيعكس إلى نفسي قبسا من إشراقه ويقذف فيها نورا من ضيائه, في صفو مني القلب وتجلو أمام عيني أسرار هذه الحياة. لكي أغدو مع كل صباح فأترجم للناس حديث النسيم مع الأغصان , وأشرح لهم مغازلة الطيور للأزهار, ولكي أسير مع الأصائل فأقرأ لهم آيات الشمس المنبسطة فوق صفحة الخمائل والغدران, وأردد مع العنادل والبلابل أنغام الحب والجمال, ولكي أسكرهم من جمال هذا الكون بخمر من مداد قلمي, وأطربهم من ألحانه ببيان قلبي ولسني. هات أيها الساقي... هاتها كؤوسا مترعة من هذه الراح, لكي أنفض بها من قلبي أحزانه, ولكي أغدو مخمورا بحرارة لذعها ويسكر مني العقل بنشوتها. هاتها ليهيج مني الفكر فأنطق بأسرارالقلوب, ولتستعلي مني الروح فأنثر من مكنون المعاني ودرها, وأكشف عن خلجات النفوس ووجدها, وأبين عن آلام الأفئدة وحبها. سأرسلها أنغاما تطرب القلوب من غيرأوتار, سأبعثها شذا عطرا يبهج النفوس من دون أزهار, سأبعث اليوم تاريخا من الحسرات والآلام أغمض عينيه من دهر ونام, سأشعل من جديد زفرات لمعت في صدور.. ونارا الهبت في قلوب, ثم خمدت بعد أن أحالتها إلى رماد! سأعيد الحياة بروح من بياني إلى ( ممو ) و( زين ) ضحيتي نار الحب والغرام. لأدواي قلبيهما بفيض من شعري وإحساسي, إذ لم يرحمهما أحد بدواء الوصل والإسعاد, سأزيح للناس الحجاب عن قلب ذلك المسكين الذي كواه الحب المستعر وسحقه الكيد والحقد, وعن قلب تلك البريئة الطاهرة طهارة المزن بين السحب . تلك التي أذابها الشقاء واعتصرتها يد الظلم كما تعتصر الوردة الناعمة في كف غليظة قاسية . سألبس كلا من هذين الحبيبين ثوبا مطرزا من بياني, ثم أرفعهما إلى أوج التاريخ فليخلدا وليخلد صدى زفراتهما مدى الدهر والحياة, ثم ليمر من أمامهما كل مستعرض وناظر. فليبك أناس حرمانهما واحتراقهما, وليفتتن آخرون بلطف (زين) وجمالها. وعسى أن يسأل لي الرحمة أيضا كل من يسترحم لهما, وعسى أن يدركني أنا أيضا أثر من عطفهم وقبس من دعائهم, وعسى أن يقول أناس: رحمه الله فقد وشى حياتهما بوشي جميل, وغرس قصتهما في بستان الخلود. وعسى أن يتلطف الناقدون لسفري هذا في نقدهم , فهو وإن لم يبلغ درجة الكمال ولكنه طفلي الغالي... عزيز الى نفسي, مدلل عند قلبي, جميل في عيني. وهو بستان وإن كان قد يرى بين ثماره ما هو فج غير يانع, غير أنها حديقة فؤادي وأزهار فكري ولبي. وحسبهما من جهدي ما قدمت, وحسبي منها ما أثمرت
.